بسم الله الرحمن الرحيم
معنى الاصطفاء:ماذا يعني الاصطفاء هذا المفهوم الذي تتحدث عنه آيات عديدة في القرآن الكريم؟ فهو ليس أمراً عادياً وإلا لما تكرر الحديث عنه في القرآن الكريم.
الاصطفاء مأخوذ من معنيين:
المعنى الأول: من الصفاء والصفو، ويعني الخلوص من الشوائب في مقابل الكدر، فيقال ماء صافٍ بمعنى خالص أو سماء صافية أي بدون غيوم.
هذا المعنى الأول من الصفاء والصفو يعني الخلوص في مقابل الكدر أو في مقابل التلوث.
المعنى الثاني: من الاصطفاء بمعنى الاختيار، مأخوذ من صفوة الشيء، يقال صَفوة صِفوة صُفوة بالحركات الثلاث، صفوة الشيء اختيار، وأخذ صفوة الشيء يقال له اصطفاء.
إذن فالاصطفاء من هذين المعنيين هو خلوص الشيء وصفاؤه، واختياره وتفضيله وتقديمه.
والقرآن الكريم حينما يتحدث عن الاصطفاء أيضاً يقصد هذين المعنيين ﴿الخلوص والصفاء والاختيار والتفضيل والتقديم﴾؛ فاصطفاء الله يعني أنه عزّ وجل يقدم ويفضل هؤلاء الأشخاص، ويصفيهم ويجعلهم خالصين من الشوائب والقذارات؛ ولذلك عندما تحدث القرآن الكريم عن السيدة مريم عليها السلام كرر لفظة الاصطفاء مرتين: ﴿إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ﴾ ولماذا هذا التكرار مع العلم أن القرآن كلام الله ليس فيه حرف زائد وكل كلمة أو حرف فيه له هدف وله حكمة ومعنى.
يقول العلماء في هذا التكرار أن اصطفاك الأولى بمعنى نزهك وصفاك من القاذورات والشوائب وهو من المعنى الأول ﴿الصفاء والصفو﴾، أما اصطفاك الثانية تعني فضّلك وقدّمك واختارك على نساء العالمين.
هذه الآيات تفيد أن هناك عناصر من البشر الله سبحانه وتعالى يصفي نفوسهم وسلوكهم وحياتهم من الشوائب والقاذورات، ويجعل نفوسهم صافية لا مكان فيها للتلوث، وأيضاً يقدمهم ويختارهم على بقية الناس، وهذا هو مفهوم الاصطفاء.
وهذا الاصطفاء والاختيار ليس عبطياً ولا جزافاً وانما لما قدمه هؤلاء الصفوة من عمل استحقوا به هذه النعمة دون غيرهم والى ما تقدم يشير الحديث الشريف الوارد في زيارة الزهراء ($): sيا ممتحنة امتحنك الله الذي خلقك قبل ان يخلقك فوجدك لما امتحنك صابرهr. فهذا هو قانون الاصطفاء.