أهميّة القرآن الكريم عند أهل البيت (عليهم السلام)
هذا أميرالمؤمنين علي عليه السلام يقول في شأن القرآن موجِّهاً أنظار المسلمين إلى أهميَّة هذا الكتاب الإلهيّ المقدس:
«اللهَ الله أيُّها النّاسُ فيما استحفَظَكم من كتابه».
وقال في هذا المجال أيضاً:
«عَليكُم بكتاب الله فإنَّه الحَبلُ المتين، والنّورُ المبين، والشّفاءُ النّافع، والرِّيّ الناقِع، والعصمةُ للمتمسّك، والنّجاةُ للمتعلِّق، لا يَعْوَجُّ فيُقام، ولا يَزيغُ فَيُستَعتَب».
وهذا الإمام سيّدالساجدين علي بن الحسين عليه السّلام يقول عن القرآن الكريم:
«لو ماتَ مَن بينَ المشرق والمغرِب لَما اْستوحشتُ، بعد أن يكون القرآن معي».
ولم يكن هذا بالأمر الغريب، فهم سلام الله عليهم قُرَناء الكتاب حسب حديث (الثّقلين) المتواتر ، وهما معاً يشكّلان المصدرَين الأساسِيَّين للمعرفة الإسلاميّة بعد ارتحال رسول الله صلّى الله عليه وآله، فلا غرابة أن تهتمّ العترةُ النّبويّة بالكتاب وتلفت النظر إليه، كما اهتمّ الكتاب بالعترة الطاهرة، ولَفت الأنظار إليها بقوله: «إنّما يريدُ الله ليُذهب عنكم الرّجس أهل البيتِ ويطهّركم تطهيراً» ، وقوله: «قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المَودَّة في القربى» .
من هنا حثَّ أهلُ البيت عليهم السّلام كثيراً على العناية بالقرآن الكريم بجميع الأشكال والصور:
• قال الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام:
«تعلّموا القرآن فانه أحسن الحديث، وتفقّهوا فيه فإنَّه ربيع
القلوب».
• وقال حفيده الإمام جعفرالصادق عليه السّلام:
«يَنْبغي للمؤمن أنْ لا يموت حتّى يَتعَلّم القرآنَ، أو يكونَ في تعلّمه».
• وقال الإمام الصّادق عليه السّلام أيضاً:
«مَنْ شُدِّدَ عليه في القرآن كان له أجران، ومن يُسِّرَ له كان مع الأوَّلين».
وأكَّدوا على تعليمه للشّباب والأولاد خاصة.
• قال الإمام الحسن بن علي العسكري عليه السّلام:
«إنّ القرآن يأتي يومَ القيامة بالرّجل الشّاحبِ يقولُ لربّه: يا ربّ، هذا أظمأتُ نهارَه، وأسهرتُ ليلَه، وقوّيت في رحمتك طمعه، وفسحتُ في رحمتك أمله، فكن عند ظنّي فيك وظنّه. يقول الله تعالى: اُعطوه المُلكَ بيمينه والخُلد بِشماله، واقرِنوه بأزواجه من الحور العين، واكسُوا والديه حلّة لا تقوم لها الدّنيا بما فيها، فينظر إليهما الخلائق فيعظّمونهما، وينظران إلى أنفسهما فيعجبان منهما، فيقولان: يا ربّنا، أنّى لنا هذه ولَم تَبلُغْها أعمالُنا ؟! فيقول الله عزّوجلّ: ومع هذا تاج الكرامة، لم يَرَ مثلَه الرّاؤون ولم يسمع بمثله السّامعون، ولا يتفكَّر في مثله المتفكّرون، فيقال: هذا بتعليمكما ولدَكُما القرآن، وبتبصيركما إيّاه بدين الإسلام، وبرياضتكما إيّاه على حُبّ محمّد رسول الله وعليّ وليّ الله صلوات الله عليهما، وتفقيهكما إيّاه بفقههما».
• وقال الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السّلام في هذا الصّدد:
«إنّ الله عزّوجلّ لَيهمُّ بعذاب أهل الأرض جميعاً حتّى لا يحاشي منهم أحداً إذا عَمِلوا بالمعاصي واجترحوا السّيّئات، فإذا نظر إلى الشِّيب ناقلي أقدامهم إلى الصَّلوات، والوِلدان يتعلَّمون القرآن، رحمَهُم فأخَّر ذلك عنهم».
