بسم الله الرحمن الرحيم
الرواية الأولى:
عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن عبدالله بن بحر، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عما يروون أن الله خلق آدم على صورته، فقال هي: صورة، محدثة، مخلوقة واصطفاها الله واختارها على سائر الصور المختلفة، فأضافها إلى نفسه، كما أضاف الكعبة إلى نفسه، والروح إلى نفسه، فقال: " بيتي "، " ونفخت فيه من روحي[1] ".
الرواية الثانية: وردت في كتابي (التوحيد) و(عيون أخبار الرضا) للشيخ الصدوق، وفيه عن الحسين بن خالد قال: قلت للرضا يابن رسول الله إنّ الناس يروون أنّ رسول الله (ص) قال: إنّ الله خلق آدم صورته!
فقال: قاتلهم الله لقد حذفوا أوّل الحديث، إنّ رسول الله (ص) مر برجلين يتساباّن، فسمع أحدهما يقول صاحبه: قبّح الله وجهك ووجه من يشبهك.
فقال (ص): يا عبد الله لا تقل هذا لأخيك فإنّ الله عزّ وجلّ خلق آدم صورته[2]
الرواية الثالثة :
عن أبي الورد بن ثمامة، عن علي عليه السلام، قال: سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم رجلا يقول لرجل: قبح الله وجهك ووجه من يشبهك، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: مه، لا تقل هذا، فإن الله خلق آدم على صورته
قال الصدوق معلّقاً على الحديث: (تركت المشبّهة من هذا الحديث أوّله، وقالوا: إنّ الله خلق آدم على صورته، فضلّوا في معناه وأضلّوا)[3] .
ما هو المراد من الصورة ؟
إنّ من الأصول المتسالمَ عليها لدينا أنّه لفهم المراد من الآية القرآنيّة أو النصّ النبوي ينبغي مراجعة كلمات اللّغويّين في هذا المجال، لتحديد الاستعمالات التي استعملت فيها المفردات الواردة في الآية أو النصّ.
وكلمة الصورة الواردة في الحديث المتقدّم، لابدّ لفهمها من الرجوع إلى كلمات اللغويّين ومعرفة ما يقولونه فيها.
الأوّل: تُطلق الصورة ويُراد بها شكل الشيء، وهيئة الشيء التي يتميّز بها عن غيره. فمثلاً الكرسي مصنوع من الخشب، وكذلك السرير، وكذلك المنضدة، فهذه الأمور المادّة فيها واحدة وهي الخشب، ولكن مع ذلك نسمّيها بتسميات مختلفة، والسبب في هذا الاختلاف في التسمية ليس هو من ناحية المادّة، بل من حيث الشكل والهيئة التي على أساسها قلنا هذا سرير، وهذا كرسي، ونحو ذلك من الأمور.
وهكذا لو نظرنا إلى الإنسان وإلى الغنم وإلى البقر وباقي الحيوانات، فمن حيث الحياة كلّها موجودات حيّة، ولكنهّا من حيث الشكل والصورة تختلف، فليس مرادنا من الصورة صفات الشيء، بل المراد من الصورة شكل الموجود واختلافه عن شكل الموجود الآخر.
الثاني: تُطلق الصورة ويراد منها صفة الشيء، فعندما نسأل عن صورة الشيء لا يكون المراد شكله، بل صفاته مثل كونه عالماً، قادراً، سميعاً، بصيراً ونحو ذلك.
والحاصل أنّ لمفردة الصورة استعمالين:
الأوّل: شكل الشيء.
الثاني: صفة الشيء.
لكن يبقى أمرٌ واحد وهو: أنّه عندما تُطلق الصورة ويُراد الشكل الظاهري، فإنّه حينئذٍ يُدرك بالعين المجرّدة والمحسوسة والباصرة. وعندما تُطلق ويُراد بها الصفة
المعنويّة فمعناه أنّ المعاني لا تدرك إلّا بالعقل وبالذهن، ولا تدرك بالعين الباصرة .
في ضوء هذين الاستعمالين لمفردة الصورة، من الطبيعي أن يتولّد لدينا اتّجاهات متعدّدة في فهم الحديث على أساس كلّ استعمال، وهذا ما نراه بوضوح في كلمات علماء المدرستين من أهل السنةّ والشيعة الإماميّة حيث اختلف الفهم للحديث من خلال المعنى المراد من استعمال مفردة الصورة.
وقد أنهى بعضهم هذه الاتجّاهات بعد حصرها أو إرجاعها إلى ثلاثة؛ أمّا الفائدة المترتّبة على ذكر هذه الاتجّاهات فهي أنّه إذا ثبت أنّ الله سبحانه وتعالى له صورة وشكل فيكون حينئذٍ قابلا للرؤية يوم القيامة، أو في عالم الدُّنيا، وذلك بالرؤية البصريّة، فكما يرى الإنسان الأشياء الموجودة أمام عينيه كالشمس والقمر وسائر الموجودات الجسمانيةّ، كذلك يرى الله سبحانه وتعالى بالعين المجرّدة، إمّا في هذه الدُّنيا أو في النوم أو يوم القيامة.
[1] الكافي ج1 ص134
[2] توحيد الصدوق: ص ١٥٢ ١٥٣ ، باب ١٢ ، ح ١١ ، وعيون أخبار الرضا (ع) ص ١١٠ ، باب: ١١ ، ح ١٢
[3] نفس المصدر.
