السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وال محمد
-----------------------------
قال الأمام عليّ(عليه السلام) بعد وفاة النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)مخاطباً إيّاه: لولا أنّك أمرت بالصبر ونهيت عن الجزع لأنفدنا عليك ماء الشؤون.
وذكر في نهج البلاغة انّ علياً قال: من ضرب يده على فخذه عند مصيبته حبط أجره.
يقول الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)
الحزن والتأثّر عند فقدان الأحبّة أمر جُبلت عليه الفطرة الإنسانية فإذا ابتلي الإنسان بمصاب عزيز من أعزّائه أو فلذة من أفلاذ كبده وأرحامه يحسّ بحزن شديد تُذرف على أثره الدموع دون أن يستطيع أن يتمالك حزنه أو بكاءه.
ولا أجد أحداً ينكر هذه الحقيقة إنكار جد وموضوعية ومن الواضح بمكان انّ الإسلام دين الفطرة يجاريها ولا يخالفها.
قال سبحانه: (فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله الّتي فطر الناس عليها).
ولا يمكن لتشريع عالمي أن يمنع الحزن والبكاء على فقد الأحبة ويحرّم البكاء إذا لم يقترن بشيء يُغضبُ الربّ.
ومن حسن الحظ نرى أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) والصحابة الكرام والتابعين لهم بإحسان ساروا على وفق الفطرة.
فهذا رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يبكي على ولده إبراهيم ويقول:العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلاّ ما يُرضي ربّنا وإنّا بك يا إبراهيم لمحزونون.
روى أصحاب السير والتاريخ أ نّه لمّا احتضر إبراهيم ابن النبيّ جاء(صلى الله عليه وآله وسلم) فوجده في حجر اُمّه فأخذه ووضعه في حجره وقال:يا إبراهيم إنّا لن نغني عنك من الله شيئاً ثمّ ذرفت عيناه وقال: إنّا بك يا إبراهيم لمحزونون تبكي العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الربّ ولولا أ نّه أمرٌ حقّ ووعد صدق وأنّها سبيل مأتية لحزنا عليك حزناً شديداً أشد من هذا.
ولمّا قال له عبدالرحمن بن عوف:أولم تكن نهيت عن البكاء؟ أجاب بقوله:لا ولكن نهيتُ عن صورتين أحمقين وآخرين صوت عند مصيبة وخمش وجوه وشقّ جيوب ورنة شيطان وصوت عن نغمة لهو وهذه رحمة ومن لا يرحم لا يُرحم.
وليس هذا أوّل وآخر بكاء منه(صلى الله عليه وآله وسلم) عند ابتلائه بمصاب أعزائه بل كان(صلى الله عليه وآله وسلم) بكى على ابنه (طاهر) ويقول:إنّ العين تذرف وإنّ الدمع يغلب والقلب يحزن ولا نعصي الله عزّوجلّ.
ومن الموارد الّتي بكى فيها النبيّ والصحابة والتابعون على أعزائهم عند افتقادهم لخرجنا برسالة مفردة ولكننا نقتصر هنا على بعض الموارد:
1 ـ لما اُصيب حمزة(رضي الله عنه) وجاءت صفية بنت عبدالمطلب تطلبه فحال بينها وبين الأنصار فقال(صلى الله عليه وآله وسلم) دعوها فجلست عنده فجعلت إذا بكت بكى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وإذا نشجت نَشَجَ وكانت فاطمة(عليها السلام) تبكي ورسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) كلّما بكت يبكي وقال: لن اُصاب بمثلك أبداً.
2 ـ ولما رجع رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) من اُحد بكت نساء الأنصار على شهدائهن فبلغ ذلك النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: لكن حمزة لا بواكي له فرجع الأنثار فقالوا لنسائهم لاتبكين أحداً حتّى تبدأن بحمزة قال: فذاك فيهم إلى اليوم لا يبكين ميّتاً إلاّ بدأن بحمزة.
