بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله الذي لا نعتمد إلا قوله ولا نمسك إلا بحبله , الإله الحق الواحد بلا شريك الملك بلا تمليك الذي ليس لصفته حد محدود , ولا نعت موجود ولا وقت معدود ولا أجل ممدود .
والصلاة والسلام على أفضل الخلائق أجمعين سيد الأشراف وجامع الأوصاف المخصوص بأعلى المراتب المؤيد بأوضح البراهين محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم إلى يوم الدين .
أشكل الناصبي عبدالله بن محمد السلفي في كتابة ( من عقائد الشيعة ) تقديم عبدالعزيز بن عبدالله بن باز الرئيس العام لإدارة البحوث العلمية والإفتاء ورئيس هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية على عصمة الأئمة قائلاً بأن الرافضة يدّعون العصمة للأئمة .
وقبل الشروع بالرد على ما أشكل لابد لنا من تعريف للعصمة وتبيان لعقيدتنا في عصمة الإمام :
العصمة لغة :
عصَمَ , يعصم من باب ضَرَبَ : حَفَظَ ووقى (1) .
فالعصمة في كلام العرب : معناها المنع (2) .
والعاصم : المانع الحامي (3) .
العصمة اصطلاحاً : عرّف الشيخ المفيد العصمة في الاصطلاح الشرعي بأنها : ( لطفٌ يفعله الله تعالى بالمكلف , بحيث تمنع منه وقوع المعصية , مع قدرته عليها ) (4) .
إننا نعتقد [ أن الإمام كالنبي يجب أن يكون معصوماً من جميع الرذائل والفواحش ما ظهر منها وما بطن , من سن الطفولة إلى الموت , عمداً وسهواً . كما يجب أن يكون معصوماً من السهو و الخطأ و النسيان , لأن الأئمة حفظة الشرع و القوامون عليه حالهم في ذلك حال النبي ] (5) .
إن من مواصفات الإمام ومؤهلاته أن يكون جامعاً لكل الكمالات التي يشترط اتصاف النبي بها وأبرزها ( العصمة , والإحاطة بأصول الشريعة وفروعها , والمعرفة التامة بكتاب الله وسنة نبيه , وقدرته على دفع الشبهات وصيانة الدين , والحكم بالعدل ) (6) .
بعد هذا التبيان نأتي إلى الأدلّة على عصمة أئمتنا ـ والذين هم جميعاً أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) ـ والأدلة متعددة ، نكتفي بذكر ما فيه الكفاية لأصحاب العقول .
لقد روى علماء المسلمين ـ سنّة وشيعة ـ عن النبي (صلى الله عليه وآله) قوله في آخر أيام حياته الشريفة :
(إني تارك فيكم الثقلين ; كتابَ الله ، وأهلَ بيتي ، وإنّهما لن يتفرّقا حتى يرِدا عليَّ الحوض) (7) .
ومما لا ريب فيه ولا شكّ يعتريه أنّ القرآن الكريم مصون عن التحريف والخطأ ، إذ لا يمكن سريان الاشتباه والخطأ إلى الوحي الإلهي ، مع إن الموحي هو الله جل وعلا ، والحامل للوحي هو جبريل (عليه السلام) ، والمتلقّي له نبيّنا محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، فكيف يعقل وقوع الاشتباه والخطأ في مثله مع وضوح عصمة الجميع ، بل عصمتهم أجلى من الشمس في رابعة النهار ؟!
فلمّا كان للكتاب العزيز هذه الصيانة والعصمة فمن الواضح أنها ثابتة لأهل بيت النبي أيضاً ; وذلك أنّ هذا الحديث الشريف جعلهم عِدلاً للقرآن وقريناً مساوياً له في مقام هداية الناس وقيادتهم ، ومن لوازم هذه المقارنة والتساوي هو استواؤهما من ناحية العصمة وعدم الخطأ .
