السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وال محمد
************************
قال أبو جعفر عليه السلام : دخل علي عليه السلام المسجد فاستقبله شاب وهو يبكي وحوله قوم يسكتونه فقال عليه السلام ما أبكاك؟ فقال : يا أمير المؤمنين إن شريحا قضى علي بقضية ما أدري ما هي إن هؤلاء النفر خرجوا بأبي معهم في سفرهم فرجعوا ولم يرجع أبي فسألتهم عنه فقالوا : مات فسألتهم عن ماله فقالوا : ما ترك مالا فقدمتهم إلى شريح فاستحلفهم ، وقد علمت يا أمير المؤمنين أن أبي خرج ومعه مال كثير فقال لهم أمير المؤمنين عليه السلام : ارجعوا فردوهم جميعا والفتى معهم إلى شريح فقال له : يا شريح كيف قضيت بين هؤلاء؟ فقال ، يا أمير المؤمنين ادعى هذا الغلام على هؤلاء النفر أنهم خرجوا في سفر وأبوه معهم فرجعوا ولم يرجع أبوه فسألتهم عنه فقالوا : مات فسألتهم عن ماله فقالوا ما خلف شيئا فقلت للفتى : هل لك بينة على ما تدعي؟ فقال : لا ، فاستحلفتهم ، فقال علي عليه السلام : يا شريح هيهات هكذا تحكم في مثل هذا فقال : كيف هذا يا أمير المؤمنين؟ فقال علي عليه السلام :
يا شريح والله لأحكمن فيهم بحكم ما حكم به خلق قبلي إلاداود النبي عليه السلام ، يا قنبر ادع لي شرطة الخميس فدعاهم فوكل بهم بكل واحد منهم رجلا من الشرطة ، ثم نظر أمير المؤمنين عليهالسلام إلى وجوههم ، فقال : ماذا تقولون أتقولون إني لا أعلم ما صنعتم بأب هذا الفتى إني إذا لجاهل ، ثم قال : فرقوهم وغطوا رؤوسهم ففرق بينهم وأقيم كل واحد منهم إلى أسطوانة من أساطين المسجد ورؤوسهم مغطاة بثيابهم ، ثم دعا بعبيد الله بن أبي رافع كاتبه ، فقال : هات صحيفة ودواة ، وجلس علي عليه السلام في مجلس القضاء واجتمع الناس إليه فقال : إذا أنا كبرت فكبروا ، ثم قال للناس : أفرجوا ثم دعا بواحد منهم فأجلسه بين يديه فكشف عن وجهه ، ثم قال لعبيد الله اكتب إقراره وما يقول ، ثم أقبل عليه بالسؤال ، ثم قال له :
في أي يوم خرجتم من منازلكم وأبو هذا الفتى معكم؟ فقال الرجل : في يوم كذا وكذا ، فقال : وفي أي شهر؟ فقال : في شهر كذا وكذا وقال : وإلى أين بلغتم من سفركم حين مات أبو هذا الفتى؟ قال : إلى موضع كذا وكذا ، قال : وفي إي منزل؟ قال : في منزل فلان بن فلان ، قال : وما كان من مرضه؟ قال : كذا وكذا ، قال : وكم يوما مرض؟ قال : كذا وكذا يوما ، قال : فمن كان يمرضه؟ وفي إي يوم مات؟ ومن غسله؟ وأين غسله؟ ومن كفنه؟ وبما كفنتموه؟ ومن صلى عليه؟ ومن نزل قبره؟ فلما سأله عن جميع ما يريد كبر علي عليهالسلام وكبر الناس معه ، فارتاب أولئك الباقون ولم يشكوا أن صاحبهم قد أقر عليهم وعلى نفسه ، فأمر أن يغطى رأسه ، وأن ينطلقوا به إلى الحبس.
ثم دعا بآخر فأجلسه بين يديه وكشف عن وجهه ثم قال : كلا زعمت أني لا أعلم ما صنعتم ، فقال : يا أمير المؤمنين ما أنا إلا واحد من القوم ولقد كنت كارها لقتله فأقر ثم دعا بواحد بعد واحد فكلهم يقر بالقتل وأخذ المال ثم رد الذي كان أمر به إلى السجن فأقر أيضا فألزمهم المال والدم.