ودعا الأئمّة الطّاهرون النّاسَ وشيعتهم خاصّة إلى الإكثار من قراءة القرآن الكريم وتلاوة آياته.
• قال الإمام محمد بن علي الباقر عليه السّلام:
«إنّما شيعةُ علّي.. كثيرةٌ صَلاتُهم كثيرةٌ تلاوتُهم للقرآن».
• وقال الإمام جعفر الصادق عليه السّلام:
«عليكُم بتلاوة القرآن؛ فإنَّ درجاتِ الجنّة على عَدَد آيات القرآن، فإذا كان يومُ القيامة قيل لقارئ القرآن: إقْرَاْ وارقَ. فكلّما قرأ آية يرقى درجة».
• وقال عليه السّلام أيضاً:
«القرآنُ عهدُ الله إلى خلقه، فقد ينبغي للمرء المسلم أن يَنظُر في عهده، وأن يقرأ منه في كل يوم خمسين آية».
• وقال عليه السّلام كذلك وهو يؤكد على التّلاوة في المصحف بالذّات:
«مَن قرأ القرآن في المصحَف مُتِّعَ ببصره وخُفّفَ عن والِدَيه وإن كانا كافرَين».
• وسئِلَ الإمام زين العابدين عليّ بن الحسين عليه السّلام ذات مرّة: أيّ الأعمال أفضل ؟ فقال: الحالُّ المُرْتحِل. فقيل: وما الحالُّ المرتحِل ؟ فقال عليه السّلام: «فَتْح القرآن وَخَتْمه، كلّما جَاءَ بأوّله ارتحَلَ في آخره».
أي خَتَمَ القرآن وابتَدَأ بأوّله ولم يفصل بينهما بزمان .
وحثَّ الأئمّة من أهل البيت عليهم صلوات الله على حفظ آيات القرآن واستظهارها، وقراءتها عن ظهر قلب ليختلط بدم المسلم ولحمه، ويملأ عقلَه وفؤادَه:
• قال الإمام جعفر الصّادق عليه السّلام:
«إقرَأُوا القُرآنَ واستَظهِروه؛ فإنَّ اللهَ لا يُعَذّبُ قلبَاً وعَى الْقرآن».
• وقال عليه السّلام في هذا الصدد:
«مَن استَظْهَرَ القرآن، وحفِظه وأحلّ حلالَه وحرَّم حرامَه أدخلَه الله الجنّة به، وشفّعه في عشرة من أهله كلّهم قد وجبَ لهمُ النّار».
• وعمّن يعالج حفظ القرآن وهو يعاني من ضعف الذّاكرة وقلّة الحفظ.. قال الإمام جعفر الصّادق عليه السّلام:
«إنّ الذي يعالجُ القرآن ليحفَظَه بمشقّة مِنهُ، وقِلّة حِفظه، له أجران».
وأكدّوا عليهم السّلام أن يؤكّدوا على قراءة القرآن الكريم بالصَّوت الحَسَن؛ لأنَّ ذلك يزيد من روعته وجماله، ويساعد على تأثيره في النفوس ونفوذه في القلوب. فالصَّوت الحَسَن قيمة جماليّة وأحرى بها أن تَنْضمَّ إلى أجمل جَمالات الكون، ألا وهو القرآن الكريم، وبالتالي تتناسق نغمة الصوت الحسن ونسمة الوحي المقدّس لتحيي القلوب، وتنعش النّفوس. ألم يَقُل رسول الله صلّى الله عليه وآله: «إنّ مِن أجمل الجمال الشِّعر الحسن، ونَغمةُ الصَّوتِ الحَسَن».
فأيّ موضع أجدر بأن تستعمل فيه هذه الموهبة الألهيّة من قراءة القرآن وتلاوته؟!
• وقال الإمامُ أبو جعفر الباقر عليه السّلام لأبي بصير عندما قال للإمام عليه السّلام: إذا قرأتُ القرآن فرفعتُ به صَوتي جاءني الشّيطانُ فقال: إنّما تُرائي بهذا أهلَكَ والناسَ:
«يا أبا محمّد، إقرأ قراءَة ما بين القراءتين تُسمعُ أهلَك، ورجِّع بالقرآن صوتَك؛ فإنَّ الله عزّوجلّ يحبّ الصّوتَ الحَسَن يُرجَّع فيه ترجيعاً».
