"حقيقة اهل البيت وعلم الغيب"
بسمه تعالى وصلى الله على خير الخلق محمد واله الميامين
ان مهمة تحصيل العلم من ينابيعه ومصادره المتنوعة ليست بالمهمة السهلة او اليسيرة ، و بحسب الطرق الطبيعية لا يمكن للانسان الحصول على العلم من دون السعي في طلبه و بذل الجهود و الطاقات و الوقت اللازم للحصول عليه فالعلم اثمن شيء وهو لا يوزع مجانا من دون سعي و مجهود .
وانه هنالك طريقين لتحصيل العلم بصورة عامة، فالطريق الأول هو طريق التلقي و الدراسة، والطريق الثاني هو طريق الإلهام و التحديث الغيبي، فاما الطريق الأول فيقصد به أن يتلقى الانسان العلم من انسان آخر او يدرس العلم بطرق الدراسة المختلفه كأن يدرس كتابا ما في المدرسة أو يدرس عبر الأنترنت أو يقرأ المعلومات الكثيرة المتنوعة من خلال مصادر النشر، واما الطريق الثاني فيقصد به أن يتلقى الأنسان العلم عن طريق الإلهام الغيبي او التحديث.
وان عامة الناس يحصلون على العلم بواسطة استخدام الطريق الأول و لا يمكن لهم الحصول على العلم بواسطه الطريق الثاني المذكور آنفا وهذا مما لا ريب فيه، و أما الانبياء و أوصيائهم فإنهم قد حصلوا على الكثير من العلوم المختلفة بواسطة الطريق الثاني وهذا لا غبار عليه حيث قال تعالى في محكم كتابه العزيز: (قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله)، وبموجب هذه الاية الكريمة فإن القران الكريم يشير الى حقيقة غاية في الأهمية و هي أن علم الغيب لا يعلمه الا الخالق الذي خلق السماوات و الارض وخلق كل شيء ، ولكن قد يطلع الله تعالى بعض أوليائه على بعض العلوم وهذا عين مفاد الآية: 27 من سورة الجن وهي قوله تعالى: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسوله).
انه من المعلوم عن أهل البيت عليهم الصلاة و السلام بما فيهم رسول الله صلى الله عليه و اله و سلم لم يدرسوا عند أحد من الخلق ابدا، وأنهم قد أخذوا العلم بواسطة الطريق الثاني الذي تقدم ذكره أعلاه ، كما أن أهل البيت عليهم السلام يستطيعون معرفة جميع العلوم من خلال القران الكريم حيث قال تعالى (ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيءٍ وهدىً ورحمة وبشرى للمسلمين) ، وبحسب هذه الآية المباركة فإن القران الكريم فيه تبيان لكل شيء، و لكن ليس كل انسان يمتلك القدرة على التوصل لهذا التبيان ما خلا أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم، و هناك الكثير من الأدلة النقلية التي تؤكد هذه الحقيقة الراسخة حيث أشار الامام الصادق عليه السلام الى هذه القضية الطبيعيه عندما سأله بعض أصحابه، فقال الصّادق: «إنّي أعلم ما في السموات والأرض وأعلم ما في الجنة والنار وأعلم ما كان وما يكون» فلما رأى أنّ السائل استغرب كلامه قال الإِمام: «إنّي علمت ذلك من كتاب الله عز وجل الذي يقول: (ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيءٍ وهدىً ورحمة وبشرى للمسلمين) وقد روى ذلك عنه وعن نظرية تلقي أهل البيت للعلم المقرم في فصل كبير(1) .
و حقيق الجدير بالذكر أن هذه القضية ونقصد بها تحصيل العلم بواسطة الطريق الثاني تقر بها جميع روايات المسلمين، ومن جملة نصوصهم في تأكيد هذه الحقيقة يقول الآلوسي في تفسيره روح المعاني عند تفسيره الآية 65 من سورة النحل: وهي قوله تعالى: (قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله) عقب عليها فقال: لعل الحق أن يقال إنّ علم الغيب المنفي عن غيره جل وعلا هو ما كان للشخص بذاته أي بلا واسطة في ثبوته له، وما وقع للخواص ليس من هذا العلم المنفي في شيءٍ وإنما هو من الواجب عز وجل إفاضة منه عليهم بوجه من الوجوه، فلا يقال إنّهم علموا بالغيب بذلك المعنى فإنّه كفر بل يقال إنّهم اظهروا واطلعوا على الغيب(2) ، وفي هذا المعنى يقول النيسابوري المفسر: إنّ امتناع الكرامة عن الأولياء إما لأنّ الله ليس أهلاً لأن يعطي المؤمن ما يريد، وإما لأنّ المؤمن ليس أهلاً لذلك وكل منهما بعيد فإنّ توفيق المؤمن لمعرفته لمن أشرف المواهب منه تعالى لعبده فإذا لم يبخل الفياض بالأشرف فلأن لا يبخل بالأدون أولى .