3 ـ وهذا هو(صلى الله عليه وآله وسلم) ينعى جعفراً وزيد بن حارثة وعبدالله بن رواحة وعيناه تذرفان.
4 - وهذا هو(صلى الله عليه وآله وسلم) قد زار قبر اُمّه وبكى عليها وأبكى من حوله.
5 ـ وهذا هو(صلى الله عليه وآله وسلم) يقبّل عثمان بن مظعون وهو ميت ودموعه تسيل على خده.
6 ـ وهذا هو(صلى الله عليه وآله وسلم) يبكي على ابن لبعض بناته فقال له عبادة بن الصامت: ما هذا يا رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: الرحمة الّتي جعلها الله في بني آدم وإنّما يرحم الله من عباده الرحماء.
7 ـ وهذه الصدّيقة الطاهرة تبكي على رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وتقول: يا أبتاه من ربّه ما أدناه يا أبتاه أجاب ربّاً دعاه يا أبتاه إلى جبرئيل ننعاه يا أبتاه جنّة الفردوس مأواه.
إذا وقفت على ذلك لتبيّن أن البكاء على الميت والحزن على فقدان الأحبّة أمر جميل جرت عليه السيرة نعم الجزع المُعرب عن الاعتراض على قضاء الله أمر مذموم وهذا ما قصده الإمام من قوله:ولولا أنّك أمرت بالصبر ونهيت عن الجزع.
إنّ ما أجاب به النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) على اعتراض عبد الرحمن بن عوف يوضح ما هو المنهي عنه في المقام حيث قال(صلى الله عليه وآله وسلم)إنّما نهيت عن صوتين أحمقين وآخرين: صوت عند مصيبة وخمش وجوه وشقّ جيوب ورنة شيطان ومعنى ذلك هو أنّ المنهي عنه هو الجزع الملازم لخمش الوجوه وشق الجيوب ورنة الشيطان ومن المعلوم أنّ الجزع بهذا المعنى لا يفارق الاعتراض على قضاء الله وتقديره وأين هو من البكاء على فقد الأحبّة مسلّماً لقضاء الله وراضياً بتقديره دون أن يتكلّم بشيء يغضب الربّ أو يعمل عملا يسخطه.
والّذي يدلّ على ذلك أنّ الإمام جعل ضرب اليد على الفخذ عند المصيبة سبباً لحبط أجره لأنّ الضرب نظير خمش الوجوه وشقّ الجيوب.
والحاصل: أنّ البكاء والندب على فقد الأحبة وتبادل التعازي لا ينافي الصبر الّذي أمرنا الله به سبحانه وقال: (وبشّر الصابرين * الّذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنّا لله وإنّا إليه راجعون).
وليس كبح النفس عن البكاء وعدم تذريف الدموع آية الصبر وخلافها آية الجزع بل بل يجمعهما الرضا بالقضاء والقدر سواء أبكي أم لا ذرفت عينه الدموع أم لا.
نعم بقي هنا كلام وهو ان فضيلة الشى ندّد بمظاهر الحزن الّتي تُنشر في أيام عاشوراء وجعلها من أمارات الجزع.
الاُولى: إن اجتماع الشيعة في أيام عاشوراء وإظهار الحزن على ما جرى على الحسين(عليه السلام) وأولاده وأصحابه في ذلك اليوم يُعد من مظاهر الحب للرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) وآله ومن الواضح أنّ حبّ الرسول وأهل بيته من اُصول الإسلام فقد تضافرت الأدلّة على ذلك ويكفيك ما يلي!
فقد أمر الكتاب والسنّة بحب النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) وودّه أوّلا وتكريمه وتوقيره ثانياً وحثّ عليهما في الشريعة قال سبحانه: (قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشريتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحبّ إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتّى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين).
1 ـ وقال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)لا يؤمن أحدكم حتّى أكون أحبّ إليه من والده وولده والناس أجمعين.
2 ـ وقال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)والّذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتّى أكون أحبّ الناس إليه من والده وولده.
