" الإمامُ عليُّ بن الحُسَين ,عليه السلامُ , هو الشَاهدُ المَعصومُ الحَقُّ على واقعةِ الطّفِ الأليمةِ , والصحيفةُ السجّاديّةُ هي نِتَاجٌ كربلائيٌّ قيّمٌ وهادفٌ ,"
:..يُعتبرُ الإمامُ عليُّ السَجّادُ , عليه السلامُ , مِن الأئمةِ المعصومين , الذين شهدوا واقعةَ الطّفِ الأليمةِ , وقد مَدّ اللهُ تعالى بعمره بعد الواقعةِ ليكون شاهداً على جميعِ ما مرّ على أبيه سيّدِ الشُهداءِ , عليه السلامُ , وأهل بيته وأصحابه , وقد تولّى , عليه السلامُ , الأمرَ بعد أبيه , ومرَّ عليه ما مرّ على العائلةِ الشريفةِ مِن السَبي والتنقلِ مِن مَكانٍ إلى مَكان...:
:.. وقد أمرَ العائلةَ بأنْ تفرَّ بالبيداءِ حفاظاً عليها لأنّها أصبحتْ بلا مأوى , وأُسِرَ إلى الكوفةِ بمقتضى وضعِ السَبي , وانبرى فيها ليتكلّمَ بالحَقّ ويُبينُ أحقيّةَ أهل البيتِ, عليهم السلامُ , أمامَ طاغيةِ الوقتِ , وما مرَّ عليهم من ظلم كبيرٍ , ومن ثمَّ سُبيَّ إلى الشام , وحَضرَ في مَجلسِ الطاغيةِ يزيد اللعين ,وخطبَ خطبته الشهيرةَ هناك , ومن بعدها رجعَ إلى المدينةِ , هذا على وجه الاختصارِ للمَطلبِ ,:
:.. وقد سأله سائلٌ مَن المُنتَصِرُ فأجابه الإمامُ زينُ العابدين , عليه السلامُ , بجوابٍ مُختصرٍ وبليغٍ , وفيه استشرافٌ للمستقبلِ , ما فحواه , إذا سمعتَ المؤذنَ يُؤذّنُ فستعرف مَن المُنتَصِرُ , بمعنى أنَّ معايير الانتصار الحقّ إنما تكون ببقاءِ القيّم ووجودها , ومنها الأذانُ , في وقتٍ لا يهتمُ طاغية الوقتِ به , بل جلّ اهتمامه بدنيا زائلةٍ ...:
:.. وعندما تعاملَ الإمامُ علي السجادُ , عليه السلامُ ,مع ما مرّ عليه في واقعة الطف , أشخصَ نفسه بوصفه شاهداً وعنصراً مُقوّمَاً فيها , وابتدأ دوره الحقيقي بعد استشهادِ أبيه سيد الشهداء , الإمام الحُسين ,عليه السلامُ , بدايةً في الاتساعِ الفكري والأخلاقي والمعرفي , والذي صاغه من خلالِ متونِ أدعيته الشريفة وممارساته الخاصة وتواصله مع الآخرين ,..::
:.. وإنّما نُكررُ هذا الحديثَ عن نتاجِ الإمام السجادِ وأهمه ما تركه من صحيفةٍ مباركةٍ لغرضٍ عظيمٍ , ونحن مسؤولون عنها , فضلاً عن الحفاظِ عليه دراسةً وتنظيراً وسلوكا..:
:.. لذا ينبغي التعاملُ معها ومع ما جاء فيها بشكل واقعي وعملي لأنَّ الارتباطَ بالإمامِ زين العابدين ,هو ارتباطٌ بالإمام الحُسين , عليه السلامُ , فإذاً تكون الصحيفةُ السجاديةُ هي أحدَ نتاجِ كربلاءِ المُقدسةِ ,..:
:.. إنَّ أعداءَ الإمامِ الحُسينِ , قد رفعوا بوجهه شعارَ (احرقوا بيوت الظالمين ) وقد رفعه قادةُ الجيش الأموي ,
