عقيدتنا بالعدل
س15 : ماهو سبب عزوف المصنف ره في ذكرها في عقيدتنا في الصفات ؟
الجواب : شرع المصنف ره بعد الكلام عن عقيدتنا في الصفات عن العدل الالهي ولبيان السبب لابد من الشروع بجملة من المقدمات :
المقدمة الاولى : ان العدل في نظر المشهور من الامامية من اصول الدين خلافا للشيخ المظفر الذي عدها اربعة قال المصنف في عقيدتنا بالنظر والمعرفة : ...بل يجب عليه ـ بحسب الفطرة العقلية المؤيدة بالنصوص القرآنية ـ أن يفحص ويتأمّل وينظر ويتدبّر في أصول اعتقاداته المسماة بأصول الدين التي أهمّها: التوحيد، والنبوة والامامة، والمعاد. ولم يذكر انها خمسة لاعتقاده انها من الصفات الثبوتية الحقيقية .
المقدمة الثانية : يذهب الكثير من مشهور الامامية ان صفة العدل هي من الصفات الفعلية المنتزعة من مقام الفعل والايجاد .
المقدمة الثالثة : ان الاشاعرة قالت لا يجب على الله تعالى ان يكون عادلا , وهذا مانفهمه في عقيدتنا في احكام الدين ان شاء الله تعالى , وهذا الزوبعة كانت قديمة ونظرا لخطورة الموقف الذي ادى الى تشتت المدارس الكلامية في مسالة العدل وهل العقل يدل على كونه تعالى عادل او لا حيث ذهبت المعتزلة والامامية الى انه واجب عقلا دون الاشاعرة , فعرف القائل بالعدل الالهي بـ (العدلية) وقد افرزت تلك الحقبة من النزاعات ودامت طويلة كما يبدوا الامر... الذي ادى الى جعلها ركن اساسي من منظومة الدين كاصل ,ولهذا تجد اكثر مؤلفي الكتب الكلامية يفردون بابا فيها نظرا لتلك المنازعات حولها , واعتقد ان سبب التقديم صار واضحا .
س16 : قال الشيخ المظفر ره نعتقد: أنّه سبحانه لا يترك الحسن عند عدم المزاحمة، ولايفعل القبيح، لانّه تعالى قادر على فعل الحسن وترك القبيح، مع فرض علمه بحسن الحسن وقبح القبيح، وغناه عن ترك الحسن وعن فعل القبيح، فلا الحسن يتضرّر بفعله حتى يحتاج إلى تركه، ولا القبيح يفتقر إليه حتى يفعله . بين كلام المصنف تفصيلا ؟
الجواب : نجمله في عدة من الامور
الأول : قوله ره لا يترك الحسن عند عدم المزاحمة , اشار المصنف ره الى مطلب وهو قانون تعارض المصالح والمفاسد لنأتي بمثال توضيحي بسيط :
ان الصلاة المفروضة هي واجبة بحسب نظر الحكيم وهي من صميم عدله تبارك وتعالى ,وقطعُ هذه الصلاة بلا عذر قبيح ,ولهذا يعاقب المولى تعالى على قطعها عمدا ,وهذا واضح ,فلو فرضنا ان انسان قد شرع بصلاته أمام نهرٍ من المال وهو قائم يصلي وشاهد في النهر غريق يستنجد وكان قادر على انقاذه فما هي الوظيفة الشرعية حينئذٍ ؟ الجواب قطعا ان انقاذ الروح اولى ,بل واجب مع الاستطاعة ولا يكون قطع هذا الواجب قبيحا عقلا , فنقول لولا قانون المزاحمة والتعارض لما ترك المولى العدل ,باعتبار انه سيد العقلاء وهو من أسس العقل ,فضلا على ان هذه الحالة ليست خروجا عن العدل .
الثاني : انه تعالى لماذا لا يفعل القبيح ؟ الجواب :
أ ـ لانه تعالى قادرعلى فعل الحسن وترك القبيح .
ب ـ ولانه تعالى يعلم بحسن الاشياء فيقبل عليها ,ويعلم بقبح القبيح فلا يفعله,فقد يُقبل الانسان على امر يجهل عقباه ثم يظهر فساده بعد الاقتراف ,وانما ينمو ذلك عن جهله فيكون مافعله قبيح , كما لو شرب خمرا لاعتقاده انه ماء .
ج ـ لانه تعالى غني بذاته ,وقد يفعل الانسان القبيح لانه محتاج اليه كما لو كذب الانسان على الاخرين وكما لو سرق من اجل سد جوعه فكل هذه الامور ممتنعة عنه تعالى لانه هو الغني المطلق .
د ـ ان فعله للحسن لا يتضرر به حتى يتركه , ولا القبيح يفتقر اليه حتى يفعله .
