بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين
هي الميقات الإلهي الذي أعطاه الله جلّ وعلا لسيد الشهداء وأكرم الكرماء من بذل وكان مقصده وجه الله تعالى وصلاح الأمّة الإسلامية فأعطى أشرف الدماء هي دماء الإمام الحسين وأهله وأصحابه عليهم السلام أجمعين، وقد قال عنها الإمام الحسن العسكري: (إنّ علامات المؤمن خمس: أوّلها الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، والتختم باليمين، وتعفير الجبين، وزيارة الأربعين، وصلاة إحدى وخمسين).
الحدث سنة تاريخية
بدأت زيارة الاربعين حين عاد ركب سبابا النبوة من الشام الى كربلاء حاملا معه رؤوس الشهداء ويتقدمها رأس ابي عبد الله الحسين عليه السلام وكانوا قديما يسمونها بزيارة (مرد الرؤوس) وفي مقدمة هذا الركب الامام السجاد عليه السلام وعقيلة بني هاشم الكبرى عليه السلام ووجدوا عند قبر الامام الحسين الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الانصاري واستمرت منذ ذلك الوقت الى يومنا هذا.
وقد مرت في عدة حقب زمنية في العهد الاموي والعباسي وقد حاولوا منع الزوار بشتى الوسائل منها:
تقطيع الايدي والارجل، وقتل زائر من كل عشرة زوار، واطفاء عين زائر من كل عشرة زائرين، وفرض ضرائب كبيرة مثل مئة دينار ذهب للزائر وغيرها من وسائل القهر والقمع الحاقد والكافر.
لكن محبي الامام الحسين لم يأبهوا بما اراد الظالمون واعطوا ما يريدون وقد منعها رأس النظام البعثي البائد واطلق النار على المشاة السائرين الى كربلاء طوال اكثر من ثلاثين عاما واعدم الكثير منهم واطلق عليهم تهما عديدة مثل عصيان القائد والمسيرة المضادة وغيرها.
وبعد سقوط النظام القسري الجائر عادت الجموع الحسينية لتكون سيلا هادراً بدأ بمليوني شخص ووصل العدد في عامنا هذا الى اكثر من ثلاثة وعشرين مليون شخص، انها حقا مسيرة الحب والولاء وبيعة القلوب والدماء ورفعة لرؤوس الشرفاء وقمة من قمم المجد والاباء والانصهار في بودقة الاتقياء انها اصرة الحب المحمدية وصولة الحق الحيدرية والعفة الفاطمية ورابطة العلوم الحسينية ومواكب الشجاعة الحسينية وانها الومضة الأولى لأسس النهضة المهدوية وبعد هذه المقدمة المختصرة اود ان اعرج على ماذا نستلهم من دروس وعبر من مدرسة ابي الاحرار في يوم الاربعينية؟ وهل هي زيارة يومية أم اصبحت موسما كاملا يمتد الى عشرين يوما او اكثر؟ وهل هي زيارة قطرية ام اصبحت موشحة بالغطاء العالمي المنقطع النظير؟ وهل هناك تجمع عالمي اكبر مساحة واكثر عددا منها:
1. ما دام الزوار رجالا ونساءً وشبابا واطفالا يسيرون مسافات بعيدة ولدة طويلة وامامهم الهدف الجوهري الاكبر هو انهم يصلون الى الامام الحسين عليه السلام نعم انهم يرون ان مئات المضايف تخدمهم وتقدم لهم الطعام والشراب والنوم وما تشتهي الانفس ويغسلون ملابسهم ويقدمون لهم الخدمات الطبية ويتواددون معهم كأنهم عائلة واحدة وبالنتيجة سيتعلم الزائر والذي يخدمه التعود على تحمل المصاعب والصبر والمنغصات والتعب والاصرار وغيرها من المثل العليا.
