بسم الله الرحمن الرحيم
ان الانسان إذا عاش بعيداً على الأجواء العاشورائية الحزينة فانه لا يدرك قيمة هذه الشعائر واهميتها في تغذي أواصر الولاء والانتماء لأهل بيت الإسلام لذا غيرهم يشككون في أصل إقامة الشعائر ومن هذه التشكيكات قولهم ان الكثير ممن يمارس هذه الشعائر لا نجده يطبقها في الفائدة منها؟ ولهؤلاء نقول: كون بعض المعزّين لا يطبّقون أهداف الحسين (عليه السلام)، لا يضرّ بموقع المواكب العزائية، ولا يدفع للاستغناء عنها؛ فإنّنا نجد أنّ القرآن الكريم وهو كتاب الله المنزل الذي لو أُنــزل (عَلَى جَـــــبَلٍ لَرَأَيْـــــتَـهُ خَاشِـعاً مُتَصَـدِّعاً منْ خَشْيَةِ اللَّه)، ومع ذلـــك فإنّه لا يـؤثّر في حـياة كلّ المســـلمــين، بمــــــعنى أنّـــــك تــــــجد العديد من المسلمـين وهم غـــــــير متأثّــــرين بثــــــقافــــــــــة القــــــرآن وأخلاقــــــه وتعاليـــــمه، فهل يعــني ذلك عـــــدم فــــائـــــــدة الــــقـــــــــرآن؟ والاســــــتغـــــنــــاء عنـــه؟ وأنت ترى أنّ الرســـول الأعظم محمّداً (صلّى الله عليه وآله) وهو مَنْ هو في الفصاحة والبلاغة، وقوّة التأثير لكنّ بعض مَنْ عاصره واستمع اليه مباشرة لم يتأثّر بأقواله، فهل يعني ذلك عدم الفائدة من حديث النبي (صلّى الله عليه وآله)؟ إنّ من المهمّ أن يكون لدى المجتمع مؤسسات دينية، ومــــظـــاهر إســــلامــيّة وشعـــائرية حتّىتحافظ على الصورة الإسلاميّة العامّة، وتكون مقصداً لمَنْ يريد الاهتداء إلى التعاليم الإلهـــية، هــــــــــــذا مـــا يحـــــــــتــــــــــــاجـــــــه كـــــلّ جـــــيــــــل. كما إنّه ليس من الصحيح أن نطلب من الموكب العزائي أكثر من طاقته، فالموكب العزائي يقوم بدور الشحن العاطفي، وتهيئة النفوس لتقبّل التوجيه الفكري، ويصنع انتماءعلى مستـوى العاطـــفة بين المعزّي والمعـــزّى به.
إنّ علـــينا أن نـــشجّع المواكب العزائية بكافةأشكالها، ونحاول أن نقوّي فيـــها المضمون العاطفي والـــولائي لأهل البـــيت (عليهم السّلام)،وأيضاً أن يتمّ توجيهها توجيها سليماً مـن خلال إشراف الهادفـين والواعين على تسييرها، واختـيار الكـلمات المناسبة فيها.
لقد ثبت أنّ بعـــض ما يُقال مــن قصائد تصنعمن الانتماء وتشجّع الفرد على الالتزام بالقيم الدينية، أكثر ممّا تصنعه محاضرات متعدّدة، لاسيما في فئة الشباب.وبناءً عليه، نعتقد أنّ المواكب العزائية تصنع الكثير، الكثير، ووجود بعض المشاركين ممّن لا يتأثّرون بعد الموكب، أو ممّن لم يكونوا على خطّ الانسجام مع الهدف الحسيني قبل الموكب لا يمنع من حصول الفوائد الكثيرة للمجتمع، ولا بـــدّ من تقـــوية هـــذه المواكــب كـمّاً ونوعاً.