إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

لنفسي أبكي.. لست أبكي لغيرها

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لنفسي أبكي.. لست أبكي لغيرها

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
    وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
    وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله

    السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته



    من أخطر الأمراض التي يتعرض لها المسلم في سيره إلى الله أن يرضى عن نفسه، ويرى كمالها، ويغفل عن عيوبها.

    ومن أعظم علامات رضى الله عن العبد وإرادة الخير به أن يوجهه للاعتناء بنفسه، والبحث عن عيوبها، والتنقيب عن قصورها، ثم الانشغال بمحاولة إصلاحها، والحرص على تزكيتها.. فـ {قد أفلح من زكاها، وقد خاب من دساها}(الشمس: ).
    وكم هو قبيح أن يجهل الواحد منا عيوبه ونقائصه، أو يعرفها وينساها أو يتناسها، أو يتغافل عنها، أو يصغرها وهي كبيرة، أو يحقرها وهي خطيرة.. ثم بعد ذلك هو ينبش في عيوب إخوانه، ويدقق فيها، ويعظمها وهي حقيرة، ويضخمها وهي صغيرة..

    :عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (ثلاث خصال من كن فيه أو واحدة منهن كان في ظل عرش الله يوم لا ظل إلا ظله: رجل أعطى الناس من نفسه ما هو سائلهم، ورجل لم يقدم رجلاً ولم يؤخر رجلاً حتى يعلم أن ذلك لله رضا، ورجل لم يعب أخاه المسلم بعيب حتى ينفي ذلك العيب من نفسه، فإنه لا ينفي منه عيباً إلا بدا له عيب، وكفى بالمرء شغلاً بنفسه عن الناس
    قبيح على الإنسـان ينسى عيوبه .. .. ويبصر عيبا في أخيه قد اختفى
    ولو كان ذا عقل لما عاب غيره .. .. وفيه عيوب لو رآهــا قـد اكتفى

    دلائل وعواقب
    إن الانشغال بعيوب الناس أمر له دلائل وعواقب:
    فأول دلائله: جهل صاحبه بطبيعة الخلق وبحقيقة الإصلاح:
    فأما جهله بطبيعة الإصلاح؛ فلأن مبدأ الإصلاح أن يصلح الإنسان نفسه قبل الذهاب إلى إصلاح غيره، وقد قال سبحانه: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}، وقال: {كل نفس بما كسبت رهينة}، وقال: {قوا أنفسكم وأهليكم نارا}. فبدأ بالنفس حتى قبل الأهل والولد.

    وأما جهله بطبيعة الخلق: فلأن الناس من حولنا بشر مثلنا، وطبيعة البشر أنهم يصيبون ويخطئون، ويحسنون ويسيئون، ولا يخلو إنسان من نقص وعيب وذنب وخطيئة،

    وإنما يُذكَّر الإنسان وينصح، ولا يُـشهَّر به ويفضح، والتذكير والنصح إنما مقصوده أن يرجع العبد عن ذنبه ويؤوب، وأن يستغفر ربه وينيب إليه ويتوب؛ فإن فعل كان من خير الخطائين فإن [خير الخطائين التوابون].
    الدلالة الثانية: الغفلة عن النفس وعيوبها:
    فلو اهتم الإنسان بإصلاح نفسه لشغله ذلك عن عيوب غيره:

    عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (سيد الأعمال ثلاثة: إنصاف الناس من نفسك، ومواساة الأخ في الله، وذكر الله تعالى في كل حال)(1).
    وفي حديث آخر، عن الصادق (عليه السلام) قال: (ثلاثة من حقائق الإيمان: الإنفاق من الإقتار والإنصاف من نفسك، وبذل السلام لجميع العالم)(2).
    وفي حديث آخر عنه (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (السابقون إلى ظل العرش طوبى لهم).

    قلنا: يا رسول الله ومن هم؟
    قال: (الذين يقـــبلون الحق إذا سمعــــوه، ويبذلونه إذا سألــــوه، ويحكمون للناس كحكمهم لأنفسهم هم السابقون إلى ظل العرش)(3).




    الدلالة الثالثة: حقارة النفس ودناءتها:

    فالمنقب عن عيوب الناس لا تقع عينه إلا على القبيح ، ولا تميل نفسه إلا إلى العيب والنقص.. يترك الحسنات ويبحث عن السيئات، ويتغافل عن المزايا، ويتلقف العيوب، ويسكت عن الكمالات ولا ينطق إلا بالنقائص، ولا يرى في الناس إلا أسوأ ما فيهم: حاله كحال الغراب، لا يقع إلا على الجيف، أو كحال الذباب لا تراه واقفا إلا على المزابل والقذر، أو كحال صاحب كلب الغنم..

