السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وال محمد
*************************
التنبيه إلى خطورة الحقد على الفرد في الدنيا والآخرة وكذلك على المجتمع وضرورة الخلاص من هذه الآفّة.عن الإمام الصادق (عليه السلام):حقد المؤمن مقامه ثمّ يفارق أخاه فلا يجد عليه شيئاً وحقد الكافر دهره.
روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله:الحقد ألأم العيوب وكذلك قوله (عليه السلام):ألأم الخُلُق الحقد.
فالحقد كما عرّفه بعض العلماء هو إضمار العداوة في القلب ومعناه كذلك الضغينة.
وإنّما كان الأم العيوب والأم الخُلُق لأنّ فيه إضماراً لنيّة السوء تجاه المحقود عليه والتربّص به لأجل النيل منه وإيذائه فيما لو أمكنت الفرص.
فهو عداوة باطنة تنطوي على نيّة غدر بل ربّما تنطوي على صفات السباع والوحوش الذين يتربّصون بالحيوانات انتظاراً للحظة افتراسها وهل بعد هذا اللؤم من لؤم.
لذا فقد تتحوّل هذه العداوة الباطنة إلى عداوة ظاهرة عندما يضعف المحقود عليه أو يقوى الحاقد.
أصل الحقد ومنشؤه:
عن أمير المؤمنين (عليه السلام):الحقد مَثَارُ الغضب.
يقول صاحب كتاب جامع السعادات العلّامة النراقي:وهو (أي الحقد)
من ثمرة الغضب لأنّ الغضب إذا لزم كظمه لعجزٍ عن التشفّي في الحال رجع إلى الباطن واحتقن فيه فصار حقداً وهو من المهلكات العظيمة.
إذن فسبب الحقد هو الغضب الذي لا يقدر الإنسان على أن يشفيه فيعتمل داخل القلب ليصبح حقداً ولذا فكما أنّ الروايات عبّرت عن الغضب بأنّه نار كذلك عبرت عن الحقد بأنّه نار فعن الإمام عليّ (عليه السلام):الحقد نار لا تطفأ إلّا بالظفر.
وهذا يشير إلى أن الحقود لا يذهب حقده ما لم يشفِ غليله وغيظه بالنيل من مبغوضه ومحقوده.
من همّ الذين يحقدون؟:
هناك علاقة بين آفّتين هما الحقد والغضب ويمكن تصوّر كونهما يتبادلان التأثير فيغذي أحدهما الآخر وعليه فإنّ كلّ سبب يمكن تصوّره للغضب هو بنفسه سبب للحقد لأنّ الإنسان إذا تعرّض لما يغضبه فإمّا أن يستطيع إنفاذ غضبه أو لا يستطيع لمانع ما فيحقد مؤجّلاً شفاء غيظه إلى حين التمكّن.
وبالتالي فكلّما تمكّنت أسباب الغضب من إنسان تمكّنت منه أسباب الحقد.
ويمكن القول أنّه كلّما قلَّ الرادع الدينيّ والأخلاقيّ عند الإنسان كلّما كان أقرب إلى أن يكون حقوداً وهل يعني ذلك سوى كونه شرّيراً وسلاحه الحقد فعن عليّ (عليه السلام):سلاح الشرّ الحقد.
آثار الحقد:
يقول أمير المؤمنين (عليه السلام):رأس العيوب الحقد.
وهذه الرواية تدلّ على أنّ الحقد يأتي في رأس قائمة العيوب.
أو أنّ الحقد يلزم عنه كثير من العيوب. وقد ذكر علماء الأخلاق أنّ الحقد يلزمه الكثير من الآفات مثل الحسد فعنه (عليه السلام):الحقد شيمة الحسدة والفتن كما قال الإمام عليّ (عليه السلام):سبب الفتن الحقد وربّما ينقطع الحاقد عن صلة المحقود فلا يزوره ولا يكلّمه ويهجره وربّما يؤذيه بالضرب أو بالكلام الجارح أو بالشتيمة أو يستحلّ منه المحارم كأن يعقد المجالس لغيبته فيهتك ستره ويفشي سرّه ويظهر ما اطلع عليه من عيوبه وينشرها... وقد يصل حدّ الشماتة بما يصيبه من بلاء ويغتبط ويُسرّ لذلك وربّما يعمل على تحقيره وإهانته والاستهزاء به
والتعالي عليه... وإذا كان للمحقود على الحاقد حقوق أنكرها أو منعها أو عطّل حصوله عليها...