2. كانوا يمشون ويتخيلون صورة علي الاكبر عليه السلام وهو مقطع الاوصال وصورة الطفل الرضيع وقد نبت السهم في نحره وقطع راسه وصورة الانصار كيف تجزروا كالأضاحي سيتعلمون انهم يجب ألا يأبهوا بالموت من اجل الاهداف السامية أولا ويرفضون العيش بالذل والخضوع ثانيا ويعشقون الموت إذا ما ادركوا نهضة الامام المنتظر عليه السلام ثالثا.
3. عندما يرون ان ابا الفضل عليه السلام قد قدم كفيه وروحه وفاءً للدين ولأخيه الحسين عليه السلام وقدم عينه التي تحرس العائلة واخته التي تكفلها زينب عليها السلام مثالا لغيرته ولم يشرب الماء مع تمكنه منه ايثارا منه لأخيه الحسين عليه السلام وبذل دمه بالماء لتشرب العائلة عندها سيتعلم الزائر معنى الوفاء والغيرة والايثار وتقديم النفس فداء للأخوة.
4. وعندما يتصور الزائر ان شابا في عمر الورود كأنه فلقة قمر وفي بداية بوادر عرسه الا وهو القاسم بن الحسن عليه السلام قد ترك الدنيا وما فيها من رفاه ومتعة وأبى إلا ان ينصر عمه حتى لو كلفه ذلك حياته وهذا الدرس الاخر ان تترك كل ما في الدنيا وتعانق الدين والآخرة ايمانا بقوله سبحانه وتعالى: (وَمَاعِندَاللَّه ِخَيْرٌ وَأَبْقَى).
5. ولما يستنشق الزائر عبق الشهادة في كربلاء بوصوله الى ارضها يجد في كل شبر منها معنى للإباء ورسالة الفداء وينظر بام عينه كيف تحولت تلك الاوصال المقطعة المتناثرة الى صروح تزار تاخذ الروح بهجة الى عالم النصر والكبرياء وصارت شوكة تفقأ عيون الاعداء، اقسم انها كرامة الله الذي يعطيها من يشاء يجعلها سمة رفعة وبهاء وانها لأعلى درجات الآلاء.
6. وعندما نرى هذه الجموع الزاحفة تلثم اعتاب ابي عبد الله عليه السلام قد نصل الى درجة من اليقين والايمان وربط الضمائر والمصاير بالحق الذي نجده امامنا وما اعطى الله للحسين عليه السلام بعدما اعطى كل شيء لله سبحانه وتعالى.
7. كربلاء هذه المدينة التي لا تتسع الا لسكانها كيف تتوسع وتتفتح لتؤوي كل هذه الملايين من سكن ومأكل ومشرب وكل الامور الحياتية؟ انها اعجوبة إلهية فلو افترضنا ان كل زائر يأكل ثلاثة وجبات في كربلاء فمن اين تأتي بتسعة وستين مليون وجبة غذاء خلال فترة محددة؟ كيف وقسم كبير يأكلون ثلاثين وجبة في عشرة ايام؟ فلقد جند الله الناس وهم على بصيرة من امرهم لخدمة ابي عبد الله الحسين عليه السلام، اللهم اجعلنا من المخلصين في خدمته.
8. سنشاهد في كربلاء ان الله خلق شيعة يبكون على الامام الحسين عليه السلام فالدموع والخشوع واللوعة والآهات والحسرات تجدها على الوجوه فالقراء والرواديد والشعراء والمواكب يحيون الأمر ويجلون البصر والبصيرة ليجعلونا نتفكر في عظمة الخالق ودقة الخلق ولمن يسخر هذا الخلق.
9. وعندما تمرغ الناس وجوهها بتراب الحسين عليه السلام وتطلب منه الشفاعة والشفاء وقضاء الحوائج تجدها تحصل على ما تريد قبل ان ينطق اللسان بإذن الله لكننا نحتاج الى التعلم والتأدب والحياء قبل ان نطلب وبعده سنجد بابا مفتوحا الى ساحة قدس الله.
10. وعندما تنظر القباب والمآذن التي امتد نورها الى عنان السماء تحس انك تزور الله في عرشه كما قال الامام الصادق عليه السلام: كأنما زار الاله الجليل في عرشه من زار قبر الحسين عليه السلام.