وهذا الشعارُ لم يستهدف الإمامَ الحُسينَ لوحده, بل كان يستهدفُ الإمامَ السجادَ , أيضاً , ولكن اللهَ قد حفظه , لا أنّهم قد رأفوا به لمرضه كما يُزعَمُ , والدليلُ هو استمرارُ هذا الشعارِ إلى ما بعد الواقعةِ , حتى قالَ أحدُهم في الكوفة :
( مَنْ أنتَ ؟ فقال : أنا عَليُّ بن الحُسَين , فقال : أليسَ قَد قَتَلَ اللهُ عَليَّ بن الحُسَين ؟ فقال له عليُّ, عليه السَلامُ :
قَد كان لي أخ يٍُسمى عَليّا, قَتَله الناسُ, فقال له ابن زياد : بل اللهُ قَتَله , فقال عليُّ بن الحُسَين, عليه السلام , (( اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ))(42), الزمر ))
: الإرشادُ , المُفيدُ ,ج2 ,ص116,ط2,بيروت ,1414ه.:
:.. وكانَ هدفُ العدو هو قتلَ أهل البيتِ العلوي , والقضاءَ عليهم , وفعلاً قد حاول الطاغية ابن زيادٍ العملَ على قتلِ الإمام السجادِ , ولكنه لم يقدر , إذ انبرتْ له السيّدةُ زينبٌ , عليها السلامُ , ودافعتْ عن الإمامِ المعصوم, وقالته له
( إنْ قتلته اقتلني معه),وهنا تظهرُ إرادةُ اللهِ تعالى بضرورةِ حفظِ الإمامِ المعصومِ الشاهدِ الحقِّ والمُكمّلِ للنهضةِ الحُسينية الشريفةِ ,..::
:..ومع كلّ الظروفِ التي مرّ بها الإمام زين العابدين , ومراقبةِ الأعداءِ له في حركاته وسكناته ,ومع أنه كان مستهدفاً في يوم عاشوراء , ولكنه قد تمكّنَ فعلاً من التصدي الكبير وممارسة دوره الإصلاحي والتغييري من خلالِ صياغته لأدعية مخصوصةٍ تتناولِ العقيدةِ التوحيدية الحقة والتعريفِ بمقام النبوة المحمديةِ الشريفةِ وأحقية أهل البيت المعصومين , فضلاً عن معالجاتِ القضايا الاجتماعية والأخلاقية للأفرادِ والأمةِ..:
::... إنَّ واحدةً من الظواهرِ التي شاهدها الإمامُ السجادُ هي ظاهرةُ احتفالِ أهل الشامِ بسبي أهل بيته ,وبعنوان ديني
لا غير ,وهذا مؤشرٌ خطيرٌ يحكي عن عدمِ تأهلِ عامةِ الناسِ آنذاك لِفَهم ما جَرى في واقعةِ الطّفِ ,..:
:.. وثمةَ استفهامٍ كبيرٍ يفرضُ نفسه بالسؤالِ عن سببِ خذلانِ الأمة للإمام المعصوم , الحُسَين , عليه السلامُ ,
وأين البقيةُ الباقيةُ منها ؟ وأين بقيةُ الناسِ عن إمامهم ؟
وماذا كانوا يعتقدون به ,ولماذا تخاذلوا؟ ونحن اليوم وبعد واقعةِ الطّفِ نرى أضعافاً مُضاعفةٍ من الذين يتعاملون مع الإمام الحُسين , عليه السلامُ , سيد الشهداءِ , سواءٌ بزيارته أو بإحياء ذكراه , أو غير ذلك ,...
.. إنَّ معطياتِ المرحلةِ آنذاك تشيرُ وبوضوحٍ إلى الخذلانِ والهزيمة التي حلّت بالأمةِ في موقفها من الإمامِ الحُسين ,
حتى أنَّ بعضهم كان ينصحه ويُحاولُ ثنيه عما يسيرُ إليه..
:..إنَّ الأمةَ التي لا تتوقفُ في فهم مُجرياتِ الحدثِ وكيفيّة التعاملِ معه , سيكونُ ذلك عليها وبالاً ,..
