بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي تجلى للقلوب بالعظمة ، واحتجب عن الابصار بالعزة ، واقتدر على الاشياء بالقدرة ، فلا الابصار تثبت لرؤيته ، ولا الاوهام تبلغ كنه عظمته ، تجبر بالعظمة والكبرياء ، وتعطف بالعز والبر والجلال ، وتقدس بالحسن والجمال ، وتمجد بالفخر والبهاء ، وتهلل بالمجد والآلاء ، واستخلص بالنور والضياء . خالق لا نظير له ، وواحد لاند له ، وماجد لا ضد له ، وصمد لا كفو له ، وإله لاثاني معه ، وفاطر لا شريك له ، ورازق لا معين له ، الاول بلا زوال والدائم بلا فناء ، والقائم بلاعناء ، والباقي بلا نهاية ، والمبدئ بلا أمد ، والصانع بلا ظهير، والرب بلا شريك ، والفاطر بلا كلفة والفاعل بلا عجز . ليس له حد في مكان ولا غاية في زمان ، لم يزل ولا يزول ولن يزال ، كذلك أبدا هو الاله الحي القيوم ، الدائم القديم القادر .
والصلاة على أشرف أهل الاصطفاء محمد بن عبدالله سيد الانبياء ، وعلى آله الحافظين لما نقل عن رب السموات والأرضين , واللعنة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين .
يقول عبدالله بن محمد السلفي , في كتابة ( من عقائد الشيعة ) , تقديم عبدالعزيز بن عبدالله بن باز , الرئيس العام لإدارة البحوث العلمية والإفتاء ورئيس هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية
( المتعة لها فضل عظيم عند الرافضة ويستشهد بأحاديث , ويذكر إن الرافضة لم تشترط عدداً معيناً في المتعة ثم بعد ذلك يقول بأن شيخ الطائفة الطوسي في كتابة تهذيب الأحكام يستقبح نكاح المتعة ويذمها , ويسترسل إلى أن يقول : بل وصل الحال عند الرافضة في جواز إتيان المرأة في دبرها ) .
نقول إن على من يطلب الحق أن لا يعتمد على مقالات وأقاويل المبطلين وأهل الزيغ والمبتدعة و الحشوية , بل عليه الاعتماد على كتب الشيعة الإمامية وما سطروه بها من العقائد الحقه وفقاً لما جاء في القرآن الكريم وعمل به خاتم الأنبياء محمد ( صلى الله عليه وآله ) .
إن علماء الإمامية يروون أحاديث في فضل المتعة كونها منصوص عليها في القرآن الكريم وسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولا يحللون الزواج الدائم بأكثر من أربع نساء , نعم يحلل الزواج المؤقت بأكثر من أربعة وله شروطه وضوابطه .
وقد اتفق المسلمون على جواز الزواج المؤقت في حياة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وبعد انتقال روحة الشريفة إلى بارئها , وأثناء استحواذ أبي بكر على السلطة بعد مهزلة سقيفة بني ساعده , وشطراً من فترة تسلط صاحب الدرة عمر ابن الخطاب على رقاب المسلمين , حتى حَرّمَ عمر الزواج المؤقت بقوله : ( مُتْعَتَانِ كَانَتَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا أَنْهَى عَنْهُمَا وَأَضْرِبُ عَلَيْهِمَا مُتْعَةُ الْحَجِّ، وَمُتْعَةُ النِّسَاءِ )(1) .
وواضح من كلام عمر بقوله ( أنا أنهى عنهما وأضرب عليهما ) أنه قد جعل من نفسه مشرعٌ بدلاً عن رب العزة مغيراً لسنة رسوله راداً لكلام الله المنزل في القرآن الكريم . ناسفاً بذلك الحكمة من المتعة التي هي التخفيف على الأمة والرحمة بها كما صرح بذلك ابن عباس بحيث يتيسر الحلال مع عسر النكاح الدائم على مر العصور و الأزمان . وقد ذُكر زواج المتعة في القرآن الكريم في آية النساء بقوله تعالى { فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً } [النساء: 24]
( ذكر الطبري الأقوال في تفسير هذه الآية الكريمة فقال : وقال آخرون : بل معنى ذلك : فما تمتعتم به منهن بأجر تمتع اللذة لا بنكاح مطلق على وجه النكاح الذي يكون بولي وشهود ومهر.
ثم ذكر بأسانيده عن السدي : فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن فريضة ....فهذه المتعة الرجل ينكح المرأة بشرط إلى أجل مسمى.... (ثم قال) عن (مجاهد: ( فما استمتعتم به منهنَّ قال: يعني نكاح المتعة.
ثم قال عن حبيب بن أبي ثابت عن أبيه قال: أعطاني ابن عباس مصحفاً فقال هذا على قراءة أبيّ . قال أبو كريب , قال يحيى : فرأيت المصحف عند نصير فيه : ( فما استمتعتم به منهنَّ) إلى اجل مسمى ثم قال عن أبي نضرة قال: سألت ابن عباس عن متعة النساء قال : أما تقرأ سورة النساء ؟ قال قلت بلى قال فمما نقرأ فيها : فما استمتعتم به منهن إلى اجل مسمى ؟ قلت : لا لو قرأتها هكذا ما سألتك ! قال فإنها كذا.
(وعن أبي نضره ) قال قرأت هذه الآية على ابن عباس فما استمتعتم به منهن ( قال ابن عباس) : إلى أجل مسمى. قال قلت : ما أقرؤها كذلك ! قال : والله لأنزلها الله كذلك ثلاث مرات .
وعن أبي عمير أن ابن عباس قرأ : فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى.
وعن قتادة قال : في قراءة أبي كعب : فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى. وبسنده عن شعبة عن الحكم قال: سألته عن هذه الآية والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم) إلى هذا الموضع (فما استمتعتم به منهن) أمنسوخة هي؟ قال: لا ) . قال الحكم : قال علي (رض) [ عليه السلام ] : لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنى إلا شقي وعن عمر وبن مرة أنه سمع سعيد بن جبير يقرأ : فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن)(2) .
وذكر الشوكاني أن قراءة الآية بإضافة ( إلى أجل مسمى ) هي قراءة ابن عباس وابن مسعود وأبي بن كعب وسعيد بن جبير(3). .
