بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين
البعض يتكلم وكأنَ أئمة أهل البيت عليهم السلام كانوا يدعون الناس إلى أنفسهم، في قبال رب العالمين!
بينماالتوحيد، والتهليل، والتكبير، مفاهيم الوحدانية، والانقطاع إلى الله عز وجلّ كانتتطفحُ من كلماتهم الشريفة. فهذهِ فاطمة تقفُ في المسجد للدفاع عن إمامة أميرالمؤمنين عليه السلام ولكن ما هو أولِ كلامها؟ تقول (عليها السلام): وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لا شريك له. كلمة جعل الإخلاص تأويلها، وضمن القلوب موصولها،وأنار في التفكر معقولها.
بحار الأنوار ج29 ص221
فاطمة تشهد لله عز وجل بالوحدانية، ثُمَّ تُقسم التوحيد، إلى التقسيم الثلاثي المعروف. فالتوحيد: الإمامة، والنبوة، والمعاد، هذهِ المفاهيم تحتاجُ إلى ثلاثة حقول تفاعلية:
الحقل الأول: الفكرة، أي يفكر الإنسان، ويعتقدبالله عز وجل إيماناً.
الحقل الثاني: العاطفة، أي يتفاعل معهُ بقلبه،ويغلّف المفهوم بغلاف الحب والود.
الحقل الثالث: العمل، كما أن الأوكسجين عندمايجتمع مع الهيدروجين، ينبثق الماء. كذلك فإن النتيجة التي تتولد من الفكرةوالعاطفة، هي الحركة في الحياة، أي العمل. فالعمل لا ينفك عن الاعتقاد الراسخ،والعاطفة العميقة، عندئذ ينطلق الإنسان في العمل. دائماً نسمع هذا التقسيم الثلاثي: الأفكار، والعواطف، والجوارح.
الزهراء عليها السلام في خطبتها تقول: التوحيدهي كلمة، ولكن لها واقع في الحياة (كلمة جعل الإخلاص تأويلها)، أي الإخلاص في العمل، هو تأويل التوحيد. إن أردتَ أن تطبق التوحيد في الحياة، فكُن مخلصاً فيحركتكَ في الحياة، (وضمن القلوب موصولها)، أي هناك ارتباط بين القلبِ وبينَ عالمالتوحيد.
وأخيراً (وأنار في التفكر معقولها).
فإذن، إنارةٌ في الفكر، ووصلٌ في القلب،وإخلاصٌ في العمل. هذهِ المراحل الثلاث التي تُنادي بها فاطمة عليها السلام.
إن محمداً صلى الله عليه وآله وعلياً وفاطمةوالحَسن والحُسين عليهم السلام هم على رأس المحبين. والأئمة عليهم السلام كانوايكنون محبة كبيرة لفاطمة عليها السلام لأنهم يعلمون ما كانَ في قلبها من حُب الله عزَ وجل. هي لم تصرّح بشيء، فهذا الحُب كانَ سراً مكتوماً، ولكنه سينكشف يوم القيامة، عندما تدخل الجنة. فقد ورد في الخبر: (.. فأقبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ضاحكاً مستبشراً، ثم قال: فيجوزون في عرصة القيامة فإذا النداء من قبل الله جل جلاله: معاشر الخلائق! غضّوا أبصاركم ونكّسوا رؤوسكم، هذه فاطمة بنت محمد نبيكم، زوجة عليّ إمامكم، أم الحسن والحسين، فتجوز الصراط وعليها ريطتان بيضاوان،فإذا دخلت الجنة ونظرت إلى ما أعدّ الله لها من الكرامة قرأت: بسم الله الرحمن الرحيم {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَالَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لايَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ}. فيوحي الله عزّ وجلّإليها: يا فاطمة!.. سليني أُعطكِ، وتمنّي عليّ أُرضك، فتقول: إلهي أنت المنى وفوقالمنى، أسألك أن لا تعذّب محبّي ومحبّي عترتي بالنار، فيوحي الله إليها: يا فاطمة!وعزّتي وجلالي وارتفاع مكاني! لقد آليت على نفسي من قبل أن أخلق السماوات والأرض بألفي عام، أن لا أعذب محبيّك ومحبّي عترتك بالنار).
بحار الأنوار ج27 ص140
ففاطمة التي يحمل قلبها هذا الحُب الإله يالعظيم، في الجنة تطلب من الله عزَ وجل أن لا يُعذبَ محبيها ومحبي عترتها بالنار
تعليق