دموعُ اليقين في عيون الأربعين
تحسين الفردوسي
للدموع لغةً.. تُبصِرُ فهمها عقيدة البكاء.. ولأن فيها الحياة فهي تسمعُ وترى.. وتُحَدِثُ أخبار النفوس؛ لِتتَرجم بإختصار الكلام الكثير.. إنها ثورة الإحساس.. ترتقي بقداسة المحسوس؛ لتستحي منها مزيد جهنم فتطفي لهيبها؛ كرامةً لسيد شباب أهل الجنة.
في سفر زيارة الأربعين.. لم ترَ عيني الأرض أبداً.. من اصطفاف السرادق كالبنيان المرصوص.. وخدامها الذين استبقوا صراط الخدمة وفنونها.. وخدورٍ حملت رضعانها.. وشيبةً متكئين بشبانهم.. مسرعين إلى الجنَّة..
لا يستطيعون منافسة المعاقين والمقطعة أرجلهم..
فأسودَّ لون الأرض بملابسهم.. ورسموا لوحة الحداد بمسيرتهم..
هنا كانت لدموعي كلمة.. أرادت أن تنزل..
لتريني سفر بنات الرسالة التي أمسى خدورها صِبغَ رماد الخيام المحترقة.
رَمقتُ السماء بنظري.. فوجدت الشمس بازغة غير خجلة من ذلك اليوم الذي لامست أشعتها تلك الوجوه المقدسة.. فسالت دموعي مشاهدة قلوب تسابقت مع الطائرات في الهواء،
متخذةً قبلها من مطارات بلدانهم، حسينيات لإقامة العزاء..
مستغلين أوقات الإنتظار.. بتسبيح اللطم وتهليل البكاء.. لتتعالى الصلوات بهبوط طائرات النجاة للحاق بركب التحدي.. فطارت قلوبهم قبلها في السماء..
محلقةً فوق قبة جذب القلوب المحترقة.. بحرارة المصيبة التي لا تنطفئ.
عندما جنَّ الليل.. لم أرَ نوراً في طريق الزائرين.. فانهارت دموعي لترى ذلك الليل الذي سار مع ركب السبايا ليستر بظلامه بنات الرسالة.. ثم انتبهت دموعي مندهشةً.. فرأت فوقها النور يطلب نوراً من مصباح الهدى.. لينير القلوب التي يسكنها الدجى لتستنير بعشقه؛ لأن الزائرين لا يحتاجون إلى النور في طريقهم.. فخطواتهم سبقت أرجلهم بالمسير مستبشرةً بالوصول قبلها.
عند وصولي إلى الجسر.. لم أرَ الفرات في نهره..
فتفجرت دموعي لتروي ظمأ المصيبة.. فرأت الفرات عطشاناً بمائه..
وأخذ يشرب من ماء جبينه خجلاً ولم يرتو.. وعلى ذلك النهر.. وقف الوفاء متحيراً.. يسأل وفاء من وفاء أبي الفضل (عليه السلام).. والصبر أخذ يبكي ويرتجي صبراً من صبر ذلك التل الذي بقي شامخاً بوقفةٍ ملهمة الصبر والشموخ.. الحوراء زينب (عليها السلام).
وصفوا كربلاء بالجنة.. لكن دموعي رأت جنة العشق في حضرة المعشوق.. أفقدتني بعدها نشوة كل الجنان..
كما أنها رأت خلوداً عبر ملحمة الخلد.. جسد خلودها لسان العشق الخالد على مدى الخلود..
فخلدت واحدة الدم المنتصر الذي هزَّ عروش الطواغيت..
ليرتجف جبروتهم تحت أقدام زوار أبي الأحرار (عليه السلام)..
ليسحقوا بجحافلهم أنوف الظلم والفساد.. والذل والهوان.
لقد انهارت سدَّة المخططات التي وضعت على خليج الحرية.. فتدفق منها الأحرار من كل أنهار الأرض..
ليُغدقوا على العالم دروس التضحية والإباء.. باعثين شلل الخوف للأيادي التي ارتعشت خلف كاميرات فضائياتها.. قلقةً خائفةً.. فغطت خزيها.. بتغطية نكرانها لهذه الملايين التي نقل فضاء الكون مسيرتهم المدوية إلى عالم الملكوت الأعلى.. لتفخر بصولتهم سُرادقاتِ عرش الباري (عزَّ وجل).
كلما كانت القلوب صادقة.. كانت الدموع ناطقة.. فما بالكم بتلك القلوب التي صدقت ما عاهدت ربها عليه.. فإن دموعها نطقت.. فسمعها الملايين بمختلف لغاتهم.. لينادوا بلغةٍ واحدةٍ: (لبيك يا حسين).