وبعبارة ثانية : لا يصح جعل شخص أو أشخاص غير معصومين كِفئاً وقريناً لما لا يعتريه الخطأ والزلل . ومن أوضح الأدلّة على عصمتهم قوله ( صلى الله عليه وآله ) : وإنّهما لن يتفرّقا حتى يرِدا عليَّ الحوض .
فإذا أمكن وقوع الأئمّة من أهل البيت (عليهم السلام) في الخطأ ووقعوا فيه ، فإنّه يلزم افتراقهم عن الكتاب ـ الذي لا يعتريه الخطأ والزلل ـ وسيكون سبيلهم غير سبيل القرآن ، مع أنّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) نفى ذلك بشدّة .
إن المراد من أهل البيت في الحديث الشريف جماعة خاصّة من عترته ، وهم أئمّتنا (عليهم السلام ) الذين جاء فيهم { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } [الأحزاب: 33] , عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : نزلت هذه الآية في بيتي ( إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ) وفي البيت سبعة جبرئيل وميكائيل عليهما السلام ، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلي والحسن والحسين وفاطمة عليهم السلام ، وأنا على باب البيت ، فقلت : يا رسول الله ألستُ من أهل البيت ؟ !
قال : أنتِ على خير ، إنّك من أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وما قال : انك من أهل البيت (8) و(9) .
وهم الذين نزل بحقهم قوله تعالى { وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ } [الأعراف: 181] قال الجبائي : ( هذه الآية تدلُّ على أنّه لا يخلو زمان ألبتّة عمّن يقوم بالحق ، ويعمل به ، ويهدي إليه ، وأنهم لا يجتمعون في شيء من الأزمنة على الباطل ) (10) .
ومما روي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حديث صححه أشدُّ نقاد الحديث من أئمة الحديث وهو الذهبي . قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ( من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن أطاع عليّاً فقد أطاعني ، ومن عصى علياً فقد عصاني ) (11) .
ونصوِّر هذا الحديث هكذا : طاعة علي طاعة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وبما ان طاعة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) طاعة الله ، ينتج ان طاعة علي طاعة الله .
ومثل هذا : معصية علي معصية رسول الله ( صلى الله عليه وآله )، ومعصية الرسول ( صلى الله عليه وآله) معصية لله تعالى ، ينتج انّ معصية علي معصية لله تعالى.
فإن كانت ارادة علي عليه السلام تتخلّف عن ارادة الله ، وكان ما يكرهه علي يتخلّف عمّا يكرهه الله فانّ القياس الاَول باطل ، وهكذا القياس الثاني باطل أيضاً.
وإذا كان صحيحاً وحقّاً فانّ انكار عصمة علي بن أبي طالب عليه السلام ظلم وباطل .
إن الحاجة الداعية إلى الإمام هي ردع الظالم عن ظلمة والأنتصاف للمظلوم منه , فلو جاز أن يكون الإمام غير معصوم لأفتقر واحتاج الى من يقوم له خطأه ولو فعل المعصية فأن وجب الإنكار عليه سقط محله من القلوب فكيف يقبل قوله وهو يفعل المنكرات ؟ وانتفت فائدة نصبه لأنه نصب هادياً والحال أنه صار مهدياً وإن لم يجب الإنكار عليه سقط وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو محال (12) .
والخلاصة أنّه لو جاز أن يفعل النبي أو الإمام المعصية ، أو يخطأ وينسى ، وصدر منه شيء من هذا القبيل، فإمّا أن يجب إتباعه في فعله الصادر منه عصياناً أو خطأً عملاً بقوله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } [النساء: 59] وقوله { وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } [آل عمران: 132] أو لا يجب ، فإن وجب إتباعه فقد جوّزنا فعل المعاصي برخصة من الله تعالى ، بل أوجبنا ذلك ، وهذا باطل بضرورة الدين والعقل . وان لم يجب إتباعه فذلك ينافي وجوب الطاعة أبداً وعليه وجب أن يكون النبي أو الإمام معصوم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
(1) المصباح المنير :417 مادة عَصَمَ .
