أ ـ الأخلاق الإسلامية
س: ما هي الأخلاق؟ ج: الأخلاق على قسمين:
1 ـ الأخلاق المرتبطة بالقلب.
2 ـ الأخلاق المرتبطة بالأعضاء والجوارح.
س: مثلوا لكل قسم من أقسام الأخلاق؟
ج: الأخلاق المرتبطة بالقلب مثل (رقة القلب) ومثل (الحسد) والأخلاق المرتبطة بسائر الجوارح مثل (الصدق) و(الكذب).
س: إلى كم قسم تنقسم الأخلاق ـ بصورة عامة ـ؟
ج: تنقسم الأخلاق بصورة عامة إلى قسمين:
1 ـ الأخلاق الحسنة وتسمى (الفضائل) وهي التي يستحسن وجودها في الإنسان.
2 ـ الأخلاق القبيحة، وتسمى (الرذائل) وهي التي يستقبح وجودها في الإنسان.
س: ما هو تكليف الإنسان بإزاء الأخلاق؟
ج: الإنسان مكلف أن يتصف بـ (الفضائل) ويتجنب عن (الرذائل) فإن الفضائل كمال والرذائل نقص والإنسان بفطرته طالب للكمال، متجنب عن النقص.
س: هل بإمكان الإنسان أن يتصف بالفضائل، ويتجنب عن الرذائل؟
ج: نعم بإمكان الإنسان ذلك، فإن (النفس) كالصفحة البيضاء، تقبل كل لون، منتهى الأمر أن النفس صعبة الانقياد، يحتاج تلوينها ـ وبالأخص في الفضيلة ـ إلى تكرار ومراقبة، حتى تصبح الصفة فيها (ملكة) أي حال راسخة، فيتأتى الخير منها تلقائياً، وبدون تعب، فإن حالة النفس في الأخلاق تشبه حالة الإنسان في الصنعة والتعلم، فكما أن الإنسان يحتاج إلى تعلم واستمرار في العمل والتطبيق حتى يصبح صانعاً، يأتي بالصنعة تلقائياً وبدون تعب، كذلك الأخلاق.
س: مثلوا لذلك؟
ج: مثلاً إذا أراد أن يكون (صدوقاً) يلزم أن يتعب نفسه في عدم التكلم إلا بالصدق، مرات، ومرات، حتى يصبح الصدق (ملكة) له، وهكذا في سائر الصفات، خصوصاً الصفة الحسنة التي هي أشق على النفس.
س: ما موقف الإسلام من الأخلاق؟
ج: الإسلام يأمر بالفضائل وينهى عن الرذائل.
س: ما هي فائدة إتعاب النفس في تحصيل الفضائل، والاجتناب عن الرذائل؟
ج: الفضائل تنفع الفرد، وتنفع المجتمع معاً، كما أن الرذائل تضر الفرد وتضر المجتمع معاً، مثلاً (النشاط) الذي هو من الفضائل يزيد الإنسان تقدماً وسمواً، كما يزيد المجتمع رقياً ورفعة، وبالعكس (الكسل) فإنه يضر الجانبين، وهكذا بالنسبة إلى سائر الأخلاق الحسنة، والأخلاق الرذيلة.
س: البعض يقولون: بأن الأخلاق انعكاس من المجتمع الطبقي، فهل هذا صحيح؟
ج: كلا، فلنسأل من هؤلاء هل ان (العدل) في الحكم انعكاس لمجتمع خاص، فإذا صار لون المجتمع غير هذا الشكل يستحسن الظلم في الحكم؟ أو هل ان (الخيانة) للدولة انعكاس، حتى إذا جاء مجتمع آخر، جازت الخيانة وهكذا قل في سائر الصفات.. ان الفضائل فضائل أبداً، وان الرذائل رذائل أبداً، كيفما كان المجتمع وكيفما تحول المجتمع.
س: ما هي الأخلاق الفاضلة؟
ج: الأخلاق الفاضلة كثيرة، نذكر منها:
1 ـ الصدق في القول والعمل:
فإنه يلزم على الإنسان أن يصدق في كلامه، فلا يكذب، ويصدق في عمله بأن لا يخالف عمله معتقده، كمن يظهر التواضع لشخص رياءً أو تملقاً، وهو مخالف له عقيدة وقلباً.. ويصدق في حركاته، فلا يُري الناس أنه يريد شيئاً وهو يريد غيره، ويصدق في وعده، فإذا وعد وفى ولم يخلف.. ويصدق في مظهره، فلا يظهر شيئاً وهو على غير ذلك، كمن يلبس الأسمال ليظن الناس انه فقير وهو غني في الواقع، وهكذا..
2 ـ الأمانة في العمل واللسان:
فإنه يلزم على الإنسان أن يكون أميناً مع ربه، فلا يخالفه.. وأميناً مع أطراف معاملته، فلا يغشهم.. وأميناً على أموال الناس، فلا يخونها.. وأميناً على أعراض الناس، فلا يفعل الحرام خفية عنهم.