كما أن الامام الرضا عليه السلام قال فيما روي عنه: «يبسط لنا العلم فنعلم ويقبض عنا فلا نعلم» وهذا المعنى هو عين مفاد الآية: 27 من سورة الجن وهي قوله تعالى: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسوله) وفي شرح هذه الآية يقول الإمام الرضا عليه السلام لعمر بن هداب وقد سأله عن علم الأئمة قال: «إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم هو المرتضى عند الله ونحن ورثة ذلك الرسول الذي أطلعه الله على غيبه فعلمنا ما كان وما يكون إلى يوم القيامة» (3).
اذن فالنتيجة والخلاصة أن علم اهل البيت عليهم الصلاة و السلام بما فيهم رسول الله صلى الله عليه و اله حاصل بواسطة الطريق الثاني اي الإلهام و التحديث، وكذلك عن طريق القران الكريم الذي فيه تبيان لكل شيء، تبيان لما حدث و ما سيحدث تبيان لجميع ما موجود في الكون من مخلوقات عجيبة وهائلة ، وتبيان لجميع العلوم المختلفه و المتنوعه و التي ما زال البشر لم يتوصل الى اعماقها، بل انه ما زال يحبو في طريقها و يطوف حول ينابيعها، ولهذا فان هذه القضية و هذه الحقيقة لا غبار عليها و لا يمكن لأحد ان يشكك فيها ، ولا ينكرها الا الجاهل او المعاند أو المتعصب.
الكاتب : مهند سلمان السهلاني
******************************************
(1) مقتل الحسين للمقرم باب علم الإِمام ص24 فصاعداً
(2) روح المعاني 20/9.
(3) البحار للمجلسي 12/22
بسمه تعالى وصلى الله على خير الخلق محمد واله الميامين
ان مهمة تحصيل العلم من ينابيعه ومصادره المتنوعة ليست بالمهمة السهلة او اليسيرة ، و بحسب الطرق الطبيعية لا يمكن للانسان الحصول على العلم من دون السعي في طلبه و بذل الجهود و الطاقات و الوقت اللازم للحصول عليه فالعلم اثمن شيء وهو لا يوزع مجانا من دون سعي و مجهود .
وانه هنالك طريقين لتحصيل العلم بصورة عامة، فالطريق الأول هو طريق التلقي و الدراسة، والطريق الثاني هو طريق الإلهام و التحديث الغيبي، فاما الطريق الأول فيقصد به أن يتلقى الانسان العلم من انسان آخر او يدرس العلم بطرق الدراسة المختلفه كأن يدرس كتابا ما في المدرسة أو يدرس عبر الأنترنت أو يقرأ المعلومات الكثيرة المتنوعة من خلال مصادر النشر، واما الطريق الثاني فيقصد به أن يتلقى الأنسان العلم عن طريق الإلهام الغيبي او التحديث.
وان عامة الناس يحصلون على العلم بواسطة استخدام الطريق الأول و لا يمكن لهم الحصول على العلم بواسطه الطريق الثاني المذكور آنفا وهذا مما لا ريب فيه، و أما الانبياء و أوصيائهم فإنهم قد حصلوا على الكثير من العلوم المختلفة بواسطة الطريق الثاني وهذا لا غبار عليه حيث قال تعالى في محكم كتابه العزيز: (قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله)، وبموجب هذه الاية الكريمة فإن القران الكريم يشير الى حقيقة غاية في الأهمية و هي أن علم الغيب لا يعلمه الا الخالق الذي خلق السماوات و الارض وخلق كل شيء ، ولكن قد يطلع الله تعالى بعض أوليائه على بعض العلوم وهذا عين مفاد الآية: 27 من سورة الجن وهي قوله تعالى: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسوله).
