:" مُقوّمَاتُ مَبدَأِ المُولاَةِ الصَادِقَةِ للإمَامِ الحُسَين , عَليه السَلامُ , وآليّاتُ الوصولِ إليه ," :
..نَودُّ التنبيهَ على مَبدأٍ مهمٍّ جِدّاً مِن المَبادئِ الأساسيةِ التي أكّدَ عليها الأئمةُ المعصومون , عليهم السلامُ , في زيارتهم للإمام الحُسَين ,عليه السلامُ , تركيزاً منهم على أغراضِ هذا المَبدأِ القرآني ودورِه في حِفظِ الإسلامِ والدفاعِ عنه
وترسيخِ الإيمانِ بالقُرآنِ الكريمِ,.
:.. إنَّ مبدأ المُولاةِ – التولي للهِ ولرسولِه وللأئمةِ المَعصومين , عليهم السلامُ , والتبري مِن أعدائهم مَنهجاً وسُلُوكَا ,
هو مَبدأٌ قرآني قويمٌ , قد رَكّزَ عليه المعصومون في زيارةِ عاشوراءِ , حثّاً منهم للمؤمن الحُسيني الصادقِ في مَحبته وتفجعه لإمامِه الحُسَين,بأنْ يواظبَ في كلّ يومٍ ,وفي كُلِّ الأحوالِ على زيارةِ سيّد الشُهداءِ , وليس أمرُ الزيارةِ مَقصوراً على يومِ عاشوراءِ فقط , أو في وقتٍ مخصوصٍ ما , بل المَطلوبُ والمَندوبُ هو التعاهدُ معها دوماً لما فيها
مِن المَضامين القيّمةِ والثوابِ العظيمِ .
وقد وردَ الحثُّ الأكيدُ من الإمامين , الباقر , والصادق , عليهما السلامُ , على ذلك ,
, قال علقمة : قال الباقرُ , عليه السلام , : (وإنْ استطعتَ أن تزورَه في كُلِِّ يومٍ بهذه الزيارةِ في دارِك فافعل فلك ثوابُ جميعِ ذلك ,)
: مَفاتيحُ الجِنان , الشيخ الثِقَة عبّاس القمي,669,.:
,و قال صفوان الجمّال : قال لي أبو عبد الله , الصادقُ , عليه السلامُ :
( يا صفوان ! إذا حدثَ لك إلى اللهِ حاجةً فَزرْ بهذه الزيارةِ مِن حيث كُنتَ ، وادعُ بهذا الدعاءِ و سَل ربّكَ حاجتك تأتك مِن الله ِ، واللهُ غير مُخلف وعده ورسوله ,صلى الله عليه وآله بمنه والحمدُ للهِ .)
: مِصباحُ المُتَهَجِدِ , الشيخُ الطوسي , ص 782,.:
وقد جاءَ هذا المَبدأ القويمُ , مَبدأ التولي والتبري بروايةٍ مُعتبرةٍ عن الإمام جعفر الصادق , عليه السلامُ , في زيارةِ
يوم عاشوراء ,( وأتقربُ إلى اللهِ ثم إليكم بموالاتكم ومُوالاةِ وليكم ، وبالبراءةِ مِن أعدائكم والناصبين لكم الحربِ , وبالبراءة من أشياعهم وأتباعهم إني سلم لمن سالمكم ,وحرب لمن حاربكم وولي لمن والاكم وعدو لمن عاداكم ، فأسألُ اللهَ الذي أكرمني بمعرفتكم ومعرفة أولياءَكم , ورزقني البراءة من أعداءكم أنْ يجعلني معكم في الدنيا والآخرة ، وأنْ يُثبّتَ لي عندكم قدمَ صدقٍ في الدنيا والآخرة)
: مِصباحُ المُتَهَجِدِ , الشيخُ الطوسي , ص 775,.:
.: هناك تلازمٌ عقائدي بين مبدأ المولاةِ والتبري , فلا يكفي الولاءِ وأنْ تحبَّ الإمامَ دون أنْ تتبرأ مِن أعدائه وتبغضهم قلباً وترفضهم منهجاً وسلوكا ,..:
, وأحياناً قد يحصلُ عند بعض المؤمنين هذا الانفكاكُ بين هذين الأمرين ,(الموالاة والبراءة) , وذلك لأنّ البراءةَ فيها تضحياتٌ كبيرةٌ , وقد لا يكون مُستعداً لها ,.