ولو سلم من كلّ هذه الآفات فلم يتورّط بأيّ محرّم تجاه المحقود لكان كافياً أنّه في قلبه لا ينتهي عن بغضه واستثقاله.
وهذا بحدّ ذاته يُوجِد ظلمة في القلب مانعة من استفادة الإنسان من كثير من الأمور المعنويّة والعباديّة. طارداً لها ليستتم الظلام هيمنته على صفحة القلب فلا يلتذّ بلذّة. لذا فإنّ الحقد بحدّ ذاته عذاب للحاقد قال الإمام عليّ (عليه السلام):الحقود معذّب النفس متضاعف الهمّ وكذلك روي عن الإمام العسكريّ (عليه السلام):أقلّ الناس راحة الحقود وإذا استفحل الحقد في قلب إنسان يسلخه من إنسانيّته فلا يحمل من مشاعرها شيئاً لأنّ الحقد قد أكلها فعن الإمام عليّ (عليه السلام):ليس لحقودٍ إخوة.
وعنه (عليه السلام):لا مودّة لحقود.
كيف تطرد الحقد:
إنّ علاج آفّة الحقد التي ورد فيها قول أمير المؤمنين (عليه السلام):
طهّروا قلوبكم من الحقد فإنّه مرض موبئ.
لأنّ الحقد وباء يفتك بإنسانيّة الإنسان ولأنّه كذلك فعلاجه أوّلاً يكون:
1- بالاستعانة بالله: قال تعالى في كتابه الكريم حكاية عن دعاء الصالحين:وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ).
2- العتاب: عن الإمام عليّ بن محمّد الهادي (عليه السلام):العتاب خير من الحقد.
فالذي يلاقي من أخيه الإنسان تصرّفاً يجرحه أو يؤذيه الأفضل له أن يعاتب بدل أن يخبّئ الأمر في نفسه.
لكن لا بدّ في العتاب من أن يكون باقتصاد وأن لا يزيد عن الحدّ حتّى لا يؤدّي إلى عكسه فيورث الحقد عند الطرف الآخر فقد قال الإمام عليّ (عليه السلام):احمل أخاك على ما فيه ولا تكثر العتاب فإنّه يورث الضغينة.
3- لا تعاشر حقوداً: ذلك أنّ الحقد قد يكون مرضاً مُعدياً فلا تؤاخي ولا تصادق حقوداً عن الإمام عليّ (عليه السلام):بئس العشير الحقود.
4- التبسّم والبشاشة: عن رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم):حسن البشر يذهب بالسخيمة.
5- المواساة في الشدائد: إنّ وقوف الإنسان مواسياً ومساعداً لأخيه في الشدائد والمصائب يؤدّي إلى ذهاب الأحقاد من كلا الطرفين ولذا قال عليّ (عليه السلام):عند الشدائد تذهب الأحقاد.
وأخيرا أقول إملأ صدرك خيراً لغيرك:
عن عليّ (عليه السلام) أنّه قال:احصد الشرّ من صدر غيرك بقلعه من صدرك فعلى الإنسان أن يضمر الخير كلّ الخير للآخرين لأنّه على حدّ ما عبّرت الروايات الآخرون لنا كما نحن لهم أي إذا أردنا أن نعرف مشاعر الآخرين اتجاهنا علينا أن ننظر إلى قلوبنا لنرى حقيقة مشاعرنا اتجاههم. هذا من جهة ومن جهة أخرى عندما يعالج الإنسان نفسه بعدم إضمار الشرّ والبغض والعداوة للآخرين سيعلمهم بسلوكه العمليّ أن لا يحقدوا بل أن يحملوا كلّ المشاعر النبيلة اتجاه بعضهم بعضا.