أي إقرأ قراءةً متوسّطةً، لا هي بالخفيَّة التي لا تُسمَع، ولا هي بالعالية التي تَصُكُّ الآذان.
ومن هنا قال الإمام أبو عبدالله جعفر الصادق عليه السّلام:
«يكرَه أن يُقرَأ قل هو اللهُ أحد، بنَفَس واحد». لأن ذلك من شأنه التقليل من فرَص الانتباه إلى جمال هذه السورة، والتقليل بالتالي من نفوذها في نفس القارئ والسّامع.
وقد كانت تلاوة القرآن بالصَّوت الحَسَن والقراءة الجميلة هو ما عُرف عن أهل البيت عليهم السّلام.
• عن أبي عبدالله الإمام جعفر الصّادق عليه السّلام أنه قال:
«كان عليّ بن الحسين (السجّاد) صلوات الله عليه أحسَنَ النّاس صوتاً بالقرآن، وكانَ السَّقّاؤون يمرُّون فيقفون ببابه يسمَعون قراءته. وكان أبو جعفر (الباقر) عليه السّلام أحسَنَ النّاس صوتاً (أي بالقرآن)». وممّا أكّد أهل البيت عليهم السّلام عليه في مجال القرآن هو قراءته في البيوت، ووجود مصحف شريف في البيت، لما يتركه ذلك (أي القراءة ووجود المصحف الكريم في البيت) من آثار معنوية في نفوس أهله وعقولهم وخلقهم وسلوكهم وحياتهم بصورة عامّة.
• قال الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام:
«البيت الذي يُقرَأُ فيه القرآن ويذكَرُ الله عزَّ وجلّ فيه تكثر بركته، وتحضره الملائكة، وتهجره الشّياطين، ويُضيء لأهل السّماء كما تضيء الكواكب لأهل الأرض. وانّ البيت الذي لا يُقرأ فيه القرآن ولا يُذكر الله عزّوجلّ فيه تقلّ بركته، وتهجره الملائكة، وتحضره الشّياطين».
• وقال الإمام الباقر محمّد بن عليّ عليه السّلام في هذا الصّدد:
«إنّي لَيُعجبني أن يكون في البيت مصحف يطرد اللهُ عزّوجلّ به الشّياطين».
كما أكّدوا عليهم السّلام على ختم القرآن الكريم في مكّة المكرمة، أي في أجواء نزول القرآن المكانيّة، وإن حُرِمنا من أجوائها الزّمانيّة، ومن المعلوم ما للأجواء الزّمانيّة والمكانيّة من تأثير وإيحاء نفسي.
• قال الإمام محمّد الباقر عليه السّلام:
«مَن خَتَم القرآن بمكّة لم يَمُت حتّى يرى رسول الله صلّى الله عليه وآله، ويرى منزلَه من الجنّة».
وكان التأكيد أيضاً على كثرة تلاوة القرآن الكريم في شهر رمضان، شهر نزول القرآن الكريم الذي يمثلّ الأجواء الزّمانيّة، أليس نزول القرآن كان في شهر رمضان ؟!
• في فقه الرضا عليه السّلام
في باب الصوم:
«وأَكثِرْ في هذا الشّهر المبارك من قراءة القرآن».
أما الإصغاء إلى القرآن الكريم عند تلاوته، احتراماً وتبجيلاً، بل واحترام القرآن الكريم مطلقاً، وفي كلّ زمان ومكان، فقد ورد عن أهل البيت عليهم السّلام في شأنه وحقّه ما يحمل المسلم على احترام الكتاب العزيز أشدّ الاحترام، وتكريمه أشدّ الإكرام.
• قال الإمام جعفر الصّادق عليه السّلام:
«مَن استَمع حَرفاً مِن كتاب الله من غير قراءة كَتَب اللهُ له حسنة، ومحا عنه سيّئةً، ورفعَ له درجة».
• وقال عليه السّلام أيضاً:
«يجبُ الإنصات للقرآن في الصّلاة وغيرها، وإذا قُرِئ عندك القرآنُ وَجَب عليكَ الإنصات والاستماع له».
• وقال عليّ عليه السّلام عن المواضع التي ينبغي أو يجب تجنُّبُ قراءة القرآن فيها إكراماً له، وحفظاً لشأنه:
«سبعةٌ لا يَقرأون القرآنِ: الرّاكعُ والسّاجدُ، وفي الكنيفِ وفي الحمّام، والجنُب والنُفَساء والحائض».