فلا ندري ماذا بعد هؤلاء الصحابة من قراءات فابن عباس هو حبر الأمة وترجمان القرآن وقد دعا له النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) بأن يفقهه الله بالدين ويعلمه التأويل , وكذا ابن مسعود فقد أوصى به المصطفى (صلى الله عليه وآله) أمته فقال كما رواه مسلم في صحيحة ( خذوا القرآن من أربعة من ابن أم عبد ( ابن مسعود) فبدأ به ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وسالم مولى أبي حذيفة ) وأما أبي بن كعب فهو المذكور أيضاً في هذا الحديث وفي حديث آخر يذكره بأنه الأفضل في القرآن فقال عنه النبي ( صلى الله عليه وآله ) : ( أقرؤكم أبي ) فهؤلاء الأسود الثلاثة أفضل الصحابة عندهم وبنص النبي ( صلى الله عليه وآله ) وهم يقولون بقولنا فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون!!؟
وبعد القرآن الكريم هناك العشرات من الأحاديث الصحيحة في مسلم وغيره تدل على جواز زواج المتعة ومشروعيته حتى بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ثم تحريمه من قبل عمر مثالاً على ذلك فقد روى مسلم في صحيحة ( 1405 ) حدثني محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير قال سمعت جابر بن عبد الله يقول : كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبي بكر حتى نهى عنه عمر .
وفي صحيح البخاري حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ عَمْرٌو، عَنِ الحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَسَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، قَالاَ: كُنَّا فِي جَيْشٍ، فَأَتَانَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُمْ أَنْ تَسْتَمْتِعُوا فَاسْتَمْتِعُوا» (4) .
ونقول : إن الزواج المؤقت هو استئجار . كما أوضح ذلك الطبري وغيره إذن فلسنا وحدنا من يقول بذلك فقط حتى يهرج المهرجون بهذا الشكل وينقموا على أقوالنا وهي عندهم بعينها, بل هي أصح وأثبت من غيرها مما يلتزمون به من قول عمر واجتهاده في مقابل النص , وغير ذلك فدليلنا أصح من قولهم , وحجتنا تدحض حجتهم وتدينهم ولا حجة لهم علينا , (فماذا بعد الحق إلا الضلال) !؟
وأسوق لكم هنا بعضاً من الأحاديث الصحيحة التي تثبت أن زواج المتعة حلال , وأن عمر قد غير أحكام الله وسنة رسوله من خلال استحواذه على مقاليد الحكم كما يفعل أفراد العصابات وزعماء المافيا وحكام بعض البلدان في وقتنا الحاضر باستيلائهم على السلطة , فيبادرون إلى سن قوانين وتشريعات , ما أنزل الله بها من سلطان , وفقاً لرغباتهم وأهوائهم .
حدثنا سليمان قال ثنا الخصيب قال ثنا همام عن قتادة عن أبى نضرة عن جابر بن عبد الله قال : تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فلما ولى عمر خطب الناس فقال إن القرآن هو القرآن وإن الرسول هو الرسول وإنهما كانتا متعتان على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم متعة الحج فافصلوا بين حجكم وعمرتكم فإنه أتم لحجكم وأتم لعمرتكم والأخرى متعة النساء فأنهى عنها وأعاقب عليها (5) .
إذن النهي هنا من عمر وليس من الله سبحانه أو رسول الله ( صلى الله عليه وآله ).
وفي سنن البيهقي ( أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى نَضْرَةَ عَنْ جَابِرٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قُلْتُ : إِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَنْهَى عَنِ الْمُتْعَةِ وَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يَأْمُرُ بِهَا. قَالَ : عَلَى يَدَىَّ جَرَى الْحَدِيثُ تَمَتَّعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَمَعَ أَبِى بَكْرٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ فَلَمَّا وَلِىَ عُمَرُ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- هَذَا الرَّسُولُ وَإِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ هَذَا الْقُرْآنُ وَإِنَّهُمَا كَانَتَا مُتْعَتَانِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَنَا أَنْهَى عَنْهُمَا وَأُعَاقِبُ عَلَيْهِمَا إِحْدَاهُمَا مُتْعَةُ النِّسَاءِ وَلاَ أَقْدِرُ عَلَى رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً إِلَى أَجَلٍ إِلاَّ غَيَّبْتُهُ فِى الْحِجَارَةِ وَالأُخْرَى مُتْعَةُ الْحَجِّ افْصِلُوا حَجَّكُمْ مِنْ عُمْرَتِكُمْ فَإِنَّهُ أَتَمُّ لِحَجِّكُمْ وَأَتَمُّ لِعُمْرَتِكُمْ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِى الصَّحِيحِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ هَمَّامٍ (6).
وجاء في كنز العمال ( عن جابر قال: تمتعنا متعة الحج ومتعة النساء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما كان عمر نهانا فانتهينا) (7) .
وفي شرح معاني الآثار ( حدثنا بن أبي داود قال ثنا سليمان بن حرب قال ثنا حماد عن عاصم عن أبي نضرة عن جابر رضي الله عنه قال : متعتان فعلناهما على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى عنهما عمر رضي الله عنه فلن نعود إليهما) (8) .
وقد جاء في المحلي بالاثار لابن حزم لا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِي سُنَّةٍ ثَابِتَةٍ أَنَّهَا خَاصَّةٌ لِقَوْمٍ دُونَ قَوْمٍ إلا بِنَصِّ قُرْآنٍ أَوْ سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ ؛ لأَنَّ أَوَامِرَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى لُزُومِ الإِنْسِ ، وَالْجِنِّ ، الطَّاعَةُ لَهَا وَالْعَمَلُ بِهَا (9) .
وعن جابر قال : كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر حتى نهى عمر الناس، وكنا نعتد من المستمتع منهن بحيضه (10) .
