بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين
في الواقع هناك من يقول : لا معنى لأن يبشر الإمام الحسين [عليه السلام] بفشل ثورته قبل أن يقوم بها ، فكيف أن يصح أن يقول للناس : قوموا معي على يزيد لكي يقتلنا في كربلاء . . إذ فلا صحة للروايات التي تتحدث عن أنه [عليه السلام] قد أخبر الناس بإستشهاده . .
الجواب:
إن الإشكال المذكور إنما يرد، لو كانت اخبارات وخطابات الإمام الحسين [عليه السلام] بما سيجري عليه وعلى أصحابه في كربلاء قد اتخذت صفة الجماهيرية العامة، بحيث أصبحت سبباً في تردد الناس، وتخاذلهم ، وانصرافهم عن القيام بواجبهم الإلهي بالخروج معه ونصرته.
أما إذا كانت هذه الإخبارات والخطابات موجهة لأصحابه وأهل بيته الذين سينالون الشهادة معه ، من أجل أن يزيد ذلك من يقينهم ، وفي بصيرتهم ، ويعمق ايمانهم ، لينالوا تلك الدرجة الكبرى عن جدارة واستحقاق ، وليكونوا بحق أعظم شهداء هذه الأمة .
نعم . . إن كان ذلك هو المقصود ، فإنه يكون لازماً وضرورياً .
وهو ضروري ولازم أيضاً : إذا كان [عليه السلام] يتعمد اخبار الخلص من شيعته ، وبعضاً من غيرهم لكي ينقلوا للناس من بعده إخباراته هذه ، لكي لا يرميه الحاقدون والجاهلون بالتسرع ، والطيش ، والعجز عن تقدير الأمور ، ثم يتخذوا ذلك ذريعة لتجهيل الناس بأهل البيت ، واثارة الشبهات والتشكيكات بالأئمة [عليهم السلام] ، وبمقاماتهم ، وبامامتهم . .
فتكون هذه الإخبارات بمثابة البلسم الشافي ، والدواء الناجع ، وتكون سبباً في تحصين الناس ، وحماية ايمانهم من أن يتعرض لأي اهتزاز أو اختلال . .
ولا يكون ذلك اعلاناً بموت الثورة قبل ولادتها . . ما دام أنه لم يتخذ صفة الجماهيرية ، والخطاب العام للناس جميعاً . .
ومن الواضح : ان علمه [عليه السلام] بما سينتهي إليه أمره . . لايحتم عليه أن يبلغ ما يعرفه إلى كل الناس ، ولا يكون سكوته عن ذلك تغريراً بهم . . لأنه [عليه السلام] حين يدعوهم لمناهضة الإنحراف ، إنما يدعوهم للقيام بواجبهم الشرعي ، وتكليفهم الإلهي . .
إذ لا يجب عليه أن يبلغ كل الناس بما يعلمه عن طريق الغيب ، ولا يصح له أن يتعامل معهم بعلوم الإمامة ، إلا في الحدود التي رسمها الله تعالى له . .
فهو يخبر جماعات من الناس بما من شأنه لو نقلوه للأجيال الآتية أن يحفظ عقائدها ويرسخ ايمانها ، ويصونها من الشبهات والتشكيكات .
كما أن عليه أن يطلب من عامة الناس أن يقوموا بواجبهم وبتكليفهم الشرعي ، وإن كان يعلم بعلم الإمامة والغيب أنهم سوف لا يستجيبون له ، بل سوف يعصون الله سبحانه ، ويخذلونه بل ويقتلونه . .
ولأجل ذلك نجد أن النبي [صلى الله عليه وآله] وإن كان يرى من خلفه ، وتعرض عليه أعمال الخلائق . . وهو شاهد على الخلق . . لكنه رغم علمه هذا إنما يقض بينهم بالأيمان والبينات ، ولا يقضي بينهم بعلمه الخاص ، الذي هو علم النبوة أو علم الشهود والشاهدية . . ولهذا البحث مجال آخر . .
ثم إن بعض الإخوة قد قرب هذا الأمر بمثال أحببت أن أورده هنا ، وهو أنه إذا مست الحاجة إلى القيام بعمل جهادي ، ولو في مستوى « عملية إستشهادية » فإنه لا مانع من أن يعلن ذلك الإستشهادي عزمه على القيام بهذا الأمر ، من أجل تحريك الأمة ، وتعريفها بحجم الخطر الذي يتهددها ، والفاتها إلى واجبها الذي تخلت عنه حتى وصلت الأمور إلى هذا الحد . .
فاتضح : أن الإمام الحسين [عليه السلام] لم يعلن عن فشل ثورته ، بل أعلن عن أن مستوى الخطر قد تناهى بالأمة إلى الحد الذي اصبحت تحتاج معه إلى هذا المستوى من التضحيات .
والحمد لله ، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله الطاهرين .
