بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
مارس الإمام الهادي (عليه السلام) مهامّه القيادية في حكم المعتصم سنة (220هـ) واستشهد في حكم المعتزّ سنة (254هـ) وخلال هذه السنوات الأربعة والثلاثين قد عاصر ستّة من ملوك بني العباس الذين لم يتمتّعوا بلذّة الحكم والخلافة كما تمتّع آباؤهم ؛ حيث تراوحت فترة خلافة كل منهم بين ستة أشهر وخمسة إلى ثمان سنوات سوى المتوكل الذي دام حكمه خمسة عشر عاماً .
وقد انتهج المتوكل سياسة العنف تجاه العلويين وشيعة أهل البيت (عليهم السلام) فضلاً عن أهل البيت (عليهم السلام) أنفسهم ، وتجلّى ذلك بوضوح في أمره بهدم قبر الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) وما حوله من الدور ، بل أمر بحرثه وبذره وسقي موضع القبر ومنع الناس من زيارته وتوعّد بالسجن على مَن زاره
وكان اغتيال الإمام الهادي (عليه السلام) في حكم المعتزّ في سنة (254 هـ)
الامام الهادي عليه السلام و تمهيد الشيعة للتعايش مع احتجاب الامام الحجة عليه السلام:
أنّ قضية الإمام المهدي (عليه السلام) في عصر الإمام الهادي (عليه السلام) تعدّ قضية أساسية للمسلمين بشكل عام ، ولأتباع أهل البيت (عليهم السلام) بشكل خاص ، والظروف التي كانت تحيط بالإمام الهادي (عليه السلام) كانت تزداد حراجة كلّما اقتربت أيّام ولادة الإمام المهدي (عليه السلام) وغيبته .
ولابد أن نبحث عن هذه القضية في محورين : الأول منهما خاص بالإمام المهدي(عليه السلام) ، والثاني منهما يرتبط بأتباعه وشيعته .
أمّا المحور الأول ، فالإمام الهادي (عليه السلام) مسؤول عن ترتيب التمهيدات اللازمة لولادة الإمام المهدي (عليه السلام) بحيث يطّلع الأعداء عليها وهم يراقبون بدقّة كل تصرّفات الإمام الهادي ونشاط ابنه الحسن العسكري (عليهما السلام) .
وتشير النصوص إلى كيفية تدخّل الإمام الهادي (عليه السلام) لاختيار زوجة صالحة للإمام الحسن العسكري (عليه السلام) بحيث تقوم بالدور المطلوب منها في إخفاء ولادة ابنها المنتظر.
وقد تظافرت نصوص الإمام الهادي (عليه السلام) على أنّ المهدي الذي ينتظر هو حفيده وولد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) وأنّه الذي يولد خفية ويقول الناس عنه إنّه لم يولد بعد ، وإنّه الذي لا يرى شخصه ولا يحل ذكره باسمه .
وهكذا ، وتضمّنت هذه النصوص جملة من التعليمات الكفيلة بتحقيق غطاء ينسجم مع مهمّة الاختفاء والغيبة من قِبل الإمام المهدي (عليه السلام) .
ومن أجل تحقيق عنصر الارتباط بالإمام في مرحلة الغيبة الأولى والتي تُعرف بالصغرى عمل الإمام على ربط شيعته ببعض وكلائه بشكل خاص وجعله حلقة الوصل بعد كسب ثقة شيعته بهذا الوكيل الذي تولّى مهمّة الوكالة للإمام الهادي والعسكري والمهدي (عليهم السلام) معاً ؛ وبذلك يكون قد مهّد لسفارة أوّل سفراء الإمام المهدي (عليه السلام) من دون حدوث مضاعفات خاصة ؛ لأنّ أتباع أهل البيت (عليهم السلام) قد اعتادوا على الارتباط بالإمام المعصوم من خلاله .
وإليك بعض نصوص الإمام الهادي (عليه السلام) حول قضيّة الإمام المهدي (عليه السلام) :
عن الصقر بن أبي دلف قال : سمعت علي بن محمد بن علي الرضا (عليهم السلام) يقول : الإمام بعدي الحسن ابني وبعد الحسن ابنه القائم الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً .
الكليني ، عن علي بن محمد ، عن بعض أصحابنا ، عن أيوب بن نوح ، عن أبي الحسن الثالث (عليه السلام) قال : إذا رفع علمكم من بين أظهركم فتوقّعوا الفرج من تحت أقدامكم .