:. إنَّ معنى التولي الصادقَ هو أنْ لا تقفَ مع عدوِّ اللهِ ورسوله والمعصومين , ولا تتبعَ منهجَهم أو تتعاطفَ معهم ,
وقد بينَ القرآنُ الكريمُ هذا المَبدأ المَكينَ والقويمَ
في قوله تعالى: (( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (56))) المائدة,.
((لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22))), المُجادلة,.:
وفي الزيارةِ الجامعة ِوردَ هذا المعنى القيّمُ (بموالاتِكم علّمنا اللهُ معالمَ ديننا , وأصلحَ ما فَسدَ مِن دنيانا , وبموالاتِكم تُقبلُ الطاعةُ المفترضَةُ ,).
: أهمُّ مُقوّمَاتِ الولايةِ الصادقةِ :
______________________
:1: المَحبّةُ :2: الموقف : 3 : النصرةُ والدفاع : 4: إتّباعُ المنهجِ .
, فإنْ توفرتْ هذه المُقوماتٌ مُجتمعَةً تحققتْ الموالاةُ الصادقةُ عند المؤمنِ الحُسيني ,
وفي قبالِ هذه المقوماتِ توجدُ مُقوماتُ البراءةِ , وهي : 1: البغضُ , :2:خِذلانُ ,
:3: الوقوف بوجه الأعداءِ ومحاربتهم ,:4: رفضُ مناهجهم ,:.
.. وإنَّ لهذه المُقوماتِ آلياتٍ يتمكنُ معها الإنسانُ الموالي المؤمنُ من الوصولِ إلى مقامِ الولاية الصادقةِ , والتي جسّدها أصحابُ الإمامِ الحسين , عليه السلامُ , في يومِ عاشوراء ,فعلاً وتطبيقاً , ومن هذه الآلياتِ ما يلي :
:1: قوّةُ الانتماءِ والإيمانِ. :2: صدقُ الانتماءِ والتعبيرُ عنه بالسلوكِ العملي ,.
:3: نبوعُ المَحبةِ للأئمةِ المعصومين , عليهم السلامُ , من أعماق القلبِ وبإخلاصٍ ,.
لأنَّ الحبَّ الحقيقي هو أنْ تحبَّ اللهَ تعالى خالصاً وتقدّمُ أوليائه على غيرهم ولو كانوا مِن الأهلين والأبناءِ والعشيرةِ , قال تعالى:
(( قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24))) التوبة,.
:... إنَّ سبيلَ الوصولِ إلى مَقامِ الولايةِ الصادقةِ يتطلبُ معرفةَ مقامِ الإمامِ , عليه السلامُ , ودورَه في حياتنا العقائدية والشرعية ومنزلته العظيمةِ عند اللهِ تعالى, وأما الموقفُ الصادقُ فهو الآخرُ يستدعي الدفاعَ عن الإمامِ المعصومِ ونصرته وتطبيق مبادئه الصالحة.
, ومن هنا ينبغي تحويلُ المَوقفِ والمُولاةِ إلى فِعْلٍ وتطبيقِ عملي حتى ولو كلّفنا التضحيةَ بالنفسِ وبما نَملكُ ,.
:4: وفي إتباعِ المنهجِ والذي هو آليةٌ صالحةٌ ومُوصِلةٌ للمطلوبِ يُؤكّدُ الأئمةُ المعصومون , عليهم السلامُ , على ضرورةِ التولي بالمَوقفِ العملي ,والذي يكشفُ عن التشيع الحقيقي والصادقِ للمعصومين , وقد وردَتْ في وصية الإمامِ محمد الباقرِ , عليه السلامُ , لجابر الجعفي ,مَضامينُ هذا المعنى الحقِّ للتشيعِ الصادقِ والولاءِ الحقيقي.
