السواك
• أهمية الفم والأسنان:
أن الروايات الواردة في موضوع السواك، عن أهل بيت العصمة (عليهم السلام) تزيد على عشرة، أو خمسة عشر، أو عشرين حديثاً، على أبعد التقارير.
ولكن كم كانت المفاجأة والدهشة كبيرة، ونحن نجد من الأحاديث أضعاف ذلك مراراً كثيرة.. الأمر الذي يجعلنا ندرك إلى حد ما مدى أهمية هذا الأمر وخطورته إسلامياً، وهو من الموضوعات التي لا داعي للكذب، ولا رغبة للوضاعين الذين حذّر النبي (صلى الله عليه وآله) منهم.. فيها.
هذا كله عدا عن كثير من الأحاديث التي تؤكد على لزوم نظافة الفم، وطيب رائحته، مما لا مجال لتتبعه..
والسؤال الذي يطرح نفسه بادئ ذي بدء، هو:
لماذا يهتم الشارع المقدس بنظافة الأسنان إلى هذا الحد؟!.. وكيف لم نجده يهتم بكثير من الواجبات بهذا المقدار الذي يهتم فيه بالسواك، ونظافة الفم وهو مستحب؟!.
والجواب عن ذلك واضح جداً..
فإن ضرورة الأسنان للإنسان لا يمكن تجاهلها ولا إنكارها من أحد. وهي نعمة لا يشعر الإنسان عادة بها أو بأهميتها إلا إذا فقدها.. مع أنه يستفيد منها كل يوم أكثر من مرة، وأن أي ضرر يلحق بها يوقعه ولا شك في الضيق والحرج، ويوجب اختلال أحواله جزئياً، ويؤثر عليه تأثيراً لا يكاد يخفى..
ولعل من الأمور الواضحة: أن الأسنان الصناعية لا تستطيع حتى في أفضل حالاتها أن تقوم بوظيفة الأسنان الأصلية، ولا هي من الكفاءة بحيث تؤمن لصاحبها راحته التي يتوخاها منها، كما لو لم يكن قد فقد مثيلاتها الطبيعية..
كما أن من البديهي أن الأسنان كما تساعد المعدة، بتهيئة الطعام لها، وجعله في وضع يكون قابلاً للهضم، أو على الأقل تجعل هضمه أيسر مما لو بقي على حالته الأولى.. كذلك هي تساعد الإنسان في المنطق، ويؤثر فقدانها عليها بشكل ملحوظ..
وما علينا من أجل إثبات ذلك إلا أن نتذكر حالة من فقدوا أسنانهم، ومدى ما يبذلونه من جهد من أجل جعل الطعام في وضع تتمكن معه المعدة من هضمه والاستفادة منه.. وكذلك مدى ما يبذلونه من جهد من أجل إخراج الكلمات بنحو تكون واضحة ومفهومة..
وعدا عن ذلك.. فإن اختلال الوضع الطبيعي للأسنان، ومرضها وموبوئيتها، يؤدي في كثير من الأحيان إلى أمراض ومضاعفات سيئة في كثير من أجهزة الجسم.. ولسوف يتضح ذلك بعض الشيء في ما يأتي إن شاء الله تعالى..
ومن هنا ومن أجل أمور هامة أخرى سنشير إليها إن شاء الله كان اهتمام الإسلام بالأسنان، وكانت دعوته الملحة للعناية بها، والحفاظ على سلامتها، فأمر بكل ما من شأنه أن يحفظها ويصونها، ونهى وحذر من كل ما يضر بها وبسلامتها، إيماناً منه بأن سلامة الأسنان الطبيعية تؤثر في سلامة الإنسان، وسقمها يؤثر في سقمه.. ولذا.. فإن من المهم أن يحافظ الإنسان عليها ليستفيد منها أكبر قدر ممكن في حياته، وأن يحتفظ بها سليمة ومعافاة، لأن معنى ذلك هو احتفاظه وكثير من أجهزة جسمه بسلامة والمعافاة أيضاً..
• معنى السواك: [IMG]file:///C:/Users/user/AppData/Local/Temp/Rar$EXa0.619/Tibbul_masomin/images/top.gif[/IMG]
وكان من جملة ما أمر به الإسلام في نطاق اهتمامه بالأسنان، مما له أثر كبير على صحتها وسلامتها هو:
(السواك): أي غسل الأسنان وتنظيفها..
روايات أهل البيت في السواك
الذي أجمع الفقهاء على استحبابه.. وخصوصاً للوضوء والصلاة.. ولا بد من أجل استيفاء الإشارة إلى أكثر ما تضمنته الروايات من تقسيم البحث على النحو الذي ينسجم مع ما تضمنته، فنقول:
• موقف المعصومين (عليهم السلام) من السواك: [IMG]file:///C:/Users/user/AppData/Local/Temp/Rar$EXa0.619/Tibbul_masomin/images/top.gif[/IMG]
لقد اتبع النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، والأئمة من ولده أساليب متنوعة في الدعوة إلى الالتزام بالسواك، ونشير هنا إلى أن النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته المعصومين قد التزموا بالسواك عملاً - وعملهم سنة لنا، وما علينا إلا أن نقتدي بهم، ونهتدي بهديهم، سواء في أفعالهم، أو في أقوالهم..
