السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وال محمد
**********************
أبكي محاريبَ الصلاةِ لحيدر مَن أحـيا أمرك دمّه يتفجر
نادي علياً أبا شُـبيروشـبّر أرداه أشقى الاشقياء وطبّر
حين السـجود والجبين معفّر غالت أيادي الكفر ديني الاطهر
المصيبة ليلة التاسع عشر
لما كانت الليلة التاسعة عشر من شهر رمضان أتى أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد أن صلى المغرب وما شاء من النفل ليفطر وكان يفطر ليلة عند الحسن وليلة عند الحسين وليلة عند عبد الله بن جعفر فقدمت إليه إبنته أم كلثوم (زينب) قرصين من شعير وقصعة فيها لبن وجريش ملح
فقال لها : قدمت لي ادامين في طبق واحد وقد علمت أنني متبع ما كان يصنع ابن عمي رسول الله ما قدم إليه ادامان في طبق واحد حتى قبضه الله إليه مكرما ارفعي أحدهما فإن من طاب مطعمه ومشربه طال وقوفه بين يدي الله..
فرفعت اللبن الحامض بأمر منه ثم أكل قليلا وحمد الله كثيرا وأخذ في الصلاة والدعاء إلى أن غفت عيناه فاستيقظ وقال لأولاده : رأيت النبي فشكوت إليه ما أنا فيه من التبلد بهذه الأمة
فقال لي :إدع عليهم فإن الله لا يرد دعائك.
فقلت:اللهم أبدلني بهم خيرا وأبدلهم بي شرا.
وكان عليه السلام يكثر الدخول والخروج وينظر إلى السماء ويقول: هي ...هي والله الليلة التي وعدني بها حبيبي رسول الله
وكان يكثر من قول(لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) حتى ذهب بعض الليل ثم جلس للتعقيب فهودت عيناه وهو جالس ثم انتبه مرعوبا فقال لأولاده :إني رأيت رؤيا أهالتني وأريد أن أقصها عليكم
قالوا: ماهي؟
قال:إني رأيت الساعة رسول الله في منامي وهو يقول :يا أبا الحسن إنك قادم إلينا عن قريب يجيء إليك أشقاها فيخضب شيبتك من دم رأسك وأنا والله مشتاق إليك وإنك عندنا في العشر الأواخر من شهر رمضان فهلم إلينا فما عندنا خير لك وأبقى.
فلما سمع أولاده كلامه ضجوا بالبكاء والنحيب وأبدوا العويل فأقسم عليهم بالسكوت فسكتوا.
ثم عاد إلى البكاء من خشية الله والتضرع والعبادة .
تقول أم كلثوم:سمعته يقول بعدما نظر إلى الكواكب :والله ما كذبت ولا كذبت وإنها الليلة التي وعدت بها.إنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى على النبي واستغفر الله كثيرا فلما رأيته كذلك قلقا متململا أرقت معه وقلت:
يا أبتاه مالي أراك لا تذوق طعم الرقاد ؟
قال:يا بنية إن أباك قتل الأبطال وخاض الأهوال وما دخل الخوف له جوفا وما دخل في قلبي رعب أكثر مما دخل في هذه الليلة ثم قال:إنا لله وإنا إليه راجعون
فقلت: يا أبتاه مالك تنعي نفسك هذه الليلة ؟
قال:يا بنية قد قرب الأجل وإنقطع الأمل
تقول إم كلثوم فبكيت فقال لي يا بنية لا تبكي فإني لم أقل ذلك إلا بما عهد إلي النبي .
ثم قال:يا بنية إذا قرب الاذان فأعلميني فجعلت أراقب الأذان فلما لاح الوقت أتيته ومعي إناء فأسبغ الوضوء وقام ولبس ثيابه وفتح الباب ونزل إلى الدار وكان في الدار أوز قد أهدي إلى اخوي الحسن والحسين فلما نزل خرجن ورائه ورفرفن وصحن في وجهه ولم يكن قد صحن في وجهه من قبل..
فقال: لا إله إلا الله صوائح تتبعها نوائح وفي غداة يظهر القضاء ..