وقد ورد في الأحاديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته الطاهرين، تأكيد بليغ، حول هاتين الفضيلتين (الصدق والأمانة)، حتى أنه ورد في بعض الأخبار: (إن الله لم يبعث نبياً إلا بصدق الحديث وأداء الأمانة)(1).
والإنسان (الصادق)، (الأمين) محبوب عند الناس، محبوب عند الله، موفق في عمله، بخلاف (الكاذب) و (الخائن)، فإنه يحطم مستقبله، وإن انتفع ببعض المنافع المختصرة في العاجل القريب.
3 ـ الشجاعة:
ويلزم على الإنسان أن يكون شجاعاً مقداماً، لا يخاف من الأمور، فإن الجبان دائماً في آخر القافلة. وكفى في الشجاعة فضيلة، أن جميع الأنبياء والمصلحين كانوا متصفين بهذه الصفة، وإلا لم يتمكنوا من تبديل المجتمع من الفساد إلى الصلاح، ومن الانحطاط إلى الرقي، فإن مواجهة الناس بما يكرهون، فيما إذا كان ذلك صلاحاً لهم من أقوى أقسام الشجاعة.
4 ـ السخاء:
في المجتمع دائماً، فقراء ومعوزون، ومشاريع تحتاج إلى العون، فهم سند المجتمع، ومعقد آمال أفراده المتأخرين. وإذن يلزم على الإنسان السخاء والجود، فإذا كان الجواد ثرياً لم يضره الجود، وإن كان متوسطاً يُقبل منه إعطاء القليل (فإن كمال الجود بذل الموجود). يقول الشاعر:
إذا جـادت الدنيا عليك فجُدْ بها على الناس طرّاً قبل ان تتفلت
فلا الجود يفنيها إذا هي أقبلت ولا البخل يبقيها إذا هـــي ولّتِ
5 ـ الغيرة:فلا الجود يفنيها إذا هي أقبلت ولا البخل يبقيها إذا هـــي ولّتِ
هي حالة في الإنسان يحفظ بسببها ما يجب عليه حفظه، من (دين) أو (وطن) أو (ناموس) أو ما أشبه ذلك، وهي من الفضائل، ولو ذهبت الغيرة من الناس ـ فرداً كان أو جماعة ـ ذهب كيانهم... وقد ذكر علماء الأخلاق، ما يجب الغيرة عليه وما تكون الغيرة عليه ضارة في مباحث مفصلة لسنا بصددها هنا.
6 ـ التعاون على الخير:
فإن الحياة لا تقوم بالفرد، وإنما بأفراد يتعاونون، وكلما زاد التعاون كان تقدم الحياة أكثر، ورقي الاجتماع أكبر، والتعاون له أقسام عديدة فهناك تعاون بالفكر، وتعاون بالمال، وتعاون بالعمل، وتعاون بالاجتماع، بأقسامها المختلفة.
7 ـ النشاط:
الإنسان يحب الملذات والراحة، وهما عدوان للرقي والتقدم، ويسببان الكسل والخمول، والتأخر والانحطاط، ولذا كان من اللازم على الإنسان (النشاط)، فهي ملكة تجر الإنسان إلى الأمام في جميع جوانبه المختلفة، وكل فرد خلا من النشاط فهو فرد ساقط، وكل أمة خلت من النشاط، فهي أمة منحطة.
8 ـ النظام:
يقول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) (الله، الله في نظم أمركم)(2) إن أوقات الإنسان قليلة جداً والمهام الملقاة على عاتقه أمام نفسه وأمام مجتمعه وأمام مستقبله دنيا وآخرة كثيرة، ولذا عليه أن ينظم أموره بكل دقة وإتقان، فليقتد في التنظيم بالموجودات الكونية، فلكل شيء نظام، وإلا فسد الكون، وهكذا لو لم يكن للحكومات والإدارات أنظمة وتقسيم أعمال لفسد الاجتماع.
9 ـ الإصلاح:
العالم يذهب تلقائياً إلى الفساد، فالزمان يُبلي كل جديد، ويهدم كل معمور، والطغاة يفسدون البلاد ويستعبدون الأنام، وهكذا.. فاللازم على الإنسان أن يقوم بدور المصلح مهما تمكن: إصلاح الأرض بالعمران، وإصلاح النفوس بالتهذيب وإصلاح الاجتماع بتمهيد السبيل أمامه للرقي والسموّ، وإصلاح الأوضاع التي فسدت أو أفسدها الظالمون، وهكذا..
10 ـ النظافة:
يقول الرسول الأعظم (ص) (النظافة من الإيمان)(3) والنظافة على أقسام: فالنظافة في القول بتنزيهه عن اللغو، والنميمة، والكذب، والاستهزاء، والباطل، وما أشبه، والنظافة في العمل، بعدم تعاطي الأعمال السيئة، والأعمال القذرة.. والنظافة في البدن وحوائجه، بالتطهير وإزالة الأوساخ واستعمال العطر، ونظافة الملبس والمأكل والمشرب وما أشبه..