وإذا كان من الممكن أن لا يلتفت كثير من الناس إلى ذلك، أو لا يتيسر لهم الإطلاع عليه لبعد شقتهم، فقد حاولوا (عليهم السلام) توجيه الأنظار إلى هذا الأمر، وحدثوا الناس عنه، وسجلوه على أنه حقيقة جديرة بأن يتناقلها الناس، وأن يخذوها بعين الاعتبار.
فعن الإمام الصادق (عليه السلام)، وهو يتحدث عن النبي (صلى الله عليه وآله): أنه كان يستاك في كل مرة قام من نومه(1) .. وكان (صلى الله عليه وآله) يستاك إذا أراد أن ينام ويأخذ مضجعه(2). وكان (صلى الله عليه وآله) يستاك لكل صلاة(3). وروي أن السنة السواك في وقت السحر(4).
وعن الباقر أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يكثر السواك وليس بواجب(5).
وكان (صلى الله عليه وآله) يستاك كل ليلة ثلاث مرات، ومرة إذا قام من نومه إلى ورده، ومرة قبل خروجه إلى صلاة الصبح(6).
وعن أبي عبد الله (عليه السلام): (إني لأحب للرجل إذا قام بالليل أن يستاك)(7).
بل لقد كان (صلى الله عليه وآله) إذا سافر يحمل مع نفسه المشط والمسواك و.. الخ(8).
بل لقد بلغ التزامهم (عليهم السلام) بذلك حداً أنه لو ترك أحدهم السواك كان ذلك ملفتاً للنظر، ومدعاة للتساؤل، فقد روي أن الصادق (عليه السلام) ترك السواك قبل أن يقبض بسنتين، وذلك لأن أسنانه ضعفت(9).
وأما أمرهم (عليهم السلام) بالسواك، وحثهم عليه بالقول.. فكثير جداً أيضاً ويمكن تقسيم النصوص التي وردت في ذلك إلى عدة طوائف:
الأولى:الالتزام بالسواك
ما دلت على لزوم الالتزام بالسواك وتحذر من تركه من جهة عامة، أي من دون تعرض لبيان أية خصوصية فيه.. حتى لقد اعتبر الإمام (عليه السلام)، أن التارك للسواك ليس من الناس.. فلقد قيل للصادق (عليه السلام):
أترى هذا الخلق، كلهم من الناس؟.
فقال: ألق التارك منه للسواك(10).
وعن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: نظفوا طريق القرآن. قيل: يا رسول الله، وما طريق القرآن؟ قال: أفواهكم. قيل: بماذا؟ قال: بالسواك.. وفي معناه غيره(11).
وقد جعل في بعض الروايات عنه (صلى الله عليه وآله) من أسباب عدم نزول الملائكة عليهم: أنهم لا يستاكون، بالإضافة إلى أنهم لا يستنجون بالماء، ولا يغسلون براجمهم(12).
وعن الصادق (عليه السلام): من سنن المرسلين السواك، وبمعناه نصوص أخرى(13).
وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما زال جبرائيل يوصيني بالسواك حتى خفت أن أحفى وأدرد. وفي بعضها: حتى خفت أن يجعله فريضة. وفي معناه غيره(14).
وعن الصادق (عليه السلام): نزل جبرائيل بالسواك، والخلال، والحجامة(15).
فإذا كان السواك من سنن المرسلين، فهو إذن ليس أمراً عادياً يمكن التغاضي عنه بسهولة.. خصوصاً.. وأن جبرائيل ما زال يوصي به النبي (صلى الله عليه وآله) حتى خاف أن يجعله فريضة. فما أحرانا إذن أن نقتدي بالمرسلين من أجل هدايتنا، ونهتدي بهديهم حيث أنهم لم يرسلهم الله إلا من أجلنا، وبما فيه مصلحتنا والخير لا.. ولعل هذا هو السر في التعبير بكلمة: (المرسلين)، بدل كلمة: (الأنبياء)!!.
نعم.. وقد سمح الشارع للصائم بأن يستاك، رغم قيام احتمال سبق شيء إلى جوفه.. كما وسمح للمحرم بأن يستاك، وإن أدمى.
فعن الحسين بن أبي العلاء قال: سألنا أبا عبد الله (عليه السلام) عن السواك للصائم؟ فقال: نعم، أي النهار شاء(16). وعن النبي (صلى الله عليه وآله) إذا صمتم فاستاكوا بالغداة، ولا تستاكوا بالعشي، فإنه ليس من صائم تيبس شفتاه بالعشي، لا كان نوراً بين عينيه يوم القيامة(17). وثمة روايات أخرى، وعن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت: المحرم يستاك؟ قال: نعم، قلت: فإن أدمى؟ قال: نعم، هو من السنة(18).