فقال شريح : يا أمير المؤمنين وكيف كان حكم داود؟ فقال عليه السلام : إن داود النبي عليه السلام مر بغلمة يلعبون وينادون بعضهم بعضا : مات الدين فدعا منهم غلاما فقال له : يا غلام ما اسمك؟ قال : اسمي مات الدين فقال له داود عليه السلام من سماك بهذا الاسم؟ قال : أمي ، فانطلق إلى أمه فقال يا امرأة ما اسم ابنك هذا؟ قالت : مات الدين ، فقال لها : ومن سماه بهذا الاسم! قالت : أبوه قال : وكيف كان ذلك؟ قالت : إن أباه خرج في سفر له ومعه قوم وهذا الصبي حمل في بطني فانصرف القوم ولم ينصرف زوجي فسألتهم عنه فقالوا : مات ، قلت : أين ما ترك؟ قالوا : لم يخلف مالا فقلت : أوصاكم بوصية؟ قالوا : نعم زعم أنك حبلى فما ولدت من ولد ذكر أو أنثى فسميه مات الدين فسميته فقال ، أتعرفين القوم الذين كانوا خرجوا مع زوجك؟ قالت : نعم ، قال : فأحياء هم أم أموات؟ قالت : بل أحياء ، قال : فانطلقي بنا إليهم ثم مضى معها فاستخرجهم من منازلهم فحكم بينهم بهذا الحكم فثبت عليهم المال والدم ثم قال المرأة : سمي ابنك هذا عاش الدين.
من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 24-26
أي كان يجب عليك أن تسألني في أمثال تلك الوقايع حتى أحكم بالواقع كما اشترطت عليك في القضاء ، أو لما كان موضع التهمة كان يجب عليك السؤال والتفتيش ، أو لما ادعوا موته وأنه ما خلف مالا كان يمكنك طلب الشهود والتفريق حتى تبين الحق ، أو لما خرج معهم كان يجب عليهم أن يردوه أو يثبتوا موته وأنه لم يخلف شيئا كما تدل عليه أخبار كثيرة.
اللهم صل على محمد وال محمد
************************
قال أبو جعفر عليه السلام : دخل علي عليه السلام المسجد فاستقبله شاب وهو يبكي وحوله قوم يسكتونه فقال عليه السلام ما أبكاك؟ فقال : يا أمير المؤمنين إن شريحا قضى علي بقضية ما أدري ما هي إن هؤلاء النفر خرجوا بأبي معهم في سفرهم فرجعوا ولم يرجع أبي فسألتهم عنه فقالوا : مات فسألتهم عن ماله فقالوا : ما ترك مالا فقدمتهم إلى شريح فاستحلفهم ، وقد علمت يا أمير المؤمنين أن أبي خرج ومعه مال كثير فقال لهم أمير المؤمنين عليه السلام : ارجعوا فردوهم جميعا والفتى معهم إلى شريح فقال له : يا شريح كيف قضيت بين هؤلاء؟ فقال ، يا أمير المؤمنين ادعى هذا الغلام على هؤلاء النفر أنهم خرجوا في سفر وأبوه معهم فرجعوا ولم يرجع أبوه فسألتهم عنه فقالوا : مات فسألتهم عن ماله فقالوا ما خلف شيئا فقلت للفتى : هل لك بينة على ما تدعي؟ فقال : لا ، فاستحلفتهم ، فقال علي عليه السلام : يا شريح هيهات هكذا تحكم في مثل هذا فقال : كيف هذا يا أمير المؤمنين؟ فقال علي عليه السلام :