هذا أميرالمؤمنين علي عليه السلام يقول في شأن القرآن موجِّهاً أنظار المسلمين إلى أهميَّة هذا الكتاب الإلهيّ المقدس:
«اللهَ الله أيُّها النّاسُ فيما استحفَظَكم من كتابه».
وقال في هذا المجال أيضاً:
«عَليكُم بكتاب الله فإنَّه الحَبلُ المتين، والنّورُ المبين، والشّفاءُ النّافع، والرِّيّ الناقِع، والعصمةُ للمتمسّك، والنّجاةُ للمتعلِّق، لا يَعْوَجُّ فيُقام، ولا يَزيغُ فَيُستَعتَب».
وهذا الإمام سيّدالساجدين علي بن الحسين عليه السّلام يقول عن القرآن الكريم:
«لو ماتَ مَن بينَ المشرق والمغرِب لَما اْستوحشتُ، بعد أن يكون القرآن معي».
ولم يكن هذا بالأمر الغريب، فهم سلام الله عليهم قُرَناء الكتاب حسب حديث (الثّقلين) المتواتر ، وهما معاً يشكّلان المصدرَين الأساسِيَّين للمعرفة الإسلاميّة بعد ارتحال رسول الله صلّى الله عليه وآله، فلا غرابة أن تهتمّ العترةُ النّبويّة بالكتاب وتلفت النظر إليه، كما اهتمّ الكتاب بالعترة الطاهرة، ولَفت الأنظار إليها بقوله: «إنّما يريدُ الله ليُذهب عنكم الرّجس أهل البيتِ ويطهّركم تطهيراً» ، وقوله: «قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المَودَّة في القربى» .
من هنا حثَّ أهلُ البيت عليهم السّلام كثيراً على العناية بالقرآن الكريم بجميع الأشكال والصور:
• قال الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام:
«تعلّموا القرآن فانه أحسن الحديث، وتفقّهوا فيه فإنَّه ربيع
القلوب».
• وقال حفيده الإمام جعفرالصادق عليه السّلام:
«يَنْبغي للمؤمن أنْ لا يموت حتّى يَتعَلّم القرآنَ، أو يكونَ في تعلّمه».
• وقال الإمام الصّادق عليه السّلام أيضاً:
«مَنْ شُدِّدَ عليه في القرآن كان له أجران، ومن يُسِّرَ له كان مع الأوَّلين».
وأكَّدوا على تعليمه للشّباب والأولاد خاصة.
• قال الإمام الحسن بن علي العسكري عليه السّلام:
«إنّ القرآن يأتي يومَ القيامة بالرّجل الشّاحبِ يقولُ لربّه: يا ربّ، هذا أظمأتُ نهارَه، وأسهرتُ ليلَه، وقوّيت في رحمتك طمعه، وفسحتُ في رحمتك أمله، فكن عند ظنّي فيك وظنّه. يقول الله تعالى: اُعطوه المُلكَ بيمينه والخُلد بِشماله، واقرِنوه بأزواجه من الحور العين، واكسُوا والديه حلّة لا تقوم لها الدّنيا بما فيها، فينظر إليهما الخلائق فيعظّمونهما، وينظران إلى أنفسهما فيعجبان منهما، فيقولان: يا ربّنا، أنّى لنا هذه ولَم تَبلُغْها أعمالُنا ؟! فيقول الله عزّوجلّ: ومع هذا تاج الكرامة، لم يَرَ مثلَه الرّاؤون ولم يسمع بمثله السّامعون، ولا يتفكَّر في مثله المتفكّرون، فيقال: هذا بتعليمكما ولدَكُما القرآن، وبتبصيركما إيّاه بدين الإسلام، وبرياضتكما إيّاه على حُبّ محمّد رسول الله وعليّ وليّ الله صلوات الله عليهما، وتفقيهكما إيّاه بفقههما».
• وقال الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السّلام في هذا الصّدد:
«إنّ الله عزّوجلّ لَيهمُّ بعذاب أهل الأرض جميعاً حتّى لا يحاشي منهم أحداً إذا عَمِلوا بالمعاصي واجترحوا السّيّئات، فإذا نظر إلى الشِّيب ناقلي أقدامهم إلى الصَّلوات، والوِلدان يتعلَّمون القرآن، رحمَهُم فأخَّر ذلك عنهم».