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين
هي الميقات الإلهي الذي أعطاه الله جلّ وعلا لسيد الشهداء وأكرم الكرماء من بذل وكان مقصده وجه الله تعالى وصلاح الأمّة الإسلامية فأعطى أشرف الدماء هي دماء الإمام الحسين وأهله وأصحابه عليهم السلام أجمعين، وقد قال عنها الإمام الحسن العسكري: (إنّ علامات المؤمن خمس: أوّلها الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، والتختم باليمين، وتعفير الجبين، وزيارة الأربعين، وصلاة إحدى وخمسين).
الحدث سنة تاريخية
بدأت زيارة الاربعين حين عاد ركب سبابا النبوة من الشام الى كربلاء حاملا معه رؤوس الشهداء ويتقدمها رأس ابي عبد الله الحسين عليه السلام وكانوا قديما يسمونها بزيارة (مرد الرؤوس) وفي مقدمة هذا الركب الامام السجاد عليه السلام وعقيلة بني هاشم الكبرى عليه السلام ووجدوا عند قبر الامام الحسين الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الانصاري واستمرت منذ ذلك الوقت الى يومنا هذا.
وقد مرت في عدة حقب زمنية في العهد الاموي والعباسي وقد حاولوا منع الزوار بشتى الوسائل منها:
تقطيع الايدي والارجل، وقتل زائر من كل عشرة زوار، واطفاء عين زائر من كل عشرة زائرين، وفرض ضرائب كبيرة مثل مئة دينار ذهب للزائر وغيرها من وسائل القهر والقمع الحاقد والكافر.
لكن محبي الامام الحسين لم يأبهوا بما اراد الظالمون واعطوا ما يريدون وقد منعها رأس النظام البعثي البائد واطلق النار على المشاة السائرين الى كربلاء طوال اكثر من ثلاثين عاما واعدم الكثير منهم واطلق عليهم تهما عديدة مثل عصيان القائد والمسيرة المضادة وغيرها.
وبعد سقوط النظام القسري الجائر عادت الجموع الحسينية لتكون سيلا هادراً بدأ بمليوني شخص ووصل العدد في عامنا هذا الى اكثر من ثلاثة وعشرين مليون شخص، انها حقا مسيرة الحب والولاء وبيعة القلوب والدماء ورفعة لرؤوس الشرفاء وقمة من قمم المجد والاباء والانصهار في بودقة الاتقياء انها اصرة الحب المحمدية وصولة الحق الحيدرية والعفة الفاطمية ورابطة العلوم الحسينية ومواكب الشجاعة الحسينية وانها الومضة الأولى لأسس النهضة المهدوية وبعد هذه المقدمة المختصرة اود ان اعرج على ماذا نستلهم من دروس وعبر من مدرسة ابي الاحرار في يوم الاربعينية؟ وهل هي زيارة يومية أم اصبحت موسما كاملا يمتد الى عشرين يوما او اكثر؟ وهل هي زيارة قطرية ام اصبحت موشحة بالغطاء العالمي المنقطع النظير؟ وهل هناك تجمع عالمي اكبر مساحة واكثر عددا منها:
1. ما دام الزوار رجالا ونساءً وشبابا واطفالا يسيرون مسافات بعيدة ولدة طويلة وامامهم الهدف الجوهري الاكبر هو انهم يصلون الى الامام الحسين عليه السلام نعم انهم يرون ان مئات المضايف تخدمهم وتقدم لهم الطعام والشراب والنوم وما تشتهي الانفس ويغسلون ملابسهم ويقدمون لهم الخدمات الطبية ويتواددون معهم كأنهم عائلة واحدة وبالنتيجة سيتعلم الزائر والذي يخدمه التعود على تحمل المصاعب والصبر والمنغصات والتعب والاصرار وغيرها من المثل العليا.