يا شريح والله لأحكمن فيهم بحكم ما حكم به خلق قبلي إلاداود النبي عليه السلام ، يا قنبر ادع لي شرطة الخميس فدعاهم فوكل بهم بكل واحد منهم رجلا من الشرطة ، ثم نظر أمير المؤمنين عليهالسلام إلى وجوههم ، فقال : ماذا تقولون أتقولون إني لا أعلم ما صنعتم بأب هذا الفتى إني إذا لجاهل ، ثم قال : فرقوهم وغطوا رؤوسهم ففرق بينهم وأقيم كل واحد منهم إلى أسطوانة من أساطين المسجد ورؤوسهم مغطاة بثيابهم ، ثم دعا بعبيد الله بن أبي رافع كاتبه ، فقال : هات صحيفة ودواة ، وجلس علي عليه السلام في مجلس القضاء واجتمع الناس إليه فقال : إذا أنا كبرت فكبروا ، ثم قال للناس : أفرجوا ثم دعا بواحد منهم فأجلسه بين يديه فكشف عن وجهه ، ثم قال لعبيد الله اكتب إقراره وما يقول ، ثم أقبل عليه بالسؤال ، ثم قال له :
في أي يوم خرجتم من منازلكم وأبو هذا الفتى معكم؟ فقال الرجل : في يوم كذا وكذا ، فقال : وفي أي شهر؟ فقال : في شهر كذا وكذا وقال : وإلى أين بلغتم من سفركم حين مات أبو هذا الفتى؟ قال : إلى موضع كذا وكذا ، قال : وفي إي منزل؟ قال : في منزل فلان بن فلان ، قال : وما كان من مرضه؟ قال : كذا وكذا ، قال : وكم يوما مرض؟ قال : كذا وكذا يوما ، قال : فمن كان يمرضه؟ وفي إي يوم مات؟ ومن غسله؟ وأين غسله؟ ومن كفنه؟ وبما كفنتموه؟ ومن صلى عليه؟ ومن نزل قبره؟ فلما سأله عن جميع ما يريد كبر علي عليهالسلام وكبر الناس معه ، فارتاب أولئك الباقون ولم يشكوا أن صاحبهم قد أقر عليهم وعلى نفسه ، فأمر أن يغطى رأسه ، وأن ينطلقوا به إلى الحبس.
ثم دعا بآخر فأجلسه بين يديه وكشف عن وجهه ثم قال : كلا زعمت أني لا أعلم ما صنعتم ، فقال : يا أمير المؤمنين ما أنا إلا واحد من القوم ولقد كنت كارها لقتله فأقر ثم دعا بواحد بعد واحد فكلهم يقر بالقتل وأخذ المال ثم رد الذي كان أمر به إلى السجن فأقر أيضا فألزمهم المال والدم.
فقال شريح : يا أمير المؤمنين وكيف كان حكم داود؟ فقال عليه السلام : إن داود النبي عليه السلام مر بغلمة يلعبون وينادون بعضهم بعضا : مات الدين فدعا منهم غلاما فقال له : يا غلام ما اسمك؟ قال : اسمي مات الدين فقال له داود عليه السلام من سماك بهذا الاسم؟ قال : أمي ، فانطلق إلى أمه فقال يا امرأة ما اسم ابنك هذا؟ قالت : مات الدين ، فقال لها : ومن سماه بهذا الاسم! قالت : أبوه قال : وكيف كان ذلك؟ قالت : إن أباه خرج في سفر له ومعه قوم وهذا الصبي حمل في بطني فانصرف القوم ولم ينصرف زوجي فسألتهم عنه فقالوا : مات ، قلت : أين ما ترك؟ قالوا : لم يخلف مالا فقلت : أوصاكم بوصية؟ قالوا : نعم زعم أنك حبلى فما ولدت من ولد ذكر أو أنثى فسميه مات الدين فسميته فقال ، أتعرفين القوم الذين كانوا خرجوا مع زوجك؟ قالت : نعم ، قال : فأحياء هم أم أموات؟ قالت : بل أحياء ، قال : فانطلقي بنا إليهم ثم مضى معها فاستخرجهم من منازلهم فحكم بينهم بهذا الحكم فثبت عليهم المال والدم ثم قال المرأة : سمي ابنك هذا عاش الدين.
من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 24-26
أي كان يجب عليك أن تسألني في أمثال تلك الوقايع حتى أحكم بالواقع كما اشترطت عليك في القضاء ، أو لما كان موضع التهمة كان يجب عليك السؤال والتفتيش ، أو لما ادعوا موته وأنه ما خلف مالا كان يمكنك طلب الشهود والتفريق حتى تبين الحق ، أو لما خرج معهم كان يجب عليهم أن يردوه أو يثبتوا موته وأنه لم يخلف شيئا كما تدل عليه أخبار كثيرة.
تعليق