وعن الباقر (عليه السلام): ولا بأس أن يستاك الصائم في شهر رمضان أي النهار شاء، ولا بأس بالسواك للمحرم(19).
وثمة روايات كثيرة تأمر بالسواك وتحث عليه، لا مجال لاستقصائها في هذه العجالة.. فمن أراد المزيد، فليراجع مجاميع الحديث والرواية، كالبحار، والوسائل، ومستدركاتها، وغير ذلك.
الثانية: السواك للوضوء والصلاة:
ثم هناك ما دل على استحباب السواك ولا سيما عند الوضوء(20) والصلاة(21)، وأنه لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند وضوء كل صلاة.. أو عند كل صلاة(22).
والظاهر: أن المراد: الأمر الوجوبي، وإلا: فإن الأمر الاستحبابي ثابت.. كما أن الظاهر هو أنه لا منافاة بينهما، فإن السواك للوضوء معناه أن تكون الصلاة بسواك أيضاً.. فعبر بإحداهما عن هذا وعن الآخر بذاك، لعدم الفرق في النتيجة بينهما.
وورد أيضاً: أن ركعتين بسواك أفضل من أربع ركعات(23)، أو سبعين(24)، أو خمس وسبعين ركعة بدونه(25). أو أن صلاة بسواك أفضل من التي يصليها بدونه أربعين يوماً، بعد أن قال: عليك بالسواك، وإن استطعت أن لا تقل منه، فافعل(26)..
وأن السواك يضاعف الحسنات سبعين ضعفاً(27).. وأنه من السنن الخمس التي في الرأس(28).. ويرضي الرحمن(29).. ومن سنن المرسلين، وقد تقدم..
وقال أبو عبد الله إذا قمت بالليل فاستك، فإن الملك يأتيك فيضع فاه على فيك، فليس من حرف تتلوه، وتنطق به إلا صعد به إلى السماء، فليكن فوك طيب الريح.. وفي معناه غيره(30).
والروايات في هذا المجال كثيرة لا مجال لاستقصائها..
هذا.. ولابد من الإشارة هنا إلى أن ما تقدم من الاختلاف بين أربع ركعات، أو سبعين، أو خمس وسبعين ركعة، أو أربعين يوماً، في مقام إثبات الأجر وأفضلية الصلاة بسواك على غيرها.. لا يستدعي التشكيك في هذه الروايات.. إذ لعل السواك الذي تكون المنافع الدنيوية هي المقصودة منه هو الذي يفضل الركعتان معه الأربع ركعات، أما الذي يقصد منه الثواب الأخروي.. فإن ركعتين معه تعدل سبعين ركعة.. أو خمس وسبعين، أو أربعين يوماً، على اختلاف درجات الإخلاص في النية في هذا المجال..
• منافع السواك.. وأوقاته.. وكيفياته [IMG]file:///C:/Users/user/AppData/Local/Temp/Rar$EXa0.619/Tibbul_masomin/images/top.gif[/IMG]
منافع السواك:
ولم يكتف النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) بالمداومة على السواك عملاً، ولا بما تقدم من الأوامر المطلقة به.. أو بالإشارة لما يثبت استحبابه وعباديته، وأن الإنسان ينال عليه الثواب الجزيل، والأجر الجميل.. الأمر الذي من شأنه أن يعطي الإنسان المؤمن قوة دافعة على ممارسته، والالتزام به، والمداومة عليه.
نعم.. لم يكتفوا (عليهم السلام) بذلك.. وإنما زادا عليه اهتمامهم الظاهر ببيان ما يترتب على السواك، من المنافع، وما في تركه من المضار..
وبديهي أن الشارع المقدس يهتم بالمحافظة على سلامة الإنسان، وحفظه في أفضل الحالات، وإذا كان للسواك أثر كبير في ذلك، فإنه يكون مرغوباً ومطلوباً له تعالى بذاته، حتى ولو لم يقصد به القربة، ولا أتى به لأجل ما له من الأجر والثواب. وإذا عرف الناس منافعه.. وإذا كان هناك من لا يريد الاقتداء بالمرسلين، أو رغبة لديه فيما فيه من الثواب.. فإنه قد يفعله رجاء الحصول على ما فيه من فوائد ومنافع، وما يدفعه من مضار.. فإن الإنسان - بطبعه - محب لنفسه، يهمه جداً دفع كل بلاء محتمل عنها، وجلب كل نفع يقدر عليه لها.. وفي السواك الكثير الكثير مما يرغب فيه الراغبون، ويتطلع إليه المتطلعون، سواء بالنسبة لشخص الإنسان وذاته، أو بالنسبة لعلاقاته بالآخرين من بني جنسه..
وفي مقام الإشارة إلى ما للسواك من المنافع الجليلة نجد الإمام الباقر (عليه السلام) يقول: (لو يعلم الناس ما في السواك لأباتوه معهم في لحاف)(31).. وقوله (صلى الله عليه وآله) لعلي: عليك بالسواك، وإن استطعت أن لا تقل منه فافعل.. فإن ذلك يعطينا أن فوائد السواك تفوق حد التصور، وأن مضار تركه لا تقل أهمية في نظر الإسلام عن فوائد الاستمرار عليه..
