ف وماذا نقرأ عن حياة الإمام موسى بن جعفر ع ..
كتابة السيرة من أهم فروع كتابة التأريخ في الإسلام لما لها من أهمية ومدخلية كبيرة في عقائد الإسلام وتشريعاته .
وبعد أن كان فن السيرة تحمله ذاكرة القلوب وتتناقله الألسن ، انتقل بعد ذلك الى علم ثبتته الكتب وسطرته المجلدات وأجريت عليه البحوث والدراسات حتى صار قوانينا لا تختلف كثيرا عن قوانين لغة الأرقام ومعادلات الرموز ..
ولا نريد التطرق لهذا العلم هنا وإنما نحاول أن نتناوله من خلال شخصية إسلامية مرموقة تأخذ الرقم 9 ( بعد اضافة الزهراء عليها السلام ) في قائمة أهم واعلى شخصيات هذا الدين الحنيف عند اتباع مدرسة أهل البيت ع ..
فعن طريق علم السيرة نريد أن نعرف ( كيف نقرأ سيرة الإمام الكاظم ع وماذا نقرأ عنها .. ؟ ) .
أول شيء يطلعنا عليه هذا العلم هو أن السيرة المكتوبة عن حياة هذا الإمام الهمام تنقسم على قسمين مهمين هما :
القسم الأول : السيرة التأسيسية ، وهي الكتابات السردية التي تتناول حياة الإمام عليه السلام من ولادته حتى استشهاده وتتعقب بشكل ترتيبي ولادته واسم أمه وزوجاته وأولاده وأصحابه وأهم الأحداث والمواقف التي جرت معه أو في عصره والخلفاء الذين عاصرهم وهكذا حتى وصيته ووفاته ودفنه .. وهذه تارة تذكر على نحو التحقيق والتثبت من الأخبار الواردة بخصوصها وتارة تخلوا من ذلك وتتسامح بها أو تكتفي بتحقيقات سابقة .
القسم الثاني : تحليلية ، وهي الدراسات التي تتناول البعد العمودي من السيرة وتحاول تفسير ما جاء في السيرة التأسيسية وتحليلها والخروج بالدروس والعبر وتعطي خلفيات كل مقطع من حياته الشريفة وأهدافه وغاياته المحصلة وغير المحصلة ، وقد يدخل هذا القسم في جانب تحقيقي مهم أيضا ..
ولغرض بيان اهميتهما والتركيز على خصائصهما ومحاولة إجراء مقارنة بسيطة بينهما من أجل تحديد الأهم والأخطر بينهما نقول توفيرا للجهد واختصارا للقارىء الكريم :
أن السيرة التحليلية هي بمثابة التدبر والتفسير للسيرة التأسيسية ، فكما أن فهم القرآن الكريم وحل رموزه واستخراج أحكامه وتوجيهاته متوقفة على التدبر والتفسير والتأويل .. كذلك سيرة الأئمة الأطهار فإن دراستها وتحليلها والبحث فيها يخرجها من كونها سيرة شخصية إلى سيرة عامة يمكن أن تحتذى وتتبع .
فتحليل السيرة يحل لنا تناقض المواقف الذي يبدو في الوهلة الأولى من قراءة السيرة التأسيسية ، فالسيرة تنقل لنا مثلا موقفين متناقضين للإمام عليه السلام ، أحدهما مع صفوان الجمال حيث منعه أن يكري جماله للسلطة في الوقت الذي يسمح لعلي بن يقطين أن يكون رجل دولة في السلطة بل ينهاه أن يترك عمله .. !!
وتحليل السيرة يعطينا الوظيفة العملية التي تتطلبها الوقائع والأحداث التي يمر بها المؤمنون ، فبه يتحول لنا سجن الامام الكاظم عليه السلام إلى ساحة عمل ووظيفة تطلبتها الإمامة في ذلك الحين ، يجعل من موسى بن جعفر سجانا ومن هارون اللارشيد مسجونا ..
وطبعا كلما كان القلم الذي يتناول تحليل ودراسة السيرة أكثر احترافا كلما كانت نتائجه أكثر نفعا وأشرق نورا ..
نريد أن نبين أن القارىء لحياة الإمام الكاظم عليه أن لا يكتفي بقراءة الأخبار الواردة عن حياة وسيرة الإمام عليه السلام وإنما ينبغي البحث عن آراء العلماء حولها وما أفرزه المفكرون والمختصون منها سواء كان في الجانب التربوي والأخلاقي أو السياسي أو الفقهي أو العقائدي .. الخ ، فهذا جل ما ينفعنا من حياته الشريفة ..
