صَرَّحَتْ المَرجَعيَّةُ الدِينيّةُ العُليَا فِي النَجَفِ الأشرَفِ ,اليَومَ , الجُمْعَةَ , التَاسِعِ مِنْ رَبيعٍ الأوّلِ ,1438 هِجري,
المُوافقَ ,لِ, التَاسِعِ مِنْ كانونِ الأوّلِ ,2016م ,وعلى لِسَانِ , وَكيلِها الشَرعي , السَيّد أحمَد الصَافي ,
خَطيبِ , وإمَامِ الجُمعَةِ فِي الحَرَمِ الحُسَيني المُقَدّسِ :
بِأنَّ اللهَ تَعَالَى يُحِبُّ الَذينَ يُقَاتِلونَ ألآن فِي سَبيله صَفًّا , كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ , فِي بَيانٍ لِتَوفيقِ مُجَاهِدي الحَشْدِ الشَعبي
المُقَاوِمِ , وكُلِّ المُقَاتِلين الغَيَارَى ,خَاصَةٌ , وهم يُقَاتِلون بِفَتْوَىٍ شَريفَةٍ , أصدَرَتْهَا المَرجَعيّةُ الدِينيّةُ العُُليَا ,
وهي مَنْ تَتَمَنَى ,لِنَفسِهَا أنْ تَكونَ مَعَهم وبِمَقَامِهم ,( يَا لَيتَنَا كُنّا مَعَكم فَنَفوزَ فَوزَاً عَظيمَاً),
وهُم فِي مَوقَعٍ يُغبَطونَ عَليه حَقّاً, فَهَنيئَاً لَهُم .
... لا يَخفَى عَلَى أحَدٍ أنَّ القُرآنَ الكَريمَ يَعرِضُ آيَاتٍ شَريفَةً مُتَنَوِعَةً , وفيها مَطَالِبٌ اجتِمَاعيةٌ واقتِصَادِيّةٌ وفِقهيّةٌ وإنسَانِيّةٌ.
والقُرآنُ الكَريمُ عِندَمَا يَتَحَدّثُ فِي كُليّاتِ مَا , لا شَكَّ أنَّه فِي مَقَامٍ يُريدَ فيه أنْ يُبَيِّنَ أنَّ الهِدَايَةَ تَحتَ مُتَنَاوَلِ أيدِينَا ,
وهُنَاكَ مَنَازِلُ لِلنّاسِ , تَختَلِفُ بِاختِلاَفِ ارتِبَاطِهم بِه تَعَالى , ونَعْرِضُ بَينَ أيديِكم , آيَاتٍ مِن سورَةِ الصّفِ ,
والتي تُبينُّ مَا فيه الفَائِدَةُ لَنَا .
قَالَ اللهُ تَعَالَى:
((سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3) إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)))الصَف.
... هُنَا يُبَيِّنُ اللهُ تَعَالَى المَسؤوليّةَ عَمّا نَقُولُ ونَفْعَلُ ,لأنَّ لِكُلِّ فِعْلٍ مِن أفعَالِنَا أو قَولٍ مِن أقوالِنَا أثَر ,
وهَذه الآثَارُ تَختَلِفُ بِاختِلافِ الأقوَالِ والأفعَالِ فِي بعضِ الحَالاتِ ,
فالقُرآنُ الكَريمُ يُريدُ مِنّا أنْ نَنتَبِهَ لِمَا نَقولُ ونَفْعَلُ , ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2)
كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3))) . ,
أو ((كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (5))) الكهف.
, مَا مَعنَى ذَلِكَ ((كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ )) ,أي كَبُرَ الأثرُ الذي يَتَرَتّبُ عَليه الحَالُ ,إذا لَم يَفْعَل مَا يَقُولُ ,
أو أنْ يَكونَ قَد نَفْعَلُ شَيئَاً كَبيرَاً.
فَتَارَةٌ يَقولُ القُرآنُ الكَريمُ ( لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (74)))الكهف , ((لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89)))مريم,.
وهُنَا عِتَابٌ وتَقريعٌ مِن اللهِ تَعَالَى لِلمؤمنين((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2))),.
