يتبادل الناس الهدايا في جميع بقاع العالم، في الحضارات المتقدمة جدّاً، وفي أبسط المجتمعات البدائية، واكتسبت الهدايا نوعاً من التقليد والعادات والأعراف بحيث غدت وكأنّها جزء حيوي من حياتنا الاجتماعية، بل إنّ من لا يتبادل الهدايا يدخل في باب الغربة والشذوذ كمن يعتكف وينعزل عن العالم، أو كمن يؤمن بمبدأ دخيل أو غريب أو منحرف.
إنّ الهدايا التي تبدو وكأنّها "موضة العصر" ما هي بالحقيقة إلّا عميقة الجذور وذات أسس وأصول أخلاقية ونفسية ودينية واقتصادية منذ آلاف السنين.
يقول شاعر اسكندنافي قديم:
الناس الكرماء والأبطال...
لهم الحياة الفضلى..
إنّهم لا يخافون أبداً..
لكن الجبان يخاف من كلّ شيء..
والبخيل يخاف الهدايا دائماً..!
وقد ندب الإسلام إلى الهدية، وحثّ عليها، واعتبرها عنصراً لتشييد المحبة والمودة بين القلوب، قال تعالى: (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا) (النساء/ 86)، فسرها بعضهم بالهدية، وروي عن الرسول (ص) قوله: "من سألكم بالله فأعطوه ومن استعاذكم فأعيذوه ومن أهدى إليكم كراعاً فاقبلوه" وكان (ص) يقبل الهدية، ويثيب عليها ما هو خير منها، وكان (ص) إذا أُتي بطعام سأل عنه: أهدية أم صدقة؟ فإن قيل صدقة، قال لأصحابه: كلوا، ولم يأكل، وإن قيل هدية ضرب بيده (ص) فأكل معهم، وكان (ص) يقبل الهدية ويثيب عليها.
رمز المحبة:
الهدية هي تعبير عن الحب والوفاء والإخلاص للصديق، كما أنّها المفتاح لفتح علاقات جديدة، وصداقات متينة، كما أنّها الحلّ الأمثل للقضاء على العداوات والأحقاد والضغائن.
والهدية لا تقّيم بقيمتها المادية، وإنّما بقيمتها المعنوية.. بما ترمز إليه من محبة، وصفاء وحسن سريرة.. بما تساهم فيه من ترطيب الأجواء.. بما تخلقه من علاقات...
فالهدية تعمّق المحبة والمودّة، وقد ورد عن الرسول (ص) قوله: "تهادوا تحابوا فإنّها تجلب المحبة وتذهب الشحناء" وروي عنه أيضاً قوله: "تهادوا فإنّه يضاعف الحب ويذهب بغوائل الصدور" وفي الأثر: الهدية تجلب المودّة إلى القلب والسمع والبصر، ومن الأمثال، إذا قدمت من سفر فأهد أهلك ولو حجراً!.
والهدية تقضي على العداوات، فإذا كان بينك وبين أحد من الناس أيّة ضغينة أو كراهية.. فما عليك إلا أن تقدم له هدية، فقد ورد عن الرسول (ص) قوله: "تهادوا فإنّ الهدية تذهب وحر الصدر" وقوله (ص): "تهادوا فإنّ الهدية تغسل السخائم".
والهدية تجدد العلاقة مع الأصدقاء.. فإذا كانت علاقاتك مع أحد أصدقائك يشوبها الفتور، فما عليك إلّا أن تقدم له هدية، وستعود بعدها العلاقات إلى مجاريها الطبيعية، يقول الرسول (ص): "الهدية تجدد الأخوة، وتذهب بالضغينة".
وقال الفضل بن سهل: "ما استرضي الغضبان، ولا استعطف السلطان، ولا سلبت السخائم، ولا دفعت المغارم، ولا استميل المحبوب، ولا توقي المحذور بمثل الهدية".