اللهم صل على محمد وال محمد
*************************
التنبيه إلى خطورة الحقد على الفرد في الدنيا والآخرة وكذلك على المجتمع وضرورة الخلاص من هذه الآفّة.عن الإمام الصادق (عليه السلام):حقد المؤمن مقامه ثمّ يفارق أخاه فلا يجد عليه شيئاً وحقد الكافر دهره.
روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله:الحقد ألأم العيوب وكذلك قوله (عليه السلام):ألأم الخُلُق الحقد.
فالحقد كما عرّفه بعض العلماء هو إضمار العداوة في القلب ومعناه كذلك الضغينة.
وإنّما كان الأم العيوب والأم الخُلُق لأنّ فيه إضماراً لنيّة السوء تجاه المحقود عليه والتربّص به لأجل النيل منه وإيذائه فيما لو أمكنت الفرص.
فهو عداوة باطنة تنطوي على نيّة غدر بل ربّما تنطوي على صفات السباع والوحوش الذين يتربّصون بالحيوانات انتظاراً للحظة افتراسها وهل بعد هذا اللؤم من لؤم.
لذا فقد تتحوّل هذه العداوة الباطنة إلى عداوة ظاهرة عندما يضعف المحقود عليه أو يقوى الحاقد.
أصل الحقد ومنشؤه:
عن أمير المؤمنين (عليه السلام):الحقد مَثَارُ الغضب.
يقول صاحب كتاب جامع السعادات العلّامة النراقي:وهو (أي الحقد)
من ثمرة الغضب لأنّ الغضب إذا لزم كظمه لعجزٍ عن التشفّي في الحال رجع إلى الباطن واحتقن فيه فصار حقداً وهو من المهلكات العظيمة.
إذن فسبب الحقد هو الغضب الذي لا يقدر الإنسان على أن يشفيه فيعتمل داخل القلب ليصبح حقداً ولذا فكما أنّ الروايات عبّرت عن الغضب بأنّه نار كذلك عبرت عن الحقد بأنّه نار فعن الإمام عليّ (عليه السلام):الحقد نار لا تطفأ إلّا بالظفر.
وهذا يشير إلى أن الحقود لا يذهب حقده ما لم يشفِ غليله وغيظه بالنيل من مبغوضه ومحقوده.
من همّ الذين يحقدون؟:
هناك علاقة بين آفّتين هما الحقد والغضب ويمكن تصوّر كونهما يتبادلان التأثير فيغذي أحدهما الآخر وعليه فإنّ كلّ سبب يمكن تصوّره للغضب هو بنفسه سبب للحقد لأنّ الإنسان إذا تعرّض لما يغضبه فإمّا أن يستطيع إنفاذ غضبه أو لا يستطيع لمانع ما فيحقد مؤجّلاً شفاء غيظه إلى حين التمكّن.
وبالتالي فكلّما تمكّنت أسباب الغضب من إنسان تمكّنت منه أسباب الحقد.
ويمكن القول أنّه كلّما قلَّ الرادع الدينيّ والأخلاقيّ عند الإنسان كلّما كان أقرب إلى أن يكون حقوداً وهل يعني ذلك سوى كونه شرّيراً وسلاحه الحقد فعن عليّ (عليه السلام):سلاح الشرّ الحقد.
آثار الحقد:
يقول أمير المؤمنين (عليه السلام):رأس العيوب الحقد.
وهذه الرواية تدلّ على أنّ الحقد يأتي في رأس قائمة العيوب.
أو أنّ الحقد يلزم عنه كثير من العيوب. وقد ذكر علماء الأخلاق أنّ الحقد يلزمه الكثير من الآفات مثل الحسد فعنه (عليه السلام):الحقد شيمة الحسدة والفتن كما قال الإمام عليّ (عليه السلام):سبب الفتن الحقد وربّما ينقطع الحاقد عن صلة المحقود فلا يزوره ولا يكلّمه ويهجره وربّما يؤذيه بالضرب أو بالكلام الجارح أو بالشتيمة أو يستحلّ منه المحارم كأن يعقد المجالس لغيبته فيهتك ستره ويفشي سرّه ويظهر ما اطلع عليه من عيوبه وينشرها... وقد يصل حدّ الشماتة بما يصيبه من بلاء ويغتبط ويُسرّ لذلك وربّما يعمل على تحقيره وإهانته والاستهزاء به
والتعالي عليه... وإذا كان للمحقود على الحاقد حقوق أنكرها أو منعها أو عطّل حصوله عليها...
