في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد (86)
قال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ، إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) سورة البقرة من الاية 168 الى169.
نتعرض في هاتين الايتين الى مطالب
اولا : ايها الناس خطاب للجميع للمؤمن والكافر
قد يسال البعض انه قد ورد في القران الكريم صيغة الخطاب تارة (يا ايها المؤمنون ) وتارة (يا ايها الناس ) .
قد يقال ان خطاب يا ايها الذين امنو خطاب خاص للمؤمنين ،وعندما ياتي ب(يا ايها الناس فهو خطاب للناس جميعا ،وهو يعني المؤمن وغير المؤمن .
ثانيا : ما هو الحلال الطيب
قال اهل العلم ؛ان الحلال ما احله الشارع ولم يرد فيه نهى، والطيب ما تستطيبه النفس وتستلذه ، والحلال الطيب حتى يكون حلالا طيبا يجب ان يتوفر امران فيه
1- ان يكون حلالا طيبا في ذاته بحيث لم يرد في هذا الاكل نهي تحريمي كبعض الماكولات والمشروبات التي حرمها الله تبارك تعالى كما ذكر الله بعضها في كتابه العزيز كقوله تعالى (حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير) وغيرها مما حرمها الله تعالى .
2- ان لا يكون هذا الطعام متعلق بالغير ، يعني ان يكون الطعام الذي اكلته غير مغصوب وغير مسروق ،فقد ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه و آله : تَرْكُ لُقْمَةِ حَرامٍ أحَبُّ إلى اللّه ِ من صلاةِ ألفَي رَكْعَةٍ تَطَوُّعا .
وكذلك عنه صلى الله عليه و آله : لا يَدخُلُ الجَنّةَ منَ نَبَتَ لَحمُهُ مِن السُّحْتِ ، النّارُ أوْلى بهِ
وكذلك عنه اللّه صلى الله عليه و آله : مَن أكَلَ لُقْمَةً مِن حَرامٍ لَم تُقْبَلْ لَهُ صلاةٌ أرْبَعينَ لَيلةً .
ثالثا : خطوات الشيطان
عداوة الشيطان للانسان الى يوم القيامة ،فلا يمكن للشيطان ان يترك الانسان لحاله ،فالشيطان لا يريد ان يستيقم الانسان ويكون على جادة الشرع المقدس بل الشيطان يريد ان لا يعبد الله في الارض ، فكما ان الشيطان طرد من رحمة الله فهو يريد ان يطرد هذا الانسان من رحمة الله، فالشيطان يوسوس للانسان ويزين ويرغب ويدعوه ويغويه الى فعل الحرام والفساد والضلال ،ويستخدم كل ما يمكن من اجل ايقاع الانسان في شراكه حتى يبتعد عن رحمة الله تعالى ،ومن خطوات الشيطان التي حذرنا الله منها ..........
1- الامر بالسوء ؛ وهو كل عمل سيء ومن الاعمال السيئة هو الفكر الخطير على الامة والمجتمع والذي يكون فيه هلاك المجتمع
2- والفحشاء ؛ الفحش هو التجاوز الحد الطبيعي للاشياء ،سواء كانت فيما يتعلق بين العبد وربه تبارك وتعالى من معاصي وذنوب او فيما يتعلق بين الانسان واخيه الانسان الاخر في مختلف مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والاخلاقية .
3- وان تقولوا على الله ما لا تعلمون ؛ من اقبح القبائح الكذب على الله تعالى ،لذلك حذر النبي
صلى الله عليه و آله من القول بغير علم وينسب الى الله تعالى فقال : مَن أفتَى الناسَ بغيرِ عِلمٍ كانَ ما يُفسِدُهُ مِن الدِّينِ أكثَرَ مِمّا يُصلِحُهُ .
وعن الإمامُ الباقرُ عليه السلام : مَن أفتَى الناسَ بغيرِ عِلمٍ و لا هُدىً مِنَ اللّه ِ ، لَعَنَتهُ مَلائكَةُ الرَّحمَةِ و مَلائكَةُ العَذابِ ، و لَحِقَهُ وِزرُ مَن عَمِلَ بِفُتياهُ .
وكذلك ما روي عن الصادق (عليه السلام) أنّه قال لعمرو بن عبيد (من المعتزلة) في حديث طويل آخره، إنّ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «من ضرب النّاس بسيفه ودعاهم إلى نفسه وفي المسلمين من هو أعلم منه، فهو ضالّ متكلّف»
وفي عيون المعجزات عن الجواد (عليه السلام) أنّه قال مخاطباً عمّه: «ياعمّ إنّه عظيم عند اللّه أن تقف غداً بين يديه فيقول لك: لم تفتي عبادي بما لم تعلم، وفي الأُمّة من هو أعلم منك»
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد (86)
تقليص
X