بسم الله وصلى الله على محمد واله الميامين
المثل الاعلى بصورة عامة هو القاعدة او الضابطة او الطريقة اوالقانون الذي يتخذه الفرد او جماعة من البشر منهجا له ، ويتبنىاه في في التفكير و الاقوال والافعال مع اضافة اطار من القداسة و الاحترام.
ان الانسان كفرد او جماعة دائما بحاجة الى مثل اعلى، و هذه الحاجة هي حاجة ضرورية جدا تتطلبه حياة الانسان وديمومتها، فان الحياة تتطلب من الانسان ان يكون لديه حزمة من القوانين و الطرق لكي يستطيع ان يعيش في هذه الحياة ويصمد امام التحديات و المشاكل التي تعترض طريقه، فان الانسان سواء كان فردا أم جماعة هو في مسيرة في هذه الحياة، وهذه المسيرة تتضمن الالاف من المواقف المتناقضة و المتوافقة احيانا وبهذا تتضح الأهمية البالغة والضرورة القصوى لوجود مثل اعلى للفرد و الجماعة البشرية .
ان المثل الاعلى الذي يتخذه الانسان كفرد او جماعة يجب ان يكون مثلا اعلى ايجابيا نافعا يقره العقل السليم ، وان لايتخذ مثلا اعلى سلبيا يعارض العقل السليم والفكر القويم ، وأما المثل الاعلى السلبي فيقصد به هو ذلك المثل الذي يستمد صورته من الواقع الذي يعيشه الانسان و يكون منتزعا من واقع الحياة البشرية بكل قيودها فهو نسخة من واقع الحياة البشرية بكافة قيوده و حدوده ، وهذا النوع من المثل الاعلى يجعل مستقبل حياة الانسان وحياة الجماعة البشرية نسخة مطابقة للماضي، وبهذا ستكون حياة الانسان هي حياة تكرارية يسودها الملل و الشعور بالفراغ وذلك لان المستقبل هو نفس الماضي بكل جزئياته وكافة حيثياته ، و سيترتب على هذه الحالة نتائج وخيمة على الفرد والجماعة البشرية ومن ابرزها :
1- سوف تكون مسيرة الانسان مسيرة غيرتكاملية فيبقى يعيش في دائرة مغلقة ليس لها نوافذ.
2- شعور الانسان بالفراغ و الملل بسبب تكرار الحياة اليومية لان المستقبل هو نسخة مطابقة لما عاشه في الماضي.
3 - لن يستطيع الانسان تحقيق الطموحات في المستقبل لان ذلك المثل جعله في دائرة مغلقة قيدت تفكيره ومشاعره و حياته.
4 -عدم تحقيق التقدم في جوانب الحياة و البقاء في المكان نفسه لان ذلك المثل الاعلى الذي اتخذه جعل الانسان كلما تقدم خطوة الى الامام يرجع خطوة الى الوراء فيبقى في المكان نفسه.
5- عدم القدرة على التصدي للمعوقات و المصاعب التي تعترض حياة الانسان و المجتمع.
إن هذا النوع السلبي من المثل الاعلى قد بينه القران الكريم في الكثير من آياته وقصصه حينما كان يتحدث عن حياة الشعوب و الامم السالفة و يريد بها تنبيه وتحذير وهداية الامم الحاضرة و القادمة لئلا تقع في الاخطاء نفسها، فحينما يتحدث القران الكريم عن كيفية مواجهة الاقوام و الامم السابقة لأنبيائها و كيف واجهت دعوة الانبياء بدعوة معاكسة بسبب المثل الاعلى الذي تبنوه منهجا لهم ، فان دعوة الانبياء ارادت ان تجعل لهم مستقبلا جديدا يختلف عن الماضي لكي تكون مسيرة الحياة مسيرة تكاملية و وتضمن تحقيق الطموحات و التطلع الى المستقبل وتغيير الواقع من الظلام الى النور ومن الجهل الى العلم ومن معيشة الدواب الى المعيشة التي تليق بالانسان ، وخير مثال على ذلك حينما دعت الانبياء اقوامها الى التوحيد و نبذ عبادة الاصنام لم يتقبلوا من هم ذلك و قالوا لهم نحن نتبع ما الفينا علية ابائنا ونحارب كل من يدعونا الى ترك منهج ابائنا و اسلافنا لانة المثل الاعلى لنا و لهم ونحن علية محافظون حيث قال تعالى في محكم كتابة العزيز {وَإِذَا قِيلَ لَهمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّة قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْة آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهتَدُونَ} [البقرة : 170]، و في موضع اخر ((قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْه آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ)) [يونس : 78].