إنه لمن المدهش حقاً أن تؤدي بنا معرفة السواك إلى أن نبيته معنا في لحاف!!!.. مع أن أحدنا حتى لو كان مصابا فعلاً بمرض، فإنه لا يبيت الدواء معه في لحاف، فكيف بالسواك الذي لا يعدو عن أن يكون عملية تطهر وتنظف، تستبطن معها الوقاية من أمراض محتملة؟!!.
فلولا أن ترك السواك يستتبع أمراضاً خطيرة، تهدد حتى حياة الإنسان ووجوده لم يكن معنى لقوله (عليه السلام): لأباتوه معهم في لحاف.. ومن يدري فلعله يشير (عليه السلام) بذلك إلى أن موبوئية الأسنان من أسباب مرض السل، أو إلى أن غازات الفم الكريهة قد تنفذ إلى مجرى الدم، وتفتك - من ثم - بالجسم كله.. أو إلى غير ذلك مما ستأتي الإشارة إليه.
- فوائد السواك.. في روايات أهل البيت (عليهم السلام):
لقد تقدم في الروايات السابقة مما يدل على أن السواك يطيب ريح الفم، حيث قال أبو عبد الله (عليه السلام): (فليكن فوك طيب الريح.. وتقدم أنه ينظف الفم)، لقوله (صلى الله عليه وآله): (نظفوا طريق القرآن).
ونزيد هناك قول أمير المؤمنين (عليه السلام): (إن أفواهكم طرق القرآن، فطيبوها (أو فطهروها) بالسواك..) وبمعناه غيره(32).
وورد: نظفوا الماضغين(33).
وعن الباقر (عليه السلام): (لكل شيء طهور، وطهور الفم السواك)(34) ونحوه غيره. وورد أن السواك (مطيبة للفم)(35).
وعن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: لما دخل الناس في الدين أفواجاً أتتهم الأزد، أرقها قلوباً، وأعذبها أفواهاً.. فقيل: يا رسول الله، هذا أرقها قلوباً عرفناه، فلم صارت أعذبها أفواهاً؟. فقال: لأنها كانت تستاك في الجاهلية.. وفي معناه غيره(36).
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): (السواك مرضاة الله، وسنة النبي، ومطهرة للفم..) وبمعناه غيره..(37)
وعن الصادق (عليه السلام): (في السواك اثنتا عشرة خصلة: هو من السنة، ومطهرة للفم، ومجلاة للبصر، ويرضي الرب، ويبيض الأسنان، ويذهب بالحفر، ويشد اللثة، ويشهي الطعام ويذهب بالبلغم، ويزيد في الحفظ، ويضاعف الحسنات سبعين ضعفاً، وتفرح به الملائكة..) وفي نص آخر للحديث (يذهب بالغم)(38).. وزاد في رواية ذكرها الشهيد باك نجاد: (ويصح المعدة)(39).
وعن الباقر (عليه السلام): (السواك يذهب بالبلغم، ويزيد في العقل)(وفي نص آخر: في الحفظ)(40).
وعن الصادق (عليه السلام): (السواك يذهب بالدمعة، ويجلو البصر)(41). وفي نص آخر عن الرضا (عليه السلام): (السواك يجلو البصر، وينبت الشعر..) وعنهم (عليهم السلام): (يذهب بغشاوة البصر). وفي آخر: مجلاة للعين.. والروايات بهذا المعنى كثيرة(42).
وعن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (السواك يزيد الرجل فصاحة)(43).
وعن الصادق (عليه السلام): السواك وقراءة القرآن مقطعة للبلغم.. وفي نص آخر: ثلاة يذهبن النسيان، ويحدثن الذكر: قراءة القرآن، والسواك، والصيام، (أو اللبان). وفي نص آخر: يزدن في الحفظ، ويذهبن السقم.. وفي غيره: يذهبن بالبلغم، ويزدن في الحفظ(44).
وعن الصادق (عليه السلام): (أن النشرة في عشرة أشياء، وعدّ منها السواك)(45).
وعنه (عليه السلام): (عليكم بالسواك، فإنه يذهب وسوسة الصدر)(46).
وفي حديث عن أمير المؤمنين (عليه السلام): (أن السواك يوجب شدة الفهم، ويمرئ الطعام، ويذهب أوجاع الأضراس، ويدفع عن الإنسان السقم، ويستغني عن الفقر..) والحديث طويل، وما ذكرناه منه منقول بالمعنى(47).
ونصوص الأحاديث في هذا المجال كثيرة، ومتنوعة، وما ذكرناه يشير إلى أكثر ما تضمنته إن شاء الله تعالى..
مجمل ما تقدم:
وقبل أن نتكلم بالتفصيل عما ورد في الروايات المتقدمة، فإننا نجمل ما جاء فيها على النحو التالي:
1- إن السواك طهور، ومعقم للفم.
2- إنه منظف للفم.
3- يجعل الفم عذباً.