مختصر مفيد . ( أسئلة و أجوبة في الدين والعقيدة ) ، للسيد جعفر مرتضى العاملي ،
اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين
في الواقع هناك من يقول : لا معنى لأن يبشر الإمام الحسين [عليه السلام] بفشل ثورته قبل أن يقوم بها ، فكيف أن يصح أن يقول للناس : قوموا معي على يزيد لكي يقتلنا في كربلاء . . إذ فلا صحة للروايات التي تتحدث عن أنه [عليه السلام] قد أخبر الناس بإستشهاده . .
الجواب:
إن الإشكال المذكور إنما يرد، لو كانت اخبارات وخطابات الإمام الحسين [عليه السلام] بما سيجري عليه وعلى أصحابه في كربلاء قد اتخذت صفة الجماهيرية العامة، بحيث أصبحت سبباً في تردد الناس، وتخاذلهم ، وانصرافهم عن القيام بواجبهم الإلهي بالخروج معه ونصرته.
أما إذا كانت هذه الإخبارات والخطابات موجهة لأصحابه وأهل بيته الذين سينالون الشهادة معه ، من أجل أن يزيد ذلك من يقينهم ، وفي بصيرتهم ، ويعمق ايمانهم ، لينالوا تلك الدرجة الكبرى عن جدارة واستحقاق ، وليكونوا بحق أعظم شهداء هذه الأمة .
نعم . . إن كان ذلك هو المقصود ، فإنه يكون لازماً وضرورياً .
وهو ضروري ولازم أيضاً : إذا كان [عليه السلام] يتعمد اخبار الخلص من شيعته ، وبعضاً من غيرهم لكي ينقلوا للناس من بعده إخباراته هذه ، لكي لا يرميه الحاقدون والجاهلون بالتسرع ، والطيش ، والعجز عن تقدير الأمور ، ثم يتخذوا ذلك ذريعة لتجهيل الناس بأهل البيت ، واثارة الشبهات والتشكيكات بالأئمة [عليهم السلام] ، وبمقاماتهم ، وبامامتهم . .
فتكون هذه الإخبارات بمثابة البلسم الشافي ، والدواء الناجع ، وتكون سبباً في تحصين الناس ، وحماية ايمانهم من أن يتعرض لأي اهتزاز أو اختلال . .
ولا يكون ذلك اعلاناً بموت الثورة قبل ولادتها . . ما دام أنه لم يتخذ صفة الجماهيرية ، والخطاب العام للناس جميعاً . .
ومن الواضح : ان علمه [عليه السلام] بما سينتهي إليه أمره . . لايحتم عليه أن يبلغ ما يعرفه إلى كل الناس ، ولا يكون سكوته عن ذلك تغريراً بهم . . لأنه [عليه السلام] حين يدعوهم لمناهضة الإنحراف ، إنما يدعوهم للقيام بواجبهم الشرعي ، وتكليفهم الإلهي . .
إذ لا يجب عليه أن يبلغ كل الناس بما يعلمه عن طريق الغيب ، ولا يصح له أن يتعامل معهم بعلوم الإمامة ، إلا في الحدود التي رسمها الله تعالى له . .
فهو يخبر جماعات من الناس بما من شأنه لو نقلوه للأجيال الآتية أن يحفظ عقائدها ويرسخ ايمانها ، ويصونها من الشبهات والتشكيكات .
كما أن عليه أن يطلب من عامة الناس أن يقوموا بواجبهم وبتكليفهم الشرعي ، وإن كان يعلم بعلم الإمامة والغيب أنهم سوف لا يستجيبون له ، بل سوف يعصون الله سبحانه ، ويخذلونه بل ويقتلونه . .
ولأجل ذلك نجد أن النبي [صلى الله عليه وآله] وإن كان يرى من خلفه ، وتعرض عليه أعمال الخلائق . . وهو شاهد على الخلق . . لكنه رغم علمه هذا إنما يقض بينهم بالأيمان والبينات ، ولا يقضي بينهم بعلمه الخاص ، الذي هو علم النبوة أو علم الشهود والشاهدية . . ولهذا البحث مجال آخر . .
ثم إن بعض الإخوة قد قرب هذا الأمر بمثال أحببت أن أورده هنا ، وهو أنه إذا مست الحاجة إلى القيام بعمل جهادي ، ولو في مستوى « عملية إستشهادية » فإنه لا مانع من أن يعلن ذلك الإستشهادي عزمه على القيام بهذا الأمر ، من أجل تحريك الأمة ، وتعريفها بحجم الخطر الذي يتهددها ، والفاتها إلى واجبها الذي تخلت عنه حتى وصلت الأمور إلى هذا الحد . .
فاتضح : أن الإمام الحسين [عليه السلام] لم يعلن عن فشل ثورته ، بل أعلن عن أن مستوى الخطر قد تناهى بالأمة إلى الحد الذي اصبحت تحتاج معه إلى هذا المستوى من التضحيات .
والحمد لله ، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله الطاهرين .
مختصر مفيد . ( أسئلة و أجوبة في الدين والعقيدة ) ، للسيد جعفر مرتضى العاملي ،
تعليق