علي الشاهر
*******************************
شاءَتْ لَنا الأقدارُ أنْ نتَفرّقا *** ويشيخُ عُمريَ حسرةً وتَحرُّقا
رُوحانِ منذُ البدءِ في جسَدٍ بدا *** شمْسينِ حالمتينِ حبّاً تَشرُقا
إحساسُنا الوردُ النبيُّ وإنّنا *** قدْ قابَ قوسينا الندى حتى رَقى
ولَنا الحكاياتُ اللذيذةُ طالَما *** ينسابُ ذِكْرانا حَديثاً شَيّقا
إنْ غبتُ بادرني حنينُكَ سائلاً *** أو قلتُ: عباسٌ وجدتُكَ مُطرِقا
أنا زينبٌ، ما ذاقَ طعمَ هزيمةٍ *** قمرُ العشيرةِ إذْ يخبّئَني رُقى!
ما انفكَّتِ الأحزانُ تعصرُنا مَعاً *** ويزيدُنا حُبُّ الحُسينِ تَعلُّقا
والآنَ عاجلَنا الفُراقُ وطبعُنا *** أنّى ابتعدْنا نَنزُفان تشوّقا
عتبٌ على طفِّ الخديعةِ إذْ غدتْ *** سَقَراً وكانتْ في رِحابِكَ رَونقا
عبّاسُ ما عوّدتني أن يصطلي *** قلبي وكُنتَ لكلِّ همٍّ مُعتِقا
هبْني لِسانَكَ حينَ ينطقُ (زينبَ *** الكُبرى) فأسعى أحتمي بكَ مَنطِقا
هبْني قميصاً من دُعائِكِ ليتني *** أبصرتُ فاطمةً وحيدرةَ النَقا
يا بدرُ ما اتسَقتْ ليالي فرحتي *** واليأسُ لِلقلبِ النبيِّ تسلّقا
ويصيحُ بي بومُ الشتاتِ تعجّلي *** سَفَراً قَصيّاً فالضياعُ لكِ سقى؟
ورأيتُ كفَّكَ.. كفّكَ اليُمنى هوتْ *** قبلَ الوداعِ، ولوّحَتْ روحُ التُقى
وكَأنّما تلكَ الخيامُ تَحرّقتْ ***عَطشاً إليكَ وكانَ جودُكَ مُغدِقا
فرحلتُ مَعذرةً بغيرِكَ كافلي *** لكنّما رأسُ الحسينِ مَعي بقى!
وعِيالُكَ المُتناثرونَ وحُلمُهمْ *** قمرٌ يُعانقُهمْ ويحْنو مُشفِقا
ومشيتُ يا عباسُ خلفَ جنازتي *** والحزنُ بعدَكَ فوقَ روحيَ أطبْقا
ويضجُّ في سَمعي نشيجُكَ يا أخي *** لا لنْ أعودَ ولنْ يكونَ لَنا لِقا
فأهيمُ في ظَلماءِ فقدكَ، والظما *** يُرثيكَ يا ماءً يُجيدُ تدفّقا
وأصيحُ واللوعاتُ تزْرعُ في دمي *** جرحاً خرافيّاً عليَّ تعمْلقا
يا كافلي، فيردُّ صوتي شهقةً *** كادتْ لَها الأرضونَ أنْ تَتفتّقا
وأفرُّ أسألهمْ كأنّيَ طفلةٌ *** عبّاسُ أينَ؟ ونهرُ دمعيَ رقْرقا
وكمْ ابتدعتُ دقيقةً لأراكَ فيـ *** ـها مُمسِكاً بيدي وظِلُّكَ مُورِقا
وأبوحُ للريحِ التياعيَ عَلّها *** آهاتُ قلبيَ تَرْتجيكَ فتُخلَقا
وتَجيءُ منتفضٌ ووجهُكَ غاضِبٌ *** فيهِمْ.. ومبتَسِمٌ إليَّ مؤنّقا
وتطوفني خجلٌ يبللُ وجنتي *** وتلفّني بحنينِ جودِكَ بيرقا
عُصفورةٌ روحي وأحلامي مدى *** فأذنْ لها بسماحةٍ لتُحلّقا
أنا بيتُ شعرٍ حائرٍ ما زانَهُ *** إلاكَ يا عذبَ القصيدِ وأصدَقا
أنا جذوةٌ مكنونةٌ لو جِستَها *** بحنانِكَ القدسيِّ حتّى أُتّقى
وجهي شحوبُ اليتمِ لمّا عِفتني *** وجراحُ مأساتي أبتْ أنْ تُرْتقا
قدْ مسّني ضرُّ الشآمِ فَلُمّني *** غَيماً ووسّدني سَماكَ لأبرُقا
قَسمٌ عليكَ بكلَّ ما عانيتُ أنْ *** تأتي ولو حُلماً شهيّاً أزرَقا
عُدْ حاملاً نخلَ العراقِ وَسائداً *** خَضراءَ وارحمْ قلبيَ المُتأرِقا
عُدْ أيّها العباسُ وأُجبرْ خاطري *** وعهدتني أأبى بأنْ نتفرّقا
*******************************
شاءَتْ لَنا الأقدارُ أنْ نتَفرّقا *** ويشيخُ عُمريَ حسرةً وتَحرُّقا
رُوحانِ منذُ البدءِ في جسَدٍ بدا *** شمْسينِ حالمتينِ حبّاً تَشرُقا
إحساسُنا الوردُ النبيُّ وإنّنا *** قدْ قابَ قوسينا الندى حتى رَقى
ولَنا الحكاياتُ اللذيذةُ طالَما *** ينسابُ ذِكْرانا حَديثاً شَيّقا
إنْ غبتُ بادرني حنينُكَ سائلاً *** أو قلتُ: عباسٌ وجدتُكَ مُطرِقا
أنا زينبٌ، ما ذاقَ طعمَ هزيمةٍ *** قمرُ العشيرةِ إذْ يخبّئَني رُقى!