(2) مختار الصحاح : 437 مادة عَصَم .
(3) لسان العرب 12 : 403 مادة عصم .
(4) النكت الاعتقادية الشيخ المفيد 10 : 37 مصنفات الشيخ المفيد ط ــ المؤتمر العالمي .
(5) عقائد الإمامية للشيخ محمد رضا المظفر– عقيدتنا في عصمة الإمام ص 104 .
(6) بداية المعرفة للسيد حسن العاملي ص178 .
(7) المستدرك على الصحيحين (للحاكم) ، ج 3 ، ص 148 ، الصواعق المحرقة ، الباب 11 ، الفصل الأول ، ص 149. وورد هذا المضمون في مسند احمد بن حنبل، ج 5، ص 182 و 189. كنز العمال ، ج 1، ص 186، ح 944.
(8) شواهد التنزيل ( للحسكاني ) 2 : 81 ط1 في تفسير هذه الآية المباركة بأسانيد عدة .
(9) وقد روي هذا الحديث بطرق وأسانيد مختلفة في كتب عدّة ، وبألفاظ متقاربة تؤدي هذا المعنى وتحصر أهل البيت عليهم السلام في هؤلاء الخمسة فتاريخ دمشق أيضاً روى مثله في ترجمة الإمام الحسن عليه السلام ص67 ، ويجد كذلك الباحث في مسند أم سلمة من كتاب المسند مثله ، وحتى أن مسلم قد رواه في باب فضائل أهل البيت عليهم السلام 4 : 1883. وله مصادر اُخرى.
(10)(التفسير الكبير الفخر الرازي 15 : 76 ـ 77 ) .
(11) المستدرك|الحاكم 3 : 121|128 ، عن أبي ذر الغفاري ، وقد صححه الذهبي.
(12) ينظر توضيح النافع يوم الحشر بشرح الباب الحادي عشر ص 168 وجوب كون الإمام معصوماً .
والحمد لله الذي لا نعتمد إلا قوله ولا نمسك إلا بحبله , الإله الحق الواحد بلا شريك الملك بلا تمليك الذي ليس لصفته حد محدود , ولا نعت موجود ولا وقت معدود ولا أجل ممدود .
والصلاة والسلام على أفضل الخلائق أجمعين سيد الأشراف وجامع الأوصاف المخصوص بأعلى المراتب المؤيد بأوضح البراهين محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم إلى يوم الدين .
أشكل الناصبي عبدالله بن محمد السلفي في كتابة ( من عقائد الشيعة ) تقديم عبدالعزيز بن عبدالله بن باز الرئيس العام لإدارة البحوث العلمية والإفتاء ورئيس هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية على عصمة الأئمة قائلاً بأن الرافضة يدّعون العصمة للأئمة .
وقبل الشروع بالرد على ما أشكل لابد لنا من تعريف للعصمة وتبيان لعقيدتنا في عصمة الإمام :
العصمة لغة :
عصَمَ , يعصم من باب ضَرَبَ : حَفَظَ ووقى (1) .
فالعصمة في كلام العرب : معناها المنع (2) .
والعاصم : المانع الحامي (3) .
العصمة اصطلاحاً : عرّف الشيخ المفيد العصمة في الاصطلاح الشرعي بأنها : ( لطفٌ يفعله الله تعالى بالمكلف , بحيث تمنع منه وقوع المعصية , مع قدرته عليها ) (4) .
إننا نعتقد [ أن الإمام كالنبي يجب أن يكون معصوماً من جميع الرذائل والفواحش ما ظهر منها وما بطن , من سن الطفولة إلى الموت , عمداً وسهواً . كما يجب أن يكون معصوماً من السهو و الخطأ و النسيان , لأن الأئمة حفظة الشرع و القوامون عليه حالهم في ذلك حال النبي ] (5) .
