إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

لا تبطلوا أعمالكم، كالتي نقضت غزلها

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لا تبطلوا أعمالكم، كالتي نقضت غزلها

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
    وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
    وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
    السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته


    قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} صدق الله العظيم.

    هذه الآية القرآنية الواردة في سورة النحل أشارت إلى امرأة من قريش عاشت في أيام الجاهلية، وقد بلغ من سفه هذه المرأة وغبائها أنها كانت تغزل الصوف مع عاملاتها من الصباح حتى منتصف النهار وبعد أن ينهين من عملهن تأمرهن وبدون أي سبب بنقض ما غزلن.

    وهذه الآية وإن وردت عن هذه المرأة لكنها تعبر عن نموذج من الناس يشمل كل الذين يضيعون جهوداً بذلوها وأعمالاً مضنية قاموا بها ولم يستفيدوا منها في الآخرة.

    وهذا يمتد إلى كل الذين ضحوا بأنفسهم أو بذلوا أموالهم أو تعبوا من السعي والعمل في الدنيا هنا وهناك، ولكنهم لم يعملوا لله، هؤلاء ستذهب أعمالهم أدراج الرياح ولن يستفيدوا منها وسيقول الله لهم عندما يطالبون بنتائج جهادهم وجهودهم وبذلهم: ليس لكم شيء عندي اذهبوا إلى من عملتهم له وخذوا أجركم منه.

    وهؤلاء هم الذين لم يعملوا خالصاً بحيث عملوا لله ولغيره.. فقد ورد في الحديث القدسي: "أنا خير شريك، من أشرك بي في عمله لن أقبله إلّا ما كان لي خالصاً".. هذا نموذج...

    وهناك نموذج آخر مقابل... هم الذين أخلصوا لله النية وأرادوا القربة إلى الله ولكنهم ضيعوا أعمالهم التي قاموا بها بفعل ظلمهم لربهم وعصيانهم له، وإساءاتهم للناس..

    وهذا الذي أشار إليه رسول الله(ص): "أتدرون ما المفلس؟ قالوا له يا رسول الله: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع عنده.. قال الرسول(ص): هذا مفلس الدنيا وليس هذا ما أريد.. أريد مفلس الآخرة وهو الذي يأتي يوم القيامة وقد صلى وصام وتصدق وجاهد ولكن يأتي يوم القيامة وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا، فيعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النَّار".

    وفي ذلك ما ورد عن رسول الله(ص) أنه قال: "من قال: "سبحان الله" غرس الله له بها شجرةً في الجنة، ومَن قال: "الحمد لله" غرس الله له بها شجرةً في الجنة، ومن قال: "لا إله إلا الله" غرس الله له بها شجرةً في الجنة، ومن قال: "الله أكبر" غرس الله له بها شجرةً في الجنة. فقال رجلٌ من قريش: يا رسول الله!.. إنّ شجرنا في الجنة لكثيرٌ!.. قال: نعم، ولكن إياكم أن ترسلوا عليها نيرانا فتحرقوها، (يقصد في ذلك الذنوب والمعاصي) ذلك أنّ الله عزّ وجلّ يقول: {أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}".

    ومن هنا أيها الأحبة، لا يكفي من الإنسان وحتى يطمأن إلى مصيره عند الله أن يؤدي الأعمال الصالحة، بل لا بد أن يتأكد من صدق النية لله وأن لا يتبع هذه الأعمال بسيئات تذهب بهذه الأعمال الصالحة وتفقده نتائجها.

    وهذا يستدعي من الإنسان أن يتابع نفسه بأن يدقق في نيته وأن يعزز الرقابة عليها فلا يخضع لتسويلات الشيطان الذي توعد الناس بقوله: {فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ}.. وأنه سيقعد لهم في الصراط المستقيم ليضيع كل ما قاموا به فقال: {لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ}.. ولا يسقط أمام انفعالاته وعصبياته ولا يستكين للأجواء المنحرفة التي تحيط به وتدفعه إلى التفريط بما حصل عليه من مكتسبات.

    إن هذا هو ما نحتاج أن نستحضره ــ بعد كل عمل عبادي أو جهد بذلناه، أن نضع في حساباتنا وبقوة خلوص النية وعدم تبديد نتائج العمل..

    والسؤال كيف نحافظ على هذه المكتسبات حتى لا تضيع أدراج الرياح ولا تكون حالنا كذلك التاجر الذي حصل على أموال وفيرة بجهد جهيد ولكنه فرط في حفظها فعرضها للسارقين..

    القضية ليست كذلك، العبادة والاستقامة لا تقف عند زمن بل تمتد إلى الموت.. يقول تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}.
    ويقول عز وجل: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ}.
    وقد ورد في الحديث عن علي(ع): "المداومة المداومة، فإن الله لم يجعل لعمل المؤمنين غاية إلاّ الموت".
    وقد جاء في الحديث: "العمل العمل ثم النهاية النهاية، والاستقامة الاستقامة".
    وفي الحديث عن الإمام الباقر(ع): "ما من شيء أحبّ إلى الله عزّ وجلّ مِنْ عمل يداوم عليه".


    وتبقى النقطة الأخيرة التي نحب أن نشير إليها، وهي تتصل بالآية القرآنية قوله: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}.





    فهذه الآية تشير إلى امتحان كبير لا بد أن يقف الإنسان أمامه بعد كل عمل والتزام، وفيه يتبين صدق الإنسان وجدية ما قام به، فلا يكتفي الله من الإنسان أن يقول أسلمت أو آمنت أو صليت أو صمت أو حججت حتى يكتب عند الله من المسلمين أو المؤمنين أو المصلين أو الحجاج.. بل لا بد أن يخضع لامتحان ليظهر الجدية في ذلك...

    وقد عبر القرآن عن صعوبة هذا الامتحان، في قوله: {وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ}.. والفتنة هي النار التي توقد تحت الذهب الممزوج بالتراب وبها يتميز التراب من الذهب.


    ومن هنا:
    فلنحرص على أن نكون من الفائزين وأي فوز هذا عندما تكتب من الذين عتقت رقابهم من النار واستحقوا الفوز بالجنة.
    وليكن دعاؤنا: "اللهمّ ثبّتنا على دينك ما أحييتنا، ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، واجعلنا من المرحومين، ولا تجعلنا من المحرومين".




  • #2
    أحسنت النشر
    سدد الله خطاك للخير دائما إن شاء الله
    نسأل الله لك دوام التوفيق والنجاح إن شاء الله .

    تعليق


    • #3
      بسم الله الرحمن الرحيم
      اللهم صل على محمد و آل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف وعجل فرجهم يا كريم

      شكرا لك ايتها الاخت الفاضله على المرور والدعاء المبارك

      حفظكم الله تعالى و رعاكم و اعلى شأنكم وفقكم الله لكل خير وسداد خطاكم ببركة وسداد أهل البيت عليهم السلام

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
      x
      يعمل...
      X