بسم الله الرحمن الرحيم .اللهم صل على محمد وال محمد
وقع الاختلاف الشديد بين علماء اهل السنة في اثبات حرمة بعض الاكلات وبين حليتها . علما اننا نرى هذا الاختلاف في الكتب فقط ولانجد له تطبيق في الخارج (كأكل الفأرة مثلا) والسبب في ذلك هو لعدم تقبل النفس الانسانية المسلمة بالفطرة واشمئزازها لاكل مثل هذه الحيوانات وهذا وحده كاف في اثبات حرمة هذه الحيوانات فاذا كانت الناس لاتستطيب هذه الحيوانات وتستقذرها وتنفر النفوس منها كانت حراما واذا كان العكس كانت حلال والشافعي قد استدل بهذا الدليل الفطري ونحن ننقض عليه من نفس دليله . فلم نسمع اي مسلم سني سواء كان شافعي او مالكي او حنفي اوحنبلي قد اكل الفأرة في عشاءه اوغداءه .واذا دققنا جيدا في هذه الادلة والروايات التي استدلوا بها على حلية اكل الحيوانات التي سنذكرها نجد انه نقل المنع والنهي اولا عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم )ولكن بعد ذلك قالوا لم نسمع ذلك النهي من رسول الله مباشرة. اوقالوا بان الرسول لم ينهى عنه ولم يحرمه اصلا . او ان الرسول قد نهى عنه ثم اشار بعد ذلك ان هذا النهي من باب الكراهة وليس من باب الحرمة . اوانهم يذكرون رواية بان عمر بن الخطاب نقل ان الضب حرام ثم يذكرون رواية اخرى بان عمر بن الخطاب لم يحرمه . وكذلك الحال في جابر ابن عبد الله . واليكم اخوتي القراء الكرام هذاالتعارض والتخبط بين علماء اهل السنة في حلية وحرمة بعض الحيوانات وهي كالاتي :
فقه السنة /الشيخ سيد سابق /ج3 /ص 275 قال :
وثبت في السنة الترخيص في : الدجاج ( 1 ) /والخيل ( 2 )/ وحمار الوحش ( 3 )/
والضب والأرنب ( 4 ) /والضبع ( 5 ) /والجراد ( 6 ) /والعصافير .
.................................................. ................................
( 1) رواه البخاري ، ومسلم والترمذي والنسائي ، ومثله الإوز والبط والرومي .( 2 ) رواه البخاري ، ويرى مالك وأبو حنيفة أنها مكروهة لان الله تعالى ذكرها وبين أنها معدة للركوب والزينة ولم يذكر الاكل .( 3 ) رواه البخاري ومسلم . ( 4 ) رواه البخاري ومسلم ( 5 ) رواه الترمذي .( 6 ) رواه البخاري ومسلم ." عن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، فيما رواه مسلم في صحيحه ، عن أبي الزبير قال : سألت جابرا عن الضب فقال : لا تطعموه وقذره . وقال : قال عمر بن الخطاب ، إن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، لم يحرمه ،إن الله ينفع به غير واحد ، وإنما طعام عامة الرعاة منه ، ولو كان عندي طعمته " . وقال ابن عباس ، رواية عن خالد بن الوليد ، رضي الله عنهما ، أنه دخل مع رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ،على خالته ميمونة بنت الحارث فقدمت إلى رسول الله لحم ضب جاءها مع قريبة لها من نجد ، وكان رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، لا يأكل شيئا حتى يعلم ما هو - فاتفق النسوة ألا يخبرنه حتى يرين كيف يتذوقه ويعرفه إن ذاقه ، فلما أن سأل عنه وعلم به تركه وعافه ، فسأله خالد : أحرام هو ؟ قال : لا ، ولكنه طعام ليس في قومي فأجدني أعافه ، قال خالد : فاجتررته إلى فأكلته ورسول الله ينظر . وروي عن عبد الرحمن بن عمار قال : سألت جابر بن عبد الله عن الضبع ، آكلها ؟ قال : نعم . قلت : أصيدهي ؟ قال : نعم . قلت : فأنت سمعت ذلك من رسول الله ،صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم رواه الترمذي بسند صحيح .
وممن ذهب إلى جواز أكله الشافعي وأبو يوسف ومحمد وابن حزم . وقال الشافعي فيه : إن العرب تستطيبه وتمدحه ولا يزال يباع ويشترى بين ألصفا والمروة من غير نكير . ويري بعض العلماء أنه حرام لأنه سبع ، ولكن الحديث حجة عليهم . وذكر أبو داود وأحمد أن ابن عمر سئل عن القنفذ فتلا : " قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه " .فقال شيخ عنده : سمعت أبا هريرة يقول : ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " خبيثة من الخبائث " . فقال ابن عمر : إن كان قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، هذا فهو كما قال . وهذا الحديث من رواية عيسى
ابن نميلة وهو ضعيف ، قال الشوكاني : فلا يصلح الحديث لتخصيص القنفذ من أدلة الحل العامة ، وبناء على ما قاله الشوكاني يكون أكله حلالا .
