بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين
ومتى انطفأ نوره السَّاطع بداخلك صارت روحك معتَّمة تعيشُ الضَّنك والشدة، مصداقا لقول الحق سبحانه في سورة طه: ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ، قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا، قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ)
فليس العَمى هو السَّواد الذي تراه العيون التي حُجِب عنها الإبصار، فالقلوب لها عيونٌ تُبْصِر النُّور الذي يختبئ في سُرجِ الظَّلام ..
إنما العَمى الحقيقي هو الشعور بالظلام حين يغشى قلوبًا جفَّت مجاريها ونضبَت في عروقِها مصبَّات الدِّماء، وخمدَ في مآقيها فتيلُ الأنوارِ السَّاطعة، وتوقَّفت تغاريد الإيمان الصَّادِحَة على عرش نبضاتها، وتعالى الحق سبحانه الذي أرشدنا إلى هذه العبر والعِظات البليغة لنهتدي بها فقال: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۖ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ) سورة الحج : آية 46
وإيمانك يدْفَعُك إلى غايةٍ أسْمى ..
فأنت لا تستمِدُّ قيمتَك الحقيقية ممَّن حولك من العبيد الفقراء لأنَّهم لا يملكون أكثر ممَّا أنت تملكُه، وما جُمِع بين أيديهم هي هِباتٌ ونِعَمٌ مُهْداة إليهم من صاحب النَّوال والعَطاء سبحانه، وما أدركوه من الدنيا الفانية لا يتعدَّى نقطةً من بحر علمه الواسع ..
فاجعل إيمانك يرفعُك إلى القمة، ويدْفَعُك إلى طلبِ المعالي وبلوغ الغاياتِ الأسْمى، والمُجاهَدَة في رحلة الفلاح والفوز بالجنَّة، وفي سباقِ الطَّاعات مع الزُّمرة الأولى التي توحَّدت قلوبُها وغاياتها بوحدةِ الإيمان ورباطه المتين وتدثَّرَت بدِثارِ نوره وجلاله،
واجعل إيمانَك يسمو بك عن سَفاسِف الأمور وأَوْشالِ الحظوظ وأَخَسِّ الرَّغبات وأَصاغِرها، ويرْفعُك عن مخالطة كل ردِيَّة تُرْديك وخصْلَة مَذْمُومَة تخلع عنك هيبتك ووقارك، واجعل إيمانك يرْتقي بك مداِرجَ العزِّ والمجد والرِّفعة، فيصْغُر العالَم بأجزائه الكثيفة في محيطِ بصرِك وقلبك العامر بالإيمان، ويتلاشى كبُقْعَةٍ صغيرة قد جرفَت إلى طينَتِها الصَّلبَة المتشقِّقَة ما اسْودَّ من دفائن النفوس وأحَطِّ الغايات، وغرست في أرضها القاحلة الجَرْداء أَدْنِياءَ العَبيد فتلوَّنوا بألوانها الجافة اليابسة وتصحَّرت مشاعرهم من مخالطتها، وقد أنْهكتهم الرَّغَباتِ والنَّزوات، وأطاحَت بهم الأفكار والمُنْحَرِفة فتجرَّدوا من صفاتهم البشرية، وخلعوا عنهم جلد إنسانيتَّهِم النَّاعِم، ولبِسوا للحياة المادِّية لباس أهلِ الصَّولة والخلاعَة، بعد أن شَبُّوا عن الطَّوق فصار الحكم فيهم فريسة القويِّ المسْتَأْسِد .
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين
ومتى انطفأ نوره السَّاطع بداخلك صارت روحك معتَّمة تعيشُ الضَّنك والشدة، مصداقا لقول الحق سبحانه في سورة طه: ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ، قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا، قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ)
فليس العَمى هو السَّواد الذي تراه العيون التي حُجِب عنها الإبصار، فالقلوب لها عيونٌ تُبْصِر النُّور الذي يختبئ في سُرجِ الظَّلام ..
إنما العَمى الحقيقي هو الشعور بالظلام حين يغشى قلوبًا جفَّت مجاريها ونضبَت في عروقِها مصبَّات الدِّماء، وخمدَ في مآقيها فتيلُ الأنوارِ السَّاطعة، وتوقَّفت تغاريد الإيمان الصَّادِحَة على عرش نبضاتها، وتعالى الحق سبحانه الذي أرشدنا إلى هذه العبر والعِظات البليغة لنهتدي بها فقال: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۖ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ) سورة الحج : آية 46
وإيمانك يدْفَعُك إلى غايةٍ أسْمى ..
فأنت لا تستمِدُّ قيمتَك الحقيقية ممَّن حولك من العبيد الفقراء لأنَّهم لا يملكون أكثر ممَّا أنت تملكُه، وما جُمِع بين أيديهم هي هِباتٌ ونِعَمٌ مُهْداة إليهم من صاحب النَّوال والعَطاء سبحانه، وما أدركوه من الدنيا الفانية لا يتعدَّى نقطةً من بحر علمه الواسع ..
فاجعل إيمانك يرفعُك إلى القمة، ويدْفَعُك إلى طلبِ المعالي وبلوغ الغاياتِ الأسْمى، والمُجاهَدَة في رحلة الفلاح والفوز بالجنَّة، وفي سباقِ الطَّاعات مع الزُّمرة الأولى التي توحَّدت قلوبُها وغاياتها بوحدةِ الإيمان ورباطه المتين وتدثَّرَت بدِثارِ نوره وجلاله،
واجعل إيمانَك يسمو بك عن سَفاسِف الأمور وأَوْشالِ الحظوظ وأَخَسِّ الرَّغبات وأَصاغِرها، ويرْفعُك عن مخالطة كل ردِيَّة تُرْديك وخصْلَة مَذْمُومَة تخلع عنك هيبتك ووقارك، واجعل إيمانك يرْتقي بك مداِرجَ العزِّ والمجد والرِّفعة، فيصْغُر العالَم بأجزائه الكثيفة في محيطِ بصرِك وقلبك العامر بالإيمان، ويتلاشى كبُقْعَةٍ صغيرة قد جرفَت إلى طينَتِها الصَّلبَة المتشقِّقَة ما اسْودَّ من دفائن النفوس وأحَطِّ الغايات، وغرست في أرضها القاحلة الجَرْداء أَدْنِياءَ العَبيد فتلوَّنوا بألوانها الجافة اليابسة وتصحَّرت مشاعرهم من مخالطتها، وقد أنْهكتهم الرَّغَباتِ والنَّزوات، وأطاحَت بهم الأفكار والمُنْحَرِفة فتجرَّدوا من صفاتهم البشرية، وخلعوا عنهم جلد إنسانيتَّهِم النَّاعِم، ولبِسوا للحياة المادِّية لباس أهلِ الصَّولة والخلاعَة، بعد أن شَبُّوا عن الطَّوق فصار الحكم فيهم فريسة القويِّ المسْتَأْسِد .