بسم الله الرحمن الرحيم
أضف إلى ذلك سكوت الشيخ الطوسي عن طعنه ، وتمريض النجاشي لغمزه ، واحتجاج الصدوق به في موارد من كتاب الفقيه بما يشير إلى اعتماده ، لكن دون القول بحسنه فضلاً عن توثيقه ، ومعنى ذلك أنّ الراوي قد يكون معتمداً عند الصدوق أو ابن الوليد لقرائن ما وإن كان ضعيفاً في نفسه لا يمكن الاحتجاج به لذاته ؛ يشهد لذلك أنّ مروياته في كتب الحديث ليس فيها ما يشير إلى الغلوّ ؛ فليلتف بعض أهل الفضل لذلك ؛ إذ لا ملازمة مطلقة بين التوثيق والاعتماد ؛ إذ يمكن اعتماد غير الثقة في الأخبار مع القرائن كما لا يكاد يخفى.وكيف كان فالحديث الآنف ، من رواية ابن الوليد الذي لا يروي المكذوبات المتهالكات الساقطات فيما هو معروف من عادته ، على أنّه صحيح المتن ، معتمد المضمون ، وإن قيل بضعفه السندي ؛ لصدق قضاياه في الخارج قطعاً ؛ ولشهادة المتواترات لما فيه جملةً جزماً .وقد مرّت في فصل سابق علامات غضب الله بما أظهره من معاجز لمقتل الحسين ، وهي متواترة معنى ، وكذلك بكاء الحيوان والملائكة ونوح الجنّ ؛ فإذا وقع هذا ، وقد وقع قطعاً ، فلا يناقش باستبعاد الصوت من بطنان العرش ؛ لوقوع أصل المعجزة ، وعليه لا يناقش بخصوصيّاتها لإنكار أصلها كما لا يخفى..أمّا كون الأمّة ضالّة متحيّرة ، فماذا أقول ، وأهل البيت المطهّرون ، عدل القرآن وأجر رسالة محمّد9 ، يسبّهم المسلمون من على منابر المساجد ثمانين سنة ، حتّى قتلوهم بالسيف أو بالسمّ واحداً بعد واحد . وإذا تناسينا كلّ شيء ، فلا نتناسى أنّ هذه الأمّة لم تعترف لأمير المؤمنين بالخلافة وأنّها راشدة إلاّ في العهد العبّاسي ، بل قد قتلت هذه الأمّة الإمام النسائي وكثيراً غيره ، وهم سنّة ، لمجرّد أنّهم رووا في فضائل علي ، وقس على ذلك..أمّا سلب الله التوفيق عن هذه الأمّة الضالّة ، في الأضحى والفطر ، فكما ترى من الوجدان الناطق والتاريخ الشاهد والحقيقة النّاصعة ، فيكفي أنّ نصف المسلمين إلى يومنا هذا ، يصومون عيد الفطر ضلالاً وحيرة ، والنصف الآخر يفطر في آخر يوم من الصيام ضلالاً وحيرة أيضاً ؛ لعدم انتظام الحساب وغياب الهلال..على أنّ الاضحى والفطر من باب التمثيل لا الحصر ؛ فالضلال والحيرة تعدّت إلى ليلة القدر ؛ فمع أنّها الليلة الثالثة والعشرون من شهر رمضان على أصحّ الأقوال ، لكن لا يوفّق إليها أحد ؛ لما قلنا من عدم انتظام الحساب ورؤية الهلال في تحديد أوّل الشهر ، وقس على ذلك ما ستره الله من بركات عقاباً وغضباً .لكن أشير سريعاً إلى أنّ المقصود من الأمّة الضالّة المتحيّرة ، ليس كلّ الأمّة وقاطبة أفرادها ، بل خصوص من لم ينهج نهج النبي وهدي القرآن ؛ ولم يستن بسنة النبي وأهل بيته والرواية واردة في وصف الأمة التي عادت أهل البيت فيخرج اتباعهم منها تخصصاً،وسبيل القضية هنا سبيل القضايا المهملة التي من قبيل : كان الإنسان عجولاً ؛ فالمقصود من كان كذلك منهم ، وهم أغلب الأفراد ، لا كلّهم جميعاً .
([1]) أمالي الصدوق : 232 .
([2]) الخلاصة (العلامة) : 224 / 1 .
([3]) رجال النجاشي : 182 / 482 .
([4]) رجال الطوسي : 207 / 80 ، الفهرست : 78 / 327 .