ويقول الرازي في جواز نكاح المتعة : أن الأمة مجمعة على أن نكاح المتعة كان جائزا في الإسلام ، ولا خلاف بين أحد من الأمة فيه ، إنما الخلاف في طريان الناسخ ، فنقول : لو كان الناسخ موجودا لكان ذلك الناسخ إما أن يكون معلوما بالتواتر ، أو بالآحاد ، فان كان معلوما بالتواتر ، كان علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس وعمران بن الحصين منكرين لما عرف ثبوته بالتواتر من دين محمد صلى الله عليه وسلم ، وذلك يوجب تكفيرهم ، وهو باطل قطعا ، وإن كان ثابتا بالآحاد فهذا أيضا باطل ، لأنه لما كان ثبوت إباحة المتعة معلوما بالإجماع والتواتر ، كان ثبوته معلوما قطعا ، فلو نسخناه بخبر الواحد لزم جعل المظنون رافعاً للمقطوع وإنه باطل . قالوا : ومما يدل أيضا على بطلان القول بهذا النسخ أن أكثر الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر ، وأكثر الروايات أنه عليه الصلاة والسلام أباح المتعة في حجة الوداع وفي يوم الفتح ، وهذان اليومان متأخران عن يوم خيبر ، وذلك يدل على فساد ما روي أنه عليه السلام نسخ المتعة يوم خيبر ، لأن الناسخ يمتنع تقدمه على المنسوخ ، وقول من يقول : انه حصل التحليل مراراً والنسخ مراراً ضعيف ، لم يقل به أحد من المعتبرين ، إلا الذين أرادوا إزالة التناقض عن هذه الروايات .
الحجة الثالثة : ما روي أن عمر..... قال على المنبر : متعتان كانتا مشروعتين في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنا أنهي عنهما : متعة الحج ، ومتعة النكاح ، وهذا منه تنصيص على أن متعة النكاح كانت موجودة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقوله : وأنا أنهي عنهما يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم ما نسخه ، وإنما عمر هو الذي نسخه . وإذا ثبت هذا فنقول : هذا الكلام يدل على أن حل المتعة كان ثابتا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأنه عليه السلام ما نسخه ، وأنه ليس ناسخ إلا نسخ عمر ، وإذا ثبت هذا وجب أن لا يصير منسوخا لأن ما كان ثابتا في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وما نسخه الرسول ، يمتنع أن يصير منسوخا بنسخ عمر ، وهذا هو الحجة التي احتج بها عمران بن الحصين حيث قال : أن الله أنزل في المتعة آية وما نسخها بآية أخرى ، وأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمتعة وما نهانا عنها ، ثم قال رجل برأيه ما شاء ، يريد أن عمر نهى عنها ، فهذا جملة وجوه القائلين بجواز المتعة (11) .
ولأصحاب العقول فقط أما غيرهم فهم غير مشمولين بهذا الحديث ( عن ابن أبي مليكة قال : قال عروة بن الزبير لابن عباس : أهلكت الناس ! قال : وما ذاك ؟ قال تفتيهم في المتعتين وقد علمت أن أبا بكر وعمر نهيا عنهما ، فقال : ألا للعجب ! إني أحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحدثني عن أبي بكر وعمر (12) .
ونعيدها الآن عليكم من هو أبو بكر ومن عمر إزاء رسول الله صلى الله عليه وآله .
وأما الحديث الذي ادعى من خلاله السلفي أن شيخ الطائفة الطوسي في كتابة تهذيب الأحكام يستقبح نكاح المتعة ويذمها فقد جاء ذلك رداً على حديث مقطوع الإسناد شاذ والحديث والرد عليه هاهنا كما هو (1089) 14 - وأما ما رواه أحمد بن محمد عن أبى الحسن عن بعض أصحابنا يرفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: لا تتمتع بالمؤمنة فتذلها .
فهذا حديث مقطوع الإسناد شاذ ، ويحتمل أن يكون المراد به إذا كانت المرأة من أهل بيت الشرف فانه لا يجوز التمتع بها لما يلحق أهلها من العار ويلحقها هي من الذل ويكون ذلك مكروها دون أن يكون محظورا (13) . وقد ذكرت في بداية الإجابة أن للمتعة شروط وضوابط وليس كما يتصورها البعض .
وفي شأن ما ذكره بخصوص إتيان المرأة في دبرها فإنّ موضوع إتيان الزوجة دبرا ، مختلف فيه عند علماء الشيعة ، فمنهم من يفتي بكراهته الشديدة ، ومنهم من يحرّمه ، ولكلّ من الفريقين أدلّة ونصوص قرآنية وروائيّة .
وقد فات عبد الله بن محمد السلفي أقوال سلفه الصالح بشأن إتيان المرأة في دبرها فإن أنكر ذلك نسوق له بعضاً مما جاء عن سلفه الصالح وما سُطِرَ بأشهر الكتب عن حِليّة أن يأتي الرجل المرأة في دبرها ومن ذلك : ما رواه البخاري عن ابن عمر بشيء من التلاعب والتدليس الذي كشفه غيره كما بين ذلك ابن حجر في فتح الباري حينما رواها البخاري عن ابن عمر وجعل أمامها بياضاً وفراغاً ولم يكتب ( الدبر) فقال ابن حجر وَقَدْ قَالَ أَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ فِي " سِرَاج الْمُرِيدِينَ " : أَوْرَدَ الْبُخَارِيّ هَذَا الْحَدِيث فِي التَّفْسِير فَقَالَ " يَأْتِيهَا فِي " وَتَرَكَ بَيَاضًا ، وَالْمَسْأَلَة مَشْهُورَة صَنَّفَ فِيهَا مُحَمَّد بْن سَحْنُونٍ جُزْءًا ، وَصَنَّفَ فِيهَا اِبْن شَعْبَان كِتَابًا ، وَبَيَّنَ أَنَّ حَدِيث اِبْن عُمَر فِي إِتْيَان الْمَرْأَة فِي دُبُرهَا (14) .
وقال ابن حجر عن فعلة البخاري هذه وحذفه للدبر وإيهام الناس وتحريف أحاديث رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) دون رعاية الأمانة العلمية: ( وهذا الذي استعمله البخاري نوع من أنواع البديع يسمى الاكتفاء ولا بد له من نكتة يحسن بسببها استعماله )
وأخرج ابن جرير عن ابن أبي مليكة . أنه سأل عن إتيان المرأة في دبرها فقال : قد أردته من جارية لي البارحة ، فاعتاصت علي فاستعنت بدهن (15) .
وأخرج الخطيب في رواة مالك ، عن أبي سليمان الجوزجاني قال : سألت مالك بن أنس عن وطئ الحلائل في الدبر فقال لي : الساعة غسلت رأسي منه.
وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: قَرَأْتُ ذَاتَ يَوْمٍ نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَتَدْرِي فِيمَ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ؟ قُلْتُ لَا ، قَالَ نَزَلَتْ فِي إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ : فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ قَالَ : فِي الدُّبُرِ. وَقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ . وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَهُ نَافِعٌ : مِنْ دُبُرِهَا فِي قُبُلِهَا ؟ فَقَالَ : لَا إِلَّا فِي دُبُرِهَا . وَأَخْرَجَ ابْنُ رَاهَوَيْهِ ، وَأَبُو يَعْلَى ، وَابْنُ جَرِيرٍ وَالطَّحَاوِيُّ ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ : أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا، فَأَنْكَرَ النَّاسُ عَلَيْهِ ذَلِكَ ، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ . وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: مَا تَقُولُ فِي إِتْيَانِ الْمَرْأَةِ فِي دُبُرِهَا؟ فَقَالَ: هَذَا شَيْخٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَسَلْهُ، يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَلِيِّ بْنِ السَّائِبِ: فَقَالَ: قَذَرٌ وَلَوْ كَانَ حَلَالًا. وَقَدْ رُوِيَ الْقَوْلُ بِحَلِّ ذَلِكَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عِنْدَ ابْنِ جَرِيرٍ، وَعَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عِنْدَ ابْنِ جَرِيرٍ أَيْضًا، وعن مالك بن أنس (16) .
وروي عن سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَنَافِعٌ وَابْنُ عُمَرَ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونَ أَنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ وَذَكَرَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ أَنَّ ابْنَ شَعْبَانَ أَسْنَدَ جَوَازَ هَذَا الْقَوْلِ إِلَى زُمْرَةٍ كَبِيرَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَإِلَى مَالِكٍ مِنْ رِوَايَاتٍ كَثِيرَةٍ فِي كِتَابِ" جِمَاعُ النِّسْوَانِ وَأَحْكَامِ الْقُرْآنِ". وَقَالَ الْكِيَا الطَّبَرِيُّ: وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا، وَيَتَأَوَّلُ فِيهِ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ:" أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ. وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ
وَقَالَ : فَتَقْدِيرُهُ تَتْرُكُونَ مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ ، وَلَوْ لَمْ يُبَحْ مِثْلُ ذَلِكَ مِنَ الْأَزْوَاجِ لَمَا صَحَّ ذَلِكَ ، وَلَيْسَ الْمُبَاحُ مِنَ الْمَوْضِعِ الْآخَرِ مِثْلًا لَهُ ، حَتَّى يُقَالَ : تَفْعَلُونَ ذَلِكَ وَتَتْرُكُونَ مِثْلَهُ مِنَ الْمُبَاحِ . قَالَ الْكِيَا : وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ، إِذْ مَعْنَاهُ : وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ مِمَّا فِيهِ تَسْكِينُ شَهْوَتِكُمُ ، وَلَذَّةُ الْوَقَاعِ حَاصِلَةٌ بِهِمَا جَمِيعًا ، فَيَجُوزُ التَّوْبِيخُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى (17) .
ومن ذلك الكثير إلا إني أكتفي بهذا القدر , و لكن الملفت للنظر أعمال ابن عمر حيث ورد حديث عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ : أَنَّهُ كَانَ إِذَا اشْتَرَى جَارِيَةً كَشَفَ عَنْ سَاقِهَا وَوَضَعَ يَدَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهَا وَعَلَى عَجُزِهَا (18) .
وروي عن عبد الرزاق عن بن جريج عن عطاء قال قلت له الرجل يشتري الأمة أينظر إلى ساقيها وقد حاضت أو إلى بطنها قال نعم قال عطاء كان بن عمر يضع يده بين ثدييها وينظر إلى بطنها وينظر إلى ساقيها أو يأمر به (19) .
وروي عن مجاهد قال مر بن عمر على قوم يبتاعون جارية فلما رأوه وهم يقلبونها أمسكوا عن ذلك فجاءهم بن عمر فكشف عن ساقها ثم دفع في صدرها وقال اشتروا قال معمر وأخبرني بن أبي نجيح عن مجاهد قال وضع بن عمر يده بين ثدييها ثم هــــزهـــا (20) .
وروي عن عبد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر ومعمر عن أيوب عن نافع عن بن عمر كان إذا اراد أن يشتري جارية فراضاهم على ثمن وضع يده على عجزها وينظر إلى ساقيها وقبلها (21) . ترى من الذي أجاز لأبن عمر أن يُهزْهِز أثداءَ النساء ويضعُ يده على أعجازِهن وينظر إلى سيقانِهن و أقبالُهُن , بينما يقوم أبوه بتحريم فعل امة محمد الذي هو بعقد وزواج منصوص عليه في القرآن الكريم والسنة النبوية ؟؟؟
والخلاصة إن أحكام النكاح من المسائل الفقهية وهي محل بحث ونقاش وهذا لا يخدش في أصل العقيدة والمذهب بعد ثبوت صحة معتقداتنا بالدلائل العقلية و النقلية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
(1) أحكام القرآن للجصاص ط العلمية (1/ 352) , المحلي بالاثار لابن حزم (9/ 175) , سنن البيهقي 7 /206 , كنز العمال 8/293 , تفسير الرازي 2/167 , كما ورد ذكر لذلك في زاد المعاد لأبن القيم الجوزية 3/403 ــ
(2) تفسير الطبري (ج5/18)
(3) نيل الاوطار للشوكاني (6/275)
(4) صحيح مسلم (2/ 1022) , صحيح البخاري (7/ 13)
(5) شرح معاني الآثار (2/ 144)
(6) سنن البيهقى (2/ 27)
(7) كنز العمال (16/ 520)
(8) شرح معاني الآثار للطحاوي (2/ 195)
(9) المحلي بالاثار لابن حزم (9/ 175)
(10) كنز العمال (16/ 523)
(11) تفسير الرازي (5/ 158، بترقيم الشاملة آليا)
(12) كنز العمال (16/ 519)
(13) تهذيب الأحكام (218/ 12)
(14) فتح الباري لابن حجر (12/ 370 بترقيم الشاملة آليا )
(15) الدر المنثور - (ج 2 / ص 36)
(16) فتح القدير للشوكاني (1/ 262)
(17) تفسير القرطبي (3/ 93)
(18) سنن البيهقى (2/ 394)
(19) مصنف عبد الرزاق - (ج 7 / ص 285)
(20) مصنف عبد الرزاق - (ج 7 / ص 286)
(21) مصنف عبد الرزاق - (ج 7 / ص 286)
الحمد لله الذي تجلى للقلوب بالعظمة ، واحتجب عن الابصار بالعزة ، واقتدر على الاشياء بالقدرة ، فلا الابصار تثبت لرؤيته ، ولا الاوهام تبلغ كنه عظمته ، تجبر بالعظمة والكبرياء ، وتعطف بالعز والبر والجلال ، وتقدس بالحسن والجمال ، وتمجد بالفخر والبهاء ، وتهلل بالمجد والآلاء ، واستخلص بالنور والضياء . خالق لا نظير له ، وواحد لاند له ، وماجد لا ضد له ، وصمد لا كفو له ، وإله لاثاني معه ، وفاطر لا شريك له ، ورازق لا معين له ، الاول بلا زوال والدائم بلا فناء ، والقائم بلاعناء ، والباقي بلا نهاية ، والمبدئ بلا أمد ، والصانع بلا ظهير، والرب بلا شريك ، والفاطر بلا كلفة والفاعل بلا عجز . ليس له حد في مكان ولا غاية في زمان ، لم يزل ولا يزول ولن يزال ، كذلك أبدا هو الاله الحي القيوم ، الدائم القديم القادر .