:..وعندما نُدققُ في أسبابِ الخذلانِ نرى أنَّ الأمةَ قد وقعتْ في فخِّ الإعلامِ المُضللِ , وقد تركتْ الإمامَ المعصومَ
مكشوفَ الظهرِ , بلا ناصرٍ ولا مُعين..:
:..لقد كانَ الإمامُ السجادُ رُكناً ركيناً في النهضة الحسينية الشريفةِ , وكانَ في كلّ مجلسٍ يواجه الحوادثَ السياسية َوالاجتماعيةَ ويتحدّثُ ليرفعَ التضليلَ فيها ..:
:.. بحيث أشكلَ بعضُ الناس في الشامِ عندما أرادَ الإمامُ السجادُ أنْ يصعدَ الأعوادَ – المنبر – بأّنه وما قدر أن يحسن هذا , وهنا تتجلى فداحةِ التضليل بالإعلامِ والدعاية ضد أهل البيت المعصومين ومقامهم وحقهم ,.
::... لذا ما كان من الطاغية يزيد اللعين إلاّ أن يرضخَ للإمام السجادِ ويَسمَحَ له بالتحدّثِ على الأعوادِ , وهو كان يعرفُ جيداً قدرَه وقدرَ أبيه الإمامِ الحُسين , عليه السلامُ , حتى خشيَ فضيحةَ نفسه وفضيحةَ آل أبي سفيان ,
وقد تمكن الإمامُ من التعريف بنفسه ,بمقامِ أهل بيته المعصومين , ومظلوميتهم .
:..إنَّ من أبرزَ ما قامَ به الإمامُ زين العابدين , علي بن الحُسين , هو مواجهةَ المفاهيمِ المَقلوبةِ وتغييرها بوجهةِ الحقِّ وخاصة عند عامة الناس المُغرّرِ بهم ,.
:..فبدأ بتصحيحِ اعتقاداتِ عامةِ الناس في التوحيدِ وعلاقتهم بالنبي الأكرمِ , ومعارفهم والأخلاقِ ,والأحكامِ , لذا برزتْ الصحيفةُ السجاديةُ كنتاجٍ عظيم في الفكرِ والمعرفةِ أفرزته أحداثُ كربلاءِ بحكمِ ما مرّ به الإمامُ السجادُ من ظروفِ خاصةِ....:
:: إنَّ الذي يظهرُ من الخذلانِ هو أنَّ الأمةَ قد خذلتْ نفسها قبل أنْ تخذلَ إمامها سيّد الشهداءِ ,وعندما تتخاذلُ الأمةُ فإنّها لا تستطيع الدفاعِ عن نفسها..::
:.. إنَّ الإمامَ الحُسين , وكذا الإمامُ السجادُ قد أعادَا للأمةِ يقظتها فيما بعد , ونحن نرى اليوم ذلكَ جليّا عند المُجَاهِدين الأبطالِ , الذينَ وقفوا بقوةٍ وبشرفٍ واقعاً , وقد تربوا عند سيّد الشهداء , وقد وطّنوا أنفسهم على المواجهةِ , وقد طلّقوا الدنيا , وأغلبهم من الفقراءِ ,ولم يمنعهم فَقرُهم مِن النِصرَةِ , وقد أعطوا أقدامهم وأياديهم وعيونهم ويعتبرون ذلك تشبهً بسيدنا العباسِ وما جرى على الأصحابِ , وفداءً للهِ وللدين والمُقدّسَاتِ ..:
:.. وعندما نربطُ أحداثَ اليوم بأحداثِ سيّدِ الشُهداء ِلا يُكن هذا عفويا , بل هو أمرٌ واقعي وعظيم وليس عادياً ,
والدليل هو أنَّ العالمَ اليومَ كلّه ينادي يا حُسين ,وسيحضرُ مِن قريب عنده في زيارةِ الأربعين وبأعدادٍ هائلةٍ ..::
_________________________________________________
::مَضمونُ خطبةِ الجُمعَةِ الأولى ,والتي ألقاهَا سَماحةُ السيّد أحمد الصافي دَامَ عِزّه, الوكيل الشرعي
للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ الشَريفةِ في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس,اليومَ الثاني والعشرون مِن مُحرّمِ الحَرَامِ ,1439 هجري,
