حكاية من جزيرة بعيدة
يُحكى أنّ عاصفةً قويةً ضَرَبت إحدى السفن المسافرة، وأثارَت عليها أمواجَ البحر، فتحطّمت بالقرب من إحدى الجُزر البعيدة؛ ولم يَنجُ من المسافرين سوى امرأةٍ مع طفلها الرضيع، فإنها تَشبَّثت بعمودٍ من أعمِدةِ السفينة المُحطَّمة، ودَفَعت بها الأمواجُ إلى تلك الجزيرةِ المُوحشةِ الخالية من السكّان.
وبينما كانت المرأةُ تبحثُ وسطَ الغابةِ عن مَأوى لتأوي إليه مع طفلها، لَدَغَتْها أفعى كبيرة، فتُوفّيت متأثرةً بالسم، وبَقي الطفلُ يصرخ ويبكي.
وصادَف أن مرّت غزالةٌ.. فأشفَقَت على الطفل، وحَمَلته إلى بيتها تُرضعه من حليبها، وهناك عاشَ الطفلُ وكَبرَ وأصبحَ شاباً قوياً، مَفتولَ العضلات، لا يَهابُ الأُسود، ولا يخاف النُّمور.
واغترَّ الشابُّ بقوّتِه إلى درجةٍ أصبحَ بعدَها يَعتدي على الحيوانات الوديعة والضعيفة، فكان يُطاردُ الحيوانات ويَنشرُ الخوفَ في رُبوع تلك الجزيرة.
وذاتَ يوم تسلّقَ جبلاً شاهِقاً ووقف على قمّتِه وهَتفَ بأعلى صوته:
ـ أنا الإنسان الجبّار.. أنا القوي.. أنا الذي أصرَعُ الأسَد وأقتل النمر.. أنا مَلِك الغابة وحاكمُ الجزيرة.. وسيّدُ الجميع!
وكانت الأصداء تُردّد صوتَ الشاب.. ولكنه سمع صوتاً غريباً يناديه:
ـ أيها الإنسان!
إلتفَتَ إلى جهة الصوت، فإذا الشمسُ هي التي تكلّمه. قالت الشمس:
ـ أيها المخلوقُ الضعيف..
فأجابَ الشاب: نعم!.. نعم!.. لا أستطيعُ النظر إليكِ لنوركِ الساطع.
وهنا تناولت الشمسُ غَيمةً صغيرة ناصعةَ البَياضِ وحجبت بها وجهها، وبدأت تكلّمه:
ـ أيها الإنسان.. انّك كائنٌ ضعيف.. فلماذا تَغترّ بقوّتك.. ولا تَشكرُ مَن مَنَحَك هذه القوة ؟.. أتدري.. لو أنني اقتَربتُ منك.. لأحرَقتُكَ بحرارتي المُلتهبة.. ولو ابتَعَدتُ عنك لَمِتَّ مِن شدّةِ البرد ؟!
وفي الأثناء، سَمع الشابُّ صوتاً يُناديه من أسفلِ الجبل:
ـ أيها الإنسان..
التفَتَ الشابُّ فإذا هو النهر. قال النهر:
ـ لماذا تَغترُّ بقوّتكَ أيها المخلوقُ الضعيف، ولا تَشكُر مَن مَنحَكَ نعمةَ الماء. هل تَستطيعُ أن تعيشَ دونَ ماء ؟ سوف تَموتُ مِن العطش والظمأ ؟
وهنا هَمسَ الهواءُ بأُذنه قائلاً:
ـ لا تَكُن مَغروراً بقوّتك.. لو لم أدخُل أنفَكَ لما استطعتَ أيها المخلوقُ الضعيفُ أن تعيشَ أكثرَ من لحظات.. فاشكُر مَن منَحك هذه النعمة.
لم يَكد ينتهي الهواءُ من كلامهِ حتّى ثارت ثائرةُ البحر، وتلاطَمت أمواجُه العالية، وهَتَفت الأمواجُ قائلة:
ـ لقد سمعتُ كلامَك أيها المخلوقُ المَغرور.. أنا الذي حَمَلتُكَ على ظهري وألقيتُ بك إلى الساحل.. وإلاّ لأصبحتَ طَعاماً للحِيتان.
أطرقَ الشابُّ برأسهِ مُفكّراً، ثمّ رفعَ رأسَهُ قائلاً:
ـ نَعم، إنني مخلوقٌ ضعيف حقاً.. ولكن لماذا تُعطونني كلّ هذه النعم ؟!
أجابت الشمسُ والأشجار، وأجابَ النهرُ والهواءُ والبحر..
أجابوا جميعُهم بصوتٍ واحد:
ـ إن الله الذي خَلَقنا هو الذي سَخَّرنا لخدمتِكَ أيها الإنسان، فعلَيك أن تَشكُرَ اللهَ على نِعمهِ وآلائه.