4- يذهب برائحة الفم الكريهة، ويطيب رائحته.
5- يذهب بالغم.
6- يزيد في العقل.
7- يذهب بالدمعة.
8- يذهب بالبلغم.
9- يزيد في الحفظ.
10- يجلو العين، ويجلو البصر، ويذهب بغشاوته.
11- يبيض الأسنان.
12- يذهب الحفر.
13- يشد اللثة.
14- يشهي الطعام.
15- وإذا كان بعود الأراك، فإنه يسمّن اللثة أيضاً.
16- ينبت الشعر.
17- يوجب النشرة، أو النشوة، حسب بعض النسخ.
18- يزيد الرجل فصاحة.
19- يذهب بالنسيان، ويحدث الذكر.
20- يذهب بوسوسة الصدر.
21- يوجب شدة الفهم.
22- يمرئ الطعام.
23- يذهب بأوجاع الأضراس.
24- يدفع عن الإنسان السقم، ويذهب به.
25- يغني من الفقر.
26- يصح المعدة.
كان ذلك هو ما استخلصناه من الروايات بالنسبة لفوائد السواك، ويمكن أن يأتي كثير مما ذكر هنا في الخلال أيضاً..
ولا يجب أن يتخيل: أن فيما ذكر تكرار، فإن إنعام النظر فيه يظهر خلاف ذلك للمتأمل.. بل قد يظهر: أننا قد تكلفنا إدخال بعضها تحت البعض الآخر..
وبعد.. فإن من المناسب أن نقف وقفة قصيرة للتأمل فيما ذكر من الفوائد بقدر ما يسمح لنا به المجال، وتسمح لنا به المعلومات الطبية المحدودة المتوفرة لدينا.. في استكناه الأسرار التي أومأت إليها هذه الرشحة المباركة من رشحات أهل بيت العصمة (عليهم السلام). وتضمنتها تلك الخريدة الفريدة، لنستوحي منها، ونستهدي طريق الخير، والرشاد، والسداد.. فنقول والله المستعان، ومنه نستمد الحول والقوة..
1- السواك.. يبيض الأسنان:
إن كثيراً مما تقدم قد يكون مما لا يزال العلم عاجزاً عن كشف مدى ارتباطه بالسلوك، وارتباط السواك به بشكل دقيق وشامل.. إلا أن مما لا شك فيه هو أننا نستطيع أن نلتمس من ذلك كله مدى اهتمام الإسلام بمختلف شؤون هذا الإنسان وأحواله، ومدى إحاطته وشموليته لهذه الأحوال، وتلكم الشؤون..
حتى إنه لم يغفل حتى عن أثر السواك في المظهر الخارجي للإنسان، انطلاقاً من حرصه الشديد على أن يبدو الإنسان في أبهى منظر، وأزهى حلة.. لأن جمال المظهر يؤثر في اجتذاب الآخرين إليه، ومحبتهم له، بل ويؤثر حتى في روحه هو ونفسه، فضلاً عن غيره.
ومن هنا.. فقد ورد: أن السواك يبيض الأسنان(48).. وورد أيضاً قوله (صلى الله عليه وآله): (ما لي أراكم قلحاً؟ ما لكم لا تستاكون؟!)(49).
والقلح: صفرة في الأسنان.. ولا شك في أن بياضها أفضل من صفرتها أو خضرتها، وأكثر قبولاً لدى الآخرين، لأنه هو اللون الطبيعي لها..
2- السواك.. يطيب رائحة الفم:
ولا شك أن ذا الفم الكريه الرائحة ينفر الناس، بل وحتى الملائكة منه والإنسان يريد لنفسه، والله أيضاً يريد له: أن يكون محبباً لدى الناس، قريباً إلى قلوبهم ونفوسهم..
ومن هنا فقد ورد أن السواك يطيب رائحة الفم.
3- السواك.. يذهب بالحفر:
والسواك أيضاً يذهب بالحفر. أي أنه يقلع الحبيبات المتكلّسة على جدار السن، والتي تؤدي إلى جرح اللثة وتقيحها، وجعلها في معرض الالتهابات والأمراض.. بالإضافة إلى أنه يمنع من وجود غيرها من جديد..
4-السواك.. يقوي اللثة:
وهو إلى جانب ذلك عامل مهم من عوامل تقوية الثلة وسمنها، حيث إنه رياضة مستمرة لها، وينبه عضلاتها ويحركها، كما ويحرك الدورة الدموية فيها..
5- السواك.. يجلو البصر:
وكذلك فإن للسواك علاقة بالعين، فمرض الأسنان يؤثر في مرضها، وسلامتها تؤثر في سلامتها.. وقد شوهدت حالات كثيرة من العمى المؤقت الناجم عن بعض أمراض الأسنان.. حتى إذا ما عولجت وشفيت عادت الرؤية إلى العين من جديد، ولعل ذلك أصبح من الأمور المتسالم عليها طبيباً.. ولذا نرى في كلماتهم (عليهم السلام) التأكيد على هذه العلاقة، وأن السواك يجلو البصر، ويذهب بالدمعة ويذهب بغشاوة العين.. وغير ذلك مما تقدم.