( يا جابرُ أيكتفي مَن انتحلَ التشيعَ , أنْ يقولَ بحبنا أهلّ البيتِ ؟ فو اللهِ ما شيعتنا إلاّ مَنْ اتقى اللهَ و أطاعه ، وما كانوا يُعرفون يا جابرُ إلاّ بالتواضعِ والتخشعِ والأمانةِ وكثرةِ ذكرِ اللهِ ، والصومِ والصلاةِ ، والبرِ بالوالدين ، والتعهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة إلى أنْ قالَ : ( مَن كان للهِ مُطيعا ، فهو لنا ولي ، ومن كانَ للهِ عاصيا ،فهو لنا عدو )
: عوائدُ الأيامِ ,المحقق النراقي,229.
وهنا يضعُ الإمامُ الباقرُ , عليه السلامُ ,أسسَ التشيعِ القويمِ والصادقِ والحقيقي ,
(قال جَابرُ : فقلتُ : يا ابن رسولِ اللهِ , ما نعرفُ اليومَ أحداً بهذه الصفةِ ، فقال :
يا جابرُ لا تذهبن بك المذاهبُ , حسب الرجلُ أنْ يقول : أحبُّ علياً وأتولاه ثم لا يكون مع ذلك فَعَالاً ؟ فلو قال : إني أحبُّ رسولَ الله فرسول الله , صلى الله عليه وآله ,
خيرُ مِنْ علي , عليه السلام , ثم لا يتبع سيرته ,ولا يعمل بسنته , ما نفعه حبه إياه شيئا ، فاتقوا اللهَ واعملوا لما عند الله ،ليس بين الله وبين أحد قرابة ، أحب العباد إلى الله عز وجل , وأكرمهم عليه , أتقاهم وأعملهم بطاعته ، يا جابرُ واللهِ ما يُتقربُ إلى اللهِ تبارك وتعالى إلاّ بالطاعةِ , وما معنا براءةٌ من النارِ , ولا على اللهِ لأحدٍ مِنْ حجة ، مَن كان لله مطيعا فهو لنا ولي ومن كان لله عاصيا فهو لنا عدو ، وما تُنالُ ولايتنا إلاّ بالعملِ والورعِ )
: الكافي , الكليني ,ج2,ص75.
وعن الإمام جعفرِ الصَادقِ , عليه السلامُ , أنّه قال: ليس من شيعتنا مَن وافقنا بلسانه وخالفنا في أعمالِنا وآثارنِا )
: أهل البيت في الكتابِ والسنة , محمد الريشهري, ص537,.:
(وعن أبي إسماعيل قال : قُلتُ لأبي جعفر , الباقرِ , عليه السلام : جٌعلتُ فداك إنَّ الشيعةَ عندنا كثير فقال : هل يعطفُ الغني على الفقيرِ ؟ وهل يتجاوزُ المُحسنُ عن المُسيء ؟
و يتواسون ؟ فقلتْ : لا ، فقال : ليس هؤلاءِ شيعةً ، الشيعةُ مَن يفعلُ هذا .)
: الكافي , الكليني ,ج2,ص 172.
: كم مِن الساعاتِ نقضيها في أمورٍ تافهةٍ لا قيمةَ لها لا في الدنيا ولا في الآخرةِ ,
ولا نزورَ الإمامَ الحُسَينَ , عليه السلامُ , بزيارةِ عاشوراء في كلّ يومٍ ؟
_________________________________________________
::مَضمونُ خطبةِ الجُمعَةِ الأولى ,والتي ألقاهَا سَماحةُ الشيخ عبد المَهدي الكَربلائي
دَامَ عِزّه, الوكيل الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ الشَريفةِ في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس ,
اليومَ , الخامس عشر مِن مُحرّمِ الحَرَامِ ,1439 هجري, السادس من تشرين الأول ,2017 م.::
________________________________________________
- تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ –
:: كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تعالى , رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَ ::
_______________________________________________
..نَودُّ التنبيهَ على مَبدأٍ مهمٍّ جِدّاً مِن المَبادئِ الأساسيةِ التي أكّدَ عليها الأئمةُ المعصومون , عليهم السلامُ , في زيارتهم للإمام الحُسَين ,عليه السلامُ , تركيزاً منهم على أغراضِ هذا المَبدأِ القرآني ودورِه في حِفظِ الإسلامِ والدفاعِ عنه
وترسيخِ الإيمانِ بالقُرآنِ الكريمِ,.