فلما وصل إلى الباب والجه ليفتحه تعلق مئزره بالباب فانحل حتى سقط (يا سبحان الله حتى الحيوانات والجمادات خائفة على أبي الحسن وكلهم حزينوين عليه) فأخذه وشده وهو يقول:
أشدد حيازيمك للموت .. فإن الموت لاقيكا
ولا تجزع من الموت .. إذا حل بناديكا
كما أضحكك الدهر .. كذاك الدهر يبكيكا
ثم فتح الباب وخرج متوجها إلى المسجد وكان عدو الله بن ملجم(لعنة الله عليه) متخفيا في بيوت الخوارج بالكوفة يتحين الفرصة بأمير المؤمنين (عليه السلام) وقد اتفقت معه قطام أنه إذا قتل عليا تتزوجه لأن ذلك يشفي غليلها ويطفئ جمرة غيضها ، حيث أن أمير المؤمنين قتل أباها وأخاها في النهروان ،وانبرى لمساعدة بن ملجم شخصان أخران من الخوارج هما شبيب ابن بحره ووردان ابن مجالد وافقوا على أن تكون ليلة التاسع عشر ليلة اغتيال الإمام (عليه السلام).
فجاء بن ملجم إلى المسجد ونام مع الناس مخفيا سيفه تحت إزاره ولما وصل الإمام إلى المسجد صلى ركعتين ثم صعد المأذنة فأذن ثم نزل وهو يسبح الله ويكثر من الصلاة على النبي وآله وكان من عادته أنه يتفقد النائمين في المسجد وهو يقول: الصلاة يرحمكم الله إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر حتى وصل إلى ابن ملجم وهو نائم على وجهه ..
فقال له :يا هذا قم من نومك فإنها نومة يمقتها الله وهي نومة الشيطان ثم اتجه نحو المحراب يصلي وكان يطيل الركوع والسجود في صلاته فقام الشقي بن ملجم حتى وقف بإزاء الاسطوانة التي يصلي عليها الامام فأمهله حتى ركع وسجد السجدة الأولى ورفع رأسه منها فتقدم اللعين فأخذ السيف وهزه
(آجركم الله) ثم ضرب الإمام على رأسه الشريف (أي وا اماماه وا علياه)
) فوقع الإمام على وجهه قائلا:بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله ثم صاح :فزت ورب الكعبة قتلني ابن اليهودية...
آجركم الله فاصطفقت أبواب الجامع وضجت الملائكة في السماء وهبت رياح عاصفة سوداء ملمة ونادى جبرئيل بين السماء والأرض بصوت سمعه كل مستيقظ :
تهدمت والله أركان الهدى وانطمست والله نجوم السماء وأعلام التقى وانفصمت والله العروة الوثقى قتل ابن عم المصطفى قتل الوصي المجتبى قتل علي المرتضى قتل سيد الأوصياء قتله أشقى الأشقياء .
فلما سمعت أم كلثوم نعي جبرئيل لطمت على وجهها وخدها وصاحت وا ابتاه واعلياه..
فخرج الحسنان إلى المسجد وهما يناديان: وا أبتاه وا علياه ليت الموت أعدمنا الحياة حتى وصلا الى المسجد(رأوا أباهم بأية حاله) واذا بالامام في محرابه والدماء تسيل من رأسه على وجهه وشيبته فتقدم الحسن (عليه السلام) وصلى بالناس وصلى أمير المؤمنين من جلوس وهو يمسح الدم عن وجهه وكريمته يميل تارة ويسكن اخرى والحسن ينادي وا انقطاع ظهراه يعز علي أن أراك هكذا .
ثم شاع خبره في الكوفة فهرع الناس رجالا ونساء حتى المخدرات خرجن من خدورهن إلى الجامع وهم ينادون وااماماه قتل والله امام عابد مجاهد لم يسجد لصنم كان اشبه الناس برسول الله فدخل الناس الى المسجد فوجدوا الحسن ورأس ابيه في حجره وقد شد الضربة وهي لم تزل تشخب دما ووجهه قد زاد بياضا بصفرة وهو يرمق السماء بطرفه ولسانه يسبح الله ويوحده ثم أمر أن يحملوه من ذلك المحراب الى موضع مصلاه في منزله.
قال محمد بن الحنفيه:
فحملناه اليه والناس حوله وهم في أمر عظيم باكون محزونون قد أشرفوا على الهلاك من شدة البكاء والنحيب وكان الحسين(عليه السلام)يبكي ويقول: وا أبتاه من لنا بعدك ولا يوم كيومك إلا يوم رسول الله .