روى علي بن إبراهيم عن أبيه ، عن علي بن صدقة ، عن علي بن عبد الغفار قال : لمّا مات أبو جعفر الثاني كتبت الشيعة إلى أبي الحسن صاحب العسكر يسألونه عن الآخر فكتب (عليه السلام) : الأمر بي ما دمت حيّاً فإذا نزلت بي مقادير الله تبارك وتعالى أتاكم الخلف منّي ، فأنّى لكم بالخلف بعد الخلف ؟!.
وأمّا المحور الثاني فهو الأعداد النفسي وتحقيق الاستعداد الواقعي لدور غيبة الإمام المهدي (عليه السلام) من قِبل شيعة الإمام (عليه السلام) .
وقد حقّق الإمام هذا الاستعداد وأخرجه من عالم القوّة إلى عالم الفعلية بما خطّطه لشيعته من تعويدهم على الاحتجاب عنهم ، والارتباط بهم من خلال وكلائه ونوّابه ، وتوعيتهم على الوضع المستقبلي ؛ لئلاّ يُفاجأوا بما سيطر عليهم من ظروف جديدة لم يألفوها من ذي قبل .
وكان للإمام الهادي (عليه السلام) أسلوب خاص لطرح إمامة ابنه الحسن العسكري (عليه السلام) بما يتناسب مع مهمّته المستقبلية في الحفاظ على حجّة الله ووليّه الذي سيولد في ظرف حرج جدّاً ؛ ليتسنّى لأتباعه الانقياد للإمام من بعده والتسليم له فيما سيخبر به من وقوع الولادة وتحقّق الغيبة وتحقّق الارتباط به عبر سفيره الذي تعرّفت عليه الشيعة ووثقت به .
ولهذا تفنّن الإمام الهادي (عليه السلام) في كيفية طرح إمامة الحسن (عليه السلام) وزمن طرح ذلك وكيفيّة الإشهاد عليه.
ومنه يبدو أنّ التعتيم الإعلامي حتى على إمامة الحسن العسكري (عليه السلام) كان مقصوداً للإمام الهادي (عليه السلام) ، فتارة ينفي إمامة غيره وأخرى يكنّيه وثالثة يصفه ببعض الصفات التي قد توهم إرادة غيره في بادئ النظر وترشد إليه في نهاية المطاف كما ورد عنه أنّ هذا الأمر في الكبير من ولدي .
حيث إنّ الكبير هو ( محمد ) المكنّى بأبي جعفر غير أنّه قد مات في حياة والده فلم يكن الكبير سوى الحسن (عليه السلام) .
الامام الهادي عليه السلام و التحصين العقائدي
تمثَّلَ التحصين العقائدي الذي مارسه الإمام (عليه السلام) في تبيان وشرح وتعميق المفاهيم العقائدية بشكل خاص والدينية بشكل عام .
كما تمثّل في دفع الشبهات والإثارات الفكرية التي كانت تتداولها المدارس الفكرية آنذاك .
والنصوص التي أُثرت عن الإمام (عليه السلام) حول الرؤية والجبر والاختيار والتفويض والرد على الشبهات المثارة حول آيات القرآن الكريم تفيد تصدّي الإمام(عليه السلام) لهذا التحصين العقائدي في الساحة الإسلامية العامة والخاصة معاً .
ولم يكتف الإمام (عليه السلام) بالردّ على الشبهات العامة بل تصدّى للردّ الخاص على ما كان يُثار من تساؤلات خاصة تعرض لأفراد من أتباعه أو ممّن كان يتوسّم فيهم الإمام (عليه السلام) الانقياد للحق كبعض الواقفة الذين اهتدوا بفضل توجيهات الإمام (عليه السلام) .
قال علي بن مهزيار : وردت العسكر وأنا شاكّ في الإمامة فرأيت السلطان قد خرج إلى الصيد في يوم الربيع إلاّ أنّه صائف والناس عليهم ثبات الصيف وعلى أبي الحسن لباد وعلى فرسه تجفاف لبود وقد عقد ذنب الفرس ، والناس يتعجّبون منه ويقولون ألا ترون هذا المدني ما قد فعل بنفسه ، فقلت في نفسي : لو كان هذا إماماً ، ما فعل هذا .
