بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
كتب العلّامة النوري في دار السلام ، فقال : أخبرني الشيخ جعفر التستري رحمهالله قال : لمّا أنهيت الطلب للعلوم الدينيّة وآن أوان النشر والانتاج والإنذار ، عدت إلى وطني الذي ألفته وشرعت في إرشاد الناس وهدايتهم وتبليغ الأحكام الدينيّة ، وبما أنّي لم أتمرّس على الصناعة المنبريّة فقد كنت في شهر رمضان أعظ الناس من تفسير الصافي وكذلك في أيّام الجمع من على المنبر ، وفي أيّام عاشوراء أقرأ كتاب روضة الشهداء لملّا حسين الكاشفي ، فلم يكن يحصل ما أُريد من الوعظ المفيد والإنذار الجيّد والبكاء المطلوب ، حتّى مرّ عليَّ وأنا على هذه الحالة سنوات عدّة ، ولمّا هلّ علينا المحرّم قلت في نفسي : إلى كم أنا ثابت لا أحول ولا أزول عن ملازمة الكتاب ، وفي التعزية وذكر المصاب أفزع إلى الكتاب فأقرأ فيه المصيبة ، فعزمت على إحداث التغيير ولكن لم تسعف الحال ولم آت بشيء يرضيني ، ومِن ثمّ ساءت خلقي واعترتني كآبة لذلك وأحسست بقلبي الكسير وطبعي الشرس.
فرأيت في عالم النوم أنّي في كربلاء وكأنّي في اليوم الذي نزل فيه الحسين بكربلاء ، ورأيت مضارب الحسين عليه السلام في ناحية من الأرض والعساكر في ناحية أُخرى وهي مستعدة للنزال ، فدخلت خباء سيّد الشهداء عليه السلام وسلّمت عليه فاستدعاني وأجلسني إلى جنبه وراح يداعبني ، ثمّ التفت إلى حبيب وقال له : شيخ جعفر اليوم ضيفنا والماء لا يوجد عندنا ولكن جئنا بالسويق ، فأقبل به حبيب
ومعه ملعقة فتناولت منه ملاعق وانتبهت من نومي ، ففتح الله عليَّ من بركة تلكم الأكلات وتعلّمت جانباً من الإشارات وأخبار المصائب واللطائف والكنايات ، ووقفت على أسرارها فلم يسبقني بعد ذلك أحد ، وكلّما مرّت الأيّام يزداد نشاط العقل في هذا المجال حتّى بلغت غايتي ونلت مرامي. (١)
------------------------------------
١) قال العلّامة الحاج النوري قدس سره بعد نقله هذه الحكاية : أمره فيما ذكره أعظم من أن يوصف ، ومقامه في هذا المضمار أعلى من أن يعرف ، وقد هجم عليه في هذه السنة التي هاجر فيها إلى النجف جلّ الفضلاء وأعاظم العلماء ، وأقتبس من أنوار تحقيقاته ، وصار تحت منبره في شهر رمضان وعاشوراء ويوم الجمعة ويوم الخميس محفلاً عظيماً يغبطه سكّان الملأ الأعلى ، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، اللهمّ ارزقنا منه شيئاً.
وفي ترجمته قال : العالم الجليل والمعظّم النبيل الشيخ الأعظم الرفيع الشأن اللّامع البرهان ، كشّاف حقائق الشريعة بطرائف البيان ، لم يطمثهنّ قبله إنس ولا جان ، ناموس العصر وفريد الدهر ، الفقيه النبيه والواعظ الوجيه ، الزاهد العابد الراكع الساجد صاحب الكشف والكرامات ، النور الأزهر ابن الحسين مولانا الشيخ جعفر الشوشتري طاب ثراه وجعل الجنّة مثواه ، كان من أكابر علمائنا المجتهدين وأفاخم فقهائنا المحقّقين وأعاظم أصحابنا المحدّثين ، جمع بين صناعات العلوم من معقولها .. الخ كلماته بطولها ، ولد في تستر ونشأ بها وتوفّي سنة ١٣٣٣ في شهر صفر ودفن في النجف ، رضوان الله عليه.