تحسين الفردوسي
للدموع لغةً.. تُبصِرُ فهمها عقيدة البكاء.. ولأن فيها الحياة فهي تسمعُ وترى.. وتُحَدِثُ أخبار النفوس؛ لِتتَرجم بإختصار الكلام الكثير.. إنها ثورة الإحساس.. ترتقي بقداسة المحسوس؛ لتستحي منها مزيد جهنم فتطفي لهيبها؛ كرامةً لسيد شباب أهل الجنة.
في سفر زيارة الأربعين.. لم ترَ عيني الأرض أبداً.. من اصطفاف السرادق كالبنيان المرصوص.. وخدامها الذين استبقوا صراط الخدمة وفنونها.. وخدورٍ حملت رضعانها.. وشيبةً متكئين بشبانهم.. مسرعين إلى الجنَّة..
لا يستطيعون منافسة المعاقين والمقطعة أرجلهم..
فأسودَّ لون الأرض بملابسهم.. ورسموا لوحة الحداد بمسيرتهم..
هنا كانت لدموعي كلمة.. أرادت أن تنزل..
لتريني سفر بنات الرسالة التي أمسى خدورها صِبغَ رماد الخيام المحترقة.
رَمقتُ السماء بنظري.. فوجدت الشمس بازغة غير خجلة من ذلك اليوم الذي لامست أشعتها تلك الوجوه المقدسة.. فسالت دموعي مشاهدة قلوب تسابقت مع الطائرات في الهواء،
متخذةً قبلها من مطارات بلدانهم، حسينيات لإقامة العزاء..
مستغلين أوقات الإنتظار.. بتسبيح اللطم وتهليل البكاء.. لتتعالى الصلوات بهبوط طائرات النجاة للحاق بركب التحدي.. فطارت قلوبهم قبلها في السماء..
محلقةً فوق قبة جذب القلوب المحترقة.. بحرارة المصيبة التي لا تنطفئ.
عندما جنَّ الليل.. لم أرَ نوراً في طريق الزائرين.. فانهارت دموعي لترى ذلك الليل الذي سار مع ركب السبايا ليستر بظلامه بنات الرسالة.. ثم انتبهت دموعي مندهشةً.. فرأت فوقها النور يطلب نوراً من مصباح الهدى.. لينير القلوب التي يسكنها الدجى لتستنير بعشقه؛ لأن الزائرين لا يحتاجون إلى النور في طريقهم.. فخطواتهم سبقت أرجلهم بالمسير مستبشرةً بالوصول قبلها.
عند وصولي إلى الجسر.. لم أرَ الفرات في نهره..
فتفجرت دموعي لتروي ظمأ المصيبة.. فرأت الفرات عطشاناً بمائه..
وأخذ يشرب من ماء جبينه خجلاً ولم يرتو.. وعلى ذلك النهر.. وقف الوفاء متحيراً.. يسأل وفاء من وفاء أبي الفضل (عليه السلام).. والصبر أخذ يبكي ويرتجي صبراً من صبر ذلك التل الذي بقي شامخاً بوقفةٍ ملهمة الصبر والشموخ.. الحوراء زينب (عليها السلام).
وصفوا كربلاء بالجنة.. لكن دموعي رأت جنة العشق في حضرة المعشوق.. أفقدتني بعدها نشوة كل الجنان..
كما أنها رأت خلوداً عبر ملحمة الخلد.. جسد خلودها لسان العشق الخالد على مدى الخلود..
فخلدت واحدة الدم المنتصر الذي هزَّ عروش الطواغيت..
ليرتجف جبروتهم تحت أقدام زوار أبي الأحرار (عليه السلام)..
ليسحقوا بجحافلهم أنوف الظلم والفساد.. والذل والهوان.
لقد انهارت سدَّة المخططات التي وضعت على خليج الحرية.. فتدفق منها الأحرار من كل أنهار الأرض..
ليُغدقوا على العالم دروس التضحية والإباء.. باعثين شلل الخوف للأيادي التي ارتعشت خلف كاميرات فضائياتها.. قلقةً خائفةً.. فغطت خزيها.. بتغطية نكرانها لهذه الملايين التي نقل فضاء الكون مسيرتهم المدوية إلى عالم الملكوت الأعلى.. لتفخر بصولتهم سُرادقاتِ عرش الباري (عزَّ وجل).
كلما كانت القلوب صادقة.. كانت الدموع ناطقة.. فما بالكم بتلك القلوب التي صدقت ما عاهدت ربها عليه.. فإن دموعها نطقت.. فسمعها الملايين بمختلف لغاتهم.. لينادوا بلغةٍ واحدةٍ: (لبيك يا حسين).
تعليق