تعتبر شريحة الأطفال من أهم شرائح المجتمع، وهي اللبنة الاساسية لصلبه والدعامة الرئيسة لاستمرار عطائه، وهم اللوحة الجميلة التي ترتسم معالم المستقبل وعليهم تبنى الآمال والتطلعات، وبهم يرتجى الوصول الى ما هو الافضل في محطات الحياة، فهم الكوكبة المنيرة لجمال الإنسانية.
ومن الملاحظ في الآونة الأخيرة انتشار ظاهرة اقتناء الاطفال للألعاب العسكرية بمختلف انواعها ولاسيما تلك التي تطلق اصواتا حربية واشارات ضوئية، ولم تتوقف تلك الظاهرة على الالعاب المجسمة فقط بل تعدت الى اجهزة الالعاب المختلفة كالبلي ستيشن والآيباد وغيرها، وكذلك مشاهدة الافلام الكارتونية التي تتضمن قصص العنف والصراعات بكل شوق ولهفة!، ومن الملاحظ ادمان بعض الاطفال على مشاهدة تلك الافلام الكارتونية لأوقات كثيرة، وهنا يتسائل المفكرون الاجتماعيون عن الاسباب الحقيقية وراء تلك الظاهرة؟ ومن المرجح ان انتشار هذه الظاهرة يعود سببه الى الحروب والقتال الدائر في بعض البلدان وما يعرض من ذلك على شاشات التلفاز ومواقع التواصل الاجتماعي، وحيث يتأثر الانسان بمحيطه فيقبل الاطفال على شراء الالعاب العسكرية من الاسواق واقتنائها ميلا منهم للتوافق والانسجام مع محيطهم الاجتماعي.
وفي الوقت ذاته يتباين المفكرون الاجتماعيون حول تلك الظاهرة فبعضهم يرى أنها ظاهرة سلبية وبعضهم يرى انها ظاهرة لا تخلو من الايجابية، ومن المعلوم ان هذه الظاهرة لها سلبيات كثيرة ولعلّ ابرزها ان هذه الالعاب تحرّض الأطفال على العنف فيما بينهم من جهة وبين مجتمعهم من جهة أخرى، وتترك آثارا نفسية غير مناسبة مع الشخصية السليمة المتزنة المرجوة لهم في شبابهم ومستقبلهم، بيد أنها من زاوية أخرى فإن الانسان يتأثر بمحيطه ومجتمعه فيرتدي بعض الاطفال الملابس العسكرية ويحمل تلك الالعاب وكأن لسان حالهم يقول نحن لنا الأسوة بآبائنا واجدادنا المرابطين في ساحات القتال دفاعا عن وطنهم العراق وعن مقدساتهم، ولولا صغر أعمارنا لكنا اليوم معهم كالبنيان المرصوص نقاتل المعتدين من أعداء الوطن ونذود عن مقدساتنا، وفي هذه الزاوية يتوجب على الاسرة بيان الحقائق لهؤلاء الاطفال بان ابائهم واجدادهم ليسوا بمعتدين بل هم مدافعين عن وطنهم ومقدساتهم تلبية لنداء وطنهم ومرجعيتهم، وان الدفاع عن الوطن والمقدسات واجب على الأحرار والنبلاء في كل مكان وزمان، لكي يفهموا الحقائق ويميلوا الى حب الوطن وحب الدفاع عنه في مستقبلهم ويتجنوا الاعتداء والعدوان على الآخرين، وليكونوا في المستقبل سورا يحمي الوطن وحصنا منيعا امام المعتدين عليه ويرسموا لوحة الأمن والأمان على جبين وطنهم، ولكي تزرع في نفوسهم تلك القيم النبيلة والصفات الجميلة والاخلاق العالية، فيتربوا على كل ما من شأنه ان يحفظ كرامتهم ويسموا بهم في معراج المستقبل الزاهر ويوفر لهم الحياة الحرة الكريمة.
ومع كل ذلك ينبغي ان يكون لممارسة تلك الالعاب حدود وتقنين منظّم كي لا تحرضهم على العنف ، ولا سيما ان المجتمع بأمس الحاجة والفاقة الى السلم الاجتماعي والى التكافل مع بعضهم البعض والتعاون على البر والتقوى، ونشر ثقافة المحبة والتسامح والتراحم بين طيات المجتمع، لينشأ جيلا مليئا بالقيم النبيلة والاخلاق الفاضلة، ومحبا لبعضه البعض ومتراحما فيما بينه ومتطلعا لمستقبل مشرق يرتسم على يديه في لوحة من القيم النبيلة والمثل الرصينة و المبادىء الصادقة.
الكاتب : مهند سلمان السهلاني
تعليق