وكأني بزينب لما نظرت إلى أمير المؤمنين وهو محمول على الأكتاف نادت وا أبتاه واعلياه:
اللهم صل على محمد وال محمد
**********************
أبكي محاريبَ الصلاةِ لحيدر مَن أحـيا أمرك دمّه يتفجر
نادي علياً أبا شُـبيروشـبّر أرداه أشقى الاشقياء وطبّر
حين السـجود والجبين معفّر غالت أيادي الكفر ديني الاطهر
المصيبة ليلة التاسع عشر
لما كانت الليلة التاسعة عشر من شهر رمضان أتى أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد أن صلى المغرب وما شاء من النفل ليفطر وكان يفطر ليلة عند الحسن وليلة عند الحسين وليلة عند عبد الله بن جعفر فقدمت إليه إبنته أم كلثوم (زينب) قرصين من شعير وقصعة فيها لبن وجريش ملح
فقال لها : قدمت لي ادامين في طبق واحد وقد علمت أنني متبع ما كان يصنع ابن عمي رسول الله ما قدم إليه ادامان في طبق واحد حتى قبضه الله إليه مكرما ارفعي أحدهما فإن من طاب مطعمه ومشربه طال وقوفه بين يدي الله..
فرفعت اللبن الحامض بأمر منه ثم أكل قليلا وحمد الله كثيرا وأخذ في الصلاة والدعاء إلى أن غفت عيناه فاستيقظ وقال لأولاده : رأيت النبي فشكوت إليه ما أنا فيه من التبلد بهذه الأمة
فقال لي :إدع عليهم فإن الله لا يرد دعائك.
فقلت:اللهم أبدلني بهم خيرا وأبدلهم بي شرا.
وكان عليه السلام يكثر الدخول والخروج وينظر إلى السماء ويقول: هي ...هي والله الليلة التي وعدني بها حبيبي رسول الله
وكان يكثر من قول(لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) حتى ذهب بعض الليل ثم جلس للتعقيب فهودت عيناه وهو جالس ثم انتبه مرعوبا فقال لأولاده :إني رأيت رؤيا أهالتني وأريد أن أقصها عليكم
قالوا: ماهي؟
قال:إني رأيت الساعة رسول الله في منامي وهو يقول :يا أبا الحسن إنك قادم إلينا عن قريب يجيء إليك أشقاها فيخضب شيبتك من دم رأسك وأنا والله مشتاق إليك وإنك عندنا في العشر الأواخر من شهر رمضان فهلم إلينا فما عندنا خير لك وأبقى.
فلما سمع أولاده كلامه ضجوا بالبكاء والنحيب وأبدوا العويل فأقسم عليهم بالسكوت فسكتوا.
ثم عاد إلى البكاء من خشية الله والتضرع والعبادة .
تقول أم كلثوم:سمعته يقول بعدما نظر إلى الكواكب :والله ما كذبت ولا كذبت وإنها الليلة التي وعدت بها.إنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى على النبي واستغفر الله كثيرا فلما رأيته كذلك قلقا متململا أرقت معه وقلت:
يا أبتاه مالي أراك لا تذوق طعم الرقاد ؟
قال:يا بنية إن أباك قتل الأبطال وخاض الأهوال وما دخل الخوف له جوفا وما دخل في قلبي رعب أكثر مما دخل في هذه الليلة ثم قال:إنا لله وإنا إليه راجعون
فقلت: يا أبتاه مالك تنعي نفسك هذه الليلة ؟
قال:يا بنية قد قرب الأجل وإنقطع الأمل
تقول إم كلثوم فبكيت فقال لي يا بنية لا تبكي فإني لم أقل ذلك إلا بما عهد إلي النبي .
ثم قال:يا بنية إذا قرب الاذان فأعلميني فجعلت أراقب الأذان فلما لاح الوقت أتيته ومعي إناء فأسبغ الوضوء وقام ولبس ثيابه وفتح الباب ونزل إلى الدار وكان في الدار أوز قد أهدي إلى اخوي الحسن والحسين فلما نزل خرجن ورائه ورفرفن وصحن في وجهه ولم يكن قد صحن في وجهه من قبل..
فقال: لا إله إلا الله صوائح تتبعها نوائح وفي غداة يظهر القضاء ..