وقال شاعر:
إنّ الهديّةَ حُلْوة *** كالسِّحْر القلوبا
تُدني البغيضَ من الهوى *** حتى تُصَيّرهُ قريبا
ويُعِيدُ مُضْطَغِنَ العدا *** وة بعد نُفْرته حبيبا
وقد قدم أبو شجاع فاتك المعروف بالمجنون من القيوم إلى مصر، فوصل أبا الطيب المتنبي، وحمل إليه هدية قيمتها ألف دينار، فقال يمدحه في قصيدة طويلة.. نختار لك شطراً منها:
لا خيل عندك تُهْدِيها ولا مَالُ *** فَليُسْعدِ النُّطْقُ إن لم تُسْعِدِ الحالُ
واجْزِ الأمير الذي نُعْمَاهُ فاجِئَةٌ *** يغير قول ونَعْمَى الناسِ أقوالُ
فرُبَّما جَزَتِ الإحسانَ مُولِيَهُ *** خَريدَةٌ من عَذارَى الحَيّ مكسالُ
وإن تكُن مُحكَماتُ الشُّكلِ تَمنعُني *** ظُهُور جَرْي فلي فيهن تَصْهالُ
وما شكرتُ لأنّ المالَ فرّحَني *** سيّان عندي إكثَارٌ وإقْلالُ
لكن رأيتُ قبيحاً أن يُجادَ لنا *** وأننا بقضاءِ الحق بُخَّالُ
ويختم قصيدته قائلاً:
لولا المشقةُ سَادَ النّاسُ كُلُّهُمُ *** الجَودُ يُفْقِرُ والإقدامُ قَتّالُ
وإنّما يبلُغُ الإنسانُ طاقَتَهُ *** ما كُلُّ ماشية بالرّحْلِ شِمْلالُ
إنا لفي زمن تَرْكُ القبيحِ به *** من أكثر النّاسِ إحْسانٌ وإجْمالٌ
ذِكْرُ الفتى عُمرُهُ الثاني وحاجَتُهُ *** ما قَاتَهُ وفُضُولُ العيشِ أشغالُ
فإذا كنت تودّ أن تقيم علاقات مع أحد، أو تمتن علاقاتك مع أصدقائك القدامى، أو تقضي على الكراهية.. فما عليك إلا أن تقدم هدية له، فالهدية قادرة على صنع كلّ ذلك
إنّ الهدايا التي تبدو وكأنّها "موضة العصر" ما هي بالحقيقة إلّا عميقة الجذور وذات أسس وأصول أخلاقية ونفسية ودينية واقتصادية منذ آلاف السنين.
يقول شاعر اسكندنافي قديم:
الناس الكرماء والأبطال...
لهم الحياة الفضلى..
إنّهم لا يخافون أبداً..
لكن الجبان يخاف من كلّ شيء..
والبخيل يخاف الهدايا دائماً..!
وقد ندب الإسلام إلى الهدية، وحثّ عليها، واعتبرها عنصراً لتشييد المحبة والمودة بين القلوب، قال تعالى: (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا) (النساء/ 86)، فسرها بعضهم بالهدية، وروي عن الرسول (ص) قوله: "من سألكم بالله فأعطوه ومن استعاذكم فأعيذوه ومن أهدى إليكم كراعاً فاقبلوه" وكان (ص) يقبل الهدية، ويثيب عليها ما هو خير منها، وكان (ص) إذا أُتي بطعام سأل عنه: أهدية أم صدقة؟ فإن قيل صدقة، قال لأصحابه: كلوا، ولم يأكل، وإن قيل هدية ضرب بيده (ص) فأكل معهم، وكان (ص) يقبل الهدية ويثيب عليها.
رمز المحبة:
الهدية هي تعبير عن الحب والوفاء والإخلاص للصديق، كما أنّها المفتاح لفتح علاقات جديدة، وصداقات متينة، كما أنّها الحلّ الأمثل للقضاء على العداوات والأحقاد والضغائن.