,قال مالك وأبو ثور ويحكى عن الشافعي والليث أنه لا بأس بأكله ، لان العرب تستطيبه ولان حديثه ضعيف . وكرهه الأحناف . وقالت عائشة في الفأرة : ما هي بحرام ، وقرأت :" قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه " . وعند مالك لا بأس بأكل خشاش الأرض وعقاربها
ودودها ، ولا بأس بأكل فراخ النحل ودود الجبن والتمر ونحوه . قال وينقيه . قال ابن قدامة : وهو أحسن . ويرى ابن شهاب وعروة والشافعي والأحناف وبعض علماء أهل المدينة أنه لا يجوز أكل شئ من خشاش الأرض وهو أمها مثل الحيات والفأرة وما أشبه ذلك وكل ما يجوزقتله فلا يجوز عند هؤلاء أكله ، ولا تعمل الذكاة عندهم فيه . وقال الشافعي : لا بأس بالوبر واليربوع . الثالثة - روى عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء عن ابن عباس قال : كان أهل الجاهلية يأكلون أشياء ويتركون أشياء ، فبعث الله نبيه عليه السلام وأنزل كتابه وأحل حلاله وحرم
حرامه ، فما أحل فهو حلال وما حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عفو ، وتلا هذه الآية" قل لا أجد " الآية . يعني ما لم يبين تحريمه فهو مباح بظاهر هذه الآية . وروى الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس أنه قرأ " قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما " قال : إنما حرم من الميتة أكلها ، ما يؤكل منها وهو اللحم ، فأما الجلد والعظم والصوف والشعر فحلال .
الجامع لاحكام القرأن /للقرطبي /ج 7 /ص 121 :
وروى أبو داود عن ملقام بن تلب عن أبيه قال : صحبت النبي صلى الله عليه وسلم فلم أسمع
لحشرة الأرض تحريما . الحشرة : صغار دواب الأرض كاليرابيع والضباع والقنافذ . ونحوها ، قال الشاعر :
أكلنا الربى يا أم عمرو ومن يكن * غريبا لديكم يأكل الحشرات .
أي ما دب ودرج . والربى جمع ربية وهي الفأرة . قال الخطابي : وليس في قوله " لم أسمع لها تحريما " دليل على أنها مباحة ، لجواز أن يكون غيره قد سمعه . وقد اختلف الناس في اليربوع والوبر ( 2 ) والجمع وبار ونحوهما من الحشرات ، فرخص في اليربوع عروة وعطاء والشافعي وأبو ثور . قال الشافعي : لا بأس بالوبر وكرهه ابن سيرين والحكم وحماد وأصحاب الرأي . وكره أصحاب الرأي القنفذ . وسئل عنه مالك بن أنس فقال : لا أدري . وحكى أبو عمرو : وقال مالك لا بأس بأكل القنفذ . وكان أبو ثور لا يرى به بأسا ، وحكاه عن الشافعي . وسئل عنه ابن عمر فتلا " قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما " الآية ، فقال شيخ عنده سمعت أبا هريرة يقول : ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( خبيثة من الخبائث ) . فقال ابن عمر : إن كان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا فهو كما قال . ذكره أبو داود . وقال مالك : لا بأس بأكل الضب واليربوع والورل ( 3 ) . وجائز عنده أكل الحيات إذا ذكيت ، وهو
قول ابن أبي ليلى والأوزاعي . وكذلك الأفاعي والعقارب والفأر و ( 4 ) العظاية والقنفذ والضفدع . وقال ابن القاسم : ولا بأس بأكل خشاش الأرض وعقاربها ودودها في قول مالك ، لأنه قال : موته في الماء لا يفسده . وقال مالك : لا بأس بأكل فراخ النحل ودود الجبن والتمر ونحوه القرطبي : وحجته قول ابن عباس وأبي الدرداء :" ما أحل الله فهو حلال ، وما حرم فهو حرام ، وماسكت عنه فهو عفو " .قال أحمد في الباقلاء المدود : تجنبه أحب إلي ، وإن لم يستقذر فأرجو ( أي أنه لا يكون في أكله بأس ) . وقال عن تفتيش التمر المدود : لا بأس به ، وقد روي عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أنه أتي بتمر عتيق فجعل يفتشه ويخرج السوس منه .