بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى: "و الجان خلقناه من قبل من نار السموم" قال الراغب: السموم الريح الحارة تؤثر تأثير السم.
انتهى.
و أصل الجن الستر و هو معنى سار في جميع ما اشتق منه كالجن و المجنة و الجنة و الجنين و الجنان بالفتح و جن عليه الليل و غير ذلك.
و الجن طائفة من الموجودات مستورة بالطبع عن حواسنا ذات شعور و إرادة تكرر في القرآن الكريم ذكرهم و نسب إليهم أعمال عجيبة و حركات سريعة كما في قصص سليمان (عليه السلام) و هم مكلفون و يعيشون و يموتون و يحشرون تدل على ذلك كله آيات كثيرة متفرقة في كلامه تعالى.
و أما الجان فهل هو الجن بعينه أو هو أبو الجن كما أن آدم (عليه السلام) أبو البشر كما عن ابن عباس أو هو إبليس نفسه كما عن الحسن أو الجان نسل إبليس من الجن أو هو نوع من الجن كما ذكره الراغب؟ أقوال مختلفة لا دليل على أكثرها.
و الذي يهدي إليه التدبر في كلامه تعالى أنه قابل في هاتين الآيتين الإنسان بالجان فجعلهما نوعين اثنين لا يخلوان عن نوع من الارتباط في خلقتهما، و نظير ذلك قوله: "خلق الإنسان من صلصال كالفخار و خلق الجان من مارج من نار": الرحمن: 15.
و لا يخلو سياق ما نحن فيه من الآيات من دلالة على أن إبليس كان جانا و إلا لغا قوله: "و الجان خلقناه من قبل" إلخ، و قد قال تعالى في موضع آخر من كلامه في إبليس: "كان من الجن ففسق عن أمر ربه": الكهف: 50، فأفاد أن هذا الجان المذكور هو الجن نفسه أو هو نوع من أنواع الجن ثم ترك سبحانه في سائر كلامه ذكر الجان من أصله و لم يذكر إلا الجن حتى في موارد يعم الكلام فيها إبليس و قبيله كقوله تعالى: "شياطين الإنس و الجن": الأنعام: 112، و قوله: "و حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن و الإنس": حم السجدة: 25، و قوله: "سنفرغ لكم أيها الثقلان - إلى أن قال - يا معشر الجن و الإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات و الأرض فانفذوا": الرحمن: 33.
و ظاهر هذه الآيات من جهة المقابلة الواقعة فيها بين الإنسان و الجان تارة و بين الإنس و الجن أخرى أن الجن و الجان واحد و إن اختلف التعبير.
و ظاهر المقابلة بين قوله: "و لقد خلقنا الإنسان" إلخ، و قوله: "و الجان خلقناه من قبل" إلخ أن خلق الجان من نار السموم المراد به الخلق الابتدائي و بدء ظهور النوع كخلق الإنسان من صلصال، و هل كان استمرار الخلقة في أفراد الجان المستتبع لبقاء النوع على سنة الخلق الأول من نار السموم بخلاف الإنسان حيث بدىء خلقه من تراب ثم استمر بالنطفة كلامه سبحانه خال عن بيانه ظاهرا غير ما في بعض كلامه من نسبة الذرية إلى إبليس كما قال: "أ فتتخذونه و ذريته أولياء من دوني": الكهف: 50، و نسبة الموت إليهم كما في قوله: "قد خلت من قبلهم من الجن و الإنس": حم السجدة: 25، و المألوف من نوع فيه ذرية و موت هو التناسل و الكلام بعد في هذا التناسل هل هو بسفاد كسفاد نوع من الحيوان أو بغير ذلك؟.
و قوله: "خلقناه من قبل" مقطوع الإضافة أي من قبل خلق الإنسان و القرينة هي المقابلة بين الخلقين.
و عد مبدأ خلق الجان في الآية هو نار السموم لا ينافي ما في سورة الرحمن من عده مارجا من نار أي لهيبا مختلطا بدخان فإن الآيتين تلخصان أن مبدأ خلقه ريح سموم اشتعلت فكانت مارج نار.