بِمَعنَى : لِمَاذَا يَعطي الإنسَانُ كَلامَاً , وهو لا يَستطيعُ أنْ يَفْعَلَ هَذا الكَلامَ , وكَمَا هو حَالُ البَعضِ ,
مِمَن يَحِثُّ النّاسَ عَلَىَ الصَدَقَاتِ مَثَلاً ولا يَتَصَدّقُ , وهَذه تُمَثّلُ حَالَةً مِن عَدمِ المِصدَاقيّةِ والوَاقِعيّةِ ,
والقُرآنُ الكَريمُ لا يَرضَى بِهَذَا .
إنَّ لَفْظَةَ ( لِمَ ) فِي الآيةِ الشَريفَةِ فيها نَوعٌ مِن العَتَبِ والاستِنكَارِ لِهَذَا النَمَطِ مِن السُلُوكِ عِندَ الإنسَانِ المُؤمنِ ,
وهو أنْ يَقولَ مَا لا يَفْعَلُ ,ومِن غَيرِ المُنَاسِبِ لِلمُؤمنين أنْ يَقُولوا مَا لا يَفعَلون,
فَلا بُدّ أنْ نَكونَ مَسؤولونَ عَن الكَلامِ وآثَارِه ,والكَلِمَةُ مَسؤوليّةٌ وتُؤثِّرُ إنْ كَاَنَتْ حَقّاً أو تَوهِينَاً أو استِفزَازَاً ,
ورُبَّ كَلِمَةٍ تَخرِجُ ولا يُمكنُ تَدارُكهَا ,مِمَا يَعني ذلك عَلى الإنسَانِ أنْ يَتَحَفّظَ أو يَتَكَلمَّ بِمقدَارِ
مَا يَستَطيعُ فِعْلَه.
و إنَّ مَعنَى ((كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ )) هو نَوعٌ مِن التَقريعِ القَويّ والمَقْتِ الشَديدِ فِي البُغضِ لِذلِكَ الفِعْلِ.
فَفِي حَالِ عَدمِ فِعْلِ الإنسَانِ لِمَا يَقولُ يُخرجُه ذلك مِن الصِدْقِ والمَوضوعيّةِ والمَوثوقيّةِ.
وهُنَاكَ دَعوَاتٌ مِنهَا مَن يَقولُ أنَا أُقَاتِل , أنَا أجَاهِدُ أنَا أفْعَلُ ,وإذا حَمَى الوَطيسُ انهَزَمَ .
قَالَ تَعَالى:
((إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4))).
وَوَاقِعَاً إنَّ هَذِه الآيةَ الشَريفَةَ عَلى وَجَازتِهَا فِيهَا مَا فِيهَا ,
واللهُ تَعَالَى, و بِمُقتَضَى رَحمَتِه بِالمؤمنين يُصَرّحُ بِأنَّه يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ ,
والذين يُحِبُّهم اللهُ تَعَالىَ فَهم يَقينَاً وقَطعَاً مِمَن أحَبُّوه واتّبَعُوه بِصِدقٍ ,(( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ))(31)
, آلِ عمران.
وهَذه مَنزِلَةٌ فِي غَايةِ الرّوعَةِ , فإذا أحَبَّ اللهُ أحَداً , َلتَغضَب عَليه جَميعُ الكَائِنَاتِ ,فَلا قِيمَةَ لَهَا.
وإذا أحَبَّ اللهُ أحَداً أحبّه جَميعُ الأنبياءِ والأولياءِ والمَعصومين.
فَاللهُ يُحِبُّ الذينَ يُقَاتِلونَ ويَندَفِعونَ مِن أجلِه وفِي سَبيلِه ,لا مِن أجْلِ جِهَةٍ أخرى أو مُشكِلَةٍ مَا ,
لأنَّ اللهَ يُحِبّ مَن يَرتَبِطُ بِه صِدقَاً وفِعْلاً.
وهَؤلاءِ الأحِبّةُ الذينَ يُقَاتِلونَ فِي سَبيلِ اللهِ ليس لهم مَصلَحَةً ,إلاّ أنَّ اللهَ أرَادَ لَهم ذَلِكَ .