ما انفكَّتِ الأحزانُ تعصرُنا مَعاً *** ويزيدُنا حُبُّ الحُسينِ تَعلُّقا
والآنَ عاجلَنا الفُراقُ وطبعُنا *** أنّى ابتعدْنا نَنزُفان تشوّقا
عتبٌ على طفِّ الخديعةِ إذْ غدتْ *** سَقَراً وكانتْ في رِحابِكَ رَونقا
عبّاسُ ما عوّدتني أن يصطلي *** قلبي وكُنتَ لكلِّ همٍّ مُعتِقا
هبْني لِسانَكَ حينَ ينطقُ (زينبَ *** الكُبرى) فأسعى أحتمي بكَ مَنطِقا
هبْني قميصاً من دُعائِكِ ليتني *** أبصرتُ فاطمةً وحيدرةَ النَقا
يا بدرُ ما اتسَقتْ ليالي فرحتي *** واليأسُ لِلقلبِ النبيِّ تسلّقا
ويصيحُ بي بومُ الشتاتِ تعجّلي *** سَفَراً قَصيّاً فالضياعُ لكِ سقى؟
ورأيتُ كفَّكَ.. كفّكَ اليُمنى هوتْ *** قبلَ الوداعِ، ولوّحَتْ روحُ التُقى
وكَأنّما تلكَ الخيامُ تَحرّقتْ ***عَطشاً إليكَ وكانَ جودُكَ مُغدِقا
فرحلتُ مَعذرةً بغيرِكَ كافلي *** لكنّما رأسُ الحسينِ مَعي بقى!
وعِيالُكَ المُتناثرونَ وحُلمُهمْ *** قمرٌ يُعانقُهمْ ويحْنو مُشفِقا
ومشيتُ يا عباسُ خلفَ جنازتي *** والحزنُ بعدَكَ فوقَ روحيَ أطبْقا
ويضجُّ في سَمعي نشيجُكَ يا أخي *** لا لنْ أعودَ ولنْ يكونَ لَنا لِقا
فأهيمُ في ظَلماءِ فقدكَ، والظما *** يُرثيكَ يا ماءً يُجيدُ تدفّقا
وأصيحُ واللوعاتُ تزْرعُ في دمي *** جرحاً خرافيّاً عليَّ تعمْلقا
يا كافلي، فيردُّ صوتي شهقةً *** كادتْ لَها الأرضونَ أنْ تَتفتّقا
وأفرُّ أسألهمْ كأنّيَ طفلةٌ *** عبّاسُ أينَ؟ ونهرُ دمعيَ رقْرقا
وكمْ ابتدعتُ دقيقةً لأراكَ فيـ *** ـها مُمسِكاً بيدي وظِلُّكَ مُورِقا
وأبوحُ للريحِ التياعيَ عَلّها *** آهاتُ قلبيَ تَرْتجيكَ فتُخلَقا
وتَجيءُ منتفضٌ ووجهُكَ غاضِبٌ *** فيهِمْ.. ومبتَسِمٌ إليَّ مؤنّقا
وتطوفني خجلٌ يبللُ وجنتي *** وتلفّني بحنينِ جودِكَ بيرقا
عُصفورةٌ روحي وأحلامي مدى *** فأذنْ لها بسماحةٍ لتُحلّقا
أنا بيتُ شعرٍ حائرٍ ما زانَهُ *** إلاكَ يا عذبَ القصيدِ وأصدَقا
أنا جذوةٌ مكنونةٌ لو جِستَها *** بحنانِكَ القدسيِّ حتّى أُتّقى
وجهي شحوبُ اليتمِ لمّا عِفتني *** وجراحُ مأساتي أبتْ أنْ تُرْتقا
قدْ مسّني ضرُّ الشآمِ فَلُمّني *** غَيماً ووسّدني سَماكَ لأبرُقا
قَسمٌ عليكَ بكلَّ ما عانيتُ أنْ *** تأتي ولو حُلماً شهيّاً أزرَقا
عُدْ حاملاً نخلَ العراقِ وَسائداً *** خَضراءَ وارحمْ قلبيَ المُتأرِقا
عُدْ أيّها العباسُ وأُجبرْ خاطري *** وعهدتني أأبى بأنْ نتفرّقا