في رحاب تفسير آيات القرآن المجيد (137)
قال تعالى(لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ،اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) سورة البقرة من الاية 255 الى 257 .
نتعرض في هذه الاية الى مطالب
اولا : لا جبر ولا اكراه في الدخول للدين
الدين الالهي الحقيقي يمثل القيم والاخلاق والمبادئ الصحيحة والفكر والتعقل والانسجام مع الفطرة السليمة ، وان الله عندما يبعث الانبياء يبعثهم بالادلة الساطعة والواضحة والتي لا لبس فيها ولا شبهة ،وعلى الانسان العاقل ان يؤمن بذلك بدون تردد لان في الدين ما فيه سعادة الانسان في الدنيا والاخرة ،ولذلك نرى الانبياء على مختلف مراحل التأريخ انهم لم يكرهوا الناس على الدخول في الدين بل بينوا ووضحوا معالم الدين الى الناس حتى لا تبقى للناس حجة كما قال تعالى (رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعدَ الرُّسُلِ ) .
واما هذه الحروب التي خاضها بعض الانبياء عليهم السلام ومنهم النبي الاكرم صلى الله عليه واله واصحابه فهي كانت من اجل الدفاع عن النفس والقضاء على مظاهر الشرك والاصنام وكذلك لتخليص الناس من ظلم المتسلطين والطغاة والظالمين وهذه كلها كما نرى ليست من اجل الدعوة للدين .بل هي حروب وقائية ودفاعية من اجل الحفاظ على خط الدين الالهي في مقابل الاعداء والطامعين والذين يسعون للقضاء على الدين ،ولذلك قال تعالى بعد عدم الاكراه في الدين قوله تعالى(قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ) وهو دليل على ما قلنا .
ثانيا : الطاغوت يمثل الانحراف عن خط التوحيد
قد يتبادر الى الذهن ان كلمة الطاغوت تشير الى الحاكم الظالم والمستبد ، ولكن كلمة الطاغوت مفهوم عام يشمل كل وسيلة واداة تجعل الانسان ينحرف عن الدين وعن الصراط المستقيم ،ولا شك ان احد ادوات الانحراف الحاكم الظالم لانه يملك اكبر ادوات الفساد والانحراف عن الدين كما في فرعون وبني امية وبني العباس وغيرهم على مر التاريخ . وعلى العموم فان الكفر بالطاغوت بداية للدخول في خط التوحيد ،والايمان بالله يقتضي العمل بواقع الايمان بالله والكفر بكل ما هو باطل في الحياة سواء في الفكر ام السلوك فلا يمكن ان يجتمع الكفر بالطاغوت والايمان به في قلب الانسان او سلوكه ،ومن مصاديق التمسك بالله التمسك بالقران والتمسك باهل البيت عليهم السلام كما قال رسول اللَّه صلى الله عله واله ( اني تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي ، أحدهما أعظم من الآخر ، وهو كتاب اللَّه حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، لن يفترقا ، حتى يردا عليّ الحوض ).
ثالثا : ولاية الله للمؤمنين وولاية الطاغوت للكافرين
يمكن اعطاء تفسير ظاهري للاية المباركة وهي ان الاية تشير ان المؤمنين الذين امنوا بالله ودخلوا في دائرة الاسلام فقد خرجوا من دائرة الظلام الى دائرة النور وذلك ان رسالات الله التي جاء بها الانبياء عليهم السلام جاءت من اجل هداية الناس واخراجهم من الظلام الى النور كما قال تعالى (قَدْ جَآءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ قَدْ جَآءَكُمْ مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِى بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )[المائدة: 15 ـ 16]،
واذا اردنا ان نتوسع في الاية المباركة فان الاية تشير الى بعدٍ اخر وهو ان الله يتولى تدبير الانسان المؤمن القابل والمستعد للتنقل في مدارج الايمان والقرب الالهي ويخرجه من حيز الظلام وفساد النفس والجهل الى نور العلم والمعرفة والحقيقة والقرب الالهي فتكون هذه الاية (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ) نظير قوله تعالى (أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
واما الذين كفروا فلانهم متمسكون بواقعهم وفسادهم فهؤلاء وان كان النور بقربهم ولكنهم لا يستفيدون منه وبالتالي سوف يخرجون من النور الى الظلام ويكون الظلام واقعهم في الدنيا والاخرة لانهم اختاروا ذلك بارادتهم ولذلك قال تعالى (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) .
وعلى هذا فالانسان مختار بين الايمان بالله وعندها يتولى الله امره فيتدرج في مدارج الكمال والقرب الالهي ،وبين الايمان بالطاغوت وعندها يبقى في حيز البهيمية والظلام وفساد النفس والذي سوف يبقى معه الى يوم القيامة .