6- السواك.. ينبت الشعر:
وللأسنان علاقة وثيقة أيضاً بشعر الإنسان.. وقد لوحظ كثيراً أن بعض المبتلين ببعض أمرض الأسنان يتساقط الشعر المسامت للأسنان المريضة عندهم.. حتى إذا عولجت أسنانهم وشفيت، فإن ذلك الشعر يعود إلى النمو من جديد.. وهذا ما يجعلنا ندرك بسهولة: أن السواك الذي يؤثر في سلامة الأسنان، فإنه يؤثر أيضاً في إنبات الشعر، حسبما ورد في الرواية..
7- علاقة السواك بالحالة النفسية والعقلية وغيرها..
وكذلك.. فإنه مما لا شك فيه: أن تنظيف أي عضو من أعضاء الإنسان، وخصوصاً الفم.. يكون من أسباب بعث الحيوية والنشاط في مختلف أجهزة الجسم الأخرى، حتى الجهاز التناسلي منها، ومن أسباب بعث السرور والابتهاج في نفسه.. وإذا كان الإنسان مرتاحاً نفسياً، ويتمتع بالحيوية والنشاط الجسدي، فإن ذلك ينعكس بطبيعة الحال على نشاطه الفكري والعقلي.. حتى لقد قيل: العقل السليم في الجسم السليم..
بل إننا نستطيع أن نؤكد على علاقة الأسنان بسلامة الإنسان النفسية. ومن هنا.. فإننا نلاحظ إن ظهور ما يسمى بـ(ضرس العقل) يصحبه في أحيان كثيرة بعض الاختلالات النفسية لدى الإنسان، كما يقولون.. وذلك يؤكد على أنه ليس من المجازفة في القول: التأكيد على أن السواك له تأثير مباشر في الصفاء النفسي للإنسان، ويذهب بكثير من الوساوس والهواجس التي قد تنتابه..
بل هو يؤثر في إذهاب حالات الغم والهم التي قد تنتاب الإنسان أيضاً، ولا يعرف لها سبباً قريباً معقولاً.. مع أنها قد تكون ناشئة عن موبوئية الفم والأسنان أحياناً كثيرة.. حتى إذا ما نظفت ذهبت هذه الحالة عنه، ليحل محلها حالة من الفرح والحيوية والنشاط..
وإذا ما عرفنا: أن الهم والغم من الأسباب الرئيسة للنسيان، وعدم التمكن من الحفظ بسبب اختلال الحال، واشتغال البال، وعدم القدرة على التركيز على نقطة معينة..
وعرفنا: أن النشوة وصفاء الفكر من أسباب سرعة الحفظ، وزيادة قوة الحافظة.. إننا إذا عرفنا ذلك.. فإننا ندرك مدى علاقة السواك بحافظة الإنسان، ومدى تأثيره في إذهاب حالة النسيان من الإنسان..
ومما ذكرنا نعرف: كيف أن السواك - على حد قولهم (عليهم السلام) - يذهب بالغم والنسيان، ويزيد في الحفظ والعقل. ويشهي الطعام، ومن أسباب النشاط والنشوة أو النشرة(50) ويزيد الرجل فصاحة، ويذهب بوسوسة الصدر، ويوجب شدة الفهم إلى غير ذلك ما في الروايات عن أهل بيت العصمة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
8- آثار موبوئية الفم..
وبما أن للأسنان علاقة بجميع أجهزة الجسم الأخرى.. ويؤثر صحتها ومرضها وقوتها في مرض وصحة وقوة تلك الأجهزة.. فإن من الطبيعي أن يكون ذلك حافزاً ودافعاً للإنسان ليحافظ على أسنانه، ويهتم بصحتها، لأنه يكون قد حافظ على سائر أجهزة جسمه تقريباً.
ويقول علماء الطب إن الجراثيم والميكروبات المتكونة في تجاويف الأسنان من فضلات الطعام المتخلفة فيها، والوافدة من الفم إلى المعدة، هي السبب في عسر الهضم، وحزة المعدة، أو حموضتها. وهي السبب أيضاً في بعض أمراض الكلى والرئتين..
وقد تصل هذه الجراثيم إلى اللوزتين، وتؤثر أيضاً على الأنف، بحيث توجب التهابات في الجيوب الأنفية..
بل إن أمراض الأسنان الناشئة من عدم تنظيفها وتعقيمه قد توجب التهابات في الأذنين، وتكون هي السبب في بعض أمراض العينين، وذلك لاتصال كل من العين والأذن بالأسنان عن طريق الأعصاب.
كما أن بعض أمراض الفم قد تؤثر في روماتيزم المفاصل، وتزيد من أعباء الكبد. بل إن أسنان المريض هي أول ما يلفت نظر الطبيب في معالجته المريض بالسل، وأسقام عديدة أخرى..