كتب العلّامة النوري في دار السلام ، فقال : أخبرني الشيخ جعفر التستري رحمهالله قال : لمّا أنهيت الطلب للعلوم الدينيّة وآن أوان النشر والانتاج والإنذار ، عدت إلى وطني الذي ألفته وشرعت في إرشاد الناس وهدايتهم وتبليغ الأحكام الدينيّة ، وبما أنّي لم أتمرّس على الصناعة المنبريّة فقد كنت في شهر رمضان أعظ الناس من تفسير الصافي وكذلك في أيّام الجمع من على المنبر ، وفي أيّام عاشوراء أقرأ كتاب روضة الشهداء لملّا حسين الكاشفي ، فلم يكن يحصل ما أُريد من الوعظ المفيد والإنذار الجيّد والبكاء المطلوب ، حتّى مرّ عليَّ وأنا على هذه الحالة سنوات عدّة ، ولمّا هلّ علينا المحرّم قلت في نفسي : إلى كم أنا ثابت لا أحول ولا أزول عن ملازمة الكتاب ، وفي التعزية وذكر المصاب أفزع إلى الكتاب فأقرأ فيه المصيبة ، فعزمت على إحداث التغيير ولكن لم تسعف الحال ولم آت بشيء يرضيني ، ومِن ثمّ ساءت خلقي واعترتني كآبة لذلك وأحسست بقلبي الكسير وطبعي الشرس.
فرأيت في عالم النوم أنّي في كربلاء وكأنّي في اليوم الذي نزل فيه الحسين بكربلاء ، ورأيت مضارب الحسين عليه السلام في ناحية من الأرض والعساكر في ناحية أُخرى وهي مستعدة للنزال ، فدخلت خباء سيّد الشهداء عليه السلام وسلّمت عليه فاستدعاني وأجلسني إلى جنبه وراح يداعبني ، ثمّ التفت إلى حبيب وقال له : شيخ جعفر اليوم ضيفنا والماء لا يوجد عندنا ولكن جئنا بالسويق ، فأقبل به حبيب
ومعه ملعقة فتناولت منه ملاعق وانتبهت من نومي ، ففتح الله عليَّ من بركة تلكم الأكلات وتعلّمت جانباً من الإشارات وأخبار المصائب واللطائف والكنايات ، ووقفت على أسرارها فلم يسبقني بعد ذلك أحد ، وكلّما مرّت الأيّام يزداد نشاط العقل في هذا المجال حتّى بلغت غايتي ونلت مرامي. (١)
------------------------------------
١) قال العلّامة الحاج النوري قدس سره بعد نقله هذه الحكاية : أمره فيما ذكره أعظم من أن يوصف ، ومقامه في هذا المضمار أعلى من أن يعرف ، وقد هجم عليه في هذه السنة التي هاجر فيها إلى النجف جلّ الفضلاء وأعاظم العلماء ، وأقتبس من أنوار تحقيقاته ، وصار تحت منبره في شهر رمضان وعاشوراء ويوم الجمعة ويوم الخميس محفلاً عظيماً يغبطه سكّان الملأ الأعلى ، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، اللهمّ ارزقنا منه شيئاً.
وفي ترجمته قال : العالم الجليل والمعظّم النبيل الشيخ الأعظم الرفيع الشأن اللّامع البرهان ، كشّاف حقائق الشريعة بطرائف البيان ، لم يطمثهنّ قبله إنس ولا جان ، ناموس العصر وفريد الدهر ، الفقيه النبيه والواعظ الوجيه ، الزاهد العابد الراكع الساجد صاحب الكشف والكرامات ، النور الأزهر ابن الحسين مولانا الشيخ جعفر الشوشتري طاب ثراه وجعل الجنّة مثواه ، كان من أكابر علمائنا المجتهدين وأفاخم فقهائنا المحقّقين وأعاظم أصحابنا المحدّثين ، جمع بين صناعات العلوم من معقولها .. الخ كلماته بطولها ، ولد في تستر ونشأ بها وتوفّي سنة ١٣٣٣ في شهر صفر ودفن في النجف ، رضوان الله عليه.
تعليق