والحجة له حديث ملقام ( 1 ) بن تلب ، وقول ابن عباس وأبي الدرداء : ما أحل الله فهو حلال وما حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عفو . وقالت عائشة في الفأرة : ما هي بحرام ، وقرأت " قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما " . ومن علماء أهل المدينة جماعة لا يجيزون أكل كل شئ من خشاش الأرض وهوامها ، مثل الحيات والأوزاغ والفأر وما أشبهه . وكل ما يجوز قتله فلا يجوز عند هؤلاء أكله ، ولا تعمل الذكاة عندهم فيه . وهو قول ابن شهاب وعروة والشافعي وأبي حنيفة وأصحابه وغيرهم . ولا يؤكل عند مالك وأصحابه شئ من سباع الوحش كلها ، ولا الهر الأهلي ولا الوحشي لأنه سبع . وقال : ولا يؤكل الضبع ولا الثعلب ، ولا بأس بأكل سباع الطير كلها : الرخم والنسور والعقبان وغيرها ، ما أكل الجيف منها وما لم يأكل . وقال الأوزاعي الطير كله حلال ، إلا أنهم يكرهون الرخم . وحجة مالك أنه لم يجد أحدا من أهل العلم يكره أكل سباع الطير ، وأنكر الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أنه نهى عن أكل كل ذي مخلب من الطير ) . وروي عن أشهب أنه قال : لا بأس بأكل الفيل إذا ذكي ، وهو قول الشعبي ، ومنع منه الشافعي . وكره النعمان وأصحابه أكل الضبع والثعلب . ورخص في ذلك الشافعي ، وروي عن سعد بن أبي وقاص أنه كان يأكل الضباع . وحجة مالك ، عموم النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع ، ولم يخصى سبعا من سبع . وليس حديث الضبع الذي خرجه النسائي في إباحة أكلها مما يعارض به حديث النهي ، لأنه حديث أنفرد به عبد الرحمن بن أبي عمار ، وليس مشهورا بنقل العلم ، ولا ممن يحتج به إذا خالفه من هو أثبت منه . قال أبو عمر : وقد روي النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع من طرق متواترة
. وروى ذلك جماعة من الأئمة الثقات الأثبات ، ومحال أن يعارضوا بمثل حديث ابن أبي عمار .
فنستنتج مما تقدم عدة امور :
1/ الضب : حرمه عمر بن الخطاب ونقل الحرمة عن جابر بن عبد الله الانصاري . ثم حلله عمر بعد ذلك برواية منه مباشرة. ونقل البخاري ومسلم الروايات التي تجوز اكله عن ابن عباس. وقال مالك هو حلال لاباس باكله .2/الضبع: قال جابر والشافعي وابو يوسف ومحمد وابن حزم بحلية أكله وبعض العلماء بحرمة أكله لانه من السباع.
3/القنفذ :حلل اكله ابو داوود واحمد وابن عمرالا ان ابن عمر تردد بحليته عندما اعترض عليه رجل بانه سمع عن ابي هريرة عن رسول الله بانه حرام .فقال ابن عمر(ان كان قال الرسول هذا فهو كما قال) . وهذا دليل على ان الافتاء بالحلية من ابن عمر غير صحيح .وافتى الشافعي وابو ثور والليث بانه حلال ولاباس باكله .ونقل انه سئل مالك عن القنفذ فقال لاادري ونقل عنه في موضع اخر انه قال لاباس باكله وهو حلال (انظراخي القارئ الكريم الى عدم التثبت على قول واحد )
وقال الاحناف واصحاب الرأي انه مكروه .
4/الفأرة:عن عائشه انه حلال اكلها . وقال مالك لاباس باكلها واكل العقارب والدود وفراخ النحل ودود الجبن ودود التمر. وجوز اكلها ايضا ابن ابي ليلى والاوزاعي . وافتى ابن شهاب وعروة والشافعي والاحناف وبعض علماء اهل المدينة بعدم جواز اكل حشرات الارض كالحيات والفأرة .
5/اليربوع :الشافعي حلل اكله وقال لاباس به . وافتى عروة وعطاء وابو ثور بالحلية ايضا .وقال مالك لاباس باكله وهو حلال عندي .
6/الحيات اذا ذكيت :قال مالك لاباس باكلها وهي حلال .وقال ابن ابي ليلى والاوزاعي لاباس باكلها وهي حلال كما لاباس باكل الافاعي والعقارب والعضاية والضفدع .
وفي الختام ارجوا من الاخوة السنة ان يقرؤا ما هو مذكور في كتب علمائهم من الصحاح في امور الفقه والعقيدة هل هي صحيحة ومقبولة بالفطرة والوجدان مع نزع ثوب التكبر والعصبية والعزة في الاثم . اقرأ وفكر. وعقلك هو الحاكم على هذا الكلام. والسلام .
تعليق