في ساحة سعد وسط مدينة البصرة سلبت الانظار اجساد منهكة لكهول متعبين يغطيها غبار السفر يرتدون زياً موحداً ابيض اللون كتب عليه عبارة "كاروان بيادة.. مشهد به كربلاء" وتعني موكب مسير من مشهد الى كربلاء ويرفعون راية كبيرة مميزة، يسيرون نحو شهرين ونصف من الجمهورية الاسلامية في ايران الى كربلاء المقدسة طلباً للأجر والثواب، لا يوقفهم شتاء ولا عطلهم حر، لانهم عاهدوا الحسين "ع" على الوفاء واحياء شعائره.
ففي كل يوم تثبت ملحمة الطف انها تتجدد وان قول السيدة زينب الحوراء "فوالله لن تمحو ذكرنا" فإن ترى زائرون سائرون من مختلف محافظات العراق الى كربلاء الفداء والثورة، فتلك اصبحت حالة طبيعية لأناس يحرصون على احياء شعائر، لكن عندما ترى زائرون يسرون من دولة مجاور الى كربلاء فتلك مسيرة تستحق التمعن.
سيد علي سيد مصطفى من اهالي مدينة مشهد يقول " ان الموكب جاء من مدينة مشهد المقدسة الى البصرة سيرا على الاقدام قاطعاً 2000 كيلومتر وسيستمر بالمسير لحين الوصول الى مرقد سيد الشهداء على بعد 550 كيلومترا، واعضاء الموكب يصل عددهم الى مئة زائر اغلبهم من الكهول وبينهم مرضى لكنهم يصرون على احياء مصيبة الامام الحسين "ع" خلال تلك المسيرة المسددة من الله.
مسيرة 72 يوماً
يستمر مسير الموكب من مدينة مشهد الى مدينة كربلاء 72 يوما حسبما يقول مسؤول الموكب الشيخ " محمد رجبي" الذي اشار الى ان "الموكب يسير منذ 14 عاماً وكان يبدأ بالمسير من منفذ الشلامجة الى كربلاء بسبب قصر مدة تأشيرة الدخول التي لا تمكننا من السير لشهور ويضم مئة زائر وقد سرنا الى الان مدة شهرين الى البصرة وسنكمل المسير الى كربلاء، واغلبهم كبار السن مع عدد من الشبيبة وصبيان، واكبر شخص اسمه "سيد صفوي" يبلغ عمره 75 سنة، اما قبل ثلاث سنوات وبعد منح وقت اكثر في تأشيرة الدخول فاصبح الموكب يسير 72 يوميا".
ويضيف رجبي ان "الموكب يستأذن من الامام الرضا "ع" وينطلق ببركاته، والموكب يوجه الدعوة للراغبين فيتم تجمعهم والاتفاق على المسير"، مؤكداً ان "الموكب يمر بمدن عدة ويتم استقباله في كثير منها واسكانهم في المساجد وكثير من عشاق الحسين "ع"يقدمون الطعام والمنام لهم".
واضاف رجبي ان "الموكب يستلم راية الامام الرضا "ع" امانة من امين عام العتبة الرضوية السيد "ابراهيم رئيسي" للتبرك بها وتعاد بعد انتهاء الزيارة والعودة الى الديار"، مشيراً الى ان " الموكب يسير لمسافة 30 ــ 40 كيلومترا يومياً واينما حل في مناطق ايران تقدم لهم خدمات طبية واطعام حتى يدخل العراق وتصبح الخدمة بشكل لا يوصف"، منوهاً ان " الملابس الموحدة التي يرتدونها والرايات الصغيرة التي يحملونها يشترونها من اموالهم الخاصة".
خدمة لا توصف
"انت الشرفاء انتم الكرماء...خدمة للحسين تبذلون العطاء..
يا حسين يا حسين..يا ضياء كل عين.. زادكم ربنا نعمة وهناء..
شاكرون لكم كل هذا السخاء يا حسين يا حسين يا حسين"
"بهذه الابيات اراد المشاركون في الموكب تقديم الشكر للشعب العراقي على عظيم الخدمة والبذل والعطاء الذي لا يصدق للزائرين، رغم الظروف الصعبة التي يمر بها العراق، فالزائر ضيف مبجل ومدلل يأكل ما لذ وطاب وينام بأفضل الامكنة وتقدم لهم خدمات طبية مجانية والعراقيون اصحاب نفوس كريمة وطيبة، تجدهم دائما مبتسمين ويتوسلون بالزائرين، فاصبح الزائر لا يتحمل الا ثمن تأشيرة الدخول وبعض الاجور البسيطة خلال زيارته الى العراق لإحياء ذكرى اربعينية الامام الحسين".
قاسم الحلفي
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
تعليق