الثالث عشَر من تشرين الأول ,2017 م.::
________________________________________________
- تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ –
:: كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تعالى , رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَ ::
_______________________________________________
:..يُعتبرُ الإمامُ عليُّ السَجّادُ , عليه السلامُ , مِن الأئمةِ المعصومين , الذين شهدوا واقعةَ الطّفِ الأليمةِ , وقد مَدّ اللهُ تعالى بعمره بعد الواقعةِ ليكون شاهداً على جميعِ ما مرّ على أبيه سيّدِ الشُهداءِ , عليه السلامُ , وأهل بيته وأصحابه , وقد تولّى , عليه السلامُ , الأمرَ بعد أبيه , ومرَّ عليه ما مرّ على العائلةِ الشريفةِ مِن السَبي والتنقلِ مِن مَكانٍ إلى مَكان...:
:.. وقد أمرَ العائلةَ بأنْ تفرَّ بالبيداءِ حفاظاً عليها لأنّها أصبحتْ بلا مأوى , وأُسِرَ إلى الكوفةِ بمقتضى وضعِ السَبي , وانبرى فيها ليتكلّمَ بالحَقّ ويُبينُ أحقيّةَ أهل البيتِ, عليهم السلامُ , أمامَ طاغيةِ الوقتِ , وما مرَّ عليهم من ظلم كبيرٍ , ومن ثمَّ سُبيَّ إلى الشام , وحَضرَ في مَجلسِ الطاغيةِ يزيد اللعين ,وخطبَ خطبته الشهيرةَ هناك , ومن بعدها رجعَ إلى المدينةِ , هذا على وجه الاختصارِ للمَطلبِ ,:
:.. وقد سأله سائلٌ مَن المُنتَصِرُ فأجابه الإمامُ زينُ العابدين , عليه السلامُ , بجوابٍ مُختصرٍ وبليغٍ , وفيه استشرافٌ للمستقبلِ , ما فحواه , إذا سمعتَ المؤذنَ يُؤذّنُ فستعرف مَن المُنتَصِرُ , بمعنى أنَّ معايير الانتصار الحقّ إنما تكون ببقاءِ القيّم ووجودها , ومنها الأذانُ , في وقتٍ لا يهتمُ طاغية الوقتِ به , بل جلّ اهتمامه بدنيا زائلةٍ ...:
:.. وعندما تعاملَ الإمامُ علي السجادُ , عليه السلامُ ,مع ما مرّ عليه في واقعة الطف , أشخصَ نفسه بوصفه شاهداً وعنصراً مُقوّمَاً فيها , وابتدأ دوره الحقيقي بعد استشهادِ أبيه سيد الشهداء , الإمام الحُسين ,عليه السلامُ , بدايةً في الاتساعِ الفكري والأخلاقي والمعرفي , والذي صاغه من خلالِ متونِ أدعيته الشريفة وممارساته الخاصة وتواصله مع الآخرين ,..::
:.. وإنّما نُكررُ هذا الحديثَ عن نتاجِ الإمام السجادِ وأهمه ما تركه من صحيفةٍ مباركةٍ لغرضٍ عظيمٍ , ونحن مسؤولون عنها , فضلاً عن الحفاظِ عليه دراسةً وتنظيراً وسلوكا..:
:.. لذا ينبغي التعاملُ معها ومع ما جاء فيها بشكل واقعي وعملي لأنَّ الارتباطَ بالإمامِ زين العابدين ,هو ارتباطٌ بالإمام الحُسين , عليه السلامُ , فإذاً تكون الصحيفةُ السجاديةُ هي أحدَ نتاجِ كربلاءِ المُقدسةِ ,..:
:.. إنَّ أعداءَ الإمامِ الحُسينِ , قد رفعوا بوجهه شعارَ (احرقوا بيوت الظالمين ) وقد رفعه قادةُ الجيش الأموي ,