والهدية لا تقّيم بقيمتها المادية، وإنّما بقيمتها المعنوية.. بما ترمز إليه من محبة، وصفاء وحسن سريرة.. بما تساهم فيه من ترطيب الأجواء.. بما تخلقه من علاقات...
فالهدية تعمّق المحبة والمودّة، وقد ورد عن الرسول (ص) قوله: "تهادوا تحابوا فإنّها تجلب المحبة وتذهب الشحناء" وروي عنه أيضاً قوله: "تهادوا فإنّه يضاعف الحب ويذهب بغوائل الصدور" وفي الأثر: الهدية تجلب المودّة إلى القلب والسمع والبصر، ومن الأمثال، إذا قدمت من سفر فأهد أهلك ولو حجراً!.
والهدية تقضي على العداوات، فإذا كان بينك وبين أحد من الناس أيّة ضغينة أو كراهية.. فما عليك إلا أن تقدم له هدية، فقد ورد عن الرسول (ص) قوله: "تهادوا فإنّ الهدية تذهب وحر الصدر" وقوله (ص): "تهادوا فإنّ الهدية تغسل السخائم".
والهدية تجدد العلاقة مع الأصدقاء.. فإذا كانت علاقاتك مع أحد أصدقائك يشوبها الفتور، فما عليك إلّا أن تقدم له هدية، وستعود بعدها العلاقات إلى مجاريها الطبيعية، يقول الرسول (ص): "الهدية تجدد الأخوة، وتذهب بالضغينة".
وقال الفضل بن سهل: "ما استرضي الغضبان، ولا استعطف السلطان، ولا سلبت السخائم، ولا دفعت المغارم، ولا استميل المحبوب، ولا توقي المحذور بمثل الهدية".
وقال شاعر:
إنّ الهديّةَ حُلْوة *** كالسِّحْر القلوبا
تُدني البغيضَ من الهوى *** حتى تُصَيّرهُ قريبا
ويُعِيدُ مُضْطَغِنَ العدا *** وة بعد نُفْرته حبيبا
وقد قدم أبو شجاع فاتك المعروف بالمجنون من القيوم إلى مصر، فوصل أبا الطيب المتنبي، وحمل إليه هدية قيمتها ألف دينار، فقال يمدحه في قصيدة طويلة.. نختار لك شطراً منها:
لا خيل عندك تُهْدِيها ولا مَالُ *** فَليُسْعدِ النُّطْقُ إن لم تُسْعِدِ الحالُ
واجْزِ الأمير الذي نُعْمَاهُ فاجِئَةٌ *** يغير قول ونَعْمَى الناسِ أقوالُ
فرُبَّما جَزَتِ الإحسانَ مُولِيَهُ *** خَريدَةٌ من عَذارَى الحَيّ مكسالُ
وإن تكُن مُحكَماتُ الشُّكلِ تَمنعُني *** ظُهُور جَرْي فلي فيهن تَصْهالُ
وما شكرتُ لأنّ المالَ فرّحَني *** سيّان عندي إكثَارٌ وإقْلالُ
لكن رأيتُ قبيحاً أن يُجادَ لنا *** وأننا بقضاءِ الحق بُخَّالُ
ويختم قصيدته قائلاً:
لولا المشقةُ سَادَ النّاسُ كُلُّهُمُ *** الجَودُ يُفْقِرُ والإقدامُ قَتّالُ
وإنّما يبلُغُ الإنسانُ طاقَتَهُ *** ما كُلُّ ماشية بالرّحْلِ شِمْلالُ
إنا لفي زمن تَرْكُ القبيحِ به *** من أكثر النّاسِ إحْسانٌ وإجْمالٌ
ذِكْرُ الفتى عُمرُهُ الثاني وحاجَتُهُ *** ما قَاتَهُ وفُضُولُ العيشِ أشغالُ
فإذا كنت تودّ أن تقيم علاقات مع أحد، أو تمتن علاقاتك مع أصدقائك القدامى، أو تقضي على الكراهية.. فما عليك إلا أن تقدم هدية له، فالهدية قادرة على صنع كلّ ذلك