بسم الله الرحمن الرحيم
نحن نعتقد أنّ المنبر الحسيني لا يزال الوسيلة المهمّة في نشر فكر أهل البيت (عليهم السّلام) ، بنحو لم تستطع سائر الوسائل الأخرى بما فيها الحديثة منها ( كالفضائيات والانترنت ) أن تقوم به ؛ وذلك لجهات : الأولى : سهولة تناوله من قبل جميع الطبقات الاجتماعية ، بخلاف تلك الوسائل التي لا تتمكّن منها سوى طبقة معينة من الناس ؛ سواء لجهة عدم توفّر أدواتها ، أو التزامها بنحو معين من الخطاب لا يستقطب جميع الشرائح.
مثلاً : مَنْ لا يعرف الانترنت ولا يستخدمها لا يمكن له أن يستفيد من إمكاناتها ، ولا تستطيع هذه المواقع الموجودة فيها مخاطبته . وهكذا الحال في أمر الفضائيات ، بخلاف المنبر الحسيني الذي يتوفّر للجميع وليس على المرء سوى أن ينقل قدمه إلى المكان المعين.
الثانية: إنّ الكثير من الباحثين يذكرون التوافق الجمعي، والحضور في ضمن مجموع كبير كواحد من الجهات المؤثــّرة في المتلــــقّي، بخلاف ما لو كان يتلقّى هذا الأمر بمفرده ، أو ضمن مجموعة محدودة ، ولا شك أنّ المنابر الحسينيّة يتوفّر فيها هذا الجوّ العام .
الثالثة : إنّ المنبر الحسيني وما يحتويه من توجيه ( ولائي ، أو أخلاقي ، أو ثقافي ) خطّ ممتدّ مع عمر الإنسان المتلقّي ، فلو فرضنا أنّ شخصاً من أتباع أهل البيت (عليهم السّلام) كان يحضر في المنابر كما هي عادة كثير منهم في موسم محرّم ورمضان مجلساً واحداً في كلّ ليلة ، فإنّ معنى ذلك أنّه عندما يكون في السبعين من العمر يكون قد استمع الى أكثر من ألفي محاضرة بما تحتوي عليه من قضايا تأريخية وأدبية وثقافية عامّة ، والمتعرّض لهذا المقدار من المحاضرات والأحاديث لا شك سيكون ذا ثقافة مناسبة . ولعلّ هذا هو السبب الذي يجعل مستوى الكثير من هؤلاء برغم أُمّية بعضهم ، أعلى من غيرهم وأفضل .
إنّ هــــــــــــذه الوسيــــلـــــة ( المــــــنــــبــــــــر ) كـــــــان لها دور عظيم في الحفاظ على تراث أهل البيت (عليهم السّلام) وفكرهم ، إضافة إلى دورها المحوري داخل المجتمع الشيعي ، ولا تزال تمتلك المقوّمات الكافية للاستمرار في هذا الدور ، بل يمكن دعوى دور أكبر لها عن طريق الاستفادة من الوسائل المتقدّمة كالانترنت والفضائيات .
- إنّنا نعتقد أنّ هذه الوسيلة القوية يمكن لها أن تكون أقوى وأفضل ممّا هي عليه الآن عندما تتعرّض إلى عملية تطوير وتحديث شاملة تأخذ بعين الاعتبار خصوصياتها الذاتية ؛ كونها حسينيّة وتخدم غرضاً معيناً , وأيضاً الأوضاع القائمة بما فيها من مشاكل فكرية ، وتستفيد من تقنيات الاتصال والتخاطب والإقناع؛ حيث إنّ الخطابة والتأثير على المستمع أصبح علماً كاملاً ومتطوّراً يُدرس كاختصاص في الجامعات , وإنّ البقاء في الحالة التقليدية التي تُتوارث من قِبل اللاحــــــــقين عـــــــــــــن الـــــــسابقين في الكيـــفيات والأساليب يعرّض هذه الوسيلة إلى التراجع والاضمحلال .
إنّ المنبر كسائر الأشياء ما لم يستجب للتغيير في وسائله ، والتطوير في آلياته سينتهي به الحال إلى التراجع والاضمحلال ، وسينهزم في معركة وسائلها عند الآخرين مطوّرة ومجـــــــــــــدّدة، هــــذا مع الحفاظ على أساسياته،
تعليق