والصلاة على أشرف أهل الاصطفاء محمد بن عبدالله سيد الانبياء ، وعلى آله الحافظين لما نقل عن رب السموات والأرضين , واللعنة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين .
يقول عبدالله بن محمد السلفي , في كتابة ( من عقائد الشيعة ) , تقديم عبدالعزيز بن عبدالله بن باز , الرئيس العام لإدارة البحوث العلمية والإفتاء ورئيس هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية
( المتعة لها فضل عظيم عند الرافضة ويستشهد بأحاديث , ويذكر إن الرافضة لم تشترط عدداً معيناً في المتعة ثم بعد ذلك يقول بأن شيخ الطائفة الطوسي في كتابة تهذيب الأحكام يستقبح نكاح المتعة ويذمها , ويسترسل إلى أن يقول : بل وصل الحال عند الرافضة في جواز إتيان المرأة في دبرها ) .
نقول إن على من يطلب الحق أن لا يعتمد على مقالات وأقاويل المبطلين وأهل الزيغ والمبتدعة و الحشوية , بل عليه الاعتماد على كتب الشيعة الإمامية وما سطروه بها من العقائد الحقه وفقاً لما جاء في القرآن الكريم وعمل به خاتم الأنبياء محمد ( صلى الله عليه وآله ) .
إن علماء الإمامية يروون أحاديث في فضل المتعة كونها منصوص عليها في القرآن الكريم وسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولا يحللون الزواج الدائم بأكثر من أربع نساء , نعم يحلل الزواج المؤقت بأكثر من أربعة وله شروطه وضوابطه .
وقد اتفق المسلمون على جواز الزواج المؤقت في حياة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وبعد انتقال روحة الشريفة إلى بارئها , وأثناء استحواذ أبي بكر على السلطة بعد مهزلة سقيفة بني ساعده , وشطراً من فترة تسلط صاحب الدرة عمر ابن الخطاب على رقاب المسلمين , حتى حَرّمَ عمر الزواج المؤقت بقوله : ( مُتْعَتَانِ كَانَتَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا أَنْهَى عَنْهُمَا وَأَضْرِبُ عَلَيْهِمَا مُتْعَةُ الْحَجِّ، وَمُتْعَةُ النِّسَاءِ )(1) .
وواضح من كلام عمر بقوله ( أنا أنهى عنهما وأضرب عليهما ) أنه قد جعل من نفسه مشرعٌ بدلاً عن رب العزة مغيراً لسنة رسوله راداً لكلام الله المنزل في القرآن الكريم . ناسفاً بذلك الحكمة من المتعة التي هي التخفيف على الأمة والرحمة بها كما صرح بذلك ابن عباس بحيث يتيسر الحلال مع عسر النكاح الدائم على مر العصور و الأزمان . وقد ذُكر زواج المتعة في القرآن الكريم في آية النساء بقوله تعالى { فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً } [النساء: 24]
( ذكر الطبري الأقوال في تفسير هذه الآية الكريمة فقال : وقال آخرون : بل معنى ذلك : فما تمتعتم به منهن بأجر تمتع اللذة لا بنكاح مطلق على وجه النكاح الذي يكون بولي وشهود ومهر.
ثم ذكر بأسانيده عن السدي : فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن فريضة ....فهذه المتعة الرجل ينكح المرأة بشرط إلى أجل مسمى.... (ثم قال) عن (مجاهد: ( فما استمتعتم به منهنَّ قال: يعني نكاح المتعة.
ثم قال عن حبيب بن أبي ثابت عن أبيه قال: أعطاني ابن عباس مصحفاً فقال هذا على قراءة أبيّ . قال أبو كريب , قال يحيى : فرأيت المصحف عند نصير فيه : ( فما استمتعتم به منهنَّ) إلى اجل مسمى ثم قال عن أبي نضرة قال: سألت ابن عباس عن متعة النساء قال : أما تقرأ سورة النساء ؟ قال قلت بلى قال فمما نقرأ فيها : فما استمتعتم به منهن إلى اجل مسمى ؟ قلت : لا لو قرأتها هكذا ما سألتك ! قال فإنها كذا.
(وعن أبي نضره ) قال قرأت هذه الآية على ابن عباس فما استمتعتم به منهن ( قال ابن عباس) : إلى أجل مسمى. قال قلت : ما أقرؤها كذلك ! قال : والله لأنزلها الله كذلك ثلاث مرات .
وعن أبي عمير أن ابن عباس قرأ : فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى.
وعن قتادة قال : في قراءة أبي كعب : فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى. وبسنده عن شعبة عن الحكم قال: سألته عن هذه الآية والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم) إلى هذا الموضع (فما استمتعتم به منهن) أمنسوخة هي؟ قال: لا ) . قال الحكم : قال علي (رض) [ عليه السلام ] : لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنى إلا شقي وعن عمر وبن مرة أنه سمع سعيد بن جبير يقرأ : فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن)(2) .
وذكر الشوكاني أن قراءة الآية بإضافة ( إلى أجل مسمى ) هي قراءة ابن عباس وابن مسعود وأبي بن كعب وسعيد بن جبير(3). .
