بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
معرفة الأسباب تفيدنا في التوقّي منها لإزالة الجفاف وآثاره، ومن بين الأسباب:
1- تلوُّث القلب: فالقلب المُمتلئ بالحقد والكراهية والغش والنفاق ونيّة السُّوء، يكون مغلقاً على أسباب الهداية والموعظة والتفاعل الإيجابي مع ما حوله، الأمر الذي يؤدّي إلىالجفاف الروحي (كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (المطففين/ 14).
2- المعاصي: فمن آثارها إصابة الإنسان بنكسة روحية، بمعنى أنه يتخلّى فجأة أو تدريجياً عن حالة الإقبال على الله والعبادة والإنشداد للخير والعمل الصالح. فعن النبي الأكرم محمد (ص): "إذا أذنب العبد نكتت في قلبه نكتة سوداء، فإذا تاب صقل منها، فإن عادت زادت حتى تعظم في قلبه". وعن أمير المؤمنين علي (ع): "مَن أكل الحرام اسودَّ قلبُه، وضعفت نفسُه، وقلَّت عبادتُه". وعنه (ع): "ما جفَّت الدموع إلّا لقسوة القلوب، وما قست القلوب إلّا لكثرة الذنوب".
ومن التوفيقات الربّانية أن يحظى الإنسان بشرف اللقاء مع الله تعالى في جوف الليل: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (السجدة/ 16-17)؛ ولكن الإنسان يُحرم منها بمعصية. جاء رجل إلى أمير المؤمنين (ع)، فقال: إنِّي حُرمت قيام الليل. فأجابه أمير المؤمنين: "أنت رجل قد قيَّدَتك ذنوبُك".
3- الإسراف في الأكل والشرب وفي الملذّات: فقد ورد في الحديث النبوي: "لا تُميتوا قلوبكم بكثرة الطعام والشراب، فإنّ القلوب تموت كالزرع إذا كثر عليه الماء".
4- الغفلة عن ذكر الله باللسان والقلب وفي المواقع التي تعرض الملذّات نفسها في الحرام، ولربما يذكر الإنسان ربّه باللسان وينساه في القلب، ولربّما يذكره بلسانه؛ ولكن يكذب أو يغتاب أو يبهت أو يسعى بالنميمة، أو يؤذي الناس بلسانه وفعله.. ولربّما يذكر الله بلسانه؛ ولكن يعادي أولياء الله في الفعل والقول والموقف، ولا يغضب لله، ولا يحب في الله... إلخ، وفي ذلك يقول سبحانه: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) (طه/ 124).
ولعلاج الجفاف الروحي نحتاج إلى التخلص من أسباب الجفاف الروحي وممارسة الشحنالروحي المستمر من خلال الاهتمام بالفرائض والنوافل والدُّعاء وتلاوة القرآن وأمثالها، ثمّ الحفاظ على الوهج الروحي من خلال المراقبة وزيادة الجرعات من حين لآخر ومحاسبة النفس وتوجيهها