قال الشيخ المظفر ره لانّه تعالى قادر على فعل الحسن وترك القبيح، مع فرض علمه بحسن الحسن وقبح القبيح، وغناه عن ترك الحسن وعن فعل القبيح، فلا الحسن يتضرّر بفعله حتى يحتاج إلى تركه، ولا القبيح يفتقر إليه حتى يفعله .
س17 : فلو كان يفعل الظلم والقبح ـ تعالى عن ذلك ـ فانّ الامر في ذلك . بين كلام المصنف ره ؟
الجواب : كان الكلام في السؤال السابق حول انه تعالى لماذا لا يفعل الظلم يشرع المصنف ويتنزل جدلا انه لو فعل الله تعالى الظلم تعالى الله عنه ما هو اللازم عن فعله؟
الجواب : يلزم احد امور اربعة متفرعة عن عدم تحقق احد الامور الاربعة التي مرت في الجواب السابق وهي :
أ ـ اما ان يكون جاهلا بالامر فلا يدري , وقد قلنا انه تعالى يعلم بحسن الاشياء وقبح القبيح فلا يفعله .
ب ـ واما ان يكون عالما به ولكنه مجبورعلى فعله ,وعاجز عن تركه ,وقد قلنا في الجواب السابق انه قادر وفرض كون قوة موجودة قاهرة فوق قدرته خلافا كونه قادرا من جميع الجهات قال الشيخ المظفر ره في عقيدتنا في التوحيد : ونعتقد: بأنّه يجب توحيد الله تعالى من جميع الجهات ... فلو فرضنا وجود قوة على اقل تقدير مضاهية له لما صح توحيده من جميع الجهات التي من ضمنها القدرة .
ج ـ ان يكون عالما به غير مجبور,و لكنه محتاج الى فعله ,وقد اثبتا في الجواب السابق غناه المطلق .
د ـ ان يكون ما يفعله لاهذا ولا ذاك بل تشهيا ولهوا , وهو واضح البطلان ,لان افعاله كلها مطابقة للحكمة وعلى حسب النظام الاكمل
س18 : قال الشيخ المظفر : غير أن بعض المسلمين جوَّز عليه تعالى فعل القبيح ـ تقدَّست أسماؤه ـ فجوَّز أن يعاقب المطيعين، ويدخل الجنّة العاصين، بل الكافرين، وجوَّز أن يكلِّف العباد فوق طاقتهم وما لا يقدرون عليه، ومع ذلك يعاقبهم على تركه، وجوَّز أن يصدر منه الظلم والجور والكذب والخداع، وأن يفعل الفعل بلا حكمة وغرض ولا مصلحة وفائدة، بحجّة أنّه (لا يُسئَلُ عَمَّا يَفعَلُ وَهُم يُسئَلونَ). بين كلام المصنف ره.
الجواب : يتعرض المصنف في هذا المطلب الى شبه الاشاعرة ونجمل الكلام عنها بالنقاط التالية :
النقطة الاولى : قالت الاشاعرة ان الحسن والقبح ماقبحه الشارع وليس العقل ـ وهذا ماسوف نفهمه في عقيدتنا في احكام الدين ان شاء الله تعالى ـ فان العقل لايدل على ان الله تعالى يجب عليه فعل الحسن, فلا سلطان على الله تعالى ,وهذا يعرب عن عدم فهم الاشاعرة وخلطهم بين الوجوب الشرعي والعقلي كما سوف يتضح من خلال الابحاث القادمة ان شاء الله تعالى .
النقطة الثانية : بناءا على ذلك فانه من الجائز على الله تعالى ان يعاقب المطيع ويدخل الكافر الجنة وغيرها من الامر الفاسدة فهي امور ممكنه ,لانه ليس ما في العقل ما يقبح ذلك .
النقطة الثالثة : قول المصنف : مع ذلك يعاقبهم على تركه , التزمت الاشاعرة ان الله تعالى اذا كان من الجائز عليه ان يكلف العبد فوق طاقته وهو من الجائز,لان العقل لايقبح ذلك بل الشرع ,ومع ذلك يعاقبهم عليه لانه لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ,ولتوضيح المطلب سوف نعرض في الابحاث القادمة (عقيدتنا في القضاء والقدر) نظريتهم في الجبر ان شاء الله تعالى .
النقطة الرابعة : في وجه استدلال الاشاعرة ,وهو قوله تعالى انه لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ,أي ان الله تعالى يفعل ما يشاء ولا سلطان عليه فيما يفعل .
والجواب : لماذا لا يسأل المولى عما يفعل وهم يسألون ؟ ان مقتضى الجواب على هذا التفسير الشنيع والمستهجن يكشف عدم التفريق بين صدور الفعل من الحكيم وغيره ان مقتضى الفعل الالهي يصب وينبع من منبع الحكمة فأنه من الخطأ المنطقي ان نسأل الحكيم انه لماذا انت عادل ؟ ولماذا انت منصف ؟ لانه سؤال من غير المنطقي في المقام بينما الذي يكون فعله مخالف مقتضى المصلحة والحكمة يسأل عما يفعل .
