تدرج الإمام الحسن عليه السلام في بيت الرسالة وقطع شوطاً من حياته بين جدّه الرسول صلى الله عليه واله وأبيه علي عليه السلام وأمه فاطمة عليها السلام، بيت لم تعرف الجاهلية طريقاً لأرجائه ولا انسابت شفاه ساكنيه بغير التوحيد بالله، وقد عاش الإمام الحسن عليه السلام مع جدّه الرسول صلى الله عليه واله خمس سنوات ينتهل من نميره الصافي معرفة الله}، قال رسول الله صلى الله عليه واله عن الإمام الحسن عليه السلام: "اللهم إني أحبه فأحبه, وأحب من يحبه"(1)
وشارك في أهم الأحداث السياسية والاجتماعية التي رافقت مسيرة الرسول الكريم صلى الله عليه واله، فشارك في المباهلة وحديث الكساء، وبيعة الرسول صلى الله عليه واله، وكان صلى الله عليه واله يريد إظهار مكانة الإمام الحسن عليه السلام للأمة الإسلامية، ولذا كان الرسول الكريم صلى الله عليه واله أكثر من مرة ينزل من المنبر ويقطع خطبته الشريفة ليحمل الإمام الحسن عليه السلام؛ لأنه تعثّر بثيابه، ويُعلن أنه ابنه وأنه سيّد شباب أهل الجنة وأنه سيّد.. إلخ من الأحاديث الشريفة التي كان صلى الله عليه واله يلقيها على مسامع الصحابة في كلّ مكان وزمان.
وقد رأى الإمام الحسن عليه السلام توالي المصائب بعد استشهاد جدّه صلى الله عليه واله على أمّه الزهراءh واعتداء القوم عليها وكان لهذه المصائب غصة في نفسه لما فيها من حيف وظلم وجور على سليلة الهادي ووريثته الوحيدة وكان يرى والده عليه السلام وكيف تحمل وصبر في سبيل إعلاء كلمة (لا إله إلا الله) وبقاء الدين الإسلامي وكان يلازمه عليه السلام ليل نهار ويشاهده كيف يحافظ على ناموس الدين وبيضة الإسلام بحكمته وعلمه وقد رافقه في معظم أدوار حياته وفي خلافته عليه السلام، وقد رأى كيف تمّ اغتياله على يد أشقى الأشقياء ففجع به أيما فجيعة، فقام بالناس خطيباً وذكر أمير المؤمنين عليه السلام فقال: "خاتم الوصيين ووصي خاتم الأنبياء، وأمير الصديقين والشهداء والصالحين"، ثم قال: "أيها الناس لقد فارقكم رجل ما سبقه الأولون، ولا تدركه الآخرون، لقد كان رسول الله صلى الله عليه واله يعطيه الراية فيقاتل جبرائيل عن يمينه، وميكائيل عن يساره فما يرجع حتى يفتح الله عليه ما ترك ذهبا ولا فضة إلا شيئاً على صبي له، وما ترك في بيت المال إلا سبعمائة درهم فضلت من عطائه أراد أن يشتري بها خادما لام كلثوم".(2)
........................................
(1)ميزان الحكمة، ج7، ص11.
(2)بحار الأنوار، ج43، ص361.
مدينة محمد أكبر
تم نشره في رياض الزهراء العدد 72
تعليق