( شروط القبول الفكري وماهية الانفتاح الانساني)
كان الاقبال المتزايد على معرض الكتاب التابع لمهرجان ربيع الشهادة الثالث عشر والمقام بين الحرمين الشريفين متوقعا منذ انطلاقته لما يمتلكه من جواذب فكرية وثقافية اثر التنوع الذي شهده في معارض الدورات السابقة ،مع وجود اضافات واضحة لجهد كبير ياتي ضمن مساعي الاستنهاض في وقت انصرف معظم شبابنا عن الكتاب الى وسائل ووسائط ثقافيةأخرى ، وعندما نشاهد هذا الاقبال سنؤمن ان فعالية من فعاليات هذا المهرجان قد نالت حضورا حقيقيا له طعمه الخاص ، فالنجاح في مساحة مابين الحرمين له متطلبات خاصة من حيث قدسية المكان ومنهجية العرض ليس كما موجود في المعارض الاخرى المنفتحة على حرية اكبر ،فمن الممكن في المعارض الاخرى رفع جميع الشروط الا ما يليق بالذائقة العامة باعتبارها سوق يستقبل المنتج المعد من قبل دور النشر ، مسألة النجاح تكمن في تحقيق هذا التوازن الواعي بين استجابة دور النشر لهذه الشروط والاقبال الجماهيري الذي سيكون معنيا بجوهر ثقافة الانتماء مع الحفاظ على هذه المساحة التي يتم فيها عرض المنتوج والتي تقدر ب3000م2 وهذا النجاح ليس سهلا وكان متوقعا لما يتمتع به القائمون عليه من خبرة ، واما قدرة الانفتاح على العالم موجودة بقيمه الثقافية والفكرية مع مراعاة عرض الافكار والمبادىء وكل ما يمكن ان يبقى في مساحة هذا الانفتاح والتلاقح الفكري دون المساس بالقيم الانسانية، وهذا هو الذي يمنحنا شرعية العنونة ، باعتبار هذا المهرجان مشروعا انسانيا فاعلا ، والمشاريع الانسانية بطبيعتها لا تسمح باية اسقاطات سياسية أو فكرية تتجاوز على بنية القبول الانساني وهذا هو المحور الذي نسميه الشروط لابمعناه الحصري وانما بمعنى الابتعاد عن العزلة الفكرية للمحافظة على جوهر الثقافة الانسانية المنفتحة والتي ترفض الانغلاق بكل انواعه ، الانغلاق لايمثل الجهد الانساني التواصلي العام ، هذا الفعل قائم للمحافظة على جوهر الثقافة الانسانية من المشوه الفكري ، وعدم السماح للارتكاز على المساعي الربحية فقط ولهذا تم توزيع مساحات العرض على المشاركين دون ثمن مقابل ، سعيا لتأسيس منافسات ثقافية تستوعب الهويات والدول المشاركة وتوجهات دور النشر بكافة انتماءاتها الفكرية والسياسية ، هناك دور نشر من مصر ومن لبنان وسوريا والاردن وكذلك من الكويت والسعودية والجزائر مع مشاركة ايران والهند مما يتيح للمتلقي الانفتاح على هذه الهويات جميعها ، وهذه هي الفرصة الذهبية بالنسبة للقارىء العراقي، وتوضيح مهم لمفهوم الشروط الموضوعة والتي يعني التمسك بالشرط الانساني وبمسؤولية الثقافة في شرعية التواصل ، وتحقيق تلاحم الامم فكريا وثقافيا عبر الوعي ، وهذه الشروط هي عزة نفس العراقي في نوعية اختياره للانفتاح الذي يحافظ على انسانية الثقافة منطلقين من الحضور المقدس للعتبتين المباركتين والذي يفصح عن روح الالتزام الثقافي ومسؤولية البناء الانساني في اسمى مراحله الايمانية ونجاح معرض الكتاب يتنامى انسانيا عاما بعد عام