بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
أسمه الشريف
علي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي السجاد بن الحسين السبط بن علي بن ابي طالب صلوات الله تعالى عليهم اجمعين
ألقابه:
الهادي ـ الناصح ـ التقي ـ الخالص ـ العسكري ـ الطيب.
كنيته:
أبو الحسن.
ولادته:
قيل أنه ولد في رجب سنة 214 للهجرة أو 212 للهجرة في منطقة بصريا وهي قرية أسسها الإمام الكاظم تابعة للمدينة المنورة.
زوجته:
كان عليه السلام قد تزوج من امرأة واحدة لا غير وهي أم الإمام الحسن العسكري عليه السلام.
الهيبة و الوقار في شخصية الإمام عليه السلام:
إن من جملة صفات المعصوم الوقار و الهيبة التي تعكس عظمته وشموخه والفيوضات الروحية التي تصدر منه فتحير كل من ينظر إليه، لأنها آثار الأنبياء والأوصياء والعظماء حيث أن النور والبهاء والجمال المعنوي وحسن الكلام وفصل الخطاب وعذوبة اللسان وفصاحة المنطق ورصيد الكمال المختزل فيه تجعل الآخرين يقفون بكل أحترام له وهو الإمام المعصوم.
يقول محمد بن الحسن الأشتر العلوي:
كنت مع أبي على باب المتوكل العباسي في جمع من الناس، وبينما نحن كذلك إذ جاء أبو الحسن الهادي عليه السلام فوقف له الناس كلهم إجلالا وإكبارا حتى دخل القصر، فقال بعض الناس ممن يبغض الإمام ويحسده: لمَ نترجل، لهذا الغلام؟ ما هو بأشرفنا ولا بأكبرنا سناً والله لا نترجل له إذا خرج فقال له أبو هاشم وهو من أصحاب الإمام الهادي عليه السلام: والله لتترجلن له صغارا وذلة وعندما خرج الإمام علت الأصوات بالتكبير والتهليل وقام الناس كلهم تعظيما للإمام.
فقال أبو هاشم للقوم: أليس زعمتم أنكم لا تترجلون له؟
فقالوا: والله ما ملكنا أنفسنا حتى ترجلنا.
التهجير من المدينة المنورة الى سامراء:
ان الإمام علي النقي عليه السلام ولد ونشأ في المدينة ولما استشهد أبوه كان عمره الشريف ثماني سنين، فانتقلت الإمامة إليه، فكان في المدينة إلى أيام جعفر المتوكل، فدعاه إلى سر من رأى وذلك ان بريحة العباسي كتب إلى المتوكل: «ان كان لك في الحرمين حاجة فأخرج علي بن محمد منها فانه قد دعا الناس إلى نفسه واتبعه خلق كثير».
ثم كتب إليه بهذا المعنى جمع آخر، وكان عبد الله بن محمد ـ والي المدينة ـ يؤذي الإمام كثيراً، وكتب كتباً إلى المتوكل سعى فيها بالإمام علي النقي عليه السلام حتى غضب المتوكل، فلما أحس الإمام بفعل الوالي وسعايته به كتب كتاباً إلى المتوكل يذكر تحامل عبد الله بن محمد عليه وكذبه فيما سعى به.
فأجاب المتوكل لمصلحة في نفسه على كتاب الإمام عليه السلام بدقة ولطف وزاد في إكرام الإمام وعظَّمه فيه، وكتب فيما كتب: «.... فقد رأى أمير المؤمنين صرف عبد الله بن محمد عما كان يتولى ... إذ كان على ما ذكرت من جهالته بحقك واستخفافه بقدرك... وقد ولى أمير المؤمنين ما كان يلي من ذلك محمد بن الفضل، وأمره بإكرامك وتبجيلك والانتهاء إلى أمرك ورأيك... .
فإن نشطت لزيارته والمقام قبله ما أحببت، شخصت ومن اخترت من أهل بيتك ومواليك وحشمك على مهله وطمأنينة، وترحل إذا شئت وتنزل إذا شئت، فإن أحببت أن يكون يحيى بين هرثمة مولى أمير المؤمنين ومن معه من الجند يرحلون برحيلك، يسيرون بمسيرك، فالأمر في ذلك إليك وقد تقدمنا إليه بطاعتك.