هذا.. ويتكون من تخمر فضلات الطعام في الفم حامض (الكتيك) الذي يؤثر في الطبقة الخارجية لتاج السن فيذيبها ويفقدها نعومتها، ويجعلها خشنة الملمس.. الأمر الذي يساعد على تخلف مزيد من الفضلات، وليتكون من ثم المزيد من الجراثيم.. ومن ثم إلى مواجهة كثير من المتاعب.
كما أن هذه الأحماض المشار إليها.. هي في الحقيقة من أسباب تسوس الأسنان، ومن ثم فقدانها لصلاحيتها، حيث يكون لابد من التخلص منها..
كما أن غازات الفم الكريهة قد تنفذ إلى مجرى الدم، وتفتك - من ثم - بالجسم كله..
وهذا الغازات التي تنشأ في الغالب من تخمر فضلات الطعام المتبقية في تجاويف الأسنان، التي لا تلبث أن تتعفن، وتصبح ذات رائحة كريهة جداً، يشعر بها كل من يحاول تنظيف أسنانه بعد إهماله لها مدة من الزمن. ثم تتحول شيئاً فشيئاً إلى ميكروبات وجراثيم تعد بالملايين ويتسبب عنها الكثير من أمراض الفم، وتفد - كما قلنا - مع الطعام إلى المعدة، ولتسبب للإنسان - من ثم - الكثير من المتاعب والأخطار..
يضاف إلى ذلك كله: أن تلك الفضلات قد تسبب قروحاً في اللثة، ومع كون الجراثيم حاضرة وجاهزة، فإنها تعمد إلى الفتك باللثة عن طريق تلك القروح وإذا ما أدت تلك القروح إلى كشف عنق السن، فلسوف ينتج عن ذلك ضعف ذلك السن وخلخلته. وليصبح من ثم عديم الفائدة ومستحقاً للقلع(51).
السواك.. هو المنقذ وهكذا.. فإن النتيجة بعد ذلك تكون هي أنه لابد للفم من منظف أولاً، ومعقم له ثانياً، يقتل هذه الجراثيم التي فيه، ويزيلها، ويمنع من حدوث أخرى مكانها..
وقد قرر الشارع: أن هذا المنظف والمطهر والمعقم هو السواك، الذي يكون في نفس الوقت علاجاً، كما هو عملية وقائية من كثير من الأمراض التي يمكن أن يتعرض لها الإنسان نتيجة لموبوئية الأسنان ومنها أمراض المعدة، حيث إن السواك (يصح المعدة) كما تقدم، هذا عدا عن الآثار الكثيرة التي أشرنا وسنشير إليها إن شاء الله تعالى.. كما ويلاحظ: أنه قد اعتبره مطهراً ومعقماً للفم كله، لا لخصوص الأسنان وحسب.. ولكن شرط أن يستعمل على النحو الذي يريده الشارع، وفي الأوقات والوسائل التي قررها.
ومن هنا، فإننا نعرف الحكمة في قولهم (عليهم السلام) عن السواك: إنه طهور للفم، ومنظف له، وأنه يدفع عن الإنسان السقم، ويذهب أوجاع الأضراس.. إلى غير ذلك مما تقدم، وسيأتي إن شاء الله تعالى..
9- السواك.. يشهي الطعام:
كما أن من الواضح أن موبوئية الفم وكثرة الجراثيم في تقلل من اشتهاء الإنسان للطعام، وميله إليه، ولا سيما إذا كان ثمة عسر هضم، أو حزة أو حموضة في المعدة..
بل إن من الأمور الثابتة علمياً أن تنظيف الأسنان يدفع الإنسان إلى الطعام، ويزيد من الكميات التي يتناولها منه إلى حد ملفت للنظر.. وهذا بالذات ما يفسر لنا ما ورد عنهم (عليهم السلام)، من أن السواك يشهي الطعام ويمريه..
10- عذوبة الفم.. والفصاحة..
وإذا كان الاستياك يوجب عذوبة الفم، ونقاوة اللعاب، ويشد اللثة ويقويها ويحافظ على الأسنان، ويوجب تقوية عضلات الفم، إلى آخر ما تقدم.. فإن من الطبيعي أن يكون من أسباب زيادة الرجل فصاحة، حيث تصير عضلات الفم أكثر قدرة على الحركة، وأكثر تحكماً بالنبرات الصوتية، وأكثر نشاطاً، ودقة في أدائها لوظيفتها..
• السواك بالقصب والريحان وغيرهما [IMG]file:///C:/Users/user/AppData/Local/Temp/Rar$EXa0.619/Tibbul_masomin/images/top.gif[/IMG]
ومع أننا قد أطلنا نسبياً في موضوع السواك.. إلا أن تشعب هذا الموضوع، واختلاف مناحيه وأطرافه هو الذي فرض علينا ذلك، مع اعترافنا بالعجز والقصور عن أدراك الكثير مما يرمي إليه النبي والأئمة صلوات الله وسلامه عليهم، أو يشيرون إليه..