وهنا هوى الشابُّ ساجداً لله الذي مَنَحه النِّعم، ووهَبَ له كلَّ شيء وأفاضَ عليهِ البركات.
فخاطبه الجميع:
ـ لقد أحسَنتَ صُنعاً أيها الإنسان.
وبينما كانت المرأةُ تبحثُ وسطَ الغابةِ عن مَأوى لتأوي إليه مع طفلها، لَدَغَتْها أفعى كبيرة، فتُوفّيت متأثرةً بالسم، وبَقي الطفلُ يصرخ ويبكي.
وصادَف أن مرّت غزالةٌ.. فأشفَقَت على الطفل، وحَمَلته إلى بيتها تُرضعه من حليبها، وهناك عاشَ الطفلُ وكَبرَ وأصبحَ شاباً قوياً، مَفتولَ العضلات، لا يَهابُ الأُسود، ولا يخاف النُّمور.
واغترَّ الشابُّ بقوّتِه إلى درجةٍ أصبحَ بعدَها يَعتدي على الحيوانات الوديعة والضعيفة، فكان يُطاردُ الحيوانات ويَنشرُ الخوفَ في رُبوع تلك الجزيرة.
وذاتَ يوم تسلّقَ جبلاً شاهِقاً ووقف على قمّتِه وهَتفَ بأعلى صوته:
ـ أنا الإنسان الجبّار.. أنا القوي.. أنا الذي أصرَعُ الأسَد وأقتل النمر.. أنا مَلِك الغابة وحاكمُ الجزيرة.. وسيّدُ الجميع!
وكانت الأصداء تُردّد صوتَ الشاب.. ولكنه سمع صوتاً غريباً يناديه:
ـ أيها الإنسان!
إلتفَتَ إلى جهة الصوت، فإذا الشمسُ هي التي تكلّمه. قالت الشمس:
ـ أيها المخلوقُ الضعيف..
فأجابَ الشاب: نعم!.. نعم!.. لا أستطيعُ النظر إليكِ لنوركِ الساطع.
وهنا تناولت الشمسُ غَيمةً صغيرة ناصعةَ البَياضِ وحجبت بها وجهها، وبدأت تكلّمه:
ـ أيها الإنسان.. انّك كائنٌ ضعيف.. فلماذا تَغترّ بقوّتك.. ولا تَشكرُ مَن مَنَحَك هذه القوة ؟.. أتدري.. لو أنني اقتَربتُ منك.. لأحرَقتُكَ بحرارتي المُلتهبة.. ولو ابتَعَدتُ عنك لَمِتَّ مِن شدّةِ البرد ؟!
وفي الأثناء، سَمع الشابُّ صوتاً يُناديه من أسفلِ الجبل:
ـ أيها الإنسان..
التفَتَ الشابُّ فإذا هو النهر. قال النهر:
ـ لماذا تَغترُّ بقوّتكَ أيها المخلوقُ الضعيف، ولا تَشكُر مَن مَنحَكَ نعمةَ الماء. هل تَستطيعُ أن تعيشَ دونَ ماء ؟ سوف تَموتُ مِن العطش والظمأ ؟
وهنا هَمسَ الهواءُ بأُذنه قائلاً:
ـ لا تَكُن مَغروراً بقوّتك.. لو لم أدخُل أنفَكَ لما استطعتَ أيها المخلوقُ الضعيفُ أن تعيشَ أكثرَ من لحظات.. فاشكُر مَن منَحك هذه النعمة.
لم يَكد ينتهي الهواءُ من كلامهِ حتّى ثارت ثائرةُ البحر، وتلاطَمت أمواجُه العالية، وهَتَفت الأمواجُ قائلة:
ـ لقد سمعتُ كلامَك أيها المخلوقُ المَغرور.. أنا الذي حَمَلتُكَ على ظهري وألقيتُ بك إلى الساحل.. وإلاّ لأصبحتَ طَعاماً للحِيتان.
أطرقَ الشابُّ برأسهِ مُفكّراً، ثمّ رفعَ رأسَهُ قائلاً:
ـ نَعم، إنني مخلوقٌ ضعيف حقاً.. ولكن لماذا تُعطونني كلّ هذه النعم ؟!
أجابت الشمسُ والأشجار، وأجابَ النهرُ والهواءُ والبحر..
أجابوا جميعُهم بصوتٍ واحد:
ـ إن الله الذي خَلَقنا هو الذي سَخَّرنا لخدمتِكَ أيها الإنسان، فعلَيك أن تَشكُرَ اللهَ على نِعمهِ وآلائه.
وهنا هوى الشابُّ ساجداً لله الذي مَنَحه النِّعم، ووهَبَ له كلَّ شيء وأفاضَ عليهِ البركات.
فخاطبه الجميع:
ـ لقد أحسَنتَ صُنعاً أيها الإنسان.
تعليق