فَاصطّفوا واستَعدّوا ,صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ ,
والبُنْيَانٌ المَرْصُوصٌ هو حَالةٌ مِن الإحكَامِ والاستِحكَامِ لا فِرْجَةَ فيه و لا يُمكِنُ أنْ يُختَرَقَ و لا يَهتَزَُّ
و لا يُمكِنُ أنْ يُعبَثَ فِيه, فالذين يُقَاتِلونَ فِي سَبيلِ اللهِ ألآن , لا فِي سَبيلِ جِهَةٍ أخرَى ,
هُم قَد صَفّوا أنفسَهم لِلقِتَالِ بكتلَةٍ وبَذَلوا النَفسَ في سَبيلِ شَيءٍ عَظيمٍ.
واللهُ قَد أمرَ بِالقِتَالِ وأحَبّه والنَبيُّ والإمَامُ كَذلك, قَد أمَرا بالقتَالِ ,والفَقيهُ اليَوم , قَد أمرَ بِالقِتَالِ ,.
وعِندَنَا ألآن شَبَابٌ مُؤمِنون يَسعون لإرجَاعِ العِرَاقِ ,
إلى مَا كَانَ عَلَيه , وهَؤلاءِ يُقاتِلونَ بَأمرِ مَرجَعيّةٍ دينيّةٍ , لَهَا شَأنُهَا الكَبيرِ.
ونَسَألُ اللهَ تَعَالَى أنْ يَمُدَّهُم دَائِمَاً بالنَصْرِ المُؤزّرِ ,
وفيهم أحِبّةٌ قَد فَقدوا أطرَافَاً وقد استَشهَدوا وهُم عَلَى الحَقِّ.
والمَوتُ عَلىَ الحَقِّ خَيرٌ مِن المَوتِ عَلَى غَيرِه.
قَاَلَ اللهُ تَعَالَى:
((وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ))(13)الصف.
____________________________________________
تَدْوينُ – مُرتَضَى عَلي الحِليّ –
____________________________________________
الجُمعَةُ – التاسِعُ مِن ربيعٍ الأوّلِ - 1438, هجري .
التَاسِعُ مِن كانونٍ الأوّلِ - 2016 م .
___________________________________________
المُوافقَ ,لِ, التَاسِعِ مِنْ كانونِ الأوّلِ ,2016م ,وعلى لِسَانِ , وَكيلِها الشَرعي , السَيّد أحمَد الصَافي ,
خَطيبِ , وإمَامِ الجُمعَةِ فِي الحَرَمِ الحُسَيني المُقَدّسِ :
بِأنَّ اللهَ تَعَالَى يُحِبُّ الَذينَ يُقَاتِلونَ ألآن فِي سَبيله صَفًّا , كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ , فِي بَيانٍ لِتَوفيقِ مُجَاهِدي الحَشْدِ الشَعبي
المُقَاوِمِ , وكُلِّ المُقَاتِلين الغَيَارَى ,خَاصَةٌ , وهم يُقَاتِلون بِفَتْوَىٍ شَريفَةٍ , أصدَرَتْهَا المَرجَعيّةُ الدِينيّةُ العُُليَا ,
وهي مَنْ تَتَمَنَى ,لِنَفسِهَا أنْ تَكونَ مَعَهم وبِمَقَامِهم ,( يَا لَيتَنَا كُنّا مَعَكم فَنَفوزَ فَوزَاً عَظيمَاً),
وهُم فِي مَوقَعٍ يُغبَطونَ عَليه حَقّاً, فَهَنيئَاً لَهُم .
... لا يَخفَى عَلَى أحَدٍ أنَّ القُرآنَ الكَريمَ يَعرِضُ آيَاتٍ شَريفَةً مُتَنَوِعَةً , وفيها مَطَالِبٌ اجتِمَاعيةٌ واقتِصَادِيّةٌ وفِقهيّةٌ وإنسَانِيّةٌ.