ولذا.. فإننا لا نجد محيصاً عن الإلمامة السريعة فيما يتعلق بأحوال وكيفيات السواك وأوقاته كذلك.. فنقول:
إن من الواضح أن مجرد إخراج الفضلات من تجاويف الأسنان، وإن كان في حد ذاته مفيداً.. لا أنه إذا كان بطريقة غير صالحة، فلربما تنشأ عنه أضرار تفوق ما يمكن أن يجلبه من منافع..
وهذا.. ما يبرز الحاجة الملحة لتوخي الطريقة الأصح والفضلى التي تؤدي المهمة المنشودة على أكمل وجه، وتتلافى معها جميع المضاعفات والأضرار المحتملة..
وبديهي أن إخراج الفضلات من تجاويف الأسنان بواسطة آلة صلبة، كدبوس أو إبرة أو أي آلة معدنية أخرى.. لمما يتسبب منه جرح الجدار الصلب الذي يغلف تاج السن.. كما أنه قد يؤدي إلى جرح النسيج اللثوي، الأمر الذي ينتج عنه تعرض الأسنان للنخر، واللثة للالتهابات، بفعل تلك الجراثيم التي تتواجد في الفم، والتي ربما تعد بالملايين.
وإذن.. فلابد وأن يكون السواك والخلال بوسيلة لا صلابة فيها، يؤمن معها من جرح الجدار الصلب لتاج السن، وجرح النسيج اللثوي أيضاً..
ولأجل ذلك.. فقد منع الإسلام عن السواك والخلال بالقصب وعود الرمان لأن ذلك قد يجرح النسيج اللثوي، ويؤثر في تاج السن أيضاً..
كما أنه قد منع عن عود الريحان.. ولعل ذلك يرجع إلى أنه يحتوي على بعض المواد المضرة بالأسنان وفي اللثة على حدٍ سواء..
ومما يدل على المنع عن السواك بغير الأراك والزيتون..
وما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) من أنه نهى أن يتخلل بالقصب، وأن يستاك به(52)..
وعنه (صلى الله عليه وآله) أنه نهى عن السواك بالقصب والريحان، والرمان(53).
السواك بالأراك، ونحوه:
وقد أمر الإسلام بالسواك بعود الأراك وحث عليه، وما ذلك إلا لأن النسيج الداخلي لعود الأراك بعد ملاقاته للماء أو اللعاب يتخذ حالة ملائمة جداً لعملية السواك، حيث إنه يصير مرناً، وناعماً وطرياً، يشبه الفرشاة المستعملة في هذه الأيام إلى حد بعيد، فلا يتعرض معه جدار السن، ولا النسيج اللثوي إلى أية حالة يمكن أن ينتج عنها ضرر مهما كان.. كما أن عود الزيتون يؤدي نفس هذه المهمة أيضاً على ما يبدو..
نعم.. لم يأمر الإسلام باتخاذ فرشاة، ولا أرشد إلى صنع معاجين من مواد معينة، ومعقمة ومطهرة للفم، ومضادة إلى حد ما للجراثيم.. على النحو الشائع هذه الأيام.. إذ لم يكن في ذلك الزمان معاجين، ولا كان يخطر في بالهم، أو يمر في مخيلتهم أن يحتاج تنظيف الأسنان إلى مواد كيماوية من نوع معين.. ولو أنه (صلى الله عليه وآله) أراد أن يرشدهم إلى صنع فرشاة أو تركيب معاجين كيماوية لهذا الغرض لوجد أنه سيتعرض لنسب وأباطيل لا يرضى أحد أن يتعرض لها..
ولكنه (صلى الله عليه وآله) أمرهم باتخاذ عود الأراك، أو عود الزيتون مسواكاً، وذكر له في الروايات منافع هامة، ثم أكد الأئمة بعده على ذلك..
فقد روي عن الباقر (عليه السلام): (أن الكعبة شكت إلى الله عز وجل ما تلقى من أنفاس المشركين، فأوحى الله تعالى إليها: قري كعبة، فإني مبدلك بهم قوماً يتنظفون بقضبان الشجر، فلما بعث الله محمداً، أوحى الله إليه مع جبرائيل بالسواك والخلال.. ) وهو مروي بعدة طرق(54)..
وعن النبي (صلى الله عليه وآله): أنه كان يستاك بالأراك، أمره بذلك جبرائيل(55).
وفي ما كتبه الرضا (عليه السلام) للمأمون: (واعلم يا أمير المؤمنين، أن أجود ما استكت به ليف الأراك، فإنه يجلو الأسنان، ويطيب النكهة، ويشد الثلة، ويسمنها. وهو نافع من الحفر، إذا كان باعتدال. والإكثار منه يرق الأسنان، ويزعزعها، ويضعف أصولها)(56).
وبالنسبة للسواك بالزيتون فقد روي عن النبي (صلى الله عليه وآله): أنه قال: (نعم السواك الزيتون من الشجرة المباركة، يطيب الفم، ويذهب بالحفر، وهي سواكي، وسواك الأنبياء قبلي)(57).
أما بالنسبة لعود الزيتون الذي لم نجده إلا في هذا النص الأخير، فلا نملك معلومات يقينية عنه يمكن الاعتماد عليها..
يتبع
تعليق