وهذا الشعارُ لم يستهدف الإمامَ الحُسينَ لوحده, بل كان يستهدفُ الإمامَ السجادَ , أيضاً , ولكن اللهَ قد حفظه , لا أنّهم قد رأفوا به لمرضه كما يُزعَمُ , والدليلُ هو استمرارُ هذا الشعارِ إلى ما بعد الواقعةِ , حتى قالَ أحدُهم في الكوفة :
( مَنْ أنتَ ؟ فقال : أنا عَليُّ بن الحُسَين , فقال : أليسَ قَد قَتَلَ اللهُ عَليَّ بن الحُسَين ؟ فقال له عليُّ, عليه السَلامُ :
قَد كان لي أخ يٍُسمى عَليّا, قَتَله الناسُ, فقال له ابن زياد : بل اللهُ قَتَله , فقال عليُّ بن الحُسَين, عليه السلام , (( اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ))(42), الزمر ))
: الإرشادُ , المُفيدُ ,ج2 ,ص116,ط2,بيروت ,1414ه.:
:.. وكانَ هدفُ العدو هو قتلَ أهل البيتِ العلوي , والقضاءَ عليهم , وفعلاً قد حاول الطاغية ابن زيادٍ العملَ على قتلِ الإمام السجادِ , ولكنه لم يقدر , إذ انبرتْ له السيّدةُ زينبٌ , عليها السلامُ , ودافعتْ عن الإمامِ المعصوم, وقالته له
( إنْ قتلته اقتلني معه),وهنا تظهرُ إرادةُ اللهِ تعالى بضرورةِ حفظِ الإمامِ المعصومِ الشاهدِ الحقِّ والمُكمّلِ للنهضةِ الحُسينية الشريفةِ ,..::
:..ومع كلّ الظروفِ التي مرّ بها الإمام زين العابدين , ومراقبةِ الأعداءِ له في حركاته وسكناته ,ومع أنه كان مستهدفاً في يوم عاشوراء , ولكنه قد تمكّنَ فعلاً من التصدي الكبير وممارسة دوره الإصلاحي والتغييري من خلالِ صياغته لأدعية مخصوصةٍ تتناولِ العقيدةِ التوحيدية الحقة والتعريفِ بمقام النبوة المحمديةِ الشريفةِ وأحقية أهل البيت المعصومين , فضلاً عن معالجاتِ القضايا الاجتماعية والأخلاقية للأفرادِ والأمةِ..:
::... إنَّ واحدةً من الظواهرِ التي شاهدها الإمامُ السجادُ هي ظاهرةُ احتفالِ أهل الشامِ بسبي أهل بيته ,وبعنوان ديني
لا غير ,وهذا مؤشرٌ خطيرٌ يحكي عن عدمِ تأهلِ عامةِ الناسِ آنذاك لِفَهم ما جَرى في واقعةِ الطّفِ ,..:
:.. وثمةَ استفهامٍ كبيرٍ يفرضُ نفسه بالسؤالِ عن سببِ خذلانِ الأمة للإمام المعصوم , الحُسَين , عليه السلامُ ,
وأين البقيةُ الباقيةُ منها ؟ وأين بقيةُ الناسِ عن إمامهم ؟
وماذا كانوا يعتقدون به ,ولماذا تخاذلوا؟ ونحن اليوم وبعد واقعةِ الطّفِ نرى أضعافاً مُضاعفةٍ من الذين يتعاملون مع الإمام الحُسين , عليه السلامُ , سيد الشهداءِ , سواءٌ بزيارته أو بإحياء ذكراه , أو غير ذلك ,...
.. إنَّ معطياتِ المرحلةِ آنذاك تشيرُ وبوضوحٍ إلى الخذلانِ والهزيمة التي حلّت بالأمةِ في موقفها من الإمامِ الحُسين ,
حتى أنَّ بعضهم كان ينصحه ويُحاولُ ثنيه عما يسيرُ إليه..
:..إنَّ الأمةَ التي لا تتوقفُ في فهم مُجرياتِ الحدثِ وكيفيّة التعاملِ معه , سيكونُ ذلك عليها وبالاً ,..