قال تعالى: "و الجان خلقناه من قبل من نار السموم" قال الراغب: السموم الريح الحارة تؤثر تأثير السم.
انتهى.
و أصل الجن الستر و هو معنى سار في جميع ما اشتق منه كالجن و المجنة و الجنة و الجنين و الجنان بالفتح و جن عليه الليل و غير ذلك.
و الجن طائفة من الموجودات مستورة بالطبع عن حواسنا ذات شعور و إرادة تكرر في القرآن الكريم ذكرهم و نسب إليهم أعمال عجيبة و حركات سريعة كما في قصص سليمان (عليه السلام) و هم مكلفون و يعيشون و يموتون و يحشرون تدل على ذلك كله آيات كثيرة متفرقة في كلامه تعالى.
و أما الجان فهل هو الجن بعينه أو هو أبو الجن كما أن آدم (عليه السلام) أبو البشر كما عن ابن عباس أو هو إبليس نفسه كما عن الحسن أو الجان نسل إبليس من الجن أو هو نوع من الجن كما ذكره الراغب؟ أقوال مختلفة لا دليل على أكثرها.
و الذي يهدي إليه التدبر في كلامه تعالى أنه قابل في هاتين الآيتين الإنسان بالجان فجعلهما نوعين اثنين لا يخلوان عن نوع من الارتباط في خلقتهما، و نظير ذلك قوله: "خلق الإنسان من صلصال كالفخار و خلق الجان من مارج من نار": الرحمن: 15.
و لا يخلو سياق ما نحن فيه من الآيات من دلالة على أن إبليس كان جانا و إلا لغا قوله: "و الجان خلقناه من قبل" إلخ، و قد قال تعالى في موضع آخر من كلامه في إبليس: "كان من الجن ففسق عن أمر ربه": الكهف: 50، فأفاد أن هذا الجان المذكور هو الجن نفسه أو هو نوع من أنواع الجن ثم ترك سبحانه في سائر كلامه ذكر الجان من أصله و لم يذكر إلا الجن حتى في موارد يعم الكلام فيها إبليس و قبيله كقوله تعالى: "شياطين الإنس و الجن": الأنعام: 112، و قوله: "و حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن و الإنس": حم السجدة: 25، و قوله: "سنفرغ لكم أيها الثقلان - إلى أن قال - يا معشر الجن و الإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات و الأرض فانفذوا": الرحمن: 33.
و ظاهر هذه الآيات من جهة المقابلة الواقعة فيها بين الإنسان و الجان تارة و بين الإنس و الجن أخرى أن الجن و الجان واحد و إن اختلف التعبير.
و ظاهر المقابلة بين قوله: "و لقد خلقنا الإنسان" إلخ، و قوله: "و الجان خلقناه من قبل" إلخ أن خلق الجان من نار السموم المراد به الخلق الابتدائي و بدء ظهور النوع كخلق الإنسان من صلصال، و هل كان استمرار الخلقة في أفراد الجان المستتبع لبقاء النوع على سنة الخلق الأول من نار السموم بخلاف الإنسان حيث بدىء خلقه من تراب ثم استمر بالنطفة كلامه سبحانه خال عن بيانه ظاهرا غير ما في بعض كلامه من نسبة الذرية إلى إبليس كما قال: "أ فتتخذونه و ذريته أولياء من دوني": الكهف: 50، و نسبة الموت إليهم كما في قوله: "قد خلت من قبلهم من الجن و الإنس": حم السجدة: 25، و المألوف من نوع فيه ذرية و موت هو التناسل و الكلام بعد في هذا التناسل هل هو بسفاد كسفاد نوع من الحيوان أو بغير ذلك؟.
و قوله: "خلقناه من قبل" مقطوع الإضافة أي من قبل خلق الإنسان و القرينة هي المقابلة بين الخلقين.
و عد مبدأ خلق الجان في الآية هو نار السموم لا ينافي ما في سورة الرحمن من عده مارجا من نار أي لهيبا مختلطا بدخان فإن الآيتين تلخصان أن مبدأ خلقه ريح سموم اشتعلت فكانت مارج نار.