اجتمعت فرح في أحد الأيام مع قريباتها في حفل عرس وكان مما تفاجأت به كثرة ما تقلّدته النساء من المصوغات الذهبية الباهظة الثمن،
نظرت إلى جيدها وهي تقلّد قلادة بسيطة؛ لأنها أعانت زوجها بمصوغاتها وقت الشدة، وما إن دخلت بينهنّ إلّا وشعرت بنظراتهنّ
التي أثارت انزعاجها وندمها لمجيئها لهذا الحفل الذي لا يتناغم مع أفكارها ومبادئها ولكن دُعيت إليه ولبّت الدعوة وانقضى الحفل
على مضض، ولمّا عادت إلى الدار تحاورت مع زوجها وذكرت له ما حدث فما كان من هذا الزوج المثقف والمتفهم
لحال هذا المجتمع الذي صار لزاماً على الفرد أن يسايره رغم الاختلاف في التوافقات الفكرية دون التخلي عن المبادئ والأخلاق
إلا أنه شدّ على يديها وطبع على جبينها قبلة قائلاً: عزيزتي تحملي من أجلي ولأجل الاستقرار الذي نرومه ولا تنسي أن الجهل موجود
في كلّ زمان، تلك هي السيّدة فاطمة عليها السلام التي ضربت أروع الأمثلة في تحمل شظف العيش، ولكن لارتباطها مع زوجها
وكانت تملك مزارع فدك التي كانت تتصدق بها على الفقراء ولا تبقي شيئاً، وقد بعث أحد اليهود إليها بنسائه ليدعونها إلى عرسهم
لمعرفتهم السابقة بأنها زاهدة عابدة لا تهتم للمظاهر كلّ ذلك لكي يعيبوا عليها زهدها، فلا بأس عليكِ أن الجهل يُخيم على مجتمعنا
ولكن علينا أن لا نستسلم للأفكار الهدّامة.
عفاف محمّد الجبوري
تم نشره في رياض الزهراء العدد 100
تعليق