فاستخر الله حتى توافي أمير المؤمنين فما أحد من أخوته وولده وأهل بيته وخاصته ألطف منه منزلة ولا أحمد له أثرة ولا هو لهم أنظر وعليهم أشفق، وبهم أبر، وأليهم أسكن منه إليك وكتب إبراهيم بن العباس في جمادى الأخرة سنة ثلاث وأربعين ومائتين».
معاناته من جور الظالمين:
وأما ما لقي عليه السلام من الأذى والجور والظلم من قبل الأعداء فهو كثير ونكتفي هنا بذكر بعضه.
روى المسعودي عن يحيى بن هرثمة انه قال: وجهني المتوكل إلى المدينة لأشخاص علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر لشيء بلغه عنه، فلما صرت إليها ضج أهلها وعجوا ضجيجاً وعجيجاً ما سمعت مثله، فجعلت اسكنهم وأحلف لهم اني لم أومر فيه بمكروه.
وفتشت بيته، فلم أجد فيه الا مصحفاً ودعاء وما أشبه ذلك (وفي تذكرة السبط: لم أجد فيه الا مصاحف وأدعية وكتب العلم فعظم في عيني)، فأشخصته وتوليت خدمته وأحسنت عشرته ـ فبينا أنا نائم يوماً من الأيام والسماء صاحية والشمس طالعة إذ ركب وعليه ممطر وقد عقد ذنب دابته، فعجبت من فعله فلم يكن بعد ذلك الا هنيئة حتى جاءت سحابة فأرخت عزاليها ونالنا من المطر أمر عظيم جداً، فالتفت إلي وقال:
«أنا أعلم انك أنكرت ما رأيت وتوهمت إني علمت من الأمر مالا تعلمه وليس ذلك كما ظننت ولكن نشأت بالبادية، فأنا أعرف الرياح التي يكون في عقبها المطر، فلما أصبحت هبت ريح لا تخلف وشممت منه رائحة المطر، فتأهبت لذلك».
فلما قدمت إلى مدينة السلام بدأت بإسحاق بن إبراهيم الطاهري ـ وكان على بغداد ـ فقال لي: يا يحيى ان هذا الرجل قد ولده رسول الله صلى الله عليه وآله، والمتوكل من تعلم، وان حرضته على قتله كان رسول الله صلى الله عليه وآله خصمك، فقلت: والله ما وقفت لهالا على كل أمر جميل.
فصرت إلى سامراء، فبدأت بوصيف التركي، وكنت من أصحابه، فقال: والله لئن سقطت من رأس هذا الرجل شعرة لا يكون المطالب بها غيري، فعجبت من قوله وعرفت المتوكل ما وقفت عليه، وما سمعته من الثناء عليه، فأحسن جائزته وأظهر بره وتكرمته.
من معاجز الإمام الهادي عليه السلام:
روي أنه جاء إلى المتوكل أحد المشعوذين أصحاب السحر من بلاد الهند فقال له المتوكل: إن أخجلت علي بن محمد الهادي أعطيتك ألف دينار.
فقال الرجل المشعوذ: أجعل على مائدة الطعام خبزاً خفيفاً رقيقاً وأدعو علي الهادي عليها.
ففعل المتوكل وحضر الإمام الهادي، وعندما مد الإمام يده إلى الخبز طار الخبز من بين يديه في الهواء بتأثير من ذلك الهندي المشعوذ، ثم مد يده الإمام إلى أخرى فطارت هي الأخرى، فتضاحك المتوكل وبعض الناس.
عندها غضب الإمام عليه السلام وكانت إلى يساره صورة أسد فضرب بيده على تلك الصورة فبرز الأسد منها، فقال له الإمام: (خذه) وأشار إلى الهندي.
فوثب الأسد على الرجل فابتلعه ثم عاد مرة أخرى إلى الصورة الأولى فتعجب الجميع وداخلهم الرعب والخوف فنهض الإمام وخرج.