:..وعندما نُدققُ في أسبابِ الخذلانِ نرى أنَّ الأمةَ قد وقعتْ في فخِّ الإعلامِ المُضللِ , وقد تركتْ الإمامَ المعصومَ
مكشوفَ الظهرِ , بلا ناصرٍ ولا مُعين..:
:..لقد كانَ الإمامُ السجادُ رُكناً ركيناً في النهضة الحسينية الشريفةِ , وكانَ في كلّ مجلسٍ يواجه الحوادثَ السياسية َوالاجتماعيةَ ويتحدّثُ ليرفعَ التضليلَ فيها ..:
:.. بحيث أشكلَ بعضُ الناس في الشامِ عندما أرادَ الإمامُ السجادُ أنْ يصعدَ الأعوادَ – المنبر – بأّنه وما قدر أن يحسن هذا , وهنا تتجلى فداحةِ التضليل بالإعلامِ والدعاية ضد أهل البيت المعصومين ومقامهم وحقهم ,.
::... لذا ما كان من الطاغية يزيد اللعين إلاّ أن يرضخَ للإمام السجادِ ويَسمَحَ له بالتحدّثِ على الأعوادِ , وهو كان يعرفُ جيداً قدرَه وقدرَ أبيه الإمامِ الحُسين , عليه السلامُ , حتى خشيَ فضيحةَ نفسه وفضيحةَ آل أبي سفيان ,
وقد تمكن الإمامُ من التعريف بنفسه ,بمقامِ أهل بيته المعصومين , ومظلوميتهم .
:..إنَّ من أبرزَ ما قامَ به الإمامُ زين العابدين , علي بن الحُسين , هو مواجهةَ المفاهيمِ المَقلوبةِ وتغييرها بوجهةِ الحقِّ وخاصة عند عامة الناس المُغرّرِ بهم ,.
:..فبدأ بتصحيحِ اعتقاداتِ عامةِ الناس في التوحيدِ وعلاقتهم بالنبي الأكرمِ , ومعارفهم والأخلاقِ ,والأحكامِ , لذا برزتْ الصحيفةُ السجاديةُ كنتاجٍ عظيم في الفكرِ والمعرفةِ أفرزته أحداثُ كربلاءِ بحكمِ ما مرّ به الإمامُ السجادُ من ظروفِ خاصةِ....:
:: إنَّ الذي يظهرُ من الخذلانِ هو أنَّ الأمةَ قد خذلتْ نفسها قبل أنْ تخذلَ إمامها سيّد الشهداءِ ,وعندما تتخاذلُ الأمةُ فإنّها لا تستطيع الدفاعِ عن نفسها..::
:.. إنَّ الإمامَ الحُسين , وكذا الإمامُ السجادُ قد أعادَا للأمةِ يقظتها فيما بعد , ونحن نرى اليوم ذلكَ جليّا عند المُجَاهِدين الأبطالِ , الذينَ وقفوا بقوةٍ وبشرفٍ واقعاً , وقد تربوا عند سيّد الشهداء , وقد وطّنوا أنفسهم على المواجهةِ , وقد طلّقوا الدنيا , وأغلبهم من الفقراءِ ,ولم يمنعهم فَقرُهم مِن النِصرَةِ , وقد أعطوا أقدامهم وأياديهم وعيونهم ويعتبرون ذلك تشبهً بسيدنا العباسِ وما جرى على الأصحابِ , وفداءً للهِ وللدين والمُقدّسَاتِ ..:
:.. وعندما نربطُ أحداثَ اليوم بأحداثِ سيّدِ الشُهداء ِلا يُكن هذا عفويا , بل هو أمرٌ واقعي وعظيم وليس عادياً ,
والدليل هو أنَّ العالمَ اليومَ كلّه ينادي يا حُسين ,وسيحضرُ مِن قريب عنده في زيارةِ الأربعين وبأعدادٍ هائلةٍ ..::
_________________________________________________
::مَضمونُ خطبةِ الجُمعَةِ الأولى ,والتي ألقاهَا سَماحةُ السيّد أحمد الصافي دَامَ عِزّه, الوكيل الشرعي
للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ الشَريفةِ في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس,اليومَ الثاني والعشرون مِن مُحرّمِ الحَرَامِ ,1439 هجري,
الثالث عشَر من تشرين الأول ,2017 م.::
________________________________________________
- تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ –
:: كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تعالى , رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَ ::
_______________________________________________
تعليق