انه من المعلوم عن أهل البيت عليهم الصلاة و السلام بما فيهم رسول الله صلى الله عليه و اله و سلم لم يدرسوا عند أحد من الخلق ابدا، وأنهم قد أخذوا العلم بواسطة الطريق الثاني الذي تقدم ذكره أعلاه ، كما أن أهل البيت عليهم السلام يستطيعون معرفة جميع العلوم من خلال القران الكريم حيث قال تعالى (ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيءٍ وهدىً ورحمة وبشرى للمسلمين) ، وبحسب هذه الآية المباركة فإن القران الكريم فيه تبيان لكل شيء، و لكن ليس كل انسان يمتلك القدرة على التوصل لهذا التبيان ما خلا أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم، و هناك الكثير من الأدلة النقلية التي تؤكد هذه الحقيقة الراسخة حيث أشار الامام الصادق عليه السلام الى هذه القضية الطبيعيه عندما سأله بعض أصحابه، فقال الصّادق: «إنّي أعلم ما في السموات والأرض وأعلم ما في الجنة والنار وأعلم ما كان وما يكون» فلما رأى أنّ السائل استغرب كلامه قال الإِمام: «إنّي علمت ذلك من كتاب الله عز وجل الذي يقول: (ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيءٍ وهدىً ورحمة وبشرى للمسلمين) وقد روى ذلك عنه وعن نظرية تلقي أهل البيت للعلم المقرم في فصل كبير(1) .
و حقيق الجدير بالذكر أن هذه القضية ونقصد بها تحصيل العلم بواسطة الطريق الثاني تقر بها جميع روايات المسلمين، ومن جملة نصوصهم في تأكيد هذه الحقيقة يقول الآلوسي في تفسيره روح المعاني عند تفسيره الآية 65 من سورة النحل: وهي قوله تعالى: (قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله) عقب عليها فقال: لعل الحق أن يقال إنّ علم الغيب المنفي عن غيره جل وعلا هو ما كان للشخص بذاته أي بلا واسطة في ثبوته له، وما وقع للخواص ليس من هذا العلم المنفي في شيءٍ وإنما هو من الواجب عز وجل إفاضة منه عليهم بوجه من الوجوه، فلا يقال إنّهم علموا بالغيب بذلك المعنى فإنّه كفر بل يقال إنّهم اظهروا واطلعوا على الغيب(2) ، وفي هذا المعنى يقول النيسابوري المفسر: إنّ امتناع الكرامة عن الأولياء إما لأنّ الله ليس أهلاً لأن يعطي المؤمن ما يريد، وإما لأنّ المؤمن ليس أهلاً لذلك وكل منهما بعيد فإنّ توفيق المؤمن لمعرفته لمن أشرف المواهب منه تعالى لعبده فإذا لم يبخل الفياض بالأشرف فلأن لا يبخل بالأدون أولى .
كما أن الامام الرضا عليه السلام قال فيما روي عنه: «يبسط لنا العلم فنعلم ويقبض عنا فلا نعلم» وهذا المعنى هو عين مفاد الآية: 27 من سورة الجن وهي قوله تعالى: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسوله) وفي شرح هذه الآية يقول الإمام الرضا عليه السلام لعمر بن هداب وقد سأله عن علم الأئمة قال: «إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم هو المرتضى عند الله ونحن ورثة ذلك الرسول الذي أطلعه الله على غيبه فعلمنا ما كان وما يكون إلى يوم القيامة» (3).
اذن فالنتيجة والخلاصة أن علم اهل البيت عليهم الصلاة و السلام بما فيهم رسول الله صلى الله عليه و اله حاصل بواسطة الطريق الثاني اي الإلهام و التحديث، وكذلك عن طريق القران الكريم الذي فيه تبيان لكل شيء، تبيان لما حدث و ما سيحدث تبيان لجميع ما موجود في الكون من مخلوقات عجيبة وهائلة ، وتبيان لجميع العلوم المختلفه و المتنوعه و التي ما زال البشر لم يتوصل الى اعماقها، بل انه ما زال يحبو في طريقها و يطوف حول ينابيعها، ولهذا فان هذه القضية و هذه الحقيقة لا غبار عليها و لا يمكن لأحد ان يشكك فيها ، ولا ينكرها الا الجاهل او المعاند أو المتعصب.
الكاتب : مهند سلمان السهلاني
******************************************
(1) مقتل الحسين للمقرم باب علم الإِمام ص24 فصاعداً
(2) روح المعاني 20/9.
(3) البحار للمجلسي 12/22
تعليق