الرواية الأولى:
عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن عبدالله بن بحر، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عما يروون أن الله خلق آدم على صورته، فقال هي: صورة، محدثة، مخلوقة واصطفاها الله واختارها على سائر الصور المختلفة، فأضافها إلى نفسه، كما أضاف الكعبة إلى نفسه، والروح إلى نفسه، فقال: " بيتي "، " ونفخت فيه من روحي[1] ".
الرواية الثانية: وردت في كتابي (التوحيد) و(عيون أخبار الرضا) للشيخ الصدوق، وفيه عن الحسين بن خالد قال: قلت للرضا يابن رسول الله إنّ الناس يروون أنّ رسول الله (ص) قال: إنّ الله خلق آدم صورته!
فقال: قاتلهم الله لقد حذفوا أوّل الحديث، إنّ رسول الله (ص) مر برجلين يتساباّن، فسمع أحدهما يقول صاحبه: قبّح الله وجهك ووجه من يشبهك.
فقال (ص): يا عبد الله لا تقل هذا لأخيك فإنّ الله عزّ وجلّ خلق آدم صورته[2]
الرواية الثالثة :
عن أبي الورد بن ثمامة، عن علي عليه السلام، قال: سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم رجلا يقول لرجل: قبح الله وجهك ووجه من يشبهك، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: مه، لا تقل هذا، فإن الله خلق آدم على صورته
قال الصدوق معلّقاً على الحديث: (تركت المشبّهة من هذا الحديث أوّله، وقالوا: إنّ الله خلق آدم على صورته، فضلّوا في معناه وأضلّوا)[3] .
ما هو المراد من الصورة ؟
إنّ من الأصول المتسالمَ عليها لدينا أنّه لفهم المراد من الآية القرآنيّة أو النصّ النبوي ينبغي مراجعة كلمات اللّغويّين في هذا المجال، لتحديد الاستعمالات التي استعملت فيها المفردات الواردة في الآية أو النصّ.
وكلمة الصورة الواردة في الحديث المتقدّم، لابدّ لفهمها من الرجوع إلى كلمات اللغويّين ومعرفة ما يقولونه فيها.
الأوّل: تُطلق الصورة ويُراد بها شكل الشيء، وهيئة الشيء التي يتميّز بها عن غيره. فمثلاً الكرسي مصنوع من الخشب، وكذلك السرير، وكذلك المنضدة، فهذه الأمور المادّة فيها واحدة وهي الخشب، ولكن مع ذلك نسمّيها بتسميات مختلفة، والسبب في هذا الاختلاف في التسمية ليس هو من ناحية المادّة، بل من حيث الشكل والهيئة التي على أساسها قلنا هذا سرير، وهذا كرسي، ونحو ذلك من الأمور.
وهكذا لو نظرنا إلى الإنسان وإلى الغنم وإلى البقر وباقي الحيوانات، فمن حيث الحياة كلّها موجودات حيّة، ولكنهّا من حيث الشكل والصورة تختلف، فليس مرادنا من الصورة صفات الشيء، بل المراد من الصورة شكل الموجود واختلافه عن شكل الموجود الآخر.
الثاني: تُطلق الصورة ويراد منها صفة الشيء، فعندما نسأل عن صورة الشيء لا يكون المراد شكله، بل صفاته مثل كونه عالماً، قادراً، سميعاً، بصيراً ونحو ذلك.
والحاصل أنّ لمفردة الصورة استعمالين:
الأوّل: شكل الشيء.
الثاني: صفة الشيء.
لكن يبقى أمرٌ واحد وهو: أنّه عندما تُطلق الصورة ويُراد الشكل الظاهري، فإنّه حينئذٍ يُدرك بالعين المجرّدة والمحسوسة والباصرة. وعندما تُطلق ويُراد بها الصفة
المعنويّة فمعناه أنّ المعاني لا تدرك إلّا بالعقل وبالذهن، ولا تدرك بالعين الباصرة .
في ضوء هذين الاستعمالين لمفردة الصورة، من الطبيعي أن يتولّد لدينا اتّجاهات متعدّدة في فهم الحديث على أساس كلّ استعمال، وهذا ما نراه بوضوح في كلمات علماء المدرستين من أهل السنةّ والشيعة الإماميّة حيث اختلف الفهم للحديث من خلال المعنى المراد من استعمال مفردة الصورة.
وقد أنهى بعضهم هذه الاتجّاهات بعد حصرها أو إرجاعها إلى ثلاثة؛ أمّا الفائدة المترتّبة على ذكر هذه الاتجّاهات فهي أنّه إذا ثبت أنّ الله سبحانه وتعالى له صورة وشكل فيكون حينئذٍ قابلا للرؤية يوم القيامة، أو في عالم الدُّنيا، وذلك بالرؤية البصريّة، فكما يرى الإنسان الأشياء الموجودة أمام عينيه كالشمس والقمر وسائر الموجودات الجسمانيةّ، كذلك يرى الله سبحانه وتعالى بالعين المجرّدة، إمّا في هذه الدُّنيا أو في النوم أو يوم القيامة.
[1] الكافي ج1 ص134
[2] توحيد الصدوق: ص ١٥٢ ١٥٣ ، باب ١٢ ، ح ١١ ، وعيون أخبار الرضا (ع) ص ١١٠ ، باب: ١١ ، ح ١٢
[3] نفس المصدر.
تعليق