تعليقات أخرى :
التعليقة الأولى : هنالك مسائل مهمة ينبغي أن لا تترك من قبل قارىء حياة الإمام عليه السلام ، ومنها مثلا :
- قضية الفرقة الإسماعيلية ، وهم الذين اعتقدوا بإمامة إسماعيل وهو الأخ الذي يكبر الإمام الكاظم ع .
- فرقة الواقفة ، وهم الذين وقفوا على إمامة الكاظم عليه السلام ولم يقروا بإمامة الرضا ع .
- دعوى تعدد زوجاته ع .
التعليقة الثانية : لا بد من التنويه الى ان قارىء السيرة لا يمكنه أخذ الأحكام الشرعية والوظيفة العملية لبعض المواقف والحالات بشكل مباشر كون هذا الأمر موكول للفقهاء أعزهم الله .. نعم ، هنالك كلمات وأحاديث وقصص وأخبار واردة في حياته الشريفة تعكس اخلاقا عالية ومستوى تربوي وروحي راقي تتعلق بعبادته وزهده وصبره وتعامله مع الآخرين ودوره في المجتمع .. الخ كل هذا يمكن الاحتذاء به والتفاعل معه بشكل إيجابي .
التعليقة الثالثة : كلما كانت للقارىء ثقافة اسلامية أعلى كلما كانت قرائته أعلى مستوى وأعمق فهم وأكثر فائدة ، وهكذا بالنسبة للثقافات المتنوعة الرصينة وغير المشوهة أو المحرفة كلها ترفع من مستوى القراءة .
التعليقة الرابعة : إمامة الكاظم ع هي حلقة من سلسلة تكاملية من الحلقات التي مثلت الخلافة الشرعية في الإسلام ، فإن الأئمة عليهم السلام وان تعددت ادوارهم لكن هدفهم واحد ، ولهذا فإن قراءة حياة جميع الأئمة بشكل واعي ومركز يعطي معنى آخر لقراءة كل أمام على حده ..
عظم الله أجوركم ..
بقلمي / المهندس يحيى غالي ياسين
كتابة السيرة من أهم فروع كتابة التأريخ في الإسلام لما لها من أهمية ومدخلية كبيرة في عقائد الإسلام وتشريعاته .
وبعد أن كان فن السيرة تحمله ذاكرة القلوب وتتناقله الألسن ، انتقل بعد ذلك الى علم ثبتته الكتب وسطرته المجلدات وأجريت عليه البحوث والدراسات حتى صار قوانينا لا تختلف كثيرا عن قوانين لغة الأرقام ومعادلات الرموز ..
ولا نريد التطرق لهذا العلم هنا وإنما نحاول أن نتناوله من خلال شخصية إسلامية مرموقة تأخذ الرقم 9 ( بعد اضافة الزهراء عليها السلام ) في قائمة أهم واعلى شخصيات هذا الدين الحنيف عند اتباع مدرسة أهل البيت ع ..
فعن طريق علم السيرة نريد أن نعرف ( كيف نقرأ سيرة الإمام الكاظم ع وماذا نقرأ عنها .. ؟ ) .
أول شيء يطلعنا عليه هذا العلم هو أن السيرة المكتوبة عن حياة هذا الإمام الهمام تنقسم على قسمين مهمين هما :
القسم الأول : السيرة التأسيسية ، وهي الكتابات السردية التي تتناول حياة الإمام عليه السلام من ولادته حتى استشهاده وتتعقب بشكل ترتيبي ولادته واسم أمه وزوجاته وأولاده وأصحابه وأهم الأحداث والمواقف التي جرت معه أو في عصره والخلفاء الذين عاصرهم وهكذا حتى وصيته ووفاته ودفنه .. وهذه تارة تذكر على نحو التحقيق والتثبت من الأخبار الواردة بخصوصها وتارة تخلوا من ذلك وتتسامح بها أو تكتفي بتحقيقات سابقة .
القسم الثاني : تحليلية ، وهي الدراسات التي تتناول البعد العمودي من السيرة وتحاول تفسير ما جاء في السيرة التأسيسية وتحليلها والخروج بالدروس والعبر وتعطي خلفيات كل مقطع من حياته الشريفة وأهدافه وغاياته المحصلة وغير المحصلة ، وقد يدخل هذا القسم في جانب تحقيقي مهم أيضا ..