2. كانوا يمشون ويتخيلون صورة علي الاكبر عليه السلام وهو مقطع الاوصال وصورة الطفل الرضيع وقد نبت السهم في نحره وقطع راسه وصورة الانصار كيف تجزروا كالأضاحي سيتعلمون انهم يجب ألا يأبهوا بالموت من اجل الاهداف السامية أولا ويرفضون العيش بالذل والخضوع ثانيا ويعشقون الموت إذا ما ادركوا نهضة الامام المنتظر عليه السلام ثالثا.
3. عندما يرون ان ابا الفضل عليه السلام قد قدم كفيه وروحه وفاءً للدين ولأخيه الحسين عليه السلام وقدم عينه التي تحرس العائلة واخته التي تكفلها زينب عليها السلام مثالا لغيرته ولم يشرب الماء مع تمكنه منه ايثارا منه لأخيه الحسين عليه السلام وبذل دمه بالماء لتشرب العائلة عندها سيتعلم الزائر معنى الوفاء والغيرة والايثار وتقديم النفس فداء للأخوة.
4. وعندما يتصور الزائر ان شابا في عمر الورود كأنه فلقة قمر وفي بداية بوادر عرسه الا وهو القاسم بن الحسن عليه السلام قد ترك الدنيا وما فيها من رفاه ومتعة وأبى إلا ان ينصر عمه حتى لو كلفه ذلك حياته وهذا الدرس الاخر ان تترك كل ما في الدنيا وتعانق الدين والآخرة ايمانا بقوله سبحانه وتعالى: (وَمَاعِندَاللَّه ِخَيْرٌ وَأَبْقَى).
5. ولما يستنشق الزائر عبق الشهادة في كربلاء بوصوله الى ارضها يجد في كل شبر منها معنى للإباء ورسالة الفداء وينظر بام عينه كيف تحولت تلك الاوصال المقطعة المتناثرة الى صروح تزار تاخذ الروح بهجة الى عالم النصر والكبرياء وصارت شوكة تفقأ عيون الاعداء، اقسم انها كرامة الله الذي يعطيها من يشاء يجعلها سمة رفعة وبهاء وانها لأعلى درجات الآلاء.
6. وعندما نرى هذه الجموع الزاحفة تلثم اعتاب ابي عبد الله عليه السلام قد نصل الى درجة من اليقين والايمان وربط الضمائر والمصاير بالحق الذي نجده امامنا وما اعطى الله للحسين عليه السلام بعدما اعطى كل شيء لله سبحانه وتعالى.
7. كربلاء هذه المدينة التي لا تتسع الا لسكانها كيف تتوسع وتتفتح لتؤوي كل هذه الملايين من سكن ومأكل ومشرب وكل الامور الحياتية؟ انها اعجوبة إلهية فلو افترضنا ان كل زائر يأكل ثلاثة وجبات في كربلاء فمن اين تأتي بتسعة وستين مليون وجبة غذاء خلال فترة محددة؟ كيف وقسم كبير يأكلون ثلاثين وجبة في عشرة ايام؟ فلقد جند الله الناس وهم على بصيرة من امرهم لخدمة ابي عبد الله الحسين عليه السلام، اللهم اجعلنا من المخلصين في خدمته.
8. سنشاهد في كربلاء ان الله خلق شيعة يبكون على الامام الحسين عليه السلام فالدموع والخشوع واللوعة والآهات والحسرات تجدها على الوجوه فالقراء والرواديد والشعراء والمواكب يحيون الأمر ويجلون البصر والبصيرة ليجعلونا نتفكر في عظمة الخالق ودقة الخلق ولمن يسخر هذا الخلق.
9. وعندما تمرغ الناس وجوهها بتراب الحسين عليه السلام وتطلب منه الشفاعة والشفاء وقضاء الحوائج تجدها تحصل على ما تريد قبل ان ينطق اللسان بإذن الله لكننا نحتاج الى التعلم والتأدب والحياء قبل ان نطلب وبعده سنجد بابا مفتوحا الى ساحة قدس الله.
10. وعندما تنظر القباب والمآذن التي امتد نورها الى عنان السماء تحس انك تزور الله في عرشه كما قال الامام الصادق عليه السلام: كأنما زار الاله الجليل في عرشه من زار قبر الحسين عليه السلام.