استشهاد الإمام عليه السلام:
روى العلامة المجلسي رحمه الله في جلاء العيون، وغيره في غيره: أن الإمام علي الهادي عليه السلام توفي مسموماً شهيداً وله من العمر أربعون سنة، وقيل إحدى وأربعون سنة.
فإنه عليه السلام تصدى للإمامة الكبرى والخلافة العظمى بعد أبيه الإمام الجواد عليه السلام، وكان له من العمر ست سنوات وخمسة أشهر، وكانت مدة إمامته ثلاث وثلاثين سنة وعدة اشهر.
عاش الإمام الهادي عليه السلام في مدينة جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قرابة عشرين سنة، وبعد ذلك طلبه المتوكل العباسي إلى سامراء فكان فيها عشرين سنة إلى أن توفي مسموماً شهيداً، ودُفن في داره حيث مدفنه الشريف الآن بعد ما قضى فترة من عمره الشريف في السجون وفي خان الصعاليك.
ثم إن قاتل الإمام الهادي عليه السلام هو المعتمد العباسي، كما ذكره ابن بابويه وغيره، ورأى البعض أن قاتله المعتز العباسي.
وكان استشهاد الإمام الهادي عليه السلام بسامراء في جمادى الآخرة لخمس ليال بقين منه، وقيل: في الثالث من رجب، وقيل: يوم الاثنين لثلاث ليال بقين من جمادى الآخرة نصف النهار سنة 254 هـ.
قال المسعودي في (إثبات الوصية) اعتلت أبو الحسن علي الهادي علته التي توفي فيها عليه السلام، فأحضر عليه السلام أبا محمد أبنه ـ إلى أن قال ـ وأوصى إليه.
وقال المسعودي أيضاً: ولما توفي عليه السلام أجتمع في داره جملة بني هاشم من الطالبيين والعباسيين، واجتمع خلق كثير من الشيعة، ثم فتح من مصدر الرواق باب وخرج خادم أسود، ثم خرج بعده أبو محمد الحسن العسكري عليه السلام حاسراً مكشوف الرأس مشقوق الثياب، وكان وجهه عليه السلام وجه أبيه عليه السلام لا يخطئ منه شيئاً، وكان في الدار أولاد المتوكل وبعضهم ولاة العهود، فلم يبق أحد إلا قام على رجليه.
وجلس عليه السلام بين بابي الرواق والناس كلهم بين يديه، وكان الدار كالسوق بالأحاديث، فلما خرج عليه السلام وجلس أمسك الناس فما كنا نسمع إلاّ العطسة والسعلة، ثم خرج خادم فوقف بحذاء أبي محمد عليه السلام، وأخرجت الجنازة وخرج عليه السلام يمشي حتى خرج بها إلى الشارع، وكان أبو محمد عليه السلام صلى عليه قبل أن يخرج إلى الناس، وصلى عليه لما خرج المعتمد، ثم دفن في دار من دوره، وصاحت سر من رأى يوم موته صيحة واحدة.
المشهد الشريف:
وفي نفس الضريح الشريف المدفون فيه الإمام علي الهادي عليه السلام بسامراء دُفن بعد ذلك أبنه الإمام الحسن العسكري عليه السلام.
وخلف الإمامين عليهما السلام السيدة نرجس عليها السلام والدة الإمام بقية الله الأعظم عليه السلام. وفي جهة رجل الإمامين عليهما السلام مدفن السيدة حكيمة خاتون عليها السلام بنت الإمام الجواد عليه السلام وعمة الإمامين العسكريين عليهما السلام.
وهذه المخدرة قد تشرفت بلقاء أربعة من الأئمة المعصومين عليهم السلام: الإمام الجواد والإمام الهادي والإمام العسكري والإمام المهدي عليهم أفضل الصلاة والسلام.
من مواعظه عليه السلام:
· من أتقى الله يتقى ، ومن أطاع الله يطاع.
· الدنيا سوق ربح فيها قوم وخسر آخرون.
· من جمع لك وده وراية فأجمع له طاعتك.
· من هانت عليه نفسه فلا تأمن شره.