3 ـ وقال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)ثلاث من كنّ فيه وجَدَ حلاوة الإيمان وطعمه: أن يكون الله ورسوله أحبّ إليه ممّا سواهما وأن يحبّ في الله ويبغض في الله وأن تُوقد نار عظيمة فيقع فيها أحبّ إليه من أن يشرك بالله شيئاً.
وهل يشك أحد في إظهار الحزن والندب يوم عاشوراء بصور ومظاهر مختلفة آية حب النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته(عليهم السلام) نعم كثيراً ما نسمع من خطباء الحرمين أنّ الحبّ هو الاتّباع وهذا لا يخالف ما ذكرنا فإنّ للتعبير عن الحب مظاهر مختلفة فالاتباع من مظاهره كما أنّ الفرح يوم فرحهم والحزن يوم حزنهم من مظاهره.
الثانية:إنّ إقامة المآتم ليس أمراً بدعياً فقد قام بها النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) حال حياته وأهل بيته بعد رحليه(صلى الله عليه وآله وسلم) في مواقف مختلفة نذكر منها موردين ليكون نموذجاً لما لم نذكر:
1 ـ أخرج إمام الحنابلة أحمد في المسند عن عبدالله بن نجي، عن أبيه: أ نّه سار مع عليّ(رضي الله عنه) فلما جازوا نينوى وهو منطلق إلى صفين فنادى عليّ: اصبر أبا عبدالله! اصبر أبا عبدالله بشطّ الفرات! قلت: وماذا؟ قال: دخلت على رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ذات يوم وعيناه تفيضان. قلت: يا نبيّ الله: أغضبك أحد؟ ما شأن عينيك تفيضان؟ قال: بل قام من عندي جبريل قبل فحدّثني: أنّ الحسين يُقتل بشطّ الفرات، قال: فقال: هل لك إلى أن اُشهدك من تربته؟ قال: قلت: نعم فمدّ يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها فلم أملك عيني أن فاضتا.
اللهم صل على محمد وال محمد
-----------------------------
قال الأمام عليّ(عليه السلام) بعد وفاة النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)مخاطباً إيّاه: لولا أنّك أمرت بالصبر ونهيت عن الجزع لأنفدنا عليك ماء الشؤون.
وذكر في نهج البلاغة انّ علياً قال: من ضرب يده على فخذه عند مصيبته حبط أجره.
يقول الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)
الحزن والتأثّر عند فقدان الأحبّة أمر جُبلت عليه الفطرة الإنسانية فإذا ابتلي الإنسان بمصاب عزيز من أعزّائه أو فلذة من أفلاذ كبده وأرحامه يحسّ بحزن شديد تُذرف على أثره الدموع دون أن يستطيع أن يتمالك حزنه أو بكاءه.
ولا أجد أحداً ينكر هذه الحقيقة إنكار جد وموضوعية ومن الواضح بمكان انّ الإسلام دين الفطرة يجاريها ولا يخالفها.
قال سبحانه: (فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله الّتي فطر الناس عليها).
ولا يمكن لتشريع عالمي أن يمنع الحزن والبكاء على فقد الأحبة ويحرّم البكاء إذا لم يقترن بشيء يُغضبُ الربّ.
ومن حسن الحظ نرى أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) والصحابة الكرام والتابعين لهم بإحسان ساروا على وفق الفطرة.
فهذا رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يبكي على ولده إبراهيم ويقول:العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلاّ ما يُرضي ربّنا وإنّا بك يا إبراهيم لمحزونون.
روى أصحاب السير والتاريخ أ نّه لمّا احتضر إبراهيم ابن النبيّ جاء(صلى الله عليه وآله وسلم) فوجده في حجر اُمّه فأخذه ووضعه في حجره وقال:يا إبراهيم إنّا لن نغني عنك من الله شيئاً ثمّ ذرفت عيناه وقال: إنّا بك يا إبراهيم لمحزونون تبكي العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الربّ ولولا أ نّه أمرٌ حقّ ووعد صدق وأنّها سبيل مأتية لحزنا عليك حزناً شديداً أشد من هذا.
