نص الشبهة:
لقد ذكر أبو الفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبين والأربلي في كشف الغمة ، والمجلسي في جلاء العيون أن أبا بكر بن علي بن أبي طالب كان ممن قتل في كربلاء مع أخيه الحسين « رضي الله عنهما » ، وكذا قتل معهم ابن الحسين واسمه أبو بكر! (ومحمد الأصغر المكنى أبا بكر) . فلماذا تخفي الشيعة هذا الأمر ؟! وتركز فقط على مقتل الحسين ؟! السبب هو أن اسم أخ الحسين ، واسم ابنه كذلك : (أبو بكر)!! وهذا ما لا تريد الشيعة أن يعلمه المسلمون ، ولا أتباعهم الغافلون ؛ لأنه يفضح كذبهم في ادعاء العداوة بين آل البيت وكبار الصحابة ، وعلى رأسهم أبو بكر « رضي الله عنه » . لأنه لو كان كافراً مرتداً ، قد اغتصب حق علي وآله ـ كما يزعم الشيعة ـ لما رأينا آل البيت يتسمون باسمه! بل هذا دليل محبة لمن تأمل . ثم : لماذا لا يقتدي الشيعة بعلي والحسين « رضي الله عنهما » ، ويسمون أبناءهم (بأبي بكر) ؟!
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . .
وبعد . .
فإننا نجيب بما يلي :
أولاً : قد ذكرنا الجواب عن موضوع تسمية الأئمة أبناءهم وبناتهم باسم أبي بكر وعمر وعثمان ، وعائشة وما إلى ذلك في إجابتنا على السؤال رقم 4 في أول هذا الكتاب ، فراجع . .
ثانياً : قال هذا السائل : إن الشيعة يخفون أمر قتل أبي بكر بن علي في كربلاء ، لأن اسمه أبو بكر . .
ونقول :
ألف : إن الشيعة لم يتجاهلوا قضية قتل أبي بكر بن علي في كربلاء ، بل ذكروه في كتبهم . . وقد نقل نفس هذا السائل هذا الأمر عن المجلسي في جلاء العيون ، وعن الأربلي في كشف الغمة ، الذي نقلها بدوره عن الشيخ المفيد . . مع أن هؤلاء كلهم شيعة . ولو تتبعنا كتب الشيعة لوجدنا عشرات منها تذكر استشهاد أبي بكر هذا في كربلاء . .
ب : إن جميع المصادر التي ذكرت أسماء أولاد علي « عليه السلام » قد ذكرت فيهم اسم أبي بكر . .
ج : إن من مصلحة الشيعة ذكر أسماء هؤلاء في كتبهم ، لإظهار أنهم وكذلك أئمتهم ليست لهم عداوة شخصية مع أبي بكر وعمر ، بل هم يرفضون ما صدر منهم ، ويأخذون عليهم عدم وفائهم بما تعهدوا لرسول الله « صلى الله عليه وآله » بالوفاء به .
ثالثاً : إن التركيز على الإمام الحسين « عليه السلام » في فاجعة كربلاء أمر ضروري ، فهو ابن الزهراء « عليها السلام » ، وهو سيد شباب أهل الجنة ، وهو ريحانة رسول الله « صلى الله عليه وآله » ، وهو أحد الذين أخرجهم الرسول ليباهل بهم النصارى ، فنزلت آية المباهلة ، وهو أحد من نزلت فيهم آية التطهير ، وهو سبط رسول الله « صلى الله عليه وآله » ، وهو الإمام الثالث من بعده الخ . .
وهل إذا ركزنا على شخصية رسول الله « صلى الله عليه وآله » في كتابة التاريخ نكون حاقدين على عمه العباس ، أو على علي « عليه السلام » أو على أبي بكر وعمر ؟!
رابعاً : بالنسبة لما ذكره من ادعاء الشيعة للعداوة بين علي « عليه السلام » وأبي بكر نقول :
إن التسمية باسم أبي بكر لا تكذب هذه الدعوى ، إذ لا ربط للتسميات بالعداوات ، لأن الأسماء ليست ملكاً لأحد . .
علماً بأن التسمية بأبي بكر كانت شائعة بين الناس في الجاهلية والإسلام . .
كما أن عداوة علي « عليه السلام » ليست شخصية ، وإنما هو يأخذ عليهم مخالفاتهم لما ألزموا به أنفسهم تجاه الله ورسوله . .
خامساً : لم يدع الشيعة : أن أبا بكر وعمر قد كفرا بالله وبرسوله ، وارتدا عن الإسلام ، لكي تكون التسمية باسمهما تكذيباً لهذه الدعوى . .
سادساً : إن مطالبة السائل بأن يسمي الشيعة أبناءهم بأبي بكر ليست منصفة ، فالتسميات هي نتيجة أذواق شخصية ، واستحسانات جمالية ، فلا يمكن إصدار قرار بلزوم استحسان هذا الاسم أو ذاك ، ولا يمكن الإلزام بتوصيف هذا الاسم أو ذاك بصفة الجمالية .
ولو جازت المطالبة بأمثال هذه الأمور لطالبنا هذا السائل بأن يسمي نفسه وولده بأسماء كانت شائعة بين العرب ، مثل جحش وكلب ، وهلقام ، وشذقم ، وما إلى ذلك . .
والحمد لله ، والصلاة والسلام على محمد وآله . . .
ميزان الحق . . (شبهات . . وردود) ، السيد جعفر مرتضى العاملي ،الجزء الثاني ، السؤال رقم (62) .
تعليق