فاذن يتضح لنا من ذلك ان هؤلاء الاقوام اتخذوا اتباع الاباء و الاجداد مثلا اعلى لهم يدافعون عنه بكل شراسة ، و هذا المثل الاعلى السلبي جعلهم يعيشون في دائرة مغلقة ليس فيها نوافذ للتطلع الى مستقبل جديد ، فقال تعالى {بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهمْ مُهتَدُونَ} [الزخرف : 22].
و من المهم ان نذكر الاسباب التي تجعل الانسان يتبنى هذا المثل و المنهج الخاطىء ونلخص الاسباب في سبببين : فاما الاول هو سبب نفسي و يقصد به تجميد الواقع وسوء العادة و الركود و الخمول فيصاب المجتمع بالجمود فهو غير قادر على النهوض و تغيير الواقع الى ما هو افضل .
وا ما السبب الثاني فهو سبب اجتماعي و يقصد به تسلط بعض البشر على المجتمع بحكم القوة و السلطة و استغفال الناس الناس واستعبادهم و تجميد الفكر المجتمعي ، فان الحكام المتسلطين على رقاب الناس كالفرعونيين على مر التاريخ يرون انا اي تقدم نحو الامام او تطلع الى المستقبل هو زعزعة لمراكزهم التي احتلوها بحكم القوة و العنف و القمع ، فيتبون تضليل الناس تماما كما تحدث القران الكريم عن فرعون {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّها الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَة غَيْرِي} [القصص : 38] ، وايضا قال تعالى {قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ } [غافر : 29] ، فنلاحظ ان فرعون جعل نفسه مثلا اعلى لهم و اراد ان يحصر نظرتهم للواقع في إطار نظرته وان يغلق عليهم ابواب التفكير و التطلع الى المستقبل، فإذن النتيجة والخلاصة تحتم على المجتمعات البشرية عدم اتخاذ المثل الاعلى السلبي لكي لايكون المستقبل نسخة مطابقة للماضي ولكي يتطلعوا الى آفاق التكامل.
الكاتب : مهند سلمان السهلاني
المثل الاعلى بصورة عامة هو القاعدة او الضابطة او الطريقة اوالقانون الذي يتخذه الفرد او جماعة من البشر منهجا له ، ويتبنىاه في في التفكير و الاقوال والافعال مع اضافة اطار من القداسة و الاحترام.
ان الانسان كفرد او جماعة دائما بحاجة الى مثل اعلى، و هذه الحاجة هي حاجة ضرورية جدا تتطلبه حياة الانسان وديمومتها، فان الحياة تتطلب من الانسان ان يكون لديه حزمة من القوانين و الطرق لكي يستطيع ان يعيش في هذه الحياة ويصمد امام التحديات و المشاكل التي تعترض طريقه، فان الانسان سواء كان فردا أم جماعة هو في مسيرة في هذه الحياة، وهذه المسيرة تتضمن الالاف من المواقف المتناقضة و المتوافقة احيانا وبهذا تتضح الأهمية البالغة والضرورة القصوى لوجود مثل اعلى للفرد و الجماعة البشرية .
ان المثل الاعلى الذي يتخذه الانسان كفرد او جماعة يجب ان يكون مثلا اعلى ايجابيا نافعا يقره العقل السليم ، وان لايتخذ مثلا اعلى سلبيا يعارض العقل السليم والفكر القويم ، وأما المثل الاعلى السلبي فيقصد به هو ذلك المثل الذي يستمد صورته من الواقع الذي يعيشه الانسان و يكون منتزعا من واقع الحياة البشرية بكل قيودها فهو نسخة من واقع الحياة البشرية بكافة قيوده و حدوده ، وهذا النوع من المثل الاعلى يجعل مستقبل حياة الانسان وحياة الجماعة البشرية نسخة مطابقة للماضي، وبهذا ستكون حياة الانسان هي حياة تكرارية يسودها الملل و الشعور بالفراغ وذلك لان المستقبل هو نفس الماضي بكل جزئياته وكافة حيثياته ، و سيترتب على هذه الحالة نتائج وخيمة على الفرد والجماعة البشرية ومن ابرزها :
1- سوف تكون مسيرة الانسان مسيرة غيرتكاملية فيبقى يعيش في دائرة مغلقة ليس لها نوافذ.