والقُرآنُ الكَريمُ عِندَمَا يَتَحَدّثُ فِي كُليّاتِ مَا , لا شَكَّ أنَّه فِي مَقَامٍ يُريدَ فيه أنْ يُبَيِّنَ أنَّ الهِدَايَةَ تَحتَ مُتَنَاوَلِ أيدِينَا ,
وهُنَاكَ مَنَازِلُ لِلنّاسِ , تَختَلِفُ بِاختِلاَفِ ارتِبَاطِهم بِه تَعَالى , ونَعْرِضُ بَينَ أيديِكم , آيَاتٍ مِن سورَةِ الصّفِ ,
والتي تُبينُّ مَا فيه الفَائِدَةُ لَنَا .
قَالَ اللهُ تَعَالَى:
((سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3) إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)))الصَف.
... هُنَا يُبَيِّنُ اللهُ تَعَالَى المَسؤوليّةَ عَمّا نَقُولُ ونَفْعَلُ ,لأنَّ لِكُلِّ فِعْلٍ مِن أفعَالِنَا أو قَولٍ مِن أقوالِنَا أثَر ,
وهَذه الآثَارُ تَختَلِفُ بِاختِلافِ الأقوَالِ والأفعَالِ فِي بعضِ الحَالاتِ ,
فالقُرآنُ الكَريمُ يُريدُ مِنّا أنْ نَنتَبِهَ لِمَا نَقولُ ونَفْعَلُ , ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2)
كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3))) . ,
أو ((كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (5))) الكهف.
, مَا مَعنَى ذَلِكَ ((كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ )) ,أي كَبُرَ الأثرُ الذي يَتَرَتّبُ عَليه الحَالُ ,إذا لَم يَفْعَل مَا يَقُولُ ,
أو أنْ يَكونَ قَد نَفْعَلُ شَيئَاً كَبيرَاً.
فَتَارَةٌ يَقولُ القُرآنُ الكَريمُ ( لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (74)))الكهف , ((لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89)))مريم,.
وهُنَا عِتَابٌ وتَقريعٌ مِن اللهِ تَعَالَى لِلمؤمنين((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2))),.
بِمَعنَى : لِمَاذَا يَعطي الإنسَانُ كَلامَاً , وهو لا يَستطيعُ أنْ يَفْعَلَ هَذا الكَلامَ , وكَمَا هو حَالُ البَعضِ ,
مِمَن يَحِثُّ النّاسَ عَلَىَ الصَدَقَاتِ مَثَلاً ولا يَتَصَدّقُ , وهَذه تُمَثّلُ حَالَةً مِن عَدمِ المِصدَاقيّةِ والوَاقِعيّةِ ,
والقُرآنُ الكَريمُ لا يَرضَى بِهَذَا .
إنَّ لَفْظَةَ ( لِمَ ) فِي الآيةِ الشَريفَةِ فيها نَوعٌ مِن العَتَبِ والاستِنكَارِ لِهَذَا النَمَطِ مِن السُلُوكِ عِندَ الإنسَانِ المُؤمنِ ,
وهو أنْ يَقولَ مَا لا يَفْعَلُ ,ومِن غَيرِ المُنَاسِبِ لِلمُؤمنين أنْ يَقُولوا مَا لا يَفعَلون,
فَلا بُدّ أنْ نَكونَ مَسؤولونَ عَن الكَلامِ وآثَارِه ,والكَلِمَةُ مَسؤوليّةٌ وتُؤثِّرُ إنْ كَاَنَتْ حَقّاً أو تَوهِينَاً أو استِفزَازَاً ,
ورُبَّ كَلِمَةٍ تَخرِجُ ولا يُمكنُ تَدارُكهَا ,مِمَا يَعني ذلك عَلى الإنسَانِ أنْ يَتَحَفّظَ أو يَتَكَلمَّ بِمقدَارِ
مَا يَستَطيعُ فِعْلَه.
و إنَّ مَعنَى ((كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ )) هو نَوعٌ مِن التَقريعِ القَويّ والمَقْتِ الشَديدِ فِي البُغضِ لِذلِكَ الفِعْلِ.
فَفِي حَالِ عَدمِ فِعْلِ الإنسَانِ لِمَا يَقولُ يُخرجُه ذلك مِن الصِدْقِ والمَوضوعيّةِ والمَوثوقيّةِ.