ودعا الأئمّة الطّاهرون النّاسَ وشيعتهم خاصّة إلى الإكثار من قراءة القرآن الكريم وتلاوة آياته.
• قال الإمام محمد بن علي الباقر عليه السّلام:
«إنّما شيعةُ علّي.. كثيرةٌ صَلاتُهم كثيرةٌ تلاوتُهم للقرآن».
• وقال الإمام جعفر الصادق عليه السّلام:
«عليكُم بتلاوة القرآن؛ فإنَّ درجاتِ الجنّة على عَدَد آيات القرآن، فإذا كان يومُ القيامة قيل لقارئ القرآن: إقْرَاْ وارقَ. فكلّما قرأ آية يرقى درجة».
• وقال عليه السّلام أيضاً:
«القرآنُ عهدُ الله إلى خلقه، فقد ينبغي للمرء المسلم أن يَنظُر في عهده، وأن يقرأ منه في كل يوم خمسين آية».
• وقال عليه السّلام كذلك وهو يؤكد على التّلاوة في المصحف بالذّات:
«مَن قرأ القرآن في المصحَف مُتِّعَ ببصره وخُفّفَ عن والِدَيه وإن كانا كافرَين».
• وسئِلَ الإمام زين العابدين عليّ بن الحسين عليه السّلام ذات مرّة: أيّ الأعمال أفضل ؟ فقال: الحالُّ المُرْتحِل. فقيل: وما الحالُّ المرتحِل ؟ فقال عليه السّلام: «فَتْح القرآن وَخَتْمه، كلّما جَاءَ بأوّله ارتحَلَ في آخره».
أي خَتَمَ القرآن وابتَدَأ بأوّله ولم يفصل بينهما بزمان .
وحثَّ الأئمّة من أهل البيت عليهم صلوات الله على حفظ آيات القرآن واستظهارها، وقراءتها عن ظهر قلب ليختلط بدم المسلم ولحمه، ويملأ عقلَه وفؤادَه:
• قال الإمام جعفر الصّادق عليه السّلام:
«إقرَأُوا القُرآنَ واستَظهِروه؛ فإنَّ اللهَ لا يُعَذّبُ قلبَاً وعَى الْقرآن».
• وقال عليه السّلام في هذا الصدد:
«مَن استَظْهَرَ القرآن، وحفِظه وأحلّ حلالَه وحرَّم حرامَه أدخلَه الله الجنّة به، وشفّعه في عشرة من أهله كلّهم قد وجبَ لهمُ النّار».
• وعمّن يعالج حفظ القرآن وهو يعاني من ضعف الذّاكرة وقلّة الحفظ.. قال الإمام جعفر الصّادق عليه السّلام:
«إنّ الذي يعالجُ القرآن ليحفَظَه بمشقّة مِنهُ، وقِلّة حِفظه، له أجران».
وأكدّوا عليهم السّلام أن يؤكّدوا على قراءة القرآن الكريم بالصَّوت الحَسَن؛ لأنَّ ذلك يزيد من روعته وجماله، ويساعد على تأثيره في النفوس ونفوذه في القلوب. فالصَّوت الحَسَن قيمة جماليّة وأحرى بها أن تَنْضمَّ إلى أجمل جَمالات الكون، ألا وهو القرآن الكريم، وبالتالي تتناسق نغمة الصوت الحسن ونسمة الوحي المقدّس لتحيي القلوب، وتنعش النّفوس. ألم يَقُل رسول الله صلّى الله عليه وآله: «إنّ مِن أجمل الجمال الشِّعر الحسن، ونَغمةُ الصَّوتِ الحَسَن».
فأيّ موضع أجدر بأن تستعمل فيه هذه الموهبة الألهيّة من قراءة القرآن وتلاوته؟!
• وقال الإمامُ أبو جعفر الباقر عليه السّلام لأبي بصير عندما قال للإمام عليه السّلام: إذا قرأتُ القرآن فرفعتُ به صَوتي جاءني الشّيطانُ فقال: إنّما تُرائي بهذا أهلَكَ والناسَ:
«يا أبا محمّد، إقرأ قراءَة ما بين القراءتين تُسمعُ أهلَك، ورجِّع بالقرآن صوتَك؛ فإنَّ الله عزّوجلّ يحبّ الصّوتَ الحَسَن يُرجَّع فيه ترجيعاً».
أي إقرأ قراءةً متوسّطةً، لا هي بالخفيَّة التي لا تُسمَع، ولا هي بالعالية التي تَصُكُّ الآذان.
