بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين
لأم البنين قبر منفرد وموحش في البقيع، تأتي إليه الحمامات منفردة مثل غيمة راكضة، التراب الذي ركضت فوقه أم البنين وهي تستمع الى ناعي الحسين بذهول، نفسه الذي علّم الطيور أن تدور حول كعبتها مذهولة من وحشة المكان الذي يطوف حول أحجارها لتقول لها: يا أم البنين: لم يعد أبناؤك الأربعة. دخلت فاطمة بنت حزام إلى بيت علي (ع) على كفِّ رجاء أن لا يناديها باسمها، علي يتشهى أن يقول فاطمة، وكان يخاف أن يأتيه الصدى من قبرها الذي أخفته وصيتها، تقول له أم البنين: أخشى أن يتذكر الحسن والحسين أمهما فأكون السبب، المرأة التي تنازلت في المدينة عن اسمها تنازلت عن بنيها في كربلاء من أجل عيون الحسين، علي يقبّل العباس من كفّيه الصغيرتين ويبكي، ويقول انهما ستُقطعان في كربلاء، ومشهد للسجّاد وهو يركض إلى زيد يتعثر في مشيته صغيرا فيسقط على شفتيه ويخرج الدم منها فيركض إليه ويقول لصاحبه أبي حمزة الثمالي: إن هذا الطفل سيقتله الناس ثم يدفن في أصل نهر فينشبوه ويعلقوه على شجرة فينسج العنكبوت بيته على عورته حتى لا ينظر إليها الناس، واقول: ما أشد صبركما وأنتما تنظران إلى أكف الصغار ورقابهم وهي تؤذن بالوحشة التي تلفّ قبر أم البنين. لقلب أم البنين أربعة قبور من رمال، وأحد لأبي الفضل العباس وثلاثة لإخوته، وأمامهم قبر لقمر الزهراء يتقدمهم برأسه الذي حمله رمح أموي...كانت تنوح على أقمارها وعيناها ملتصقتان برملة كربلاء التي سكنت قلبها...كربلاء تؤذّن بالوحشة والغربة لسبعين ناموا على الرمل بلا رؤوس، بينما احتفى نهر العلقمي بجسدٍ مقطوع الكفين يسقط على وجهه وصدره كالقنفذ من السهام. لك كل هذا الحزن يا أم البنين، أيتها العباءة التي فرشت بيت علي بالمحبة، يا أم الكتاب العلوي، عطر الأمهات يفوح من بين أحجار قبرك الذي يقطر بالحياء، أيتها العلوية الطيبة التي تنازلت عن اسمها حتى لا تحزن الحسنين: لماذا أبقيتِ قبرك بعيداً عن قبورهم بمسافة إطلاقة سهم؟ لم أسمع بضرة عشقت ضرتها سواك، ولم تعثر عيوني على امرأة قدّمت بنيها فداء لأبناء ضرتها، أمن أجل هذا تمد فاطمة الزهراء يديها بكفّي ولدك العباس يوم القيامة وتقول: أي رب:ل ماذا قطعوا هذين الكفين؟ ولماذا أراقوا الماء من القربة؟ ولماذا نبت السهم بعيني العباس؟ ولماذا تناثرت الكفان ذات اليمين وذات الشمال؟ لعينيك كل هذا البهاء، ولقبرك كل هذه المواويل التي تنوح على مساء قبرك المفرد مثل دمعة عمياء في ليل الوحشة.
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين
لأم البنين قبر منفرد وموحش في البقيع، تأتي إليه الحمامات منفردة مثل غيمة راكضة، التراب الذي ركضت فوقه أم البنين وهي تستمع الى ناعي الحسين بذهول، نفسه الذي علّم الطيور أن تدور حول كعبتها مذهولة من وحشة المكان الذي يطوف حول أحجارها لتقول لها: يا أم البنين: لم يعد أبناؤك الأربعة. دخلت فاطمة بنت حزام إلى بيت علي (ع) على كفِّ رجاء أن لا يناديها باسمها، علي يتشهى أن يقول فاطمة، وكان يخاف أن يأتيه الصدى من قبرها الذي أخفته وصيتها، تقول له أم البنين: أخشى أن يتذكر الحسن والحسين أمهما فأكون السبب، المرأة التي تنازلت في المدينة عن اسمها تنازلت عن بنيها في كربلاء من أجل عيون الحسين، علي يقبّل العباس من كفّيه الصغيرتين ويبكي، ويقول انهما ستُقطعان في كربلاء، ومشهد للسجّاد وهو يركض إلى زيد يتعثر في مشيته صغيرا فيسقط على شفتيه ويخرج الدم منها فيركض إليه ويقول لصاحبه أبي حمزة الثمالي: إن هذا الطفل سيقتله الناس ثم يدفن في أصل نهر فينشبوه ويعلقوه على شجرة فينسج العنكبوت بيته على عورته حتى لا ينظر إليها الناس، واقول: ما أشد صبركما وأنتما تنظران إلى أكف الصغار ورقابهم وهي تؤذن بالوحشة التي تلفّ قبر أم البنين. لقلب أم البنين أربعة قبور من رمال، وأحد لأبي الفضل العباس وثلاثة لإخوته، وأمامهم قبر لقمر الزهراء يتقدمهم برأسه الذي حمله رمح أموي...كانت تنوح على أقمارها وعيناها ملتصقتان برملة كربلاء التي سكنت قلبها...كربلاء تؤذّن بالوحشة والغربة لسبعين ناموا على الرمل بلا رؤوس، بينما احتفى نهر العلقمي بجسدٍ مقطوع الكفين يسقط على وجهه وصدره كالقنفذ من السهام. لك كل هذا الحزن يا أم البنين، أيتها العباءة التي فرشت بيت علي بالمحبة، يا أم الكتاب العلوي، عطر الأمهات يفوح من بين أحجار قبرك الذي يقطر بالحياء، أيتها العلوية الطيبة التي تنازلت عن اسمها حتى لا تحزن الحسنين: لماذا أبقيتِ قبرك بعيداً عن قبورهم بمسافة إطلاقة سهم؟ لم أسمع بضرة عشقت ضرتها سواك، ولم تعثر عيوني على امرأة قدّمت بنيها فداء لأبناء ضرتها، أمن أجل هذا تمد فاطمة الزهراء يديها بكفّي ولدك العباس يوم القيامة وتقول: أي رب:ل ماذا قطعوا هذين الكفين؟ ولماذا أراقوا الماء من القربة؟ ولماذا نبت السهم بعيني العباس؟ ولماذا تناثرت الكفان ذات اليمين وذات الشمال؟ لعينيك كل هذا البهاء، ولقبرك كل هذه المواويل التي تنوح على مساء قبرك المفرد مثل دمعة عمياء في ليل الوحشة.
تعليق