وهُنَاكَ دَعوَاتٌ مِنهَا مَن يَقولُ أنَا أُقَاتِل , أنَا أجَاهِدُ أنَا أفْعَلُ ,وإذا حَمَى الوَطيسُ انهَزَمَ .
قَالَ تَعَالى:
((إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4))).
وَوَاقِعَاً إنَّ هَذِه الآيةَ الشَريفَةَ عَلى وَجَازتِهَا فِيهَا مَا فِيهَا ,
واللهُ تَعَالَى, و بِمُقتَضَى رَحمَتِه بِالمؤمنين يُصَرّحُ بِأنَّه يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ ,
والذين يُحِبُّهم اللهُ تَعَالىَ فَهم يَقينَاً وقَطعَاً مِمَن أحَبُّوه واتّبَعُوه بِصِدقٍ ,(( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ))(31)
, آلِ عمران.
وهَذه مَنزِلَةٌ فِي غَايةِ الرّوعَةِ , فإذا أحَبَّ اللهُ أحَداً , َلتَغضَب عَليه جَميعُ الكَائِنَاتِ ,فَلا قِيمَةَ لَهَا.
وإذا أحَبَّ اللهُ أحَداً أحبّه جَميعُ الأنبياءِ والأولياءِ والمَعصومين.
فَاللهُ يُحِبُّ الذينَ يُقَاتِلونَ ويَندَفِعونَ مِن أجلِه وفِي سَبيلِه ,لا مِن أجْلِ جِهَةٍ أخرى أو مُشكِلَةٍ مَا ,
لأنَّ اللهَ يُحِبّ مَن يَرتَبِطُ بِه صِدقَاً وفِعْلاً.
وهَؤلاءِ الأحِبّةُ الذينَ يُقَاتِلونَ فِي سَبيلِ اللهِ ليس لهم مَصلَحَةً ,إلاّ أنَّ اللهَ أرَادَ لَهم ذَلِكَ .
فَاصطّفوا واستَعدّوا ,صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ ,
والبُنْيَانٌ المَرْصُوصٌ هو حَالةٌ مِن الإحكَامِ والاستِحكَامِ لا فِرْجَةَ فيه و لا يُمكِنُ أنْ يُختَرَقَ و لا يَهتَزَُّ
و لا يُمكِنُ أنْ يُعبَثَ فِيه, فالذين يُقَاتِلونَ فِي سَبيلِ اللهِ ألآن , لا فِي سَبيلِ جِهَةٍ أخرَى ,
هُم قَد صَفّوا أنفسَهم لِلقِتَالِ بكتلَةٍ وبَذَلوا النَفسَ في سَبيلِ شَيءٍ عَظيمٍ.
واللهُ قَد أمرَ بِالقِتَالِ وأحَبّه والنَبيُّ والإمَامُ كَذلك, قَد أمَرا بالقتَالِ ,والفَقيهُ اليَوم , قَد أمرَ بِالقِتَالِ ,.
وعِندَنَا ألآن شَبَابٌ مُؤمِنون يَسعون لإرجَاعِ العِرَاقِ ,
إلى مَا كَانَ عَلَيه , وهَؤلاءِ يُقاتِلونَ بَأمرِ مَرجَعيّةٍ دينيّةٍ , لَهَا شَأنُهَا الكَبيرِ.
ونَسَألُ اللهَ تَعَالَى أنْ يَمُدَّهُم دَائِمَاً بالنَصْرِ المُؤزّرِ ,
وفيهم أحِبّةٌ قَد فَقدوا أطرَافَاً وقد استَشهَدوا وهُم عَلَى الحَقِّ.
والمَوتُ عَلىَ الحَقِّ خَيرٌ مِن المَوتِ عَلَى غَيرِه.
قَاَلَ اللهُ تَعَالَى:
((وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ))(13)الصف.
____________________________________________
تَدْوينُ – مُرتَضَى عَلي الحِليّ –
____________________________________________
الجُمعَةُ – التاسِعُ مِن ربيعٍ الأوّلِ - 1438, هجري .
التَاسِعُ مِن كانونٍ الأوّلِ - 2016 م .
___________________________________________
تعليق