2- شعور الانسان بالفراغ و الملل بسبب تكرار الحياة اليومية لان المستقبل هو نسخة مطابقة لما عاشه في الماضي.
3 - لن يستطيع الانسان تحقيق الطموحات في المستقبل لان ذلك المثل جعله في دائرة مغلقة قيدت تفكيره ومشاعره و حياته.
4 -عدم تحقيق التقدم في جوانب الحياة و البقاء في المكان نفسه لان ذلك المثل الاعلى الذي اتخذه جعل الانسان كلما تقدم خطوة الى الامام يرجع خطوة الى الوراء فيبقى في المكان نفسه.
5- عدم القدرة على التصدي للمعوقات و المصاعب التي تعترض حياة الانسان و المجتمع.
إن هذا النوع السلبي من المثل الاعلى قد بينه القران الكريم في الكثير من آياته وقصصه حينما كان يتحدث عن حياة الشعوب و الامم السالفة و يريد بها تنبيه وتحذير وهداية الامم الحاضرة و القادمة لئلا تقع في الاخطاء نفسها، فحينما يتحدث القران الكريم عن كيفية مواجهة الاقوام و الامم السابقة لأنبيائها و كيف واجهت دعوة الانبياء بدعوة معاكسة بسبب المثل الاعلى الذي تبنوه منهجا لهم ، فان دعوة الانبياء ارادت ان تجعل لهم مستقبلا جديدا يختلف عن الماضي لكي تكون مسيرة الحياة مسيرة تكاملية و وتضمن تحقيق الطموحات و التطلع الى المستقبل وتغيير الواقع من الظلام الى النور ومن الجهل الى العلم ومن معيشة الدواب الى المعيشة التي تليق بالانسان ، وخير مثال على ذلك حينما دعت الانبياء اقوامها الى التوحيد و نبذ عبادة الاصنام لم يتقبلوا من هم ذلك و قالوا لهم نحن نتبع ما الفينا علية ابائنا ونحارب كل من يدعونا الى ترك منهج ابائنا و اسلافنا لانة المثل الاعلى لنا و لهم ونحن علية محافظون حيث قال تعالى في محكم كتابة العزيز {وَإِذَا قِيلَ لَهمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّة قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْة آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهتَدُونَ} [البقرة : 170]، و في موضع اخر ((قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْه آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ)) [يونس : 78].
فاذن يتضح لنا من ذلك ان هؤلاء الاقوام اتخذوا اتباع الاباء و الاجداد مثلا اعلى لهم يدافعون عنه بكل شراسة ، و هذا المثل الاعلى السلبي جعلهم يعيشون في دائرة مغلقة ليس فيها نوافذ للتطلع الى مستقبل جديد ، فقال تعالى {بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهمْ مُهتَدُونَ} [الزخرف : 22].
و من المهم ان نذكر الاسباب التي تجعل الانسان يتبنى هذا المثل و المنهج الخاطىء ونلخص الاسباب في سبببين : فاما الاول هو سبب نفسي و يقصد به تجميد الواقع وسوء العادة و الركود و الخمول فيصاب المجتمع بالجمود فهو غير قادر على النهوض و تغيير الواقع الى ما هو افضل .
وا ما السبب الثاني فهو سبب اجتماعي و يقصد به تسلط بعض البشر على المجتمع بحكم القوة و السلطة و استغفال الناس الناس واستعبادهم و تجميد الفكر المجتمعي ، فان الحكام المتسلطين على رقاب الناس كالفرعونيين على مر التاريخ يرون انا اي تقدم نحو الامام او تطلع الى المستقبل هو زعزعة لمراكزهم التي احتلوها بحكم القوة و العنف و القمع ، فيتبون تضليل الناس تماما كما تحدث القران الكريم عن فرعون {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّها الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَة غَيْرِي} [القصص : 38] ، وايضا قال تعالى {قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ } [غافر : 29] ، فنلاحظ ان فرعون جعل نفسه مثلا اعلى لهم و اراد ان يحصر نظرتهم للواقع في إطار نظرته وان يغلق عليهم ابواب التفكير و التطلع الى المستقبل، فإذن النتيجة والخلاصة تحتم على المجتمعات البشرية عدم اتخاذ المثل الاعلى السلبي لكي لايكون المستقبل نسخة مطابقة للماضي ولكي يتطلعوا الى آفاق التكامل.
الكاتب : مهند سلمان السهلاني