فلا ندري ماذا بعد هؤلاء الصحابة من قراءات فابن عباس هو حبر الأمة وترجمان القرآن وقد دعا له النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) بأن يفقهه الله بالدين ويعلمه التأويل , وكذا ابن مسعود فقد أوصى به المصطفى (صلى الله عليه وآله) أمته فقال كما رواه مسلم في صحيحة ( خذوا القرآن من أربعة من ابن أم عبد ( ابن مسعود) فبدأ به ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وسالم مولى أبي حذيفة ) وأما أبي بن كعب فهو المذكور أيضاً في هذا الحديث وفي حديث آخر يذكره بأنه الأفضل في القرآن فقال عنه النبي ( صلى الله عليه وآله ) : ( أقرؤكم أبي ) فهؤلاء الأسود الثلاثة أفضل الصحابة عندهم وبنص النبي ( صلى الله عليه وآله ) وهم يقولون بقولنا فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون!!؟
وبعد القرآن الكريم هناك العشرات من الأحاديث الصحيحة في مسلم وغيره تدل على جواز زواج المتعة ومشروعيته حتى بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ثم تحريمه من قبل عمر مثالاً على ذلك فقد روى مسلم في صحيحة ( 1405 ) حدثني محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير قال سمعت جابر بن عبد الله يقول : كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبي بكر حتى نهى عنه عمر .
وفي صحيح البخاري حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ عَمْرٌو، عَنِ الحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَسَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، قَالاَ: كُنَّا فِي جَيْشٍ، فَأَتَانَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُمْ أَنْ تَسْتَمْتِعُوا فَاسْتَمْتِعُوا» (4) .
ونقول : إن الزواج المؤقت هو استئجار . كما أوضح ذلك الطبري وغيره إذن فلسنا وحدنا من يقول بذلك فقط حتى يهرج المهرجون بهذا الشكل وينقموا على أقوالنا وهي عندهم بعينها, بل هي أصح وأثبت من غيرها مما يلتزمون به من قول عمر واجتهاده في مقابل النص , وغير ذلك فدليلنا أصح من قولهم , وحجتنا تدحض حجتهم وتدينهم ولا حجة لهم علينا , (فماذا بعد الحق إلا الضلال) !؟
وأسوق لكم هنا بعضاً من الأحاديث الصحيحة التي تثبت أن زواج المتعة حلال , وأن عمر قد غير أحكام الله وسنة رسوله من خلال استحواذه على مقاليد الحكم كما يفعل أفراد العصابات وزعماء المافيا وحكام بعض البلدان في وقتنا الحاضر باستيلائهم على السلطة , فيبادرون إلى سن قوانين وتشريعات , ما أنزل الله بها من سلطان , وفقاً لرغباتهم وأهوائهم .
حدثنا سليمان قال ثنا الخصيب قال ثنا همام عن قتادة عن أبى نضرة عن جابر بن عبد الله قال : تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فلما ولى عمر خطب الناس فقال إن القرآن هو القرآن وإن الرسول هو الرسول وإنهما كانتا متعتان على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم متعة الحج فافصلوا بين حجكم وعمرتكم فإنه أتم لحجكم وأتم لعمرتكم والأخرى متعة النساء فأنهى عنها وأعاقب عليها (5) .
إذن النهي هنا من عمر وليس من الله سبحانه أو رسول الله ( صلى الله عليه وآله ).
وفي سنن البيهقي ( أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى نَضْرَةَ عَنْ جَابِرٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قُلْتُ : إِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَنْهَى عَنِ الْمُتْعَةِ وَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يَأْمُرُ بِهَا. قَالَ : عَلَى يَدَىَّ جَرَى الْحَدِيثُ تَمَتَّعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَمَعَ أَبِى بَكْرٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ فَلَمَّا وَلِىَ عُمَرُ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- هَذَا الرَّسُولُ وَإِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ هَذَا الْقُرْآنُ وَإِنَّهُمَا كَانَتَا مُتْعَتَانِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَنَا أَنْهَى عَنْهُمَا وَأُعَاقِبُ عَلَيْهِمَا إِحْدَاهُمَا مُتْعَةُ النِّسَاءِ وَلاَ أَقْدِرُ عَلَى رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً إِلَى أَجَلٍ إِلاَّ غَيَّبْتُهُ فِى الْحِجَارَةِ وَالأُخْرَى مُتْعَةُ الْحَجِّ افْصِلُوا حَجَّكُمْ مِنْ عُمْرَتِكُمْ فَإِنَّهُ أَتَمُّ لِحَجِّكُمْ وَأَتَمُّ لِعُمْرَتِكُمْ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِى الصَّحِيحِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ هَمَّامٍ (6).
وجاء في كنز العمال ( عن جابر قال: تمتعنا متعة الحج ومتعة النساء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما كان عمر نهانا فانتهينا) (7) .
وفي شرح معاني الآثار ( حدثنا بن أبي داود قال ثنا سليمان بن حرب قال ثنا حماد عن عاصم عن أبي نضرة عن جابر رضي الله عنه قال : متعتان فعلناهما على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى عنهما عمر رضي الله عنه فلن نعود إليهما) (8) .
وقد جاء في المحلي بالاثار لابن حزم لا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِي سُنَّةٍ ثَابِتَةٍ أَنَّهَا خَاصَّةٌ لِقَوْمٍ دُونَ قَوْمٍ إلا بِنَصِّ قُرْآنٍ أَوْ سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ ؛ لأَنَّ أَوَامِرَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى لُزُومِ الإِنْسِ ، وَالْجِنِّ ، الطَّاعَةُ لَهَا وَالْعَمَلُ بِهَا (9) .
وعن جابر قال : كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر حتى نهى عمر الناس، وكنا نعتد من المستمتع منهن بحيضه (10) .