قال تعالى(لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ،اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) سورة البقرة من الاية 255 الى 257 .
نتعرض في هذه الاية الى مطالب
اولا : لا جبر ولا اكراه في الدخول للدين
الدين الالهي الحقيقي يمثل القيم والاخلاق والمبادئ الصحيحة والفكر والتعقل والانسجام مع الفطرة السليمة ، وان الله عندما يبعث الانبياء يبعثهم بالادلة الساطعة والواضحة والتي لا لبس فيها ولا شبهة ،وعلى الانسان العاقل ان يؤمن بذلك بدون تردد لان في الدين ما فيه سعادة الانسان في الدنيا والاخرة ،ولذلك نرى الانبياء على مختلف مراحل التأريخ انهم لم يكرهوا الناس على الدخول في الدين بل بينوا ووضحوا معالم الدين الى الناس حتى لا تبقى للناس حجة كما قال تعالى (رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعدَ الرُّسُلِ ) .
واما هذه الحروب التي خاضها بعض الانبياء عليهم السلام ومنهم النبي الاكرم صلى الله عليه واله واصحابه فهي كانت من اجل الدفاع عن النفس والقضاء على مظاهر الشرك والاصنام وكذلك لتخليص الناس من ظلم المتسلطين والطغاة والظالمين وهذه كلها كما نرى ليست من اجل الدعوة للدين .بل هي حروب وقائية ودفاعية من اجل الحفاظ على خط الدين الالهي في مقابل الاعداء والطامعين والذين يسعون للقضاء على الدين ،ولذلك قال تعالى بعد عدم الاكراه في الدين قوله تعالى(قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ) وهو دليل على ما قلنا .
ثانيا : الطاغوت يمثل الانحراف عن خط التوحيد
قد يتبادر الى الذهن ان كلمة الطاغوت تشير الى الحاكم الظالم والمستبد ، ولكن كلمة الطاغوت مفهوم عام يشمل كل وسيلة واداة تجعل الانسان ينحرف عن الدين وعن الصراط المستقيم ،ولا شك ان احد ادوات الانحراف الحاكم الظالم لانه يملك اكبر ادوات الفساد والانحراف عن الدين كما في فرعون وبني امية وبني العباس وغيرهم على مر التاريخ . وعلى العموم فان الكفر بالطاغوت بداية للدخول في خط التوحيد ،والايمان بالله يقتضي العمل بواقع الايمان بالله والكفر بكل ما هو باطل في الحياة سواء في الفكر ام السلوك فلا يمكن ان يجتمع الكفر بالطاغوت والايمان به في قلب الانسان او سلوكه ،ومن مصاديق التمسك بالله التمسك بالقران والتمسك باهل البيت عليهم السلام كما قال رسول اللَّه صلى الله عله واله ( اني تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي ، أحدهما أعظم من الآخر ، وهو كتاب اللَّه حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، لن يفترقا ، حتى يردا عليّ الحوض ).
ثالثا : ولاية الله للمؤمنين وولاية الطاغوت للكافرين
يمكن اعطاء تفسير ظاهري للاية المباركة وهي ان الاية تشير ان المؤمنين الذين امنوا بالله ودخلوا في دائرة الاسلام فقد خرجوا من دائرة الظلام الى دائرة النور وذلك ان رسالات الله التي جاء بها الانبياء عليهم السلام جاءت من اجل هداية الناس واخراجهم من الظلام الى النور كما قال تعالى (قَدْ جَآءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ قَدْ جَآءَكُمْ مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِى بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )[المائدة: 15 ـ 16]،
واذا اردنا ان نتوسع في الاية المباركة فان الاية تشير الى بعدٍ اخر وهو ان الله يتولى تدبير الانسان المؤمن القابل والمستعد للتنقل في مدارج الايمان والقرب الالهي ويخرجه من حيز الظلام وفساد النفس والجهل الى نور العلم والمعرفة والحقيقة والقرب الالهي فتكون هذه الاية (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ) نظير قوله تعالى (أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
واما الذين كفروا فلانهم متمسكون بواقعهم وفسادهم فهؤلاء وان كان النور بقربهم ولكنهم لا يستفيدون منه وبالتالي سوف يخرجون من النور الى الظلام ويكون الظلام واقعهم في الدنيا والاخرة لانهم اختاروا ذلك بارادتهم ولذلك قال تعالى (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) .
وعلى هذا فالانسان مختار بين الايمان بالله وعندها يتولى الله امره فيتدرج في مدارج الكمال والقرب الالهي ،وبين الايمان بالطاغوت وعندها يبقى في حيز البهيمية والظلام وفساد النفس والذي سوف يبقى معه الى يوم القيامة .