ومن هنا قال الإمام أبو عبدالله جعفر الصادق عليه السّلام:
«يكرَه أن يُقرَأ قل هو اللهُ أحد، بنَفَس واحد». لأن ذلك من شأنه التقليل من فرَص الانتباه إلى جمال هذه السورة، والتقليل بالتالي من نفوذها في نفس القارئ والسّامع.
وقد كانت تلاوة القرآن بالصَّوت الحَسَن والقراءة الجميلة هو ما عُرف عن أهل البيت عليهم السّلام.
• عن أبي عبدالله الإمام جعفر الصّادق عليه السّلام أنه قال:
«كان عليّ بن الحسين (السجّاد) صلوات الله عليه أحسَنَ النّاس صوتاً بالقرآن، وكانَ السَّقّاؤون يمرُّون فيقفون ببابه يسمَعون قراءته. وكان أبو جعفر (الباقر) عليه السّلام أحسَنَ النّاس صوتاً (أي بالقرآن)». وممّا أكّد أهل البيت عليهم السّلام عليه في مجال القرآن هو قراءته في البيوت، ووجود مصحف شريف في البيت، لما يتركه ذلك (أي القراءة ووجود المصحف الكريم في البيت) من آثار معنوية في نفوس أهله وعقولهم وخلقهم وسلوكهم وحياتهم بصورة عامّة.
• قال الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام:
«البيت الذي يُقرَأُ فيه القرآن ويذكَرُ الله عزَّ وجلّ فيه تكثر بركته، وتحضره الملائكة، وتهجره الشّياطين، ويُضيء لأهل السّماء كما تضيء الكواكب لأهل الأرض. وانّ البيت الذي لا يُقرأ فيه القرآن ولا يُذكر الله عزّوجلّ فيه تقلّ بركته، وتهجره الملائكة، وتحضره الشّياطين».
• وقال الإمام الباقر محمّد بن عليّ عليه السّلام في هذا الصّدد:
«إنّي لَيُعجبني أن يكون في البيت مصحف يطرد اللهُ عزّوجلّ به الشّياطين».
كما أكّدوا عليهم السّلام على ختم القرآن الكريم في مكّة المكرمة، أي في أجواء نزول القرآن المكانيّة، وإن حُرِمنا من أجوائها الزّمانيّة، ومن المعلوم ما للأجواء الزّمانيّة والمكانيّة من تأثير وإيحاء نفسي.
• قال الإمام محمّد الباقر عليه السّلام:
«مَن خَتَم القرآن بمكّة لم يَمُت حتّى يرى رسول الله صلّى الله عليه وآله، ويرى منزلَه من الجنّة».
وكان التأكيد أيضاً على كثرة تلاوة القرآن الكريم في شهر رمضان، شهر نزول القرآن الكريم الذي يمثلّ الأجواء الزّمانيّة، أليس نزول القرآن كان في شهر رمضان ؟!
• في فقه الرضا عليه السّلام
في باب الصوم:
«وأَكثِرْ في هذا الشّهر المبارك من قراءة القرآن».
أما الإصغاء إلى القرآن الكريم عند تلاوته، احتراماً وتبجيلاً، بل واحترام القرآن الكريم مطلقاً، وفي كلّ زمان ومكان، فقد ورد عن أهل البيت عليهم السّلام في شأنه وحقّه ما يحمل المسلم على احترام الكتاب العزيز أشدّ الاحترام، وتكريمه أشدّ الإكرام.
• قال الإمام جعفر الصّادق عليه السّلام:
«مَن استَمع حَرفاً مِن كتاب الله من غير قراءة كَتَب اللهُ له حسنة، ومحا عنه سيّئةً، ورفعَ له درجة».
• وقال عليه السّلام أيضاً:
«يجبُ الإنصات للقرآن في الصّلاة وغيرها، وإذا قُرِئ عندك القرآنُ وَجَب عليكَ الإنصات والاستماع له».
• وقال عليّ عليه السّلام عن المواضع التي ينبغي أو يجب تجنُّبُ قراءة القرآن فيها إكراماً له، وحفظاً لشأنه:
«سبعةٌ لا يَقرأون القرآنِ: الرّاكعُ والسّاجدُ، وفي الكنيفِ وفي الحمّام، والجنُب والنُفَساء والحائض».
__________________
تعليق