فلمّا خرج الناس إلى الصحراء لم يلبثوا أن ارتفعت سحابة عظيمة هطلت فلم يبق أحد إلاّ ابتلّ حتى غرق بالمطر وعاد (عليه السلام) وهو سالم من جميعه ، فقلت في نفسي : يوشك أن يكون هو الإمام ، ثم قلت : أُريد أن اسأله عن الجنب إذا غرق في الثوب فقلت في نفسي : إن كشف وجهه فهو الإمام .
فلمّا قرب منّي كشف وجهه ثم قال : إن كان عرق الجنب في الثوب وجنابته من حرام لا يجوز الصلاة فيه ، وإن كان جنابته من حلال فلا بأس .
فلم يبق في نفسي بعد ذلك شبهة.
و ايضا يعتبر موقف الإمام الهادي (عليه السلام) الصارم مع الغلاة خطوة من خطوات التحصين العقائدي للجماعة الصالحة وإبعادها من عوامل الانحراف والزيغ العقائدي الذي ينتهي إلى الكفر بالله تعالى أو الشرك به .
ويكمن نشاطه (عليه السلام) في فضح حقيقة هذا الخط المنحرف كما تجلّى في فضح عناصره .
وأمّا كيفية تعامل الجماعة الصالحة ، مع هؤلاء فقد بيّنه (عليه السلام) فيما يلي : فعن أحمد بن محمد بن عيسى قال : كتبت إلى الإمام الهادي (عليه السلام) في قوم يتكلّمون ويقرأون أحاديث ينسبونها إليك والى آبائك فيها ما تشمئز منها القلوب ، وأشياء من الفرائض والسنن والمعاصي تأوّلوها فإن رأيت أن تبيّن لنا وأن تمنّ على مواليك بما فيه سلامتهم ونجاتهم من هذه الأقاويل التي تصيّرهم إلى العطب والهلاك ؟ والذين ادّعوا هذه الأشياء ، ادعّوا أنّهم أولياء ، ودعوا إلى طاعتهم منهم : علي بن حسكة ، والقاسم اليقطيني ، فما تقول في القبول منهم جميعاً ؟ فكتب الإمام الهادي (عليه السلام) : ( ليس هذا ديننا فاعتزله
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
مارس الإمام الهادي (عليه السلام) مهامّه القيادية في حكم المعتصم سنة (220هـ) واستشهد في حكم المعتزّ سنة (254هـ) وخلال هذه السنوات الأربعة والثلاثين قد عاصر ستّة من ملوك بني العباس الذين لم يتمتّعوا بلذّة الحكم والخلافة كما تمتّع آباؤهم ؛ حيث تراوحت فترة خلافة كل منهم بين ستة أشهر وخمسة إلى ثمان سنوات سوى المتوكل الذي دام حكمه خمسة عشر عاماً .
وقد انتهج المتوكل سياسة العنف تجاه العلويين وشيعة أهل البيت (عليهم السلام) فضلاً عن أهل البيت (عليهم السلام) أنفسهم ، وتجلّى ذلك بوضوح في أمره بهدم قبر الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) وما حوله من الدور ، بل أمر بحرثه وبذره وسقي موضع القبر ومنع الناس من زيارته وتوعّد بالسجن على مَن زاره
وكان اغتيال الإمام الهادي (عليه السلام) في حكم المعتزّ في سنة (254 هـ)
الامام الهادي عليه السلام و تمهيد الشيعة للتعايش مع احتجاب الامام الحجة عليه السلام:
أنّ قضية الإمام المهدي (عليه السلام) في عصر الإمام الهادي (عليه السلام) تعدّ قضية أساسية للمسلمين بشكل عام ، ولأتباع أهل البيت (عليهم السلام) بشكل خاص ، والظروف التي كانت تحيط بالإمام الهادي (عليه السلام) كانت تزداد حراجة كلّما اقتربت أيّام ولادة الإمام المهدي (عليه السلام) وغيبته .
ولابد أن نبحث عن هذه القضية في محورين : الأول منهما خاص بالإمام المهدي(عليه السلام) ، والثاني منهما يرتبط بأتباعه وشيعته .
أمّا المحور الأول ، فالإمام الهادي (عليه السلام) مسؤول عن ترتيب التمهيدات اللازمة لولادة الإمام المهدي (عليه السلام) بحيث يطّلع الأعداء عليها وهم يراقبون بدقّة كل تصرّفات الإمام الهادي ونشاط ابنه الحسن العسكري (عليهما السلام) .
