بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
قال تعالى: ((وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ))/البقرة 25
كثيرة هي الآيات الكريمة التي تتحدث عن العمل الصالح، ولكنّها تقرنها بالايمان..
اذن فالعمل الصالح وحده لايجدي من غير إيمان ورجاء القربة منه تعالى..
هناك قسمان من العمل، أولهما مايعمله الانسان نفسه وفي حياته، وثانيهما مايعمله غيره ويصل ثوابه اليه بعد مماته..
سنحصر بحثنا هنا عن العمل الذي يعمله الانسان في حياته...
يتبادر الى البعض بأن هناك من يعمل عملاً صالحاً بحيث يصل الى إنتفاع البشرية جمعاء من غير إيمان بل قد لايدين بدين، فهل إنّ الله سبحانه وتعالى لايؤجره على ذلك، ويلقي به الى جهنّم، وخاصة بانّ الله عادل ولايظلم أحداً..
نعم إنّ الله عادل ولايظلم أحداً ولكن من لايقصد بعمله القربة اليه تعالى فسوف يكون مصيره النار، لأنّ الانسان إذا لم يكن راغباً بالجنة ولم يسع لها، فكيف تعطى له، وخاصة بان عمله كان من أجل الدنيا لجاه أو مال أو رفع شأن بلده أو غيرها من الأمور الدنيوية، فهو بالغالب سيعطيها له الله سبحانه وتعالى في الدنيا كما قال في كتابه العزيز ((وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ))/الشورى 20، فهذه الآية صريحة بأن الله تبارك وتعالى يجازي كلاً حسب قصده، فمن أراد الدنيا سوف يعطيه ماقصده وليس له في الآخرة من شئ، وبذلك تتحقق العدالة، فلا ظلم.. فقد قال تعالى: ((مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا))/الاسراء18، ((وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا))/الفرقان 23، ((وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ))/النور 39.
وبالعكس من ذلك تماماً من أراد بالعمل وجه الله تعالى، فانّه تعالى سيضعافه له ((مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ))/الأنعام 160، ((مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآَخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ)).
يتبيّن ممّا سبق بأنه يجب أن يقرن الانسان عمله بالايمان، حتى يصل الى القرب الالهي المنشود، لأنه شرط وصول العمل..
ومن الناس من يخلط عمله الصالح بالسئ، ومع ذلك يتوعدهم الله بالخير بشرط التوبة والاستغفار ((وَآَخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآَخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ))/التوبة 102..
ونرى من خلال استعراض الآيات الكريمة بأنها قد تقدم فيها الايمان على العمل الصالح، وذلك لأن أساس العمل الصالح هو الإيمان، فما نفع العمل الصالح من غير إيمان وقد سبق آنفاً نتيجته، ويكون الإيمان بمثابة الجناحين الذي يطير بالعمل ويرفعه الى ماشاء الله.. ((إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ))/فاطر 10.. وبالنتيجة فان العمل الصالح وحده لا يكفي، ولا الايمان وحده بدون عمل ينفع، فلا ينفرد أحدهما من غير الآخر فهما مقترنان...
أما القسم الثاني من العمل الصالح والذي يصله بعد مماته فسنبحثه في غير هذا الموضوع إن شاء الله تعالى...
ولاتنسوا بأن عملنا الصالح والأهم هو باتباعنا لأهل بيت العترة الطاهرة عليهم السلام وإيماننا بهم، لأنه إمتداد طولي في الله سبحانه وتعالى.. وفي الختام لايسعني إلاّ أن أسأل الله لي ولكم أن نكون ممّن يعمل صالحاً ومقروناً بالإيمان إنّه سميع مجيب.. .
تعليق