ولمّا قال له عبدالرحمن بن عوف:أولم تكن نهيت عن البكاء؟ أجاب بقوله:لا ولكن نهيتُ عن صورتين أحمقين وآخرين صوت عند مصيبة وخمش وجوه وشقّ جيوب ورنة شيطان وصوت عن نغمة لهو وهذه رحمة ومن لا يرحم لا يُرحم.
وليس هذا أوّل وآخر بكاء منه(صلى الله عليه وآله وسلم) عند ابتلائه بمصاب أعزائه بل كان(صلى الله عليه وآله وسلم) بكى على ابنه (طاهر) ويقول:إنّ العين تذرف وإنّ الدمع يغلب والقلب يحزن ولا نعصي الله عزّوجلّ.
ومن الموارد الّتي بكى فيها النبيّ والصحابة والتابعون على أعزائهم عند افتقادهم لخرجنا برسالة مفردة ولكننا نقتصر هنا على بعض الموارد:
1 ـ لما اُصيب حمزة(رضي الله عنه) وجاءت صفية بنت عبدالمطلب تطلبه فحال بينها وبين الأنصار فقال(صلى الله عليه وآله وسلم) دعوها فجلست عنده فجعلت إذا بكت بكى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وإذا نشجت نَشَجَ وكانت فاطمة(عليها السلام) تبكي ورسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) كلّما بكت يبكي وقال: لن اُصاب بمثلك أبداً.
2 ـ ولما رجع رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) من اُحد بكت نساء الأنصار على شهدائهن فبلغ ذلك النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: لكن حمزة لا بواكي له فرجع الأنثار فقالوا لنسائهم لاتبكين أحداً حتّى تبدأن بحمزة قال: فذاك فيهم إلى اليوم لا يبكين ميّتاً إلاّ بدأن بحمزة.
3 ـ وهذا هو(صلى الله عليه وآله وسلم) ينعى جعفراً وزيد بن حارثة وعبدالله بن رواحة وعيناه تذرفان.
4 - وهذا هو(صلى الله عليه وآله وسلم) قد زار قبر اُمّه وبكى عليها وأبكى من حوله.
5 ـ وهذا هو(صلى الله عليه وآله وسلم) يقبّل عثمان بن مظعون وهو ميت ودموعه تسيل على خده.
6 ـ وهذا هو(صلى الله عليه وآله وسلم) يبكي على ابن لبعض بناته فقال له عبادة بن الصامت: ما هذا يا رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: الرحمة الّتي جعلها الله في بني آدم وإنّما يرحم الله من عباده الرحماء.
7 ـ وهذه الصدّيقة الطاهرة تبكي على رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وتقول: يا أبتاه من ربّه ما أدناه يا أبتاه أجاب ربّاً دعاه يا أبتاه إلى جبرئيل ننعاه يا أبتاه جنّة الفردوس مأواه.
إذا وقفت على ذلك لتبيّن أن البكاء على الميت والحزن على فقدان الأحبّة أمر جميل جرت عليه السيرة نعم الجزع المُعرب عن الاعتراض على قضاء الله أمر مذموم وهذا ما قصده الإمام من قوله:ولولا أنّك أمرت بالصبر ونهيت عن الجزع.
إنّ ما أجاب به النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) على اعتراض عبد الرحمن بن عوف يوضح ما هو المنهي عنه في المقام حيث قال(صلى الله عليه وآله وسلم)إنّما نهيت عن صوتين أحمقين وآخرين: صوت عند مصيبة وخمش وجوه وشقّ جيوب ورنة شيطان ومعنى ذلك هو أنّ المنهي عنه هو الجزع الملازم لخمش الوجوه وشق الجيوب ورنة الشيطان ومن المعلوم أنّ الجزع بهذا المعنى لا يفارق الاعتراض على قضاء الله وتقديره وأين هو من البكاء على فقد الأحبّة مسلّماً لقضاء الله وراضياً بتقديره دون أن يتكلّم بشيء يغضب الربّ أو يعمل عملا يسخطه.