:.. إنَّ مبدأ المُولاةِ – التولي للهِ ولرسولِه وللأئمةِ المَعصومين , عليهم السلامُ , والتبري مِن أعدائهم مَنهجاً وسُلُوكَا ,
هو مَبدأٌ قرآني قويمٌ , قد رَكّزَ عليه المعصومون في زيارةِ عاشوراءِ , حثّاً منهم للمؤمن الحُسيني الصادقِ في مَحبته وتفجعه لإمامِه الحُسَين,بأنْ يواظبَ في كلّ يومٍ ,وفي كُلِّ الأحوالِ على زيارةِ سيّد الشُهداءِ , وليس أمرُ الزيارةِ مَقصوراً على يومِ عاشوراءِ فقط , أو في وقتٍ مخصوصٍ ما , بل المَطلوبُ والمَندوبُ هو التعاهدُ معها دوماً لما فيها
مِن المَضامين القيّمةِ والثوابِ العظيمِ .
وقد وردَ الحثُّ الأكيدُ من الإمامين , الباقر , والصادق , عليهما السلامُ , على ذلك ,
, قال علقمة : قال الباقرُ , عليه السلام , : (وإنْ استطعتَ أن تزورَه في كُلِِّ يومٍ بهذه الزيارةِ في دارِك فافعل فلك ثوابُ جميعِ ذلك ,)
: مَفاتيحُ الجِنان , الشيخ الثِقَة عبّاس القمي,669,.:
,و قال صفوان الجمّال : قال لي أبو عبد الله , الصادقُ , عليه السلامُ :
( يا صفوان ! إذا حدثَ لك إلى اللهِ حاجةً فَزرْ بهذه الزيارةِ مِن حيث كُنتَ ، وادعُ بهذا الدعاءِ و سَل ربّكَ حاجتك تأتك مِن الله ِ، واللهُ غير مُخلف وعده ورسوله ,صلى الله عليه وآله بمنه والحمدُ للهِ .)
: مِصباحُ المُتَهَجِدِ , الشيخُ الطوسي , ص 782,.:
وقد جاءَ هذا المَبدأ القويمُ , مَبدأ التولي والتبري بروايةٍ مُعتبرةٍ عن الإمام جعفر الصادق , عليه السلامُ , في زيارةِ
يوم عاشوراء ,( وأتقربُ إلى اللهِ ثم إليكم بموالاتكم ومُوالاةِ وليكم ، وبالبراءةِ مِن أعدائكم والناصبين لكم الحربِ , وبالبراءة من أشياعهم وأتباعهم إني سلم لمن سالمكم ,وحرب لمن حاربكم وولي لمن والاكم وعدو لمن عاداكم ، فأسألُ اللهَ الذي أكرمني بمعرفتكم ومعرفة أولياءَكم , ورزقني البراءة من أعداءكم أنْ يجعلني معكم في الدنيا والآخرة ، وأنْ يُثبّتَ لي عندكم قدمَ صدقٍ في الدنيا والآخرة)
: مِصباحُ المُتَهَجِدِ , الشيخُ الطوسي , ص 775,.:
.: هناك تلازمٌ عقائدي بين مبدأ المولاةِ والتبري , فلا يكفي الولاءِ وأنْ تحبَّ الإمامَ دون أنْ تتبرأ مِن أعدائه وتبغضهم قلباً وترفضهم منهجاً وسلوكا ,..:
, وأحياناً قد يحصلُ عند بعض المؤمنين هذا الانفكاكُ بين هذين الأمرين ,(الموالاة والبراءة) , وذلك لأنّ البراءةَ فيها تضحياتٌ كبيرةٌ , وقد لا يكون مُستعداً لها ,.