وتشير النصوص إلى كيفية تدخّل الإمام الهادي (عليه السلام) لاختيار زوجة صالحة للإمام الحسن العسكري (عليه السلام) بحيث تقوم بالدور المطلوب منها في إخفاء ولادة ابنها المنتظر.
وقد تظافرت نصوص الإمام الهادي (عليه السلام) على أنّ المهدي الذي ينتظر هو حفيده وولد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) وأنّه الذي يولد خفية ويقول الناس عنه إنّه لم يولد بعد ، وإنّه الذي لا يرى شخصه ولا يحل ذكره باسمه .
وهكذا ، وتضمّنت هذه النصوص جملة من التعليمات الكفيلة بتحقيق غطاء ينسجم مع مهمّة الاختفاء والغيبة من قِبل الإمام المهدي (عليه السلام) .
ومن أجل تحقيق عنصر الارتباط بالإمام في مرحلة الغيبة الأولى والتي تُعرف بالصغرى عمل الإمام على ربط شيعته ببعض وكلائه بشكل خاص وجعله حلقة الوصل بعد كسب ثقة شيعته بهذا الوكيل الذي تولّى مهمّة الوكالة للإمام الهادي والعسكري والمهدي (عليهم السلام) معاً ؛ وبذلك يكون قد مهّد لسفارة أوّل سفراء الإمام المهدي (عليه السلام) من دون حدوث مضاعفات خاصة ؛ لأنّ أتباع أهل البيت (عليهم السلام) قد اعتادوا على الارتباط بالإمام المعصوم من خلاله .
وإليك بعض نصوص الإمام الهادي (عليه السلام) حول قضيّة الإمام المهدي (عليه السلام) :
عن الصقر بن أبي دلف قال : سمعت علي بن محمد بن علي الرضا (عليهم السلام) يقول : الإمام بعدي الحسن ابني وبعد الحسن ابنه القائم الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً .
الكليني ، عن علي بن محمد ، عن بعض أصحابنا ، عن أيوب بن نوح ، عن أبي الحسن الثالث (عليه السلام) قال : إذا رفع علمكم من بين أظهركم فتوقّعوا الفرج من تحت أقدامكم .
روى علي بن إبراهيم عن أبيه ، عن علي بن صدقة ، عن علي بن عبد الغفار قال : لمّا مات أبو جعفر الثاني كتبت الشيعة إلى أبي الحسن صاحب العسكر يسألونه عن الآخر فكتب (عليه السلام) : الأمر بي ما دمت حيّاً فإذا نزلت بي مقادير الله تبارك وتعالى أتاكم الخلف منّي ، فأنّى لكم بالخلف بعد الخلف ؟!.
وأمّا المحور الثاني فهو الأعداد النفسي وتحقيق الاستعداد الواقعي لدور غيبة الإمام المهدي (عليه السلام) من قِبل شيعة الإمام (عليه السلام) .
وقد حقّق الإمام هذا الاستعداد وأخرجه من عالم القوّة إلى عالم الفعلية بما خطّطه لشيعته من تعويدهم على الاحتجاب عنهم ، والارتباط بهم من خلال وكلائه ونوّابه ، وتوعيتهم على الوضع المستقبلي ؛ لئلاّ يُفاجأوا بما سيطر عليهم من ظروف جديدة لم يألفوها من ذي قبل .
وكان للإمام الهادي (عليه السلام) أسلوب خاص لطرح إمامة ابنه الحسن العسكري (عليه السلام) بما يتناسب مع مهمّته المستقبلية في الحفاظ على حجّة الله ووليّه الذي سيولد في ظرف حرج جدّاً ؛ ليتسنّى لأتباعه الانقياد للإمام من بعده والتسليم له فيما سيخبر به من وقوع الولادة وتحقّق الغيبة وتحقّق الارتباط به عبر سفيره الذي تعرّفت عليه الشيعة ووثقت به .
ولهذا تفنّن الإمام الهادي (عليه السلام) في كيفية طرح إمامة الحسن (عليه السلام) وزمن طرح ذلك وكيفيّة الإشهاد عليه.