والّذي يدلّ على ذلك أنّ الإمام جعل ضرب اليد على الفخذ عند المصيبة سبباً لحبط أجره لأنّ الضرب نظير خمش الوجوه وشقّ الجيوب.
والحاصل: أنّ البكاء والندب على فقد الأحبة وتبادل التعازي لا ينافي الصبر الّذي أمرنا الله به سبحانه وقال: (وبشّر الصابرين * الّذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنّا لله وإنّا إليه راجعون).
وليس كبح النفس عن البكاء وعدم تذريف الدموع آية الصبر وخلافها آية الجزع بل بل يجمعهما الرضا بالقضاء والقدر سواء أبكي أم لا ذرفت عينه الدموع أم لا.
نعم بقي هنا كلام وهو ان فضيلة الشى ندّد بمظاهر الحزن الّتي تُنشر في أيام عاشوراء وجعلها من أمارات الجزع.
الاُولى: إن اجتماع الشيعة في أيام عاشوراء وإظهار الحزن على ما جرى على الحسين(عليه السلام) وأولاده وأصحابه في ذلك اليوم يُعد من مظاهر الحب للرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) وآله ومن الواضح أنّ حبّ الرسول وأهل بيته من اُصول الإسلام فقد تضافرت الأدلّة على ذلك ويكفيك ما يلي!
فقد أمر الكتاب والسنّة بحب النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) وودّه أوّلا وتكريمه وتوقيره ثانياً وحثّ عليهما في الشريعة قال سبحانه: (قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشريتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحبّ إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتّى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين).
1 ـ وقال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)لا يؤمن أحدكم حتّى أكون أحبّ إليه من والده وولده والناس أجمعين.
2 ـ وقال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)والّذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتّى أكون أحبّ الناس إليه من والده وولده.
3 ـ وقال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)ثلاث من كنّ فيه وجَدَ حلاوة الإيمان وطعمه: أن يكون الله ورسوله أحبّ إليه ممّا سواهما وأن يحبّ في الله ويبغض في الله وأن تُوقد نار عظيمة فيقع فيها أحبّ إليه من أن يشرك بالله شيئاً.
وهل يشك أحد في إظهار الحزن والندب يوم عاشوراء بصور ومظاهر مختلفة آية حب النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته(عليهم السلام) نعم كثيراً ما نسمع من خطباء الحرمين أنّ الحبّ هو الاتّباع وهذا لا يخالف ما ذكرنا فإنّ للتعبير عن الحب مظاهر مختلفة فالاتباع من مظاهره كما أنّ الفرح يوم فرحهم والحزن يوم حزنهم من مظاهره.
الثانية:إنّ إقامة المآتم ليس أمراً بدعياً فقد قام بها النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) حال حياته وأهل بيته بعد رحليه(صلى الله عليه وآله وسلم) في مواقف مختلفة نذكر منها موردين ليكون نموذجاً لما لم نذكر:
1 ـ أخرج إمام الحنابلة أحمد في المسند عن عبدالله بن نجي، عن أبيه: أ نّه سار مع عليّ(رضي الله عنه) فلما جازوا نينوى وهو منطلق إلى صفين فنادى عليّ: اصبر أبا عبدالله! اصبر أبا عبدالله بشطّ الفرات! قلت: وماذا؟ قال: دخلت على رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ذات يوم وعيناه تفيضان. قلت: يا نبيّ الله: أغضبك أحد؟ ما شأن عينيك تفيضان؟ قال: بل قام من عندي جبريل قبل فحدّثني: أنّ الحسين يُقتل بشطّ الفرات، قال: فقال: هل لك إلى أن اُشهدك من تربته؟ قال: قلت: نعم فمدّ يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها فلم أملك عيني أن فاضتا.
تعليق