:. إنَّ معنى التولي الصادقَ هو أنْ لا تقفَ مع عدوِّ اللهِ ورسوله والمعصومين , ولا تتبعَ منهجَهم أو تتعاطفَ معهم ,
وقد بينَ القرآنُ الكريمُ هذا المَبدأ المَكينَ والقويمَ
في قوله تعالى: (( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (56))) المائدة,.
((لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22))), المُجادلة,.:
وفي الزيارةِ الجامعة ِوردَ هذا المعنى القيّمُ (بموالاتِكم علّمنا اللهُ معالمَ ديننا , وأصلحَ ما فَسدَ مِن دنيانا , وبموالاتِكم تُقبلُ الطاعةُ المفترضَةُ ,).
: أهمُّ مُقوّمَاتِ الولايةِ الصادقةِ :
______________________
:1: المَحبّةُ :2: الموقف : 3 : النصرةُ والدفاع : 4: إتّباعُ المنهجِ .
, فإنْ توفرتْ هذه المُقوماتٌ مُجتمعَةً تحققتْ الموالاةُ الصادقةُ عند المؤمنِ الحُسيني ,
وفي قبالِ هذه المقوماتِ توجدُ مُقوماتُ البراءةِ , وهي : 1: البغضُ , :2:خِذلانُ ,
:3: الوقوف بوجه الأعداءِ ومحاربتهم ,:4: رفضُ مناهجهم ,:.
.. وإنَّ لهذه المُقوماتِ آلياتٍ يتمكنُ معها الإنسانُ الموالي المؤمنُ من الوصولِ إلى مقامِ الولاية الصادقةِ , والتي جسّدها أصحابُ الإمامِ الحسين , عليه السلامُ , في يومِ عاشوراء ,فعلاً وتطبيقاً , ومن هذه الآلياتِ ما يلي :
:1: قوّةُ الانتماءِ والإيمانِ. :2: صدقُ الانتماءِ والتعبيرُ عنه بالسلوكِ العملي ,.
:3: نبوعُ المَحبةِ للأئمةِ المعصومين , عليهم السلامُ , من أعماق القلبِ وبإخلاصٍ ,.
لأنَّ الحبَّ الحقيقي هو أنْ تحبَّ اللهَ تعالى خالصاً وتقدّمُ أوليائه على غيرهم ولو كانوا مِن الأهلين والأبناءِ والعشيرةِ , قال تعالى:
(( قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24))) التوبة,.
:... إنَّ سبيلَ الوصولِ إلى مَقامِ الولايةِ الصادقةِ يتطلبُ معرفةَ مقامِ الإمامِ , عليه السلامُ , ودورَه في حياتنا العقائدية والشرعية ومنزلته العظيمةِ عند اللهِ تعالى, وأما الموقفُ الصادقُ فهو الآخرُ يستدعي الدفاعَ عن الإمامِ المعصومِ ونصرته وتطبيق مبادئه الصالحة.
, ومن هنا ينبغي تحويلُ المَوقفِ والمُولاةِ إلى فِعْلٍ وتطبيقِ عملي حتى ولو كلّفنا التضحيةَ بالنفسِ وبما نَملكُ ,.
:4: وفي إتباعِ المنهجِ والذي هو آليةٌ صالحةٌ ومُوصِلةٌ للمطلوبِ يُؤكّدُ الأئمةُ المعصومون , عليهم السلامُ , على ضرورةِ التولي بالمَوقفِ العملي ,والذي يكشفُ عن التشيع الحقيقي والصادقِ للمعصومين , وقد وردَتْ في وصية الإمامِ محمد الباقرِ , عليه السلامُ , لجابر الجعفي ,مَضامينُ هذا المعنى الحقِّ للتشيعِ الصادقِ والولاءِ الحقيقي.