ومنه يبدو أنّ التعتيم الإعلامي حتى على إمامة الحسن العسكري (عليه السلام) كان مقصوداً للإمام الهادي (عليه السلام) ، فتارة ينفي إمامة غيره وأخرى يكنّيه وثالثة يصفه ببعض الصفات التي قد توهم إرادة غيره في بادئ النظر وترشد إليه في نهاية المطاف كما ورد عنه أنّ هذا الأمر في الكبير من ولدي .
حيث إنّ الكبير هو ( محمد ) المكنّى بأبي جعفر غير أنّه قد مات في حياة والده فلم يكن الكبير سوى الحسن (عليه السلام) .
الامام الهادي عليه السلام و التحصين العقائدي
تمثَّلَ التحصين العقائدي الذي مارسه الإمام (عليه السلام) في تبيان وشرح وتعميق المفاهيم العقائدية بشكل خاص والدينية بشكل عام .
كما تمثّل في دفع الشبهات والإثارات الفكرية التي كانت تتداولها المدارس الفكرية آنذاك .
والنصوص التي أُثرت عن الإمام (عليه السلام) حول الرؤية والجبر والاختيار والتفويض والرد على الشبهات المثارة حول آيات القرآن الكريم تفيد تصدّي الإمام(عليه السلام) لهذا التحصين العقائدي في الساحة الإسلامية العامة والخاصة معاً .
ولم يكتف الإمام (عليه السلام) بالردّ على الشبهات العامة بل تصدّى للردّ الخاص على ما كان يُثار من تساؤلات خاصة تعرض لأفراد من أتباعه أو ممّن كان يتوسّم فيهم الإمام (عليه السلام) الانقياد للحق كبعض الواقفة الذين اهتدوا بفضل توجيهات الإمام (عليه السلام) .
قال علي بن مهزيار : وردت العسكر وأنا شاكّ في الإمامة فرأيت السلطان قد خرج إلى الصيد في يوم الربيع إلاّ أنّه صائف والناس عليهم ثبات الصيف وعلى أبي الحسن لباد وعلى فرسه تجفاف لبود وقد عقد ذنب الفرس ، والناس يتعجّبون منه ويقولون ألا ترون هذا المدني ما قد فعل بنفسه ، فقلت في نفسي : لو كان هذا إماماً ، ما فعل هذا .
فلمّا خرج الناس إلى الصحراء لم يلبثوا أن ارتفعت سحابة عظيمة هطلت فلم يبق أحد إلاّ ابتلّ حتى غرق بالمطر وعاد (عليه السلام) وهو سالم من جميعه ، فقلت في نفسي : يوشك أن يكون هو الإمام ، ثم قلت : أُريد أن اسأله عن الجنب إذا غرق في الثوب فقلت في نفسي : إن كشف وجهه فهو الإمام .
فلمّا قرب منّي كشف وجهه ثم قال : إن كان عرق الجنب في الثوب وجنابته من حرام لا يجوز الصلاة فيه ، وإن كان جنابته من حلال فلا بأس .
فلم يبق في نفسي بعد ذلك شبهة.
و ايضا يعتبر موقف الإمام الهادي (عليه السلام) الصارم مع الغلاة خطوة من خطوات التحصين العقائدي للجماعة الصالحة وإبعادها من عوامل الانحراف والزيغ العقائدي الذي ينتهي إلى الكفر بالله تعالى أو الشرك به .
ويكمن نشاطه (عليه السلام) في فضح حقيقة هذا الخط المنحرف كما تجلّى في فضح عناصره .
وأمّا كيفية تعامل الجماعة الصالحة ، مع هؤلاء فقد بيّنه (عليه السلام) فيما يلي : فعن أحمد بن محمد بن عيسى قال : كتبت إلى الإمام الهادي (عليه السلام) في قوم يتكلّمون ويقرأون أحاديث ينسبونها إليك والى آبائك فيها ما تشمئز منها القلوب ، وأشياء من الفرائض والسنن والمعاصي تأوّلوها فإن رأيت أن تبيّن لنا وأن تمنّ على مواليك بما فيه سلامتهم ونجاتهم من هذه الأقاويل التي تصيّرهم إلى العطب والهلاك ؟ والذين ادّعوا هذه الأشياء ، ادعّوا أنّهم أولياء ، ودعوا إلى طاعتهم منهم : علي بن حسكة ، والقاسم اليقطيني ، فما تقول في القبول منهم جميعاً ؟ فكتب الإمام الهادي (عليه السلام) : ( ليس هذا ديننا فاعتزله