فلما وصل إلى الباب والجه ليفتحه تعلق مئزره بالباب فانحل حتى سقط (يا سبحان الله حتى الحيوانات والجمادات خائفة على أبي الحسن وكلهم حزينوين عليه) فأخذه وشده وهو يقول:
أشدد حيازيمك للموت .. فإن الموت لاقيكا
ولا تجزع من الموت .. إذا حل بناديكا
كما أضحكك الدهر .. كذاك الدهر يبكيكا
ثم فتح الباب وخرج متوجها إلى المسجد وكان عدو الله بن ملجم(لعنة الله عليه) متخفيا في بيوت الخوارج بالكوفة يتحين الفرصة بأمير المؤمنين (عليه السلام) وقد اتفقت معه قطام أنه إذا قتل عليا تتزوجه لأن ذلك يشفي غليلها ويطفئ جمرة غيضها ، حيث أن أمير المؤمنين قتل أباها وأخاها في النهروان ،وانبرى لمساعدة بن ملجم شخصان أخران من الخوارج هما شبيب ابن بحره ووردان ابن مجالد وافقوا على أن تكون ليلة التاسع عشر ليلة اغتيال الإمام (عليه السلام).
فجاء بن ملجم إلى المسجد ونام مع الناس مخفيا سيفه تحت إزاره ولما وصل الإمام إلى المسجد صلى ركعتين ثم صعد المأذنة فأذن ثم نزل وهو يسبح الله ويكثر من الصلاة على النبي وآله وكان من عادته أنه يتفقد النائمين في المسجد وهو يقول: الصلاة يرحمكم الله إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر حتى وصل إلى ابن ملجم وهو نائم على وجهه ..
فقال له :يا هذا قم من نومك فإنها نومة يمقتها الله وهي نومة الشيطان ثم اتجه نحو المحراب يصلي وكان يطيل الركوع والسجود في صلاته فقام الشقي بن ملجم حتى وقف بإزاء الاسطوانة التي يصلي عليها الامام فأمهله حتى ركع وسجد السجدة الأولى ورفع رأسه منها فتقدم اللعين فأخذ السيف وهزه
(آجركم الله) ثم ضرب الإمام على رأسه الشريف (أي وا اماماه وا علياه)
) فوقع الإمام على وجهه قائلا:بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله ثم صاح :فزت ورب الكعبة قتلني ابن اليهودية...
آجركم الله فاصطفقت أبواب الجامع وضجت الملائكة في السماء وهبت رياح عاصفة سوداء ملمة ونادى جبرئيل بين السماء والأرض بصوت سمعه كل مستيقظ :
تهدمت والله أركان الهدى وانطمست والله نجوم السماء وأعلام التقى وانفصمت والله العروة الوثقى قتل ابن عم المصطفى قتل الوصي المجتبى قتل علي المرتضى قتل سيد الأوصياء قتله أشقى الأشقياء .
فلما سمعت أم كلثوم نعي جبرئيل لطمت على وجهها وخدها وصاحت وا ابتاه واعلياه..
فخرج الحسنان إلى المسجد وهما يناديان: وا أبتاه وا علياه ليت الموت أعدمنا الحياة حتى وصلا الى المسجد(رأوا أباهم بأية حاله) واذا بالامام في محرابه والدماء تسيل من رأسه على وجهه وشيبته فتقدم الحسن (عليه السلام) وصلى بالناس وصلى أمير المؤمنين من جلوس وهو يمسح الدم عن وجهه وكريمته يميل تارة ويسكن اخرى والحسن ينادي وا انقطاع ظهراه يعز علي أن أراك هكذا .
ثم شاع خبره في الكوفة فهرع الناس رجالا ونساء حتى المخدرات خرجن من خدورهن إلى الجامع وهم ينادون وااماماه قتل والله امام عابد مجاهد لم يسجد لصنم كان اشبه الناس برسول الله فدخل الناس الى المسجد فوجدوا الحسن ورأس ابيه في حجره وقد شد الضربة وهي لم تزل تشخب دما ووجهه قد زاد بياضا بصفرة وهو يرمق السماء بطرفه ولسانه يسبح الله ويوحده ثم أمر أن يحملوه من ذلك المحراب الى موضع مصلاه في منزله.
قال محمد بن الحنفيه:
فحملناه اليه والناس حوله وهم في أمر عظيم باكون محزونون قد أشرفوا على الهلاك من شدة البكاء والنحيب وكان الحسين(عليه السلام)يبكي ويقول: وا أبتاه من لنا بعدك ولا يوم كيومك إلا يوم رسول الله .
وكأني بزينب لما نظرت إلى أمير المؤمنين وهو محمول على الأكتاف نادت وا أبتاه واعلياه:
تعليق