( يا جابرُ أيكتفي مَن انتحلَ التشيعَ , أنْ يقولَ بحبنا أهلّ البيتِ ؟ فو اللهِ ما شيعتنا إلاّ مَنْ اتقى اللهَ و أطاعه ، وما كانوا يُعرفون يا جابرُ إلاّ بالتواضعِ والتخشعِ والأمانةِ وكثرةِ ذكرِ اللهِ ، والصومِ والصلاةِ ، والبرِ بالوالدين ، والتعهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة إلى أنْ قالَ : ( مَن كان للهِ مُطيعا ، فهو لنا ولي ، ومن كانَ للهِ عاصيا ،فهو لنا عدو )
: عوائدُ الأيامِ ,المحقق النراقي,229.
وهنا يضعُ الإمامُ الباقرُ , عليه السلامُ ,أسسَ التشيعِ القويمِ والصادقِ والحقيقي ,
(قال جَابرُ : فقلتُ : يا ابن رسولِ اللهِ , ما نعرفُ اليومَ أحداً بهذه الصفةِ ، فقال :
يا جابرُ لا تذهبن بك المذاهبُ , حسب الرجلُ أنْ يقول : أحبُّ علياً وأتولاه ثم لا يكون مع ذلك فَعَالاً ؟ فلو قال : إني أحبُّ رسولَ الله فرسول الله , صلى الله عليه وآله ,
خيرُ مِنْ علي , عليه السلام , ثم لا يتبع سيرته ,ولا يعمل بسنته , ما نفعه حبه إياه شيئا ، فاتقوا اللهَ واعملوا لما عند الله ،ليس بين الله وبين أحد قرابة ، أحب العباد إلى الله عز وجل , وأكرمهم عليه , أتقاهم وأعملهم بطاعته ، يا جابرُ واللهِ ما يُتقربُ إلى اللهِ تبارك وتعالى إلاّ بالطاعةِ , وما معنا براءةٌ من النارِ , ولا على اللهِ لأحدٍ مِنْ حجة ، مَن كان لله مطيعا فهو لنا ولي ومن كان لله عاصيا فهو لنا عدو ، وما تُنالُ ولايتنا إلاّ بالعملِ والورعِ )
: الكافي , الكليني ,ج2,ص75.
وعن الإمام جعفرِ الصَادقِ , عليه السلامُ , أنّه قال: ليس من شيعتنا مَن وافقنا بلسانه وخالفنا في أعمالِنا وآثارنِا )
: أهل البيت في الكتابِ والسنة , محمد الريشهري, ص537,.:
(وعن أبي إسماعيل قال : قُلتُ لأبي جعفر , الباقرِ , عليه السلام : جٌعلتُ فداك إنَّ الشيعةَ عندنا كثير فقال : هل يعطفُ الغني على الفقيرِ ؟ وهل يتجاوزُ المُحسنُ عن المُسيء ؟
و يتواسون ؟ فقلتْ : لا ، فقال : ليس هؤلاءِ شيعةً ، الشيعةُ مَن يفعلُ هذا .)
: الكافي , الكليني ,ج2,ص 172.
: كم مِن الساعاتِ نقضيها في أمورٍ تافهةٍ لا قيمةَ لها لا في الدنيا ولا في الآخرةِ ,
ولا نزورَ الإمامَ الحُسَينَ , عليه السلامُ , بزيارةِ عاشوراء في كلّ يومٍ ؟
_________________________________________________
::مَضمونُ خطبةِ الجُمعَةِ الأولى ,والتي ألقاهَا سَماحةُ الشيخ عبد المَهدي الكَربلائي
دَامَ عِزّه, الوكيل الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ الشَريفةِ في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس ,
اليومَ , الخامس عشر مِن مُحرّمِ الحَرَامِ ,1439 هجري, السادس من تشرين الأول ,2017 م.::
________________________________________________
- تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ –
:: كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تعالى , رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَ ::
_______________________________________________
تعليق