يفد علينا بأجوائه القدسيّة المفعمة بالتضرّع والخشوع والإنابة لربّ العالمين وأرحم الراحمين المشحونة بالأعمال الصالحة.
فيبدأ بتقديم الدعوة من ربّ الأرباب إلى عباده الفقراء؛ لينهلوا من واسع رحمته، فيكرمهم بهذه الدعوة لمدة شهر كامل ويجعلهم فيه من أهل كرامته.
فما أروع أنْ نستشعر عظمة هذه الدعوة وهذا التكريم الذي خصّه الله تعالى للعباد.
وأنْ نوطن النفوس لاستقبال شهر رمضان بالأمل والتفاؤل، الأمل بالغفران والتفاؤل بنيل الجنة والرضوان.
إنّ هذا الشهر قطعة من أفضل الأزمان، فعن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام قال: "إنّ رسول الله صلى الله عليه واله خطبنا ذات يوم فقال: أيّها الناس إنه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة، شهر هو عند الله أفضل الشهور، وأيامه أفضل الأيام، ولياليه أفضل الليالي، وساعاته أفضل الساعات..".(1)
إنّ التهيّؤ والاستعداد لتلقي هذه الفيوضات في شهر الله تعالى واستشعار الكرامة الإلهية حيث يرفع الإنسان عن مستوى المادة، وتسمو لديه الروحانية، وتقوى عزائمه للطّاعات، ويُصبح أداء هذه الفريضة العظيمة ممزوجاً بالشكر لله تعالى؛ لأنه أنعم علينا بشهرٍ قرنه بنفسه تعالى ورزقنا صيامه، وأشركنا مع أوليائه في هذه الطاعة المميزة.
قال تعالى: Pيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَo/ (البقرة:183).
ليأخذ بأيدينا نحو الكمال، وتنهال علينا البشائر بقدوم شهر الصيام حينما نتدبر في خطبة الحبيب المصطفى صلى الله عليه واله التي خطبها في المسلمين عند إقبال شهر رمضان، حيث قال: "..أنفاسكم فيه تسبيح، ونومكم فيه عبادة، وعملكم فيه مقبول، ودعاؤكم فيه مستجاب".(2)
إنها فرصة ثمينة يجب أنْ نُحسن الاستفادة منها، وأنْ نستشعر كلّ لحظة ونجعلها عامرة بذكر الله تعالى وطاعته سبحانه؛ لنكون من الفائزين بكرامته، ونسأله بنيّات صادقة وقلوب طاهرة أنْ يوفقنا لصيامه وتلاوة كتابه، قال رسول الله صلى الله عليه واله في خطبته: ".. فإنّ الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم".(3)
..............................
(1) ، (2)، (3) مستدرك سفينة البحار: ج6، ص415.
وسن نوري الربيعي
تم نشره في العدد96
تعليق