ولو سلم من كلّ هذه الآفات فلم يتورّط بأيّ محرّم تجاه المحقود لكان كافياً أنّه في قلبه لا ينتهي عن بغضه واستثقاله.
وهذا بحدّ ذاته يُوجِد ظلمة في القلب مانعة من استفادة الإنسان من كثير من الأمور المعنويّة والعباديّة. طارداً لها ليستتم الظلام هيمنته على صفحة القلب فلا يلتذّ بلذّة. لذا فإنّ الحقد بحدّ ذاته عذاب للحاقد قال الإمام عليّ (عليه السلام):الحقود معذّب النفس متضاعف الهمّ وكذلك روي عن الإمام العسكريّ (عليه السلام):أقلّ الناس راحة الحقود وإذا استفحل الحقد في قلب إنسان يسلخه من إنسانيّته فلا يحمل من مشاعرها شيئاً لأنّ الحقد قد أكلها فعن الإمام عليّ (عليه السلام):ليس لحقودٍ إخوة.
وعنه (عليه السلام):لا مودّة لحقود.
كيف تطرد الحقد:
إنّ علاج آفّة الحقد التي ورد فيها قول أمير المؤمنين (عليه السلام):
طهّروا قلوبكم من الحقد فإنّه مرض موبئ.
لأنّ الحقد وباء يفتك بإنسانيّة الإنسان ولأنّه كذلك فعلاجه أوّلاً يكون:
1- بالاستعانة بالله: قال تعالى في كتابه الكريم حكاية عن دعاء الصالحين:وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ).
2- العتاب: عن الإمام عليّ بن محمّد الهادي (عليه السلام):العتاب خير من الحقد.
فالذي يلاقي من أخيه الإنسان تصرّفاً يجرحه أو يؤذيه الأفضل له أن يعاتب بدل أن يخبّئ الأمر في نفسه.
لكن لا بدّ في العتاب من أن يكون باقتصاد وأن لا يزيد عن الحدّ حتّى لا يؤدّي إلى عكسه فيورث الحقد عند الطرف الآخر فقد قال الإمام عليّ (عليه السلام):احمل أخاك على ما فيه ولا تكثر العتاب فإنّه يورث الضغينة.
3- لا تعاشر حقوداً: ذلك أنّ الحقد قد يكون مرضاً مُعدياً فلا تؤاخي ولا تصادق حقوداً عن الإمام عليّ (عليه السلام):بئس العشير الحقود.
4- التبسّم والبشاشة: عن رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم):حسن البشر يذهب بالسخيمة.
5- المواساة في الشدائد: إنّ وقوف الإنسان مواسياً ومساعداً لأخيه في الشدائد والمصائب يؤدّي إلى ذهاب الأحقاد من كلا الطرفين ولذا قال عليّ (عليه السلام):عند الشدائد تذهب الأحقاد.
وأخيرا أقول إملأ صدرك خيراً لغيرك:
عن عليّ (عليه السلام) أنّه قال:احصد الشرّ من صدر غيرك بقلعه من صدرك فعلى الإنسان أن يضمر الخير كلّ الخير للآخرين لأنّه على حدّ ما عبّرت الروايات الآخرون لنا كما نحن لهم أي إذا أردنا أن نعرف مشاعر الآخرين اتجاهنا علينا أن ننظر إلى قلوبنا لنرى حقيقة مشاعرنا اتجاههم. هذا من جهة ومن جهة أخرى عندما يعالج الإنسان نفسه بعدم إضمار الشرّ والبغض والعداوة للآخرين سيعلمهم بسلوكه العمليّ أن لا يحقدوا بل أن يحملوا كلّ المشاعر النبيلة اتجاه بعضهم بعضا.