ويقول الرازي في جواز نكاح المتعة : أن الأمة مجمعة على أن نكاح المتعة كان جائزا في الإسلام ، ولا خلاف بين أحد من الأمة فيه ، إنما الخلاف في طريان الناسخ ، فنقول : لو كان الناسخ موجودا لكان ذلك الناسخ إما أن يكون معلوما بالتواتر ، أو بالآحاد ، فان كان معلوما بالتواتر ، كان علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس وعمران بن الحصين منكرين لما عرف ثبوته بالتواتر من دين محمد صلى الله عليه وسلم ، وذلك يوجب تكفيرهم ، وهو باطل قطعا ، وإن كان ثابتا بالآحاد فهذا أيضا باطل ، لأنه لما كان ثبوت إباحة المتعة معلوما بالإجماع والتواتر ، كان ثبوته معلوما قطعا ، فلو نسخناه بخبر الواحد لزم جعل المظنون رافعاً للمقطوع وإنه باطل . قالوا : ومما يدل أيضا على بطلان القول بهذا النسخ أن أكثر الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر ، وأكثر الروايات أنه عليه الصلاة والسلام أباح المتعة في حجة الوداع وفي يوم الفتح ، وهذان اليومان متأخران عن يوم خيبر ، وذلك يدل على فساد ما روي أنه عليه السلام نسخ المتعة يوم خيبر ، لأن الناسخ يمتنع تقدمه على المنسوخ ، وقول من يقول : انه حصل التحليل مراراً والنسخ مراراً ضعيف ، لم يقل به أحد من المعتبرين ، إلا الذين أرادوا إزالة التناقض عن هذه الروايات .
الحجة الثالثة : ما روي أن عمر..... قال على المنبر : متعتان كانتا مشروعتين في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنا أنهي عنهما : متعة الحج ، ومتعة النكاح ، وهذا منه تنصيص على أن متعة النكاح كانت موجودة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقوله : وأنا أنهي عنهما يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم ما نسخه ، وإنما عمر هو الذي نسخه . وإذا ثبت هذا فنقول : هذا الكلام يدل على أن حل المتعة كان ثابتا في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأنه عليه السلام ما نسخه ، وأنه ليس ناسخ إلا نسخ عمر ، وإذا ثبت هذا وجب أن لا يصير منسوخا لأن ما كان ثابتا في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وما نسخه الرسول ، يمتنع أن يصير منسوخا بنسخ عمر ، وهذا هو الحجة التي احتج بها عمران بن الحصين حيث قال : أن الله أنزل في المتعة آية وما نسخها بآية أخرى ، وأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمتعة وما نهانا عنها ، ثم قال رجل برأيه ما شاء ، يريد أن عمر نهى عنها ، فهذا جملة وجوه القائلين بجواز المتعة (11) .
ولأصحاب العقول فقط أما غيرهم فهم غير مشمولين بهذا الحديث ( عن ابن أبي مليكة قال : قال عروة بن الزبير لابن عباس : أهلكت الناس ! قال : وما ذاك ؟ قال تفتيهم في المتعتين وقد علمت أن أبا بكر وعمر نهيا عنهما ، فقال : ألا للعجب ! إني أحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحدثني عن أبي بكر وعمر (12) .
ونعيدها الآن عليكم من هو أبو بكر ومن عمر إزاء رسول الله صلى الله عليه وآله .
وأما الحديث الذي ادعى من خلاله السلفي أن شيخ الطائفة الطوسي في كتابة تهذيب الأحكام يستقبح نكاح المتعة ويذمها فقد جاء ذلك رداً على حديث مقطوع الإسناد شاذ والحديث والرد عليه هاهنا كما هو (1089) 14 - وأما ما رواه أحمد بن محمد عن أبى الحسن عن بعض أصحابنا يرفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: لا تتمتع بالمؤمنة فتذلها .
فهذا حديث مقطوع الإسناد شاذ ، ويحتمل أن يكون المراد به إذا كانت المرأة من أهل بيت الشرف فانه لا يجوز التمتع بها لما يلحق أهلها من العار ويلحقها هي من الذل ويكون ذلك مكروها دون أن يكون محظورا (13) . وقد ذكرت في بداية الإجابة أن للمتعة شروط وضوابط وليس كما يتصورها البعض .
وفي شأن ما ذكره بخصوص إتيان المرأة في دبرها فإنّ موضوع إتيان الزوجة دبرا ، مختلف فيه عند علماء الشيعة ، فمنهم من يفتي بكراهته الشديدة ، ومنهم من يحرّمه ، ولكلّ من الفريقين أدلّة ونصوص قرآنية وروائيّة .
وقد فات عبد الله بن محمد السلفي أقوال سلفه الصالح بشأن إتيان المرأة في دبرها فإن أنكر ذلك نسوق له بعضاً مما جاء عن سلفه الصالح وما سُطِرَ بأشهر الكتب عن حِليّة أن يأتي الرجل المرأة في دبرها ومن ذلك : ما رواه البخاري عن ابن عمر بشيء من التلاعب والتدليس الذي كشفه غيره كما بين ذلك ابن حجر في فتح الباري حينما رواها البخاري عن ابن عمر وجعل أمامها بياضاً وفراغاً ولم يكتب ( الدبر) فقال ابن حجر وَقَدْ قَالَ أَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ فِي " سِرَاج الْمُرِيدِينَ " : أَوْرَدَ الْبُخَارِيّ هَذَا الْحَدِيث فِي التَّفْسِير فَقَالَ " يَأْتِيهَا فِي " وَتَرَكَ بَيَاضًا ، وَالْمَسْأَلَة مَشْهُورَة صَنَّفَ فِيهَا مُحَمَّد بْن سَحْنُونٍ جُزْءًا ، وَصَنَّفَ فِيهَا اِبْن شَعْبَان كِتَابًا ، وَبَيَّنَ أَنَّ حَدِيث اِبْن عُمَر فِي إِتْيَان الْمَرْأَة فِي دُبُرهَا (14) .
وقال ابن حجر عن فعلة البخاري هذه وحذفه للدبر وإيهام الناس وتحريف أحاديث رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) دون رعاية الأمانة العلمية: ( وهذا الذي استعمله البخاري نوع من أنواع البديع يسمى الاكتفاء ولا بد له من نكتة يحسن بسببها استعماله )
وأخرج ابن جرير عن ابن أبي مليكة . أنه سأل عن إتيان المرأة في دبرها فقال : قد أردته من جارية لي البارحة ، فاعتاصت علي فاستعنت بدهن (15) .
وأخرج الخطيب في رواة مالك ، عن أبي سليمان الجوزجاني قال : سألت مالك بن أنس عن وطئ الحلائل في الدبر فقال لي : الساعة غسلت رأسي منه.
وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: قَرَأْتُ ذَاتَ يَوْمٍ نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَتَدْرِي فِيمَ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ؟ قُلْتُ لَا ، قَالَ نَزَلَتْ فِي إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ : فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ قَالَ : فِي الدُّبُرِ. وَقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ . وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَهُ نَافِعٌ : مِنْ دُبُرِهَا فِي قُبُلِهَا ؟ فَقَالَ : لَا إِلَّا فِي دُبُرِهَا . وَأَخْرَجَ ابْنُ رَاهَوَيْهِ ، وَأَبُو يَعْلَى ، وَابْنُ جَرِيرٍ وَالطَّحَاوِيُّ ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ : أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا، فَأَنْكَرَ النَّاسُ عَلَيْهِ ذَلِكَ ، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ . وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: مَا تَقُولُ فِي إِتْيَانِ الْمَرْأَةِ فِي دُبُرِهَا؟ فَقَالَ: هَذَا شَيْخٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَسَلْهُ، يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَلِيِّ بْنِ السَّائِبِ: فَقَالَ: قَذَرٌ وَلَوْ كَانَ حَلَالًا. وَقَدْ رُوِيَ الْقَوْلُ بِحَلِّ ذَلِكَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عِنْدَ ابْنِ جَرِيرٍ، وَعَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عِنْدَ ابْنِ جَرِيرٍ أَيْضًا، وعن مالك بن أنس (16) .
وروي عن سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَنَافِعٌ وَابْنُ عُمَرَ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونَ أَنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ وَذَكَرَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ أَنَّ ابْنَ شَعْبَانَ أَسْنَدَ جَوَازَ هَذَا الْقَوْلِ إِلَى زُمْرَةٍ كَبِيرَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَإِلَى مَالِكٍ مِنْ رِوَايَاتٍ كَثِيرَةٍ فِي كِتَابِ" جِمَاعُ النِّسْوَانِ وَأَحْكَامِ الْقُرْآنِ". وَقَالَ الْكِيَا الطَّبَرِيُّ: وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا، وَيَتَأَوَّلُ فِيهِ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ:" أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ. وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ
وَقَالَ : فَتَقْدِيرُهُ تَتْرُكُونَ مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ ، وَلَوْ لَمْ يُبَحْ مِثْلُ ذَلِكَ مِنَ الْأَزْوَاجِ لَمَا صَحَّ ذَلِكَ ، وَلَيْسَ الْمُبَاحُ مِنَ الْمَوْضِعِ الْآخَرِ مِثْلًا لَهُ ، حَتَّى يُقَالَ : تَفْعَلُونَ ذَلِكَ وَتَتْرُكُونَ مِثْلَهُ مِنَ الْمُبَاحِ . قَالَ الْكِيَا : وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ، إِذْ مَعْنَاهُ : وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ مِمَّا فِيهِ تَسْكِينُ شَهْوَتِكُمُ ، وَلَذَّةُ الْوَقَاعِ حَاصِلَةٌ بِهِمَا جَمِيعًا ، فَيَجُوزُ التَّوْبِيخُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى (17) .
ومن ذلك الكثير إلا إني أكتفي بهذا القدر , و لكن الملفت للنظر أعمال ابن عمر حيث ورد حديث عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ : أَنَّهُ كَانَ إِذَا اشْتَرَى جَارِيَةً كَشَفَ عَنْ سَاقِهَا وَوَضَعَ يَدَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهَا وَعَلَى عَجُزِهَا (18) .
وروي عن عبد الرزاق عن بن جريج عن عطاء قال قلت له الرجل يشتري الأمة أينظر إلى ساقيها وقد حاضت أو إلى بطنها قال نعم قال عطاء كان بن عمر يضع يده بين ثدييها وينظر إلى بطنها وينظر إلى ساقيها أو يأمر به (19) .
وروي عن مجاهد قال مر بن عمر على قوم يبتاعون جارية فلما رأوه وهم يقلبونها أمسكوا عن ذلك فجاءهم بن عمر فكشف عن ساقها ثم دفع في صدرها وقال اشتروا قال معمر وأخبرني بن أبي نجيح عن مجاهد قال وضع بن عمر يده بين ثدييها ثم هــــزهـــا (20) .
وروي عن عبد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر ومعمر عن أيوب عن نافع عن بن عمر كان إذا اراد أن يشتري جارية فراضاهم على ثمن وضع يده على عجزها وينظر إلى ساقيها وقبلها (21) . ترى من الذي أجاز لأبن عمر أن يُهزْهِز أثداءَ النساء ويضعُ يده على أعجازِهن وينظر إلى سيقانِهن و أقبالُهُن , بينما يقوم أبوه بتحريم فعل امة محمد الذي هو بعقد وزواج منصوص عليه في القرآن الكريم والسنة النبوية ؟؟؟
والخلاصة إن أحكام النكاح من المسائل الفقهية وهي محل بحث ونقاش وهذا لا يخدش في أصل العقيدة والمذهب بعد ثبوت صحة معتقداتنا بالدلائل العقلية و النقلية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
(1) أحكام القرآن للجصاص ط العلمية (1/ 352) , المحلي بالاثار لابن حزم (9/ 175) , سنن البيهقي 7 /206 , كنز العمال 8/293 , تفسير الرازي 2/167 , كما ورد ذكر لذلك في زاد المعاد لأبن القيم الجوزية 3/403 ــ
(2) تفسير الطبري (ج5/18)
(3) نيل الاوطار للشوكاني (6/275)
(4) صحيح مسلم (2/ 1022) , صحيح البخاري (7/ 13)
(5) شرح معاني الآثار (2/ 144)
(6) سنن البيهقى (2/ 27)
(7) كنز العمال (16/ 520)
(8) شرح معاني الآثار للطحاوي (2/ 195)
(9) المحلي بالاثار لابن حزم (9/ 175)
(10) كنز العمال (16/ 523)
(11) تفسير الرازي (5/ 158، بترقيم الشاملة آليا)
(12) كنز العمال (16/ 519)
(13) تهذيب الأحكام (218/ 12)
(14) فتح الباري لابن حجر (12/ 370 بترقيم الشاملة آليا )
(15) الدر المنثور - (ج 2 / ص 36)
(16) فتح القدير للشوكاني (1/ 262)
(17) تفسير القرطبي (3/ 93)
(18) سنن البيهقى (2/ 394)
(19) مصنف عبد الرزاق - (ج 7 / ص 285)
(20) مصنف عبد الرزاق - (ج 7 / ص 286)
(21) مصنف عبد الرزاق - (ج 7 / ص 286)