ولغرض بيان اهميتهما والتركيز على خصائصهما ومحاولة إجراء مقارنة بسيطة بينهما من أجل تحديد الأهم والأخطر بينهما نقول توفيرا للجهد واختصارا للقارىء الكريم :
أن السيرة التحليلية هي بمثابة التدبر والتفسير للسيرة التأسيسية ، فكما أن فهم القرآن الكريم وحل رموزه واستخراج أحكامه وتوجيهاته متوقفة على التدبر والتفسير والتأويل .. كذلك سيرة الأئمة الأطهار فإن دراستها وتحليلها والبحث فيها يخرجها من كونها سيرة شخصية إلى سيرة عامة يمكن أن تحتذى وتتبع .
فتحليل السيرة يحل لنا تناقض المواقف الذي يبدو في الوهلة الأولى من قراءة السيرة التأسيسية ، فالسيرة تنقل لنا مثلا موقفين متناقضين للإمام عليه السلام ، أحدهما مع صفوان الجمال حيث منعه أن يكري جماله للسلطة في الوقت الذي يسمح لعلي بن يقطين أن يكون رجل دولة في السلطة بل ينهاه أن يترك عمله .. !!
وتحليل السيرة يعطينا الوظيفة العملية التي تتطلبها الوقائع والأحداث التي يمر بها المؤمنون ، فبه يتحول لنا سجن الامام الكاظم عليه السلام إلى ساحة عمل ووظيفة تطلبتها الإمامة في ذلك الحين ، يجعل من موسى بن جعفر سجانا ومن هارون اللارشيد مسجونا ..
وطبعا كلما كان القلم الذي يتناول تحليل ودراسة السيرة أكثر احترافا كلما كانت نتائجه أكثر نفعا وأشرق نورا ..
نريد أن نبين أن القارىء لحياة الإمام الكاظم عليه أن لا يكتفي بقراءة الأخبار الواردة عن حياة وسيرة الإمام عليه السلام وإنما ينبغي البحث عن آراء العلماء حولها وما أفرزه المفكرون والمختصون منها سواء كان في الجانب التربوي والأخلاقي أو السياسي أو الفقهي أو العقائدي .. الخ ، فهذا جل ما ينفعنا من حياته الشريفة ..
تعليقات أخرى :
التعليقة الأولى : هنالك مسائل مهمة ينبغي أن لا تترك من قبل قارىء حياة الإمام عليه السلام ، ومنها مثلا :
- قضية الفرقة الإسماعيلية ، وهم الذين اعتقدوا بإمامة إسماعيل وهو الأخ الذي يكبر الإمام الكاظم ع .
- فرقة الواقفة ، وهم الذين وقفوا على إمامة الكاظم عليه السلام ولم يقروا بإمامة الرضا ع .
- دعوى تعدد زوجاته ع .
التعليقة الثانية : لا بد من التنويه الى ان قارىء السيرة لا يمكنه أخذ الأحكام الشرعية والوظيفة العملية لبعض المواقف والحالات بشكل مباشر كون هذا الأمر موكول للفقهاء أعزهم الله .. نعم ، هنالك كلمات وأحاديث وقصص وأخبار واردة في حياته الشريفة تعكس اخلاقا عالية ومستوى تربوي وروحي راقي تتعلق بعبادته وزهده وصبره وتعامله مع الآخرين ودوره في المجتمع .. الخ كل هذا يمكن الاحتذاء به والتفاعل معه بشكل إيجابي .
التعليقة الثالثة : كلما كانت للقارىء ثقافة اسلامية أعلى كلما كانت قرائته أعلى مستوى وأعمق فهم وأكثر فائدة ، وهكذا بالنسبة للثقافات المتنوعة الرصينة وغير المشوهة أو المحرفة كلها ترفع من مستوى القراءة .
التعليقة الرابعة : إمامة الكاظم ع هي حلقة من سلسلة تكاملية من الحلقات التي مثلت الخلافة الشرعية في الإسلام ، فإن الأئمة عليهم السلام وان تعددت ادوارهم لكن هدفهم واحد ، ولهذا فإن قراءة حياة جميع الأئمة بشكل واعي ومركز يعطي معنى آخر لقراءة كل أمام على حده ..
عظم الله أجوركم ..
بقلمي / المهندس يحيى غالي ياسين