    نفس حقيرة دنيئة لا يناسبها إلا السوء والشر، عجزت عن مجاراة الناس في المعالي فانشغلت بتحطيم الآخرين لتصعد على أنقاضهم.

    الدلالة الرابعة: كثرة عيوبه ونقائصه:
    فلولا ما عنده من العيوب لما سعى في إظهار عيوب الناس..



    رابعا: مكر الله به:
    فلوا أراد الله به خيرا لشغله بما يصلحه وبما ينفعه في دينه ودنياه.. ولكنه شغل بما يعود عليه بأعظم الفساد والضرر في الدين والدنيا:
    قال بكر بن عبد الله: "إذا رأيتم الرجل موكلا بعيوب الناس ناسيا لعيوبه فاعلموا أنه قد مكر به".

    عواقب وخيمة :
    وأما عواقب الانشغال عن عيوب النفس بعيوب الناس فمنها:
    أولا: الإثم والذنب:
    فلا شك أن التنقيب عن عيوب الناس نقص وعيب، وذنب وخطيئة، يلحق بفاعله الإثم والذم


    ثانيا: التجسس على الناس:
    فبحثه عن معايب الخلق يحمله على التجسس عليهم ليعرف عيوبهم، ويطلع على عوراتهم، أو ليثبت صحة ما رماهم به من العيب والنقص؛ وقد نهى الله المؤمنين عن إساءة الظن بإخوانهم مما يحملهم على التجسس ثم نهاهم عن التجسس فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ &1750; وَلَا تَجَسَّسُوا}(الحجرات:12)، .

    ثالثا: الوقوع في غيبة الناس:
    فذكر الناس بما يكرهون هو عين الغيبة، وإن كان ما تقوله فيهم حقا،


    وقد حذر الله المسلمين من الولوغ في أعراض الناس وغيبتهم فقال: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا &1754; أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ}(الحجرات:12).

    عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: "إيّاك والغيبة فإنّها تمقتك إلى الله والناس وتُحبط أجرك"


    رابعا: الإفلاس يوم الحساب:
    سأل النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ): (أتدرون ما المفلس؟.. فقالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع له، فقال: المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا.. فيُعطي هذا من حسناته، وهذا من حسناته.. فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه؛ أُخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طُرح في النار)؛

    خامسا: شيوع المنكر وتجرئ الناس عليه:
    فإن كثرة ذكر المنكر والتحدث به يؤدي إلى شيوعه بين الناس وتعود أسماع العباد عليه، ورفع هيبة الوقوع فيه من قلوبهم، ثم هو يجرئ صاحب الذنب على ذنبه طالما أن الناس يقعون فيه فليس هو فقط الذي يفعل، وقد قال تعالى: {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة}(النور:19)

    سادسا: شيوع العداوة والبغضاء في المجتمع
    فالقلوب تنفر ممن يعيبها، ويشهر بها ويسيئ إليها وينتقصها، وتبغض من يذكرها بما تكره بين الناس، أو يفشي سرها ويظهر عوارها.. وهذه النفرة تؤدي لانتشار الكراهية في المجتمع المسلم وبين أفراده، وإلى القطيعة والتدابر والتنافر والتناحر بما يعود على المجتمع بالسلب والشر.

    سابعا: الفضيحة وانهتاك الستر
    فالجزاء من جنس العمل؛ فمن عاب الناس عابوه، ومن بحث عن عيوبهم بحثوا عن عيوبه، ومن وقع في أعراضهم وقعوا في عرضه ومن أطلق لسانه فيهم ولو بالحق تكلموا فيه بالحق والباطل:
    إذا أنت عبت الناس عابوا وأكثروا .. عليك وأبدوا منك ما كان يستر

    ومن هتك ستر الخلق هتك الله ستره وفضحه ولو في قعر بيته:
    لا تكشفن مساوي الناس ما ستروا .. فيكشف الله سترا من مساويكا


    اللهم اشغلنا بك عن أنفسنا، واشغلنا بعيوبنا عن عيوب الناس.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
    ----------------------

    -------------------------
    1 ـ المصدر السابق: ص308.

    2 ـ المصدر السابق.
    3 ـ المصدر السابق.


  • #2
    اللهم صل على محمد وآل محمد

    زاد الله في توفيقكم وحباكم من عطاياه ولطفه ما تقرَّ به عيونكم .


    احترامنا وتقديرنا لكم اختنا الفاضلة .




    عن ابي عبد الله الصادق ( عليه السلام ) أنه قال :
    {{ إنما شيعة جعفر من عف بطنه و فرجه و اشتد جهاده و عمل لخالقه و رجا ثوابه و خاف عقابه فإذا رأيت أولئك فأولئك شيعة جعفر
    }} >>
    >>

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X