إن من مواصفات الإمام ومؤهلاته أن يكون جامعاً لكل الكمالات التي يشترط اتصاف النبي بها وأبرزها ( العصمة , والإحاطة بأصول الشريعة وفروعها , والمعرفة التامة بكتاب الله وسنة نبيه , وقدرته على دفع الشبهات وصيانة الدين , والحكم بالعدل ) (6) .
بعد هذا التبيان نأتي إلى الأدلّة على عصمة أئمتنا ـ والذين هم جميعاً أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) ـ والأدلة متعددة ، نكتفي بذكر ما فيه الكفاية لأصحاب العقول .
لقد روى علماء المسلمين ـ سنّة وشيعة ـ عن النبي (صلى الله عليه وآله) قوله في آخر أيام حياته الشريفة :
(إني تارك فيكم الثقلين ; كتابَ الله ، وأهلَ بيتي ، وإنّهما لن يتفرّقا حتى يرِدا عليَّ الحوض) (7) .
ومما لا ريب فيه ولا شكّ يعتريه أنّ القرآن الكريم مصون عن التحريف والخطأ ، إذ لا يمكن سريان الاشتباه والخطأ إلى الوحي الإلهي ، مع إن الموحي هو الله جل وعلا ، والحامل للوحي هو جبريل (عليه السلام) ، والمتلقّي له نبيّنا محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، فكيف يعقل وقوع الاشتباه والخطأ في مثله مع وضوح عصمة الجميع ، بل عصمتهم أجلى من الشمس في رابعة النهار ؟!
فلمّا كان للكتاب العزيز هذه الصيانة والعصمة فمن الواضح أنها ثابتة لأهل بيت النبي أيضاً ; وذلك أنّ هذا الحديث الشريف جعلهم عِدلاً للقرآن وقريناً مساوياً له في مقام هداية الناس وقيادتهم ، ومن لوازم هذه المقارنة والتساوي هو استواؤهما من ناحية العصمة وعدم الخطأ .
وبعبارة ثانية : لا يصح جعل شخص أو أشخاص غير معصومين كِفئاً وقريناً لما لا يعتريه الخطأ والزلل . ومن أوضح الأدلّة على عصمتهم قوله ( صلى الله عليه وآله ) : وإنّهما لن يتفرّقا حتى يرِدا عليَّ الحوض .
فإذا أمكن وقوع الأئمّة من أهل البيت (عليهم السلام) في الخطأ ووقعوا فيه ، فإنّه يلزم افتراقهم عن الكتاب ـ الذي لا يعتريه الخطأ والزلل ـ وسيكون سبيلهم غير سبيل القرآن ، مع أنّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) نفى ذلك بشدّة .
إن المراد من أهل البيت في الحديث الشريف جماعة خاصّة من عترته ، وهم أئمّتنا (عليهم السلام ) الذين جاء فيهم { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } [الأحزاب: 33] , عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : نزلت هذه الآية في بيتي ( إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ) وفي البيت سبعة جبرئيل وميكائيل عليهما السلام ، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلي والحسن والحسين وفاطمة عليهم السلام ، وأنا على باب البيت ، فقلت : يا رسول الله ألستُ من أهل البيت ؟ !
قال : أنتِ على خير ، إنّك من أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وما قال : انك من أهل البيت (8) و(9) .
وهم الذين نزل بحقهم قوله تعالى { وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ } [الأعراف: 181] قال الجبائي : ( هذه الآية تدلُّ على أنّه لا يخلو زمان ألبتّة عمّن يقوم بالحق ، ويعمل به ، ويهدي إليه ، وأنهم لا يجتمعون في شيء من الأزمنة على الباطل ) (10) .
ومما روي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حديث صححه أشدُّ نقاد الحديث من أئمة الحديث وهو الذهبي . قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ( من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن أطاع عليّاً فقد أطاعني ، ومن عصى علياً فقد عصاني ) (11) .
ونصوِّر هذا الحديث هكذا : طاعة علي طاعة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وبما ان طاعة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) طاعة الله ، ينتج ان طاعة علي طاعة الله .
