بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
على الرغم من رحيلها وهي لم تزل في عمر الورد وعاشت سنينها القصار مع بزوغ فجر البعثة الخالدة إلا أن ذكراها قد خلدت مع خلود الإسلام والهدى ولم تزل دموعها تُكحل عيون الحق ولم يزل قلبها خفاقا بنبض السلام فلم تستطع رمال الغلظة أن تُخفت صوته ولا ايقاف نبضه الانساني , فلا غرابة في ذلك كله فالزهراء (عليها السلام) قد استنشقت نسائم وجودها من عطر التوحيد ورضعت لبن الأيمان من قداسة القران الذي نثر حروفه (صلى الله عليه واله) على أقاصي الوجود ليُختزل سبب الوجود به وبأهل بيته صلوات الله وسلامه عليهم ثم تكتمل روعة ارتباط الزهراء (سلام الله عليها) بابيها (رسول الله صلى الله عليه واله) بعمق الجذور الروحية والنسبية والعقائدية أن جعل كيانها يذوب في بوتقة النبوة وليتفرع من ذلك الكيان المقدس غصن الخلاص المورق بالعدل المطلق فتوالت أكف العصمة من أبنائها على حمل راية الهدى إلى أن تلقفتها اكف المهدي المنتظر الموعود عجل الله فرجه الشريف ليركزها في ارض الولاء لتنعم البشرية تحت ظلها وتبقى خفاقة الى يوم القيامة . رحلت الزهراء (عليها السلام) وبقيت المواساة في حزنها رداءا لشيعتها ومحبيها يتوقّون به مصائب دنياهم وأخراهم وبقيت سيرتها الوضاءة قناديل نيرة في عتمة الأيام التي سودتها رزايا الظلم , لم يستطع الزمن ان يحجب نورها اويبخس عطائها فهي التي بسطت كفيها لتتحمل الهموم والغموم في سبيل الله وصبرت محتسبة حين صُبّت عليها المصائب التي أحالت الأيام إلى ليالي . فكفاها فخراً ان تكنى بأم أبيها وكفاها عزاً أن قال أبيها رسول الله صلى الله عليه واله فاطمة بضعة مني وأنا منها فمن آذاها فقد آذاني .
الزهراء هي سيّدة نساء العالمين وهي الوعاء الطاهر والمنبت الطيّب لعترة رسول الله صلوات الله عليهم أجمعين، إن فاطمة (سلام الله عليها) هي مجْد الرسالة الإلهية، وتجسيدٌ لكل ما في القرآن الكريم من لطائف العبر، ودقائق الفكر، وعظمة الحق ، ورسالة الإسلام.
هي أعظم رسالة، فلابد أن يكون الأنموذج الذي تقدمه هذه الرسالة هو الأنموذج الأعظم، فكانت فاطمة الزهراء عليها السلام التي هي قدوة لكل إنسان؛ ذكرا كان أم أنثى. فهذه آيات بينات من القرآن الكريم وردت بحق سيّدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء عليها السلام:
1-قال تعالى: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيراً )).
2- قال تعالى: (( إِنَّا أَعطَينَاكَ الكَوثَرَ )),
3- قال تعالى: (( وَيُطعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً )).
وأما رسول الله(ص)، فقد تحدث عن الزهراء(ع) وفضلها كثيراً، ونعتها بما لم ينعت به واحدة من النساء، ورسول الله عندما يقيّم فهو لا يقيّم على أساس عاطفة أو هوى، حاشاه وقد قال صلى الله عليه واله في حق الزهراء عليها السلام :
1 ـ قال ( صلى الله عليه وآله) : "كُنْتُ إذا اشْتَقْتُ إِلى رائِحَةِ الجنَّةِ شَمَمْتُ رَقَبَةَ فاطِمَة".
2 ـ وقال ( صلى الله عليه وآله) : "ما رَضِيْتُ حَتّى رَضِيَتْ فاطِمَة".
3 ـ وعنه ( صلى الله عليه وآله) : اذا كانَ يَوْمُ القيامَةِ نادى مُنادٍ: يا أَهْلَ الجَمْعِ غُضُّوا أَبْصارَكُمْ حَتى تَمُرَّ فاطِمَة .
4 ـ وقال ( صلى الله عليه وآله) : "إنّ اللّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَطـــَمَ ابْنَتِي فاطِمَـــة وَوُلدَهـــا وَمَنْ أَحَبًّهُمْ مِنَ النّارِ فَلِذلِكَ سُمّيَتْ فاطِمَة" .
5 ـ وقال ( صلى الله عليه وآله) : فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي يَسُرُّنِي ما يَسُرُّها .
6 ـ و قال:" فاطِمَة بَضْعَةُ مِنّي فَمَنْ أَغْضَبَها أَغْضَبَنِي" .
7 ـ وقال أيضا ( صلى الله عليه وآله) : "فاطِمَة بَضْعَةٌ مِنّي وَهِيَ قَلْبِيْ وَهِيَ روُحِي التي بَيْنَ جَنْبِيّ ".
السَّلامُ عَلَيْكِ يامُمْتَحَنَةُ، إِمْتَحَنَكِ الَّذِي خَلَقَكِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَكِ، وَكُنْتِ لِما امْتَحَنَكِ بِهِ صابِرَةً، وَنَحْنُ لَكِ أَوْلِياء مُصَدِّقُونَ، وَلِكُّلِ ما أَتى بِهِ أَبُوكِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَأَتى بِهِ وَصِيُّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ مُسَلِّمُونَ، وَنَحْنُ نَسأَلُكَ اللّهُمَّ إِذْ كُنّا مُصَدِّقِينَ لَهُمْ، أَنْ تُلْحِقَنا بِتَصْدِيقِنا بِالدَّرَجَةِ العالِيَةِ، لِنُبَشِّرَ أَنْفُسَنا بِأَنّا قَدْ طَهُرْنا بِوَلايَتِهِمْ عَلَيْهِمُ السَّلام.
تعليق