بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين
سار الإمام الحسين(عليه السلام) من المدينة المنورة إلى أرض كربلاء مصطحباً معه النساء والأطفال، وكل من سمع بهذه المسيرة صار يتساءل ما هو هدف الإمام (عليه السلام) من اصطحابهم؟ وكان الجواب دائماً منه ومن باقي العترة الطاهرة «شاء الله أن يراهن سبايا».
فما هي مشيئة الخالق جلّ وعلا بأن يرى بنات النبوة والعترة الطاهرة مسبيات مقيدات بالسلاسل من بلد إلى آخر يقودهن عبيد الظلم والطغيان وهن المخدرات العفيفات؟
إذن لابد من وجود مصلحة عظمى وراء هذه المشيئة، فيوم عاشوراء كل فرد من جيش الحسين(عليه السلام) كان له قابلية معينة يمكن من خلالها صناعة التاريخ الكربلائي المشرق ، وخصوصاً ما نجده جلياً في دور المرأة في النهضة الحسينية إذ رسمت أروع الصور، بل كان لها دور مميز في جميع فصولها، والجميع يعلم أن هذه الثورة لم تنتصر بتقديم الدم الطاهر قرباناً لله تعالى فقط، بل كان لابد من وجود صوت حق يعلو ليرفع الغشاوة من بصر الناس الذي وضعه بنو أمية على أعينهم ليستمروا في طغيانهم، وكان هذا الصوت هو بحق صوت الحسين الهادر وهذه هي بلاغة أمير المؤمنين (عليه السلام) تتجسد بصوت السيدة الصابرة زينب (عليها السلام) عندما وقفت بكل شموخ وقوة ورثتها عن أمها الطاهرة بضعة الرسول (صلى الله عليه وآله) متحدية كل تلك الممارسات الهادفة إلى وأد النهضة فهي كما وصفها عنها المؤلف المسيحي (أنطوان بارا): «ثورة الحسين بدؤها حسيني، واستمرارها زينبي».
ولم يقتصر دور المرأة في كربلاء على الإعلام فقط، فالجميع يعلم أن المرأة هي محور الأسرة وتأثيرها قوي في جميع الأطراف، فمنهن من بذلت كل ما لديها من أموال في سبيل إنجاح النهضة الحسينية مثل السيدة ماريا العبدية، وبعضهن حثت زوجها على نصرة الحق واللحاق بركب الشهداء الأبرار مثل السيدة أم وهب والسيدة دلهم التي أثرت في زوجها زهير بن القين وهو بعيد عن الخط الحسيني وجعلته من رجال النهضة، وغيرهن كثيرات قد شجعن الأزواج والأشقاء وحتى الأبناء في الانخراط في صفوف جيش الحق والعدل.
وحينما نتأمل سيرة أولئك النسوة نجدهن على قدر كبير من التمسك بالقيم والأخلاق والمبادئ، وهذا يتجسد في دور السيدة طوعة عندما وقفت بكل شموخ مؤمنة وموضحة أن القيادة الحقيقية هي بيد سفير الإمام الحسين مسلم بن عقيل(عليهما السلام) في وقت عصيب حين تخلى عنه أهل الكوفة بعد أن أرسلوا إليه وطلبوا النصرة.
إذن يمكن لكل واحدة من النساء اليوم ان يكون لها حظ في انجازات النهضة الحسينية وهي تقوم بدورها بالبيت أو العمل، وذلك من خلال طاعة الزوج بالحق وتربية الأطفال تربية صحيحة والمحافظة على حجابها، ومن ثم تكون من المقتديات بالسيدة زينب(عليها السلام) فتكون خير داعية للخير.. تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتحصن نفسها بالعلم النافع وتكون مربية لجيل يكون من أنصار الإمام المهدي(عجل الله فرجه).