ومثل هذا : معصية علي معصية رسول الله ( صلى الله عليه وآله )، ومعصية الرسول ( صلى الله عليه وآله) معصية لله تعالى ، ينتج انّ معصية علي معصية لله تعالى.
فإن كانت ارادة علي عليه السلام تتخلّف عن ارادة الله ، وكان ما يكرهه علي يتخلّف عمّا يكرهه الله فانّ القياس الاَول باطل ، وهكذا القياس الثاني باطل أيضاً.
وإذا كان صحيحاً وحقّاً فانّ انكار عصمة علي بن أبي طالب عليه السلام ظلم وباطل .
إن الحاجة الداعية إلى الإمام هي ردع الظالم عن ظلمة والأنتصاف للمظلوم منه , فلو جاز أن يكون الإمام غير معصوم لأفتقر واحتاج الى من يقوم له خطأه ولو فعل المعصية فأن وجب الإنكار عليه سقط محله من القلوب فكيف يقبل قوله وهو يفعل المنكرات ؟ وانتفت فائدة نصبه لأنه نصب هادياً والحال أنه صار مهدياً وإن لم يجب الإنكار عليه سقط وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو محال (12) .
والخلاصة أنّه لو جاز أن يفعل النبي أو الإمام المعصية ، أو يخطأ وينسى ، وصدر منه شيء من هذا القبيل، فإمّا أن يجب إتباعه في فعله الصادر منه عصياناً أو خطأً عملاً بقوله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } [النساء: 59] وقوله { وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } [آل عمران: 132] أو لا يجب ، فإن وجب إتباعه فقد جوّزنا فعل المعاصي برخصة من الله تعالى ، بل أوجبنا ذلك ، وهذا باطل بضرورة الدين والعقل . وان لم يجب إتباعه فذلك ينافي وجوب الطاعة أبداً وعليه وجب أن يكون النبي أو الإمام معصوم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
(1) المصباح المنير :417 مادة عَصَمَ .
(2) مختار الصحاح : 437 مادة عَصَم .
(3) لسان العرب 12 : 403 مادة عصم .
(4) النكت الاعتقادية الشيخ المفيد 10 : 37 مصنفات الشيخ المفيد ط ــ المؤتمر العالمي .
(5) عقائد الإمامية للشيخ محمد رضا المظفر– عقيدتنا في عصمة الإمام ص 104 .
(6) بداية المعرفة للسيد حسن العاملي ص178 .
(7) المستدرك على الصحيحين (للحاكم) ، ج 3 ، ص 148 ، الصواعق المحرقة ، الباب 11 ، الفصل الأول ، ص 149. وورد هذا المضمون في مسند احمد بن حنبل، ج 5، ص 182 و 189. كنز العمال ، ج 1، ص 186، ح 944.
(8) شواهد التنزيل ( للحسكاني ) 2 : 81 ط1 في تفسير هذه الآية المباركة بأسانيد عدة .
(9) وقد روي هذا الحديث بطرق وأسانيد مختلفة في كتب عدّة ، وبألفاظ متقاربة تؤدي هذا المعنى وتحصر أهل البيت عليهم السلام في هؤلاء الخمسة فتاريخ دمشق أيضاً روى مثله في ترجمة الإمام الحسن عليه السلام ص67 ، ويجد كذلك الباحث في مسند أم سلمة من كتاب المسند مثله ، وحتى أن مسلم قد رواه في باب فضائل أهل البيت عليهم السلام 4 : 1883. وله مصادر اُخرى.
(10)(التفسير الكبير الفخر الرازي 15 : 76 ـ 77 ) .
(11) المستدرك|الحاكم 3 : 121|128 ، عن أبي ذر الغفاري ، وقد صححه الذهبي.
(12) ينظر توضيح النافع يوم الحشر بشرح الباب الحادي عشر ص 168 وجوب كون الإمام معصوماً .