11 ـ التوسط:
فاللازم على الإنسان أن يتوسط في الأمور المرتبطة به، فلا يزيد على المقدار اللائق ولا ينقص عنه في جميع أموره فيأكل بقدر، وينام بقدر، ويعمل بقدر، بدون إفراط أو تفريط، فالإفراط إرهاق وانهيار، والتفريط تأخر وانحطاط، ولذا قال القرآن الحكيم (وكذلك جعلناكم أمةً وسطاً)(4) وفي المثل: إذا كان ميزان السير (لسيارة) في كل ساعة هو مائة (كلم) فالسير بها في الساعة مائة وخمسين (إفراط)، وخمسين فقط (تفريط).
12 ـ العدل:
من الضروري على الإنسان أن يكون (عادلاً) في جميع الأمور المرتبطة به، سواء كانت في شؤونه الشخصية، أو أموره العائلية، أو أموره الاجتماعية، أو كان حاكماً، أو رئيساً، أو غير ذلك، وقد جعل الله سبحانه في كل إنسان (ميزاناً) في نفسه، يعرف به العدل من الزيغ.. وهذا من أفضل الفضائل والملكات التي يسمو بها الإنسان إلى أرفع الدرجات.
13 ـ الحزم:
وهو ملكة إدارة الأمور على وجه الصواب والحكمة، بأن يكون ملتفتاً إلى الشؤون المرتبطة به، كيف يعطي وكيف يأخذ، وكيف يتزوج، وكيف يربي أولاده، وكيف يعاشر الناس، وكيف يدير الشؤون المرتبطة بإدارته ـ إذا كان مديراً لمؤسسة ـ أو ما أشبه؟؟ وهكذا في جميع شؤونه الفردية والاجتماعية، الدينية والدنيوية.
14 ـ المداراة:
بأن يداري الناس، أهلاً كانوا أم جيراناً، أم أقرباء، أم أطراف المعاملة، أم سائر الناس، في لين الكلام، وحسن البشر، وجلب المحبة بالهدية والزيارة، والمشاركة في الأفراح والأتراح، والعفو عمن ظلمه، والاعتذار لمن صدرت إليه الإساءة.
15 ـ التقوى:
بأن يتقي الله سبحانه، في جميع أحواله وأعماله، فلا يصدر منه ما يخالف رضى الله تعالى، فإن الإنسان لا يبقى إلى الأبد في الدنيا، بل يموت، وبعد الموت يكون لمن أحسن الثواب والجزاء الحسن، ولمن أساء العقاب والجزاء السيئ.. بالإضافة إلى أن التقوى من أفضل أسباب رقي الفرد والمجتمع في هذه الدنيا.
16 ـ العلم:
لا العلم القليل، بل كما قال رسول الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم)، (اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد)(5) فإن العلم هو الذي يرتفع بسببه الإنسان عــنــد الـله تعالى كـــما قال فــي القرآن الكريم (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجاتٍ)(6) وكما قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (قيمة كل امرئ ما يحسنه)(7).
17 ـ الألفة:
فإن الإنسان خُلق اجتماعياً، وكلما ازدادت ألفة الإنسان لبني نوعه، ظهرت كنوز نفسه، وكنوز نفس المجتمع الذي يعيش فيه، إذ النفوس إنما تظهر كوامنها عند حب الاجتماع، وعند تآلف بعض الأفراد مع بعض، ولذا ورد في الحديث (المؤمن ألف مألوف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يُؤلف)(8).
18 ـ الهمة:
فإن الهمم الرفيعة هي التي تسمو بالإنسان إلى مصاف الرجال العظام، قال الشاعر في وصف الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم):
لــــه همم لا منتهــــى لكبارها وهمته الصغرى أجلُّ من الدهر
19 ـ الصمود:فإن الإنسان يلاقي المشاكل، خصوصاً إذا كان تقدمياً يحب الرفعة والعمل لأجل الصالح العام، فإذا صمد أمام الكوارث واستمر في عمله نجح، وإلا كان نصيبه الخسران، قال الله تعالى: (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا)(9).
20 ـ تتبع معالي الأخلاق:
كالتواضع، بأن لا يتكبر, والحلم بأن لا يخرق, والصبر بأن لا يضجر, والإحسان إلى الناس بأن لا يقبض نفسه عن الخدمة.. إلى غيرها من الفضائل الكثيرة التي ذكرها علماء الأخلاق في الكتب المفصلة، والتي لها أكبر رصيد من الآيات والأحاديث الواردة عن النبي والأئمة الطاهرين.
1 ـ الكافي: ج 2 ص 104.
2 ـ نهج البلاغة: ص 421 كتاب 47.
3 ـ إحياء علوم الدين: ج 1 ص 114 وفيه (بني الدين على النظافة) وفي هامشه (النظافة تدعو إلى الإيمان).
4 ـ سورة البقرة: الآية 143.
5 ـ الأمثال النبوية: ج 1 ص 116.
6 ـ سورة المجادلة: الآية 11.
7 ـ نهج البلاغة: ص 482 حكمة 81.
8 ـ كنز العمال: غ 678 ومخ 679 وفيه (المؤمن يألف ويؤلف...).
9 ـ سورة فصلت: الآية 30.
تعليق