قال العلامة الطبرسي ره صاحب تفسير مجمع البيان : الجواب: أنّ الوجه في عدم كونه تعالى مسئولا عمّا يفعله، أنّ جميع أفعاله حكمة و صواب و لا يقال للحكيم لم فعلت الصواب، و هذا بخلاف العباد فإنّهم يفعلون الحقّ والباطل ((مجمع البيان، ج 7، ص 44)) .
عقيدتنا في القضاء والقدر
س19 : مامعنى القضاء والقدر ؟
الجواب : الجواب :يطلقان في القران ويراد منها الخلق والاتمام ومنه قوله تعالى ((فقضاهن سبع سماوات)) والقدر قد ياتي كذلك قال تعالى ((وقدر فيها أقواتها)) .
وقد ياتي القضاء بمعنى الحكم , قضى الله تعالى ان يكون الموت على كل انسان (كل نفس ذائقة الموت) (وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه) .
وقد ياتي القدر ويراد منه الحصة من الوجود كتقدير عمر الانسان كذا او طول زيد كذا او الرزق كذا فهو المقدار الكمي .
وعلى كل حال ان القضاء والقدر قد يكونان متلازمان من حيث المعنى وقد يفترقا وعلى غرار ذلك كان السؤال هل ان افعال العباد واقعة بقضاء الله وقدره ام لا بل الانسان هو الفاعل وله الكسب على ما ظنه الاشعري , ومنه يعلم لماذا اسمى الشيخ المظفر ره بالقضاء والقدر
تتميم ) قد تداول استعمال لفظ القدرية في علمي الملل والكلام , فاصحاب الحديث كامام الحنابلة ومتكلمي الاشاعرة يطلقونها ويريدون منها ((نفاة القدر ومنكريه))بينما يستعملها المعتزلة في مثبتي القدر... وكل من الطائفتين ينزجر من الوصمة بها ويفر منها ...[1]))
س20 : وقد أنكروا السببية الطبيعية بين الاشياء، إذ ظنّوا أنّ ذلك هو مقتضى كونه تعالى هو الخالق الذي لا شريك له. بين كلام المصنف ؟
الجواب : ليتضح هذا الامر جيدا لابد من التفرقة بين القضاء والقدر التكويني والشرعي والقضاء والقدر المرتبط بفعل الانسان خاصة .
الاول :التكويني, وهو المرتبط بالخلق والتكوين فكل شيء خلقه الله تعالى وهو امر محل وفاق
الثاني : الشرعي,وان جميع التكاليف الشرعية تابعة هي الاخرى الى قضاء الله وقدره وهو امر محل وفاق ايضا .
الثالث : القضاء والقدر المرتبط بفعل الانسان ,فالسؤال هل مايقوم به الانسان بجميع افعاله يكون هو الفاعل لهذه الاشياء اوان الله تعالى هو الفاعل ؟ زعمت الاشاعرة ان الفاعل هو الله تعالى وبما ان الانسان هو احد الاسباب الطبيعية بين الاشياء فقد انكروا الاشاعرة هذه العلاقة بين الانسان والسبب الطبيعي بصورة عامة ,وانما يقوم بها الانسان على سبيل المجاز كما لو قطعت السكين اللحم فانا ننسب الفعل الى السكين مجازا لو قلنا السكين قطعت اللحم وانما الفاعل الحقيقي هو يد الانسان ,فكذا تصور الاشعري ان الانسان فاعل مجازي والله تعالى هو فاعل جميع هذا الافعال . قال الشيخ المظفر ره : ذهب قوم ـ وهم المجبِّرة ـ إلى أنّه تعالى هو الفاعل لافعال المخلوقين، فيكون قد أجبر الناس على فعل المعاصي، وهو مع ذلك يعذِّبهم عليها، وأجبرهم على فعل الطاعات ومع ذلك يثيبهم عليها، لانهم يقولون: إنّ أفعالهم في الحقيقة أفعاله، وإنّما تنسب إليهم على سبيل التجوُّز، لانّهم محلها، ومرجع ذلك إلى إنكار السببية الطبيعية بين الاشياء، وأنه تعالى هو السبب الحقيقي لاسبب سواه ,وقد أنكروا السببية الطبيعية بين الاشياء .
س21 : ماذا يلزم على نظرية الاشعري ؟
الجواب :
اولا: انكار العدل ان افعال الانسان كما هو مشهود تتضمن الخير والشر ولا يستطيع نكران ذلك أي احد وعليه لو كان الله تعالى هو الفاعل لكل شيء لانخرم العدل اللهي .
ثانيا: انكار الحسن والقبح العقلي فان الله تعالى هو الفاعل والعقل لا استقلالية لديه للحكم على الاشياء انها حسنة او قبيحة لان فعل الله تعالى بحكم ما يقتضيه الشرع حينئذٍ لا العقل .
ثالثا: عدم قبح التكليف بما لا يطاق وهذا الاخر ايضا يجيء وفق انكار قاعدة الحسن والقبح على اعتبار لايحق للعقل ان يقول :هذا يجوز, ولا يجوز ذاك بل ان الله تعالى فاعل كل شيء (لايسال عما يفعل وهم يسالون) الاية .
س22 : وذهب قوم آخرون ـ وهم المفوِّضة ـ إلى أنّه تعالى فوَّض الافعال إلى المخلوقين، ورفع قدرته وقضاءه وتقديره عنها، باعتبار أنّ نسبة الافعال إليه تعالى تستلزم نسبة النقص إليه، وأنّ للموجودات أسبابها الخاصة، وإن انتهت كلُّها إلى مسبِّب الاسباب والسبب الاول، وهو الله تعالى . بين كلام المصنف ؟
الجواب : هذا هو المذهب الثاني الذي ينسب الى المدرسة الاعتزالية حيث كانت نظريتهم معاكسة لنظرية الاشاعرة ,قالوا ان الله تعالى فوض الافعال الى الانسان وهو مستقل بفعله , والامر الذي دعاهم الى هذا الزعم ,هو ان نسبة افعال الانسان الى الله تعالى يستلزم الظلم ,باعتبار ان افعال الانسان خير وشر ومن المحال ان يكون الله تعالى هو الفاعل ,ولازم هذا ان يكون الانسان مستقل عن الله تعالى في فعله فهم اخرجوا الله تعالى من سلطانه وقدرته , على عكس ما افرزته نظرية الاشعري حفاظا على ان يكون الله تعالى قادر على كل شيء نسبوا اليه الفعل .
والنتيجة :
أـ التزمت الاشاعرة ان الله تعالى خالق كل شيء حفاظا على قدرته ,لكن رموه بالظلم والجور !
ب ـ التزمت المفوضة ان الله رفع يده وسلطانه , باعتبار ان نسبة الافعال اليه مستلزمة النقص قال الشيخ المظفر ره : باعتبار أنّ نسبة الافعال إليه تعالى تستلزم نسبة النقص إليه، وأنّ للموجودات أسبابها الخاصة ... ومن يقول بهذه المقالة فقد أخرج الله تعالى من سلطانه، وأشرك غيره معه في الخلق.
س23 : اعتقادنا في ذلك تبع لما جاء عن أئمتنا الاطهار (عليهم السلام) من الامر بين الامرين، والطريق الوسط بين القولين بين كلام المصنف ره ؟
الجواب : هذه هي النظرية الثالثة في المقام حيث اعتقدت الامامية ايدهم الله تعالى تبعا لما جاء عن ائمتنا عليهم السلام من الامر بين الامرين حيث لاجبر ولا تفويض بل امر بين امرين ,وبيان ذلك :
عكست نظرية الاشاعرة لون من التفسير يرمي الى ان الله تعالى هو الفاعل الوحيد ,وحيث كانت نظرية المفوضة مغايرة تماما لهذا الاتجاه قالوا ان الفاعل حقيقة هو الانسان لا غير , بينما تنظر نظريتنا الموسومة بالامر بين الامرين الى انه لا جبر ولا تفويض بل الامر الوسط بين القولين وهو , ان الانسان يختار مايفعله والله تعالى هو الذي يفيض عليه القدرة الاقتدار على الافعال فان الانسان على هذه النظرية لا يكون مستقلا في فعله بل له ان يختار فقط لكن الفعل المترتب على ذلك الاختيار هو نوع افاضة من الله تعالى .
وهم ودفع: ربما يتوهم البعض ان هذه النظرية هي عبارة عن خليط من النظريتين السابقتين .
الجواب : بل على العكس ان النظرية الاشعرية تنفي الاختيار عن الانسان والنظرية الاعتزالية تنفي القدرة اللهية .
اما نظرية الامامية (الامر بين الامرين) هي نظرية اثباتية لكلا المعنيين القدرة والاختيار ومن المعروف ان الاثبات ينافي السلب فلا يختلط عليك الامر .
قال الشيخ المظفر ره : ما أجلَّ هذا المغزى وما أدقّ معناه، وخلاصته: إنّ أفعالنا من جهة هي أفعالنا حقيقة ونحن أسبابها الطبيعية وهي تحت قدرتنا واختيارنا، ومن جهة أخرى هي مقدورة لله تعالى وداخلة في سلطانه لانّه هو مفيض الوجود ومعطيه، فلم يجبرنا على أفعالنا حتى يكون قد ظلمنا في عقابنا على المعاصي لانّ لنا القدرة والاختيار فيما نفعل، ولم يفوِّض إلينا خلق أفعالنا حتى يكون قد أخرجها عن سلطانه، بل له الخلق والحكم والامر، وهو قادر على كل شيء ومحيط بالعباد.
[1] الملل والنحل للسبحاني ج1 ص154 ط الثالثة
س15 : ماهو سبب عزوف المصنف ره في ذكرها في عقيدتنا في الصفات ؟
الجواب : شرع المصنف ره بعد الكلام عن عقيدتنا في الصفات عن العدل الالهي ولبيان السبب لابد من الشروع بجملة من المقدمات :
المقدمة الاولى : ان العدل في نظر المشهور من الامامية من اصول الدين خلافا للشيخ المظفر الذي عدها اربعة قال المصنف في عقيدتنا بالنظر والمعرفة : ...بل يجب عليه ـ بحسب الفطرة العقلية المؤيدة بالنصوص القرآنية ـ أن يفحص ويتأمّل وينظر ويتدبّر في أصول اعتقاداته المسماة بأصول الدين التي أهمّها: التوحيد، والنبوة والامامة، والمعاد. ولم يذكر انها خمسة لاعتقاده انها من الصفات الثبوتية الحقيقية .
المقدمة الثانية : يذهب الكثير من مشهور الامامية ان صفة العدل هي من الصفات الفعلية المنتزعة من مقام الفعل والايجاد .
المقدمة الثالثة : ان الاشاعرة قالت لا يجب على الله تعالى ان يكون عادلا , وهذا مانفهمه في عقيدتنا في احكام الدين ان شاء الله تعالى , وهذا الزوبعة كانت قديمة ونظرا لخطورة الموقف الذي ادى الى تشتت المدارس الكلامية في مسالة العدل وهل العقل يدل على كونه تعالى عادل او لا حيث ذهبت المعتزلة والامامية الى انه واجب عقلا دون الاشاعرة , فعرف القائل بالعدل الالهي بـ (العدلية) وقد افرزت تلك الحقبة من النزاعات ودامت طويلة كما يبدوا الامر... الذي ادى الى جعلها ركن اساسي من منظومة الدين كاصل ,ولهذا تجد اكثر مؤلفي الكتب الكلامية يفردون بابا فيها نظرا لتلك المنازعات حولها , واعتقد ان سبب التقديم صار واضحا .
س16 : قال الشيخ المظفر ره نعتقد: أنّه سبحانه لا يترك الحسن عند عدم المزاحمة، ولايفعل القبيح، لانّه تعالى قادر على فعل الحسن وترك القبيح، مع فرض علمه بحسن الحسن وقبح القبيح، وغناه عن ترك الحسن وعن فعل القبيح، فلا الحسن يتضرّر بفعله حتى يحتاج إلى تركه، ولا القبيح يفتقر إليه حتى يفعله . بين كلام المصنف تفصيلا ؟
الجواب : نجمله في عدة من الامور
الأول : قوله ره لا يترك الحسن عند عدم المزاحمة , اشار المصنف ره الى مطلب وهو قانون تعارض المصالح والمفاسد لنأتي بمثال توضيحي بسيط :
ان الصلاة المفروضة هي واجبة بحسب نظر الحكيم وهي من صميم عدله تبارك وتعالى ,وقطعُ هذه الصلاة بلا عذر قبيح ,ولهذا يعاقب المولى تعالى على قطعها عمدا ,وهذا واضح ,فلو فرضنا ان انسان قد شرع بصلاته أمام نهرٍ من المال وهو قائم يصلي وشاهد في النهر غريق يستنجد وكان قادر على انقاذه فما هي الوظيفة الشرعية حينئذٍ ؟ الجواب قطعا ان انقاذ الروح اولى ,بل واجب مع الاستطاعة ولا يكون قطع هذا الواجب قبيحا عقلا , فنقول لولا قانون المزاحمة والتعارض لما ترك المولى العدل ,باعتبار انه سيد العقلاء وهو من أسس العقل ,فضلا على ان هذه الحالة ليست خروجا عن العدل .
الثاني : انه تعالى لماذا لا يفعل القبيح ؟ الجواب :
أ ـ لانه تعالى قادرعلى فعل الحسن وترك القبيح .
ب ـ ولانه تعالى يعلم بحسن الاشياء فيقبل عليها ,ويعلم بقبح القبيح فلا يفعله,فقد يُقبل الانسان على امر يجهل عقباه ثم يظهر فساده بعد الاقتراف ,وانما ينمو ذلك عن جهله فيكون مافعله قبيح , كما لو شرب خمرا لاعتقاده انه ماء .
ج ـ لانه تعالى غني بذاته ,وقد يفعل الانسان القبيح لانه محتاج اليه كما لو كذب الانسان على الاخرين وكما لو سرق من اجل سد جوعه فكل هذه الامور ممتنعة عنه تعالى لانه هو الغني المطلق .
د ـ ان فعله للحسن لا يتضرر به حتى يتركه , ولا القبيح يفتقر اليه حتى يفعله .
قال الشيخ المظفر ره لانّه تعالى قادر على فعل الحسن وترك القبيح، مع فرض علمه بحسن الحسن وقبح القبيح، وغناه عن ترك الحسن وعن فعل القبيح، فلا الحسن يتضرّر بفعله حتى يحتاج إلى تركه، ولا القبيح يفتقر إليه حتى يفعله .
س17 : فلو كان يفعل الظلم والقبح ـ تعالى عن ذلك ـ فانّ الامر في ذلك . بين كلام المصنف ره ؟
الجواب : كان الكلام في السؤال السابق حول انه تعالى لماذا لا يفعل الظلم يشرع المصنف ويتنزل جدلا انه لو فعل الله تعالى الظلم تعالى الله عنه ما هو اللازم عن فعله؟
الجواب : يلزم احد امور اربعة متفرعة عن عدم تحقق احد الامور الاربعة التي مرت في الجواب السابق وهي :
أ ـ اما ان يكون جاهلا بالامر فلا يدري , وقد قلنا انه تعالى يعلم بحسن الاشياء وقبح القبيح فلا يفعله .
ب ـ واما ان يكون عالما به ولكنه مجبورعلى فعله ,وعاجز عن تركه ,وقد قلنا في الجواب السابق انه قادر وفرض كون قوة موجودة قاهرة فوق قدرته خلافا كونه قادرا من جميع الجهات قال الشيخ المظفر ره في عقيدتنا في التوحيد : ونعتقد: بأنّه يجب توحيد الله تعالى من جميع الجهات ... فلو فرضنا وجود قوة على اقل تقدير مضاهية له لما صح توحيده من جميع الجهات التي من ضمنها القدرة .
ج ـ ان يكون عالما به غير مجبور,و لكنه محتاج الى فعله ,وقد اثبتا في الجواب السابق غناه المطلق .
د ـ ان يكون ما يفعله لاهذا ولا ذاك بل تشهيا ولهوا , وهو واضح البطلان ,لان افعاله كلها مطابقة للحكمة وعلى حسب النظام الاكمل
س18 : قال الشيخ المظفر : غير أن بعض المسلمين جوَّز عليه تعالى فعل القبيح ـ تقدَّست أسماؤه ـ فجوَّز أن يعاقب المطيعين، ويدخل الجنّة العاصين، بل الكافرين، وجوَّز أن يكلِّف العباد فوق طاقتهم وما لا يقدرون عليه، ومع ذلك يعاقبهم على تركه، وجوَّز أن يصدر منه الظلم والجور والكذب والخداع، وأن يفعل الفعل بلا حكمة وغرض ولا مصلحة وفائدة، بحجّة أنّه (لا يُسئَلُ عَمَّا يَفعَلُ وَهُم يُسئَلونَ). بين كلام المصنف ره.
الجواب : يتعرض المصنف في هذا المطلب الى شبه الاشاعرة ونجمل الكلام عنها بالنقاط التالية :
النقطة الاولى : قالت الاشاعرة ان الحسن والقبح ماقبحه الشارع وليس العقل ـ وهذا ماسوف نفهمه في عقيدتنا في احكام الدين ان شاء الله تعالى ـ فان العقل لايدل على ان الله تعالى يجب عليه فعل الحسن, فلا سلطان على الله تعالى ,وهذا يعرب عن عدم فهم الاشاعرة وخلطهم بين الوجوب الشرعي والعقلي كما سوف يتضح من خلال الابحاث القادمة ان شاء الله تعالى .
النقطة الثانية : بناءا على ذلك فانه من الجائز على الله تعالى ان يعاقب المطيع ويدخل الكافر الجنة وغيرها من الامر الفاسدة فهي امور ممكنه ,لانه ليس ما في العقل ما يقبح ذلك .
النقطة الثالثة : قول المصنف : مع ذلك يعاقبهم على تركه , التزمت الاشاعرة ان الله تعالى اذا كان من الجائز عليه ان يكلف العبد فوق طاقته وهو من الجائز,لان العقل لايقبح ذلك بل الشرع ,ومع ذلك يعاقبهم عليه لانه لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ,ولتوضيح المطلب سوف نعرض في الابحاث القادمة (عقيدتنا في القضاء والقدر) نظريتهم في الجبر ان شاء الله تعالى .
النقطة الرابعة : في وجه استدلال الاشاعرة ,وهو قوله تعالى انه لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ,أي ان الله تعالى يفعل ما يشاء ولا سلطان عليه فيما يفعل .
والجواب : لماذا لا يسأل المولى عما يفعل وهم يسألون ؟ ان مقتضى الجواب على هذا التفسير الشنيع والمستهجن يكشف عدم التفريق بين صدور الفعل من الحكيم وغيره ان مقتضى الفعل الالهي يصب وينبع من منبع الحكمة فأنه من الخطأ المنطقي ان نسأل الحكيم انه لماذا انت عادل ؟ ولماذا انت منصف ؟ لانه سؤال من غير المنطقي في المقام بينما الذي يكون فعله مخالف مقتضى المصلحة والحكمة يسأل عما يفعل .
قال العلامة الطبرسي ره صاحب تفسير مجمع البيان : الجواب: أنّ الوجه في عدم كونه تعالى مسئولا عمّا يفعله، أنّ جميع أفعاله حكمة و صواب و لا يقال للحكيم لم فعلت الصواب، و هذا بخلاف العباد فإنّهم يفعلون الحقّ والباطل ((مجمع البيان، ج 7، ص 44)) .
عقيدتنا في القضاء والقدر
س19 : مامعنى القضاء والقدر ؟
الجواب : الجواب :يطلقان في القران ويراد منها الخلق والاتمام ومنه قوله تعالى ((فقضاهن سبع سماوات)) والقدر قد ياتي كذلك قال تعالى ((وقدر فيها أقواتها)) .
وقد ياتي القضاء بمعنى الحكم , قضى الله تعالى ان يكون الموت على كل انسان (كل نفس ذائقة الموت) (وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه) .
وقد ياتي القدر ويراد منه الحصة من الوجود كتقدير عمر الانسان كذا او طول زيد كذا او الرزق كذا فهو المقدار الكمي .
وعلى كل حال ان القضاء والقدر قد يكونان متلازمان من حيث المعنى وقد يفترقا وعلى غرار ذلك كان السؤال هل ان افعال العباد واقعة بقضاء الله وقدره ام لا بل الانسان هو الفاعل وله الكسب على ما ظنه الاشعري , ومنه يعلم لماذا اسمى الشيخ المظفر ره بالقضاء والقدر
تتميم ) قد تداول استعمال لفظ القدرية في علمي الملل والكلام , فاصحاب الحديث كامام الحنابلة ومتكلمي الاشاعرة يطلقونها ويريدون منها ((نفاة القدر ومنكريه))بينما يستعملها المعتزلة في مثبتي القدر... وكل من الطائفتين ينزجر من الوصمة بها ويفر منها ...[1]))
س20 : وقد أنكروا السببية الطبيعية بين الاشياء، إذ ظنّوا أنّ ذلك هو مقتضى كونه تعالى هو الخالق الذي لا شريك له. بين كلام المصنف ؟
الجواب : ليتضح هذا الامر جيدا لابد من التفرقة بين القضاء والقدر التكويني والشرعي والقضاء والقدر المرتبط بفعل الانسان خاصة .
الاول :التكويني, وهو المرتبط بالخلق والتكوين فكل شيء خلقه الله تعالى وهو امر محل وفاق
الثاني : الشرعي,وان جميع التكاليف الشرعية تابعة هي الاخرى الى قضاء الله وقدره وهو امر محل وفاق ايضا .
الثالث : القضاء والقدر المرتبط بفعل الانسان ,فالسؤال هل مايقوم به الانسان بجميع افعاله يكون هو الفاعل لهذه الاشياء اوان الله تعالى هو الفاعل ؟ زعمت الاشاعرة ان الفاعل هو الله تعالى وبما ان الانسان هو احد الاسباب الطبيعية بين الاشياء فقد انكروا الاشاعرة هذه العلاقة بين الانسان والسبب الطبيعي بصورة عامة ,وانما يقوم بها الانسان على سبيل المجاز كما لو قطعت السكين اللحم فانا ننسب الفعل الى السكين مجازا لو قلنا السكين قطعت اللحم وانما الفاعل الحقيقي هو يد الانسان ,فكذا تصور الاشعري ان الانسان فاعل مجازي والله تعالى هو فاعل جميع هذا الافعال . قال الشيخ المظفر ره : ذهب قوم ـ وهم المجبِّرة ـ إلى أنّه تعالى هو الفاعل لافعال المخلوقين، فيكون قد أجبر الناس على فعل المعاصي، وهو مع ذلك يعذِّبهم عليها، وأجبرهم على فعل الطاعات ومع ذلك يثيبهم عليها، لانهم يقولون: إنّ أفعالهم في الحقيقة أفعاله، وإنّما تنسب إليهم على سبيل التجوُّز، لانّهم محلها، ومرجع ذلك إلى إنكار السببية الطبيعية بين الاشياء، وأنه تعالى هو السبب الحقيقي لاسبب سواه ,وقد أنكروا السببية الطبيعية بين الاشياء .
س21 : ماذا يلزم على نظرية الاشعري ؟
الجواب :
اولا: انكار العدل ان افعال الانسان كما هو مشهود تتضمن الخير والشر ولا يستطيع نكران ذلك أي احد وعليه لو كان الله تعالى هو الفاعل لكل شيء لانخرم العدل اللهي .
ثانيا: انكار الحسن والقبح العقلي فان الله تعالى هو الفاعل والعقل لا استقلالية لديه للحكم على الاشياء انها حسنة او قبيحة لان فعل الله تعالى بحكم ما يقتضيه الشرع حينئذٍ لا العقل .
ثالثا: عدم قبح التكليف بما لا يطاق وهذا الاخر ايضا يجيء وفق انكار قاعدة الحسن والقبح على اعتبار لايحق للعقل ان يقول :هذا يجوز, ولا يجوز ذاك بل ان الله تعالى فاعل كل شيء (لايسال عما يفعل وهم يسالون) الاية .
س22 : وذهب قوم آخرون ـ وهم المفوِّضة ـ إلى أنّه تعالى فوَّض الافعال إلى المخلوقين، ورفع قدرته وقضاءه وتقديره عنها، باعتبار أنّ نسبة الافعال إليه تعالى تستلزم نسبة النقص إليه، وأنّ للموجودات أسبابها الخاصة، وإن انتهت كلُّها إلى مسبِّب الاسباب والسبب الاول، وهو الله تعالى . بين كلام المصنف ؟
الجواب : هذا هو المذهب الثاني الذي ينسب الى المدرسة الاعتزالية حيث كانت نظريتهم معاكسة لنظرية الاشاعرة ,قالوا ان الله تعالى فوض الافعال الى الانسان وهو مستقل بفعله , والامر الذي دعاهم الى هذا الزعم ,هو ان نسبة افعال الانسان الى الله تعالى يستلزم الظلم ,باعتبار ان افعال الانسان خير وشر ومن المحال ان يكون الله تعالى هو الفاعل ,ولازم هذا ان يكون الانسان مستقل عن الله تعالى في فعله فهم اخرجوا الله تعالى من سلطانه وقدرته , على عكس ما افرزته نظرية الاشعري حفاظا على ان يكون الله تعالى قادر على كل شيء نسبوا اليه الفعل .
والنتيجة :
أـ التزمت الاشاعرة ان الله تعالى خالق كل شيء حفاظا على قدرته ,لكن رموه بالظلم والجور !
ب ـ التزمت المفوضة ان الله رفع يده وسلطانه , باعتبار ان نسبة الافعال اليه مستلزمة النقص قال الشيخ المظفر ره : باعتبار أنّ نسبة الافعال إليه تعالى تستلزم نسبة النقص إليه، وأنّ للموجودات أسبابها الخاصة ... ومن يقول بهذه المقالة فقد أخرج الله تعالى من سلطانه، وأشرك غيره معه في الخلق.
س23 : اعتقادنا في ذلك تبع لما جاء عن أئمتنا الاطهار (عليهم السلام) من الامر بين الامرين، والطريق الوسط بين القولين بين كلام المصنف ره ؟
الجواب : هذه هي النظرية الثالثة في المقام حيث اعتقدت الامامية ايدهم الله تعالى تبعا لما جاء عن ائمتنا عليهم السلام من الامر بين الامرين حيث لاجبر ولا تفويض بل امر بين امرين ,وبيان ذلك :
عكست نظرية الاشاعرة لون من التفسير يرمي الى ان الله تعالى هو الفاعل الوحيد ,وحيث كانت نظرية المفوضة مغايرة تماما لهذا الاتجاه قالوا ان الفاعل حقيقة هو الانسان لا غير , بينما تنظر نظريتنا الموسومة بالامر بين الامرين الى انه لا جبر ولا تفويض بل الامر الوسط بين القولين وهو , ان الانسان يختار مايفعله والله تعالى هو الذي يفيض عليه القدرة الاقتدار على الافعال فان الانسان على هذه النظرية لا يكون مستقلا في فعله بل له ان يختار فقط لكن الفعل المترتب على ذلك الاختيار هو نوع افاضة من الله تعالى .
وهم ودفع: ربما يتوهم البعض ان هذه النظرية هي عبارة عن خليط من النظريتين السابقتين .
الجواب : بل على العكس ان النظرية الاشعرية تنفي الاختيار عن الانسان والنظرية الاعتزالية تنفي القدرة اللهية .
اما نظرية الامامية (الامر بين الامرين) هي نظرية اثباتية لكلا المعنيين القدرة والاختيار ومن المعروف ان الاثبات ينافي السلب فلا يختلط عليك الامر .
قال الشيخ المظفر ره : ما أجلَّ هذا المغزى وما أدقّ معناه، وخلاصته: إنّ أفعالنا من جهة هي أفعالنا حقيقة ونحن أسبابها الطبيعية وهي تحت قدرتنا واختيارنا، ومن جهة أخرى هي مقدورة لله تعالى وداخلة في سلطانه لانّه هو مفيض الوجود ومعطيه، فلم يجبرنا على أفعالنا حتى يكون قد ظلمنا في عقابنا على المعاصي لانّ لنا القدرة والاختيار فيما نفعل، ولم يفوِّض إلينا خلق أفعالنا حتى يكون قد أخرجها عن سلطانه، بل له الخلق والحكم والامر، وهو قادر على كل شيء ومحيط بالعباد